إسلام ويب

عقوبات الله للأممللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الذنوب تنزل النقم، وتحل غضب الرب، والناظر في التاريخ يرى من العبر والعظات في المخلوقات ما فيه مزدجر عن المخالفات، ومعرفة العلم للأسباب المادية للآيات لا يعني أنها ليست تخويفاً من الله لخلقه، فالله تعالى مسبب الأسباب ومقدر الأمور، ولا يكون شيء إلا بأمره
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

    فاتقوا الله عباد الله حق التقوى، يقول الله عز وجل: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ [النحل:112-113].

    يبين الله عز وجل مثلاً مضروباً مساقاً للعظة والعبرة لقرية من القرى كانت تنعم بأمن واستقرار وطمأنينة ورغد من العيش، يأتيها رزقها من كل مكان، لا يعرف أهلها الجوع ولا الخوف ولا الفاقة، فهم في أوج لذاتهم وغاية سعادتهم، لكن أهل القرية الغافلين ظنوا أن ذلك بسبب حسبهم ونسبهم، وأنهم يستحقون ذلك لفضلهم وتميزهم، فتجرأ الغافلون على انتهاك محارم الله، وتجاوز حدوده سبحانه، مغترين بإمهال الله لهم، وصبره على ظلمهم وبغيهم، فبدلاً من أن يشكروا ربهم ويعترفوا بإحسانه عليهم، ويلتزموا حدوده، إذا بهم يتنكرون للمنعم العظيم، ويتجرءون في سفه على العزيز الحكيم الذي يقول: يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16]، ويقول: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [البقرة:40]، فماذا كانت النتيجة؟

    فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [النحل:112]، فإذا رغد العيش وسعة الرزق يتحول في طرفة عين ولمحة بصر جوعاً يذهب بالعقول وتتصدع له القلوب، وإذا الأمن الذي كانوا يفاخرون به ينقلب رعباً وهلعاً، لا يأمن المرء على نفسه وعرضه فضلاً عن ماله وملكه، والله عز وجل حين يعرض بوضوح وجلاء مآل تلك القرية الظالم أهلها، ويقرر أن ما أصابهم إنما هو بسبب ما اقترفته أيديهم، فهو إنما يخاطبنا نحن الحاضرين، ويخاطب غيرنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088596079

    عدد مرات الحفظ

    777562566