عباد الله! وهناك صور كثيرة يظهر فيها أذية بعض المسلمين للآخرين، فمن ذلك:
سوء الخلق مع المسلم
سوء الخلق مع المسلم! فأخلاق السوء -نعوذ بالله منها- تجر أصحابها إلى الإساءة للآخرين بحق أو بباطل، وتسري آثارها في المجتمع إفساداً، قال الشاعر:
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
كالسيل بالليل لا يدري به أحد من أين جاء ولا من أين يأتيه
فالويل للعهد منه كيف ينقضه والويل للود منه كيف يفنيه
السخرية بالآخرين وأذيتهم في بيوتهم
أذية المسلمين في معاملاتهم وحقوقهم وطرقاتهم
أذية الزوج لزوجته والعكس
ومن ذلك أيضاً: أذية كثير من الأزواج لزوجاتهم بترك المعاشرة بالمعروف، وعدم القيام بحقوق النفقة والكساء، فتجد التطاول على الزوجات بالسب والشتم والعيب والقدح وعدم اللطافة، وهجر البيت لمدة طويلة، فلا يأتي بعض الأزواج البيت إلا في منتصف الليل أو بعده، جاعلاً حسن عشرته لرفقائه وخلانه، ومن الأزواج من يقصر في حقوق زوجته المادية إذا كانت موظفة، أو يظلمها في مرتبها ويتحيل على أخذه بطريق مباشر أو غير مباشر، وهناك صنف من الأزواج يتنكر للصحبة السابقة، فإذا تزوج أخرى ظلم الأولى أو الثانية بالتقصير في حقها.
إن مما يحفظ العلاقة الزوجية المعاشرة بالمعروف، وإن الكمال في البيت وأهل البيت أمر متعذر، والأمل في استكمال كل الصفات فيهم بعيد المنال في الطبع البشري.
ومن رجاحة العقل ولب التفكير توطين النفس على قبول بعض المضايقات، والغض عن بعض المنغصات، والرجل وهو رب الأسرة مطالب بتصبير نفسه أكثر من المرأة، كيف وقد علم أنها ضعيفة في خلقها وخلقها، إذا حوسبت على كل شيء عجزت عن كل شيء، والمبالغة في تقويمها يقود إلى كسرها، وكسرها طلاقها.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً.
أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
أذية المسلم لجيرانه وخدمه وعماله
عباد الله! من حصل له شيء من الأذى فلا بد أن يصبر على أخيه، والصبر على ما يصيب المسلم من عزم الأمور، ولا بد من احتساب الأجر، والثقة بعدل الله وجزائه إن كان في الدنيا أو في الآخرة، وهو أعظم وأبقى، ولا بد من الحلم مع من يؤذي، وعدم مجاراة الجهول بجهله.
وقد قيل:
إذا أنا كافيت الجهول بفعله فهل أنا إلا مثله إذ أحاوره
ولكن إذا ما طاش بالجهل طائش علي فإني بالتحلم قاهره.
وقال الآخر:
احفظ لسانك إن لقيت مشاتماً لا تجرين مع اللئيم إذا جرى
من يشتري عرض اللئيم بعرضه يحوي الندامة حين يقبض ما اشترى
ومن الأمور التي تحسن لمن أوذي أن يتجاهل المؤذي حتى لا تكون فتنة.
قال الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمة قلت لا يعنيني
وأجمل من ذلك: ألا يحمل الحقد أو الاشتغال بمعايب من آذاه، بل يدفع عنه.
قال الشاعر:
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم قدحت له في كل مكرمة زنداً
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس رئيس القوم من يحمل الحقد
لا شك أن هذه مرتبة علية لا يستطيعها إلا عظماء الناس.
يا من صدر منه شيء من الأذى، من كمال عقلك وصلاح دنياك أن تتخذ من نيل الآخرين فرصةً لإصلاح دينك وتصليح نفسك، فعليك أن تبادر بالتوبة والإنابة، والاستحلال من الآخرين، ولا تتضايق من كل نقد يوجه إليك، وليكن سبيلك سبيل قول بعض السلف: رحم الله من أهدى إليّ عيوبي.
إياك والأذى لعباد الله بأي نوع من الأذى، فأعراض المسلمين كالميتة، ولحوم العلماء مسمومة، وليس يخفاك أن الله يعفو ويصفح، أما الخلق فستطلب حقها منك في يوم لا تملك فيه إرضاءهم بالدرهم والدينار، بل يؤخذ من حسناتك، فإن فنيت قبل قضاء حقوقهم أخذ من سيئاتهم فطرحت عليك، ثم طرحت في النار.
أيها المسلم! كن عنصراً نافعاً في مجتمعك تجمع وتؤلف، وتصلح ولا تفرق، وما الأمة المسلمة بحاجة إلى مزيد من الفرقة، بل حاجتها إلى الألفة والتعاون على الخير ودفع الشر لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب.
عباد الله! الأعياد المشروعة في الإسلام عيدان وعيد الجمعة، وعند النصارى تكثر الأعياد لتحريفهم دينهم، فعندهم ما يسمى بعيد الحب، ورثوه عن الرومان، يتهادون فيه الورود الحمراء، والبطاقات الحمراء، وزمنه في هذا الشهر شهر فبراير في الخامس عشر منه، وهو ما يوافق يوم الخميس الماضي، وإنك لتأسف أن هناك من المسلمين من يتشبهون بهؤلاء النصارى، وخصوصاً الفتيات، وذلك للجهل وضعف الإيمان، وقد أفتى العلماء أن هذا العيد محرم لا يجوز إحياؤه بأي نوع من أنواع الإحياء، إذ إن أعياد الإسلام كما سبق عيدان وعيد الجمعة.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من تشبه بقوم فهو منهم).
وأيضاً من الأعياد المحدثة وفيها تشبه بالنصارى: أعياد الميلاد التي تتابع فيها بعض الناس اليوم، فإذا مر على ميلاد طفله مثلاً سنة أقاموا له احتفالاً، وإذا مر له سنتان أقاموا احتفالاً مرةً أخرى، وهذا أيضاً محرم ولا يجوز، وما في الشريعة خير وأبقى وبركة، إذ المشروع أن تذبح عنه العقيقة في يوم السابع، وأن يعنى بتربيته التربية الصالحة.
وأيضاً من الأعياد المحدثة: ما يفعله بعض الأزواج إذا مر على زواجه سنة مثلاً أقام لذلك احتفالاً مع زوجته، وإذا مر سنتان أقام احتفالاً آخر إلى آخره، وهذا أيضاً من الأعياد المحدثة.
عباد الله! من الأمور المنكرة: التشاؤم بشهر صفر، وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فيما يتعلق بالزواج، فلا يزوجون فيه، والطيرة شرك، والطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، فيمتنع من العمل في ذلك الزمان، أو إذا رأى ذلك المرأى، أو سمع تلك الكلمة، وهذا من الشرك الأصغر، ومن مداواة المنهي بالمنهي عنه قول بعض الناس أو كتابتهم: صفر الخير.
اللهم ارزقنا الفقه في دينك، والعمل بسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض اللهم عن صحابته أجمعين، وأخص منهم الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن بقية صحابة نبيك أجمعين.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصرهم على أعدائهم من اليهود المغتصبين، والنصارى الحاقدين، اللهم عليك باليهود المغتصبين والنصارى الحاقدين، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعل اللهم الدائرة عليهم يا قوي يا عزيز. اللهم احفظ المسلمين والمسلمات في كل مكان، اللهم احفظهم بحفظك التام، واحرسهم بعينك التي لا تنام، اللهم من أرادنا أو أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واجعل اللهم تدميره في تدبيره، واجعل اللهم الدائرة عليه.
اللهم اشف مرضى المسلمين، اللهم اجعل ما أصابهم رفعةً لدرجاتهم وتكفيراً لسيئاتهم، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعلهم محكمين لكتابك وسنة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم، آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.