إسلام ويب

وقفات مع الامتحاناتللشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كن عاشقاً للنجاح، متطلعاً للسمو والتفوق، جاعلاً من الامتحانات منحاً، ومن آلام الاستذكار وأتعابه آمالاً، تحلق بها في فضاء الحياة، واستعن بالله ولا تعجز، فما خاب من استعان، وما ندم من شمَّر واجتهد، وإياك والغش؛ فإنه من يخادع الله يخدعه الله، وتذكر بامتحان ا
    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن بقية العشرة المبشرين، وعن بقية صحابة نبيك أجمعين.

    عباد الله! غداً تفتح أبواب قاعات الامتحانات، ويجلس الطالب يُسأل وحيداً فريداً، لا معين له ولا مسدد إلا الله، ثم ما بذله من جهد في الاستذكار، يُسأل الطالب عما حصله في عامه الدراسي، وحاله في وجل واضطراب عما تخفيه له ورقة النتيجة من مفاجآت ربما لم يكن متوقعاً لها، يخاف من عدم النجاح، من الفضيحة بين أقاربه وأهله، يخاف من ذل الخسارة، وليس بملام.

    فهل يتذكر الطلاب وأولياء الطلاب السؤال في الامتحان الأكبر، يوم يُسألون عن الصغيرة والكبيرة، والسائل هو الله عز وجل، والمسئول هو أنت، ومحل السؤال كل ما عملته في حياتك من صغيرة وكبيرة، ثبت في صحيح مسلم عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).

    وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (ينزل الله المطر وكأنه الطل)، -أي: في يوم القيامة- (فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه، فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال: أيها الناس، هلموا إلى ربكم: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، قال: ثم يقال: أخرجوا بعث النار، فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، قال: فذلك يوم يجعل الولدان شيباً، وذلك يوم يكشف عن ساق).

    تذكروا أيها الطلاب وأنتم في قاعات الامتحان عرصات يوم القيامة، والناس قيام شاخصة أبصارهم، ألجمهم العرق من هول يوم السؤال، ورهب يوم الحساب، إن العرق ليذهب في الأرض سبعين باعاً، وإنه لتبلغ إلى أفواه الناس أو إلى أعناقهم.

    تذكروا عند إلقاء السؤال في الامتحان بسؤال الملكين في تلك الحفرة المظلمة، تذكروا إذا وضع الواحد منا في قبره، وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم، وجاء الممتحنون وما أدراك ما الممتحنون، ملكان يقعدانك فيقولان لك: ما كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ أما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، أبدلك الله به مقعداً من الجنة، ويقال ذلك للآخر، فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين.

    تذكروا عباد الله، وتذكروا يا أولياء أمور الطلاب عند إلقاء السؤال في قاعة الامتحان بسؤال الله يوم القيامة، يوم يدنيك رب العزة فيقررك بذنوبك، فيقول سبحانه: تعرف ذنب كذا، وتعرف ذنب كذا.

    تذكروا يوم توزع الشهادات على الطلاب، ذلك اليوم العظيم الذي توزع فيه الصحف: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:19-32].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088541219

    عدد مرات الحفظ

    777220285