إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. المقدمة وكتاب الطهارة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - تابع باب ترك التوقيت في الماء - باب الماء الدائم

شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - تابع باب ترك التوقيت في الماء - باب الماء الدائمللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الماء بطبيعته يحتوي على قوة دافعة للنجاسة، ولهذا جعله الشرع مزيلا للنجاسات؛ ولكن هذا الماء يتأثر بالنجاسة إذا وردت عليه؛ ولهذا نهى الشرع عن البول في الماء الدائم الذي لا يتحرك حتى لا يتأثر بالنجاسة الواردة عليه، خاصة إذا كان الماء دون القلتين.

    شرح حديث أبي هريرة في بول الأعرابي في المسجد

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ترك التوقيت في الماء.

    أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه, وأهريقوا على بوله دلواً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ].

    فهذا الحديث: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هو أحد الأحاديث التي أوردها النسائي في باب: ترك التوقيت في الماء، وعرفنا في الدرس الفائت المراد بالتوقيت، وأنه التحديد الذي يفصل به بين الماء القليل والماء الكثير؛ الماء الكثير الذي لا تؤثر فيه النجاسة إذا وقعت فيه, إلا إذا غيرت له لوناً وطعماً وريحاً، والماء القليل الذي تؤثر فيه ولو لم تغير له طعماً ولا لوناً ولا ريحاً.

    وقد عرفنا أن التوقيت, أو التحديد, أو التفريق بين الماء القليل والكثير جاء في حديث ابن عمر : (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) ، وأن ترك التوقيت جاء في هذا الحديث، أي: بالنسبة لتطهير الأرض المتنجسة ببول أو غيره مما هو نجس؛ فإنها تطهر بصب الماء عليها، ولو لم يكن ذلك الماء الذي يصب كثيراً يبلغ القلتين فأكثر؛ فإن الماء القليل الذي هو دون القلتين كالدلو إذا صب على بول حصل في الأرض حصل له التطهير، وعلى هذا فيكون مثل هذا مستثنى من عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)، بمعنى: أن دلواً من ماء إذا صب على نجاسة في الأرض فإنه يطهرها، ولا يقال: إن الماء قليل فيتنجس؛ لكونه باشر النجاسة في الأرض, لأنه قليل فتؤثر فيه النجاسة, فإن البول أو النجاسة إذا كانت على الأرض صب عليها ماء بمقدار الدلو, كما جاء في هذا الحديث: أن أعرابيا بال في أرض المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فصب عليه، فحصل له التطهير بذلك، فلو أنه لا يحصل التطهير إلا بالقلتين فأكثر لكان صب دلو على بول أصاب الأرض يجر النجاسة من البول إلى الماء؛ لكن الذي جاء في الحديث هو التطهير، وأن الأرض تطهر.

    ومعنى هذا: أن الماء إذا وقع على النجاسة، أو صب على النجاسة التي في الأرض فإنه يطهرها.

    أما العذرة فإنها تزال, ثم يصب على مكانها، والبول يصب عليه الماء وبذلك يحصل التطهير، وهذا هو معنى قول النسائي : ترك التوقيت في الماء، بمعنى, أن ماءً دون القلتين صب على نجاسة في الأرض فحصلت لها الطهارة، ولم يحصل لهذا الماء القليل الذي صب على نجاسة في الأرض أن انتقلت النجاسة إلى الماء, فصار الماء متنجساً كما كانت الأرض متنجسة، بل النجاسة التي على الأرض زالت بالماء الذي صب عليها, وهو دون القلتين.

    وقد عرفنا أن كون الماء يرد على النجاسة فيما إذا كان على الأرض أنه يطهرها، وليس معنى ذلك أنه كلما ورد ماء على نجاسة يطهرها؛ فإنه لو كان البول في القدر, ثم صب عليه دلو من ماء فإن الماء ينجس، ولا يقال: إنه يكون طاهراً، بخلاف البول إذا كان على الأرض, ثم صب عليه دلو, فإنها تطهر الأرض بذلك.

    إذاً: فلا يقال: إن ورود الماء على النجاسة مطلقاً يطهرها، بل يطهرها إذا كانت على الأرض، وأما إذا ورد الماء عليها وهي في قدر والماء قليل, فإن الماء يتنجس تبعاً للنجاسة التي في القدر.

    وحديث أبي هريرة هذا مثل حديث أنس بن مالك الذي تقدم من ثلاث طرق عنه، وكلها تدور على أن أعرابياً جاء وبال في المسجد، والناس تناولوه، وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يدعوه ويتركوه، ثم إنه أرشدهم بأن يصبوا عليه دلواً من ماء, فحصل التطهير للأرض بذلك.

    فحديث أبي هريرة هذا يقول فيه: (جاء أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس) يعني: تكلموا عليه وصاحوا به؛ لأنه حصل منه أمر منكر، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (دعوه وأهريقوا على بوله دلواً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فقد عرفنا أن هذا الحديث يدل على قاعدة عظيمة من قواعد الشرع: وهي أنه يرتكب أخف الضررين في سبيل دفع أشدهما، فإذا اجتمع ضرران: خفيف وأشد؛ فإنه إذا كان لا بد من ارتكاب واحد من الضررين, فيرتكب الأخف في سبيل التخلص من الأشد، وهنا لما وجد البول في المسجد, تعارض ضرران:

    أحدهما: أن المسجد حصلت له نجاسة، وذلك بحصول هذا البول من الأعرابي.

    والضرر الثاني: أنه إذا صيح به ومنع, فإنه يحصل بالإضافة إلى البول الذي حصل في الأرض أن تتنجس ثيابه ويتنجس جسده، ثم يقع على أماكن من المسجد قطرات من البول لا يهتدى إليها حتى تطهر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى ارتكاب الضرر الأخف, في سبيل التخلص من الضرر الأكبر.

    وفيه -كما عرفنا- رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته.

    وكذلك أيضاً في هذا الحديث قوله: (إنما بعثتم ميسرين, ولم تبعثوا معسرين) التنبيه إلى هذا الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق، والنبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أرسل أحداً يوصيه بالرفق ويقول: (يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا).

    وقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنما بعثتم ميسرين) إما أن يكون معناه: أنهم مبعوثون منه ومأمورون منه بالتيسير وعدم التعسير، والرفق وعدم الشدة، حيث يتطلب الأمر ذلك.

    فإذاً كونهم بعثوا لأنهم مأمورون منه بأن يأمروا بالمعروف, وينهوا عن المنكر, لكن بالرفق واللين وبالتي هي أحسن.

    ويحتمل أن يكون المراد: ما ذكره الله عز وجل بقوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] وأن هذا وصفهم وهذا شأنهم، وأن الله تعالى جعلهم كذلك، ومطلوب منهم أن يكونوا كذلك.

    وهذا التعليل: وهو قوله: (فإنما بعثتم) قاله بمناسبة كونهم تناولوه, وتكلموا عليه بشدة, وصاحوا به، فقال: (دعوه وأهريقوا عليه دلواً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين).

    تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في بول الأعرابي في المسجد

    قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم].

    عبد الرحمن بن إبراهيم هذا هو الملقب بـدحيم الدمشقي، وهو من رجال البخاري , وأبي داود , والنسائي , وابن ماجه ، يعني: لم يخرج له مسلم , ولا الترمذي ، ولقبه دحيم، وهذا اللقب من الألقاب التي تشتق من الأسماء، وتؤخذ من الأسماء؛ لأن الألقاب أحياناً تكون مأخوذة من الأسماء، فـعبد الرحمن أخذ منها دحيم.

    ومن أمثلة ذلك: عبدان الذي كان يأتي ذكره كثيراً في أسانيد البخاري ، تقول البخاري : حدثنا عبدان قال: حدثنا عبد الله بن المبارك ، فـعبدان لقب لـعبد الله بن عثمان المروزي، وأخذ من اسمه عبد الله : عبدان.

    وكذلك هدبة بن خالد شيخ البخاري ومسلم ، اسمه هدبة ولقبه هداب ، يعني: مأخوذ من الاسم، يعني: تجد اللقب منحوتاً من الاسم ومأخوذاً من الاسم ويدل على الاسم، وأحياناً تكون الألقاب لا علاقة لها بالأسماء، مثل: الأعرج والأعمش ، فـالأعمش سليمان بن مهران ، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز .

    ودحيم هذا دمشقي, خرج له أصحاب الكتب الستة إلا مسلماً والترمذي, وهو أحد الثقات.

    [عن عمر بن عبد الواحد].

    عمر بن عبد الواحد هو شيخ دحيم هذا وهو دمشقي أيضاً، وهو أيضاً ثقة من الثقات، وقد خرج له الذين خرجوا لـدحيم إلا شخصاً واحداً، وهو البخاري ، فالأول خرج عنه الأربعة: البخاري , وأبو داود , والنسائي , وابن ماجه ، والثاني: خرج له الثلاثة من الأربعة الذين خرج منهم البخاري , فلم يخرج له إلا ثلاثة من أصحاب السنن، وهم: أبو داود , والنسائي , وابن ماجه ، وهو أحد الثقات، وهو دمشقي كالذي قبله، كتلميذه عبد الرحمن بن إبراهيم.

    [عن الأوزاعي].

    والأوزاعي هو إمام أهل الشام، وفقيه أهل الشام، ومحدث أهل الشام المعروف، الذي إذا ذكر الشام وذكر المحدثون فيها والفقهاء, ففي طليعة من يذكر: الأوزاعي ، وهو: عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي ، وكنيته أبو عمرو، وأبوه عمرو، وجده يعرف بـأبي عمرو .

    إذاً: الأوزاعي وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا من الأنواع الذي ذكرته مراراً أنه من أنواع علوم الحديث: أن تتفق كنية الراوي مع اسم أبيه، وأن فائدة معرفة ذلك: دفع التصحيف فيما لو جاء في الإسناد: حدثنا عبد الرحمن أبو عمرو الأوزاعي بدلاً من عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وإن جاء ابن عمرو فهو على الصواب.

    وهو من الثقات, الأثبات, الحفاظ، وقد خرج حديثه الجماعة أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمد بن الوليد].

    محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي الحمصي، وهو شامي أيضاً، إذاً: فالأربعة الذين مضوا كلهم من أهل الشام: عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم , وعمر بن عبد الواحد , والأوزاعي , ومحمد بن الوليد بن عامر الزبيدي فهؤلاء كلهم من أهل الشام، وهو ثقة ، وهو من رجال الجماعة إلا الترمذي ، مثل الأول، إلا أنه أضيف إليه مسلم ، يعني: الأول الذي هو دحيم خرج له الأربعة ويضاف إلى الأربعة مسلم عند هذا.

    إذاً: فـالترمذي لم يخرج لـعبد الرحمن دحيم ، ولا خرج لشيخه عمر بن عبد الواحد ، ولا خرج لـمحمد بن الوليد الزبيدي ، فهؤلاء الثلاثة لم يخرج لهم الترمذي.

    [عن الزهري].

    والزهري هو الإمام المشهور الذي جاء ذكره مراراً وتكراراً، والذي ذكرت لكم أنه مشهور بلفظين: إما الزهري, وإما ابن شهاب، والزهري نسبة إلى زهرة بن كلاب أخي قصي بن كلاب ، ويلتقي نسبه مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم بـكلاب؛ لأن زهرة أخو قصي ، وقصي وزهرة ابنا كلاب بن مرة ، أو ابن شهاب وهو جد من أجداده، وقد عرفنا فيما مضى أنه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ، فهو مشهور بالنسبة إلى أحد أجداده، وهو شهاب ، ومشهور بالنسبة إلى جده الأعلى وهو زهرة بن كلاب ، فيقال له: الزهري, ويقال له: ابن شهاب ، وهو أحد الأئمة الحفاظ المعروفين المشهورين في المدينة.

    [عن عبيد الله بن عبد الله].

    هو ابن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة، الذين إذا جاءت مسألة من المسائل واتفقوا عليها قالوا: قال بها الفقهاء السبعة، يعني: اكتفاءً بهذا اللفظ دون أن يفردوا أسماءهم، كما يقال في أربعة من الصحابة: العبادلة الأربعة، ويقال: الأئمة الأربعة؛ أصحاب المذاهب الأربعة: أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , وأحمد.

    والفقهاء السبعة، هذا لفظ مجمل يشمل هؤلاء جميعاً، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا أحدهم، وقد ذكرتهم لكم مراراً، وأن ابن القيم جمعهم في بيت من الشعر، وذكر قبله بيتاً تمهيدياً، قال في البيتين:

    إذا قيل من في العلم سبحة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة

    فقل: هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة

    فـعبيد الله هو: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود .

    [عن أبي هريرة].

    وأبي هريرة هو الصحابي الجليل الذي هو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً، وهو أكثر السبعة الذين وصفوا بأنهم مكثرون من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كـالخدري وجابر وزوجة النبي

    وله في الكتب خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثاً، واتفق البخاري ومسلم على ثلاثمائة وخمسة وعشرين حديثاً، وانفرد البخاري بتسعة وسبعين، وانفرد مسلم بثلاثة وتسعين، فهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088550111

    عدد مرات الحفظ

    777273510