قوله: [أخبرنا
محمد بن منصور].
النسائي له شيخان كل منهما يقال له: محمد بن منصور، وكل منهما يروي عن سفيان بن عيينة، وقد مر ذكر رواية النسائي عن محمد بن منصور قبل هذا الحديث، وذكرت أن الأقرب والأظهر منهما: أنه محمد بن منصور المكي الملقب بـالجواز، فهو أقربهما؛ وذلك أنه مكي وسفيان بن عيينة مكي، ومن المعلوم أن من يكون له علاقة بشيخه إما أن يكون معروفاً بإكثار الرواية، أو لكثرة الاتصال والعلاقة به، فإنه إذا أُهمل يكون تعيينه بمعرفة هذه الملابسات، وهذه العلاقة التي يتميز بها عن زميله وقرينه في الطلب. ومحمد بن منصور الثاني فهو طوسي كوفي، فيكون الأقرب والأظهر في التعيين بأن يكون المكي الملقب بـالجواز وهو شيخ النسائي في هذا الحديث، وفيما يأتي من الأحاديث في الرواية عن سفيان بن عيينة ويكون غير موضح بأنه الجواز؛ فإنه يحمل عليه.
محمد بن منصور الجواز خرج له النسائي وحده، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب سواه.
[سفيان].
سفيان المهمل هنا هو ابن عيينة، وكل من محمد بن منصور، وابن عيينة مكي.
إذاً: فـسفيان الذي أهمل هنا ولم يذكر هو ابن عيينة، وقد سبق أن مر ذكره، وأنه من الثقات، الحفاظ، ثقة، حافظ، عابد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان، وأبو الزناد لقب على صورة الكنية وليست كنيته، وكنيته أبو عبد الرحمن، ولقبه أبو الزناد، وهو من الثقات، الحفاظ، وحديثه مخرج في الكتب الستة.
[أخبرنا الحسين بن عيسى].
ثم قال: ح، و(ح) هذه معناها التحويل من إسناد إلى إسناد، وقد ذكرت فيما سبق أن النسائي يقل من استعمالها ولا يكثر منها، وأن عمله يشبه عمل البخاري؛ لأنه قليل التحويل؛ حيث لا يحتاج إليه، وكذلك النسائي قليل التحويل؛ لأنه لا يحتاج إليه، وذلك أنه يكثر الأبواب، ويأتي بالأحاديث بطرق مختلفة للاستدلال بها على موضوعات في تراجم، وهذا يفيد أنهما عمدا إلى أن يكون كتاباهما كتابي فقه وحديث، وكتابي رواية ودراية، فكان الحديث الذي يأتي بطرق مختلفة يذكرانه في مواضع متعددة من أجل الاستدلال به على موضوعات مختلفة، بخلاف مسلم؛ فإنه يذكر الأحاديث في مكان واحد فيحتاج إلى أن يستعمل التحويل.
وهنا يقول: ح، وفائدة ذكر (ح): حتى لا يظن أن الأسانيد متصل بعضها ببعض من حيث أن ما يكون بعدها يكون سابقاً لما قبلها؛ لأنها تعني الرجوع إلى بدء إسناد آخر؛ لأن أبا الزناد يروي عن الأعرج، والأعرج يروي عن أبي هريرة، والذي بعد (ح) يروي عنه النسائي، فهو إشارة إلى رجوع إلى شيخ آخر، وإلى ابتداء إسناد جديد، فكلمة (ح) تشعر بهذا وتدل عليه.
والحسين بن عيسى هو الطائي، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو صدوق، صاحب حديث؛ كما قال ذلك الحافظ ابن حجر، يعني مثل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، فإن ابن ماجه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا معن].
معن هو: ابن عيسى الذي تقدم ذكره، وأنه أثبت أصحاب مالك، وهو من رجال الجماعة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
مالك هو إمام دار الهجرة الذي تقدم ذكره كثيراً، وحديثه في الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
فالإسناد الأول عالي، والإسناد الثاني نازل؛ لأن الأول بين النسائي وبين أبي الزناد واسطتان هما شيخه محمد بن منصور وسفيان بن عيينة، والثاني بينه وبينه ثلاثة، الحسين بن عيسى الطائي ومعن بن عيسى والإمام مالك، فهو نازل.
[الأعرج].
فهو لقب لـعبد الرحمن بن هرمز، وهو مشهور به، يأتي ذكره كثيراً بلقبه، كما يأتي ذكره باسمه عبد الرحمن بن هرمز، وهو ثقة، من رجال أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وأبو هريرة رضي الله تعالى عنه أحد الصحابة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سبق ذكره مراراً وتكراراً .
في الإسناد المتقدم صحابي الحديث عثمان بن عفان، وأحاديثه في الكتب مائة وستة وأربعون حديثاً، اتفق البخاري ومسلم منها على ثلاثة، وانفرد البخاري بثمانية، وانفرد مسلم بخمسة، أما أبو هريرة فقد سبق أن عرفنا ما له من الأحاديث، وأنها أكثر من خمسة آلاف حديث.