إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب المساجد - (باب من يمنع من المسجد) إلى (باب ضرب الخباء في المساجد)

شرح سنن النسائي - كتاب المساجد - (باب من يمنع من المسجد) إلى (باب ضرب الخباء في المساجد)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رفع الله قدر المساجد وأعلى مكانتها؛ وذلك لما يؤدى فيها من أعمال صالحة ولوجود الملائكة فيها، فنهى الشرع من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أن يقرب المسجد حال الصلاة؛ لأنه بذلك يؤذي عباد الله، ويؤذي أيضاً ملائكته، وقد ورد جواز نصب الأخبية في المسجد أثناء الاعتكاف أو كان للحاجة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث جابر في المنع من إتيان المسجد في حق من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ من يمنع من المسجد.

    أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا يحيى عن ابن جريج حدثنا عطاء عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أكل من هذه الشجرة، قال أول يوم: الثوم، ثم قال: الثوم، والبصل، والكراث، فلا يقربنا في مساجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس ) ].

    يقول النسائي رحمه الله: من يمنع من دخول المسجد، وهذه الترجمة عقدها النسائي رحمه الله لبيان أن جماعة من الناس اتصفوا بوصف من الأوصاف، ففي حال اتصافهم بهذا الوصف فهم منهيون عن دخول المسجد أو دخول المساجد؛ وذلك لما يترتب على دخولهم في مواضع العبادة من إيذاء الناس بروائحهم الكريهة، بل وإيذاء الملائكة الذين يتأذون مما يتأذى منه الإنسان.

    وقد أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، والذي يقول فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أكل من هذه الشجرة، قال في أول يوم: الثوم ) يعني: هذا بيان للشجرة، وأنه قال في أول الأمر: الثوم، ثم قال بعد ذلك: ( الثوم، والبصل، والكراث ) يعني: أن هذه الأنواع الثلاثة التي هي: الثوم، والبصل، والكراث، من أكل منها فلا يقربنا في مساجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما تتأذى منه الإنس، فهذا نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أكل الثوم والبصل والكراث أن يدخل المسجد؛ لأنه يؤذي الناس برائحته، ونهيه عن دخول المسجد فيه حرمان له، وحيلولة دون حصوله على هذا الخير الذي يفوته لمنعه من دخوله المسجد، وفيه أيضاً إراحة للناس وإراحة للملائكة؛ حيث يسلمون من الأذى بهذه الرائحة الكريهة.

    وهذا النهي المراد منه ومقتضاه: أن الإنسان إذا أراد أن يأكل الثوم، أو البصل، أو الكراث، فإنه يأكله مطبوخاً، ويأكله وقد ذهبت رائحته، وكذلك أيضاً إذا أكله نيئاً لا يأكله قرب وقت الصلاة وقرب وقت الذهاب إلى المسجد، بل يأكله في وقت مبكر، ثم إذا جاء الوقت الذي هو وقت الصلاة فتكون قد ذهبت تلك الرائحة، أو يأكل بعده شيئاً يزيل هذه الرائحة إذا كان يقضي عليها ويزيلها، فإذاً: هو ليس ترخيصاً، ليس رخصة، وإنما هو حرمان، ليس رخصة لمن أكل الثوم والبصل، وأن الإنسان له أن يأكل الثوم والبصل ويترك المسجد، ويقول: بحجة أن الرسول قال: ( لا يقربن مساجدنا )، بل عليه أن لا يفعل ذلك؛ حتى لا يحصل له هذا الحرمان، فليست القضية قضية ترخيص، بل القضية قضية حرمان من حصول خير لما يترتب على المجيء، وعدم المنع من دخول المسجد، وذلك لما يترتب عليه من الضرر، وما يترتب عليه من الأذى للملائكة وللناس، ثم أيضاً فيه دليل على الابتعاد عن كل ما يؤذي الناس، وعن إلحاق ضرر بالناس.

    ومن المعلوم أن الاجتماع بالناس قد يكون في الأسواق، وفيه هذه الرائحة، لكن الأسواق ليست كالمساجد؛ لأن الأسواق ليست لها حرمة المساجد، ثم أيضاً يمكن للإنسان إذا وجد الرائحة أن يذهب إلى مكان آخر، لكن المسجد.. ما يترك الإنسان المسجد، بل يبقى في المسجد، لكن الذي يتسبب في الإيذاء عليه أن لا يقصد ولا يعمد إلى فعل شيء يؤذي الناس، وإذا كان قد أكله وحصل منه الأكل ووجدت منه الرائحة، فإنه يتعين عليه أن يتأخر، وأن لا يأتي المسجد في ذلك الوقت الذي أكل فيه الثوم والبصل والكراث، ولكن عليه أن لا يفعل ذلك في المستقبل؛ حتى لا يتسبب في حرمان نفسه من هذا الخير، وذلك لكونه يؤذي الناس إذا أتى المسجد وهو على هذه الحالة.

    ثم أيضاً فيه دليل على أن الملائكة تتأذى من الروائح الكريهة، وتتأذى مما يتأذى منه الإنسان، ومن ذلك التأذي بالروائح؛ لأن الحديث إنما جاء في التأذي من الرائحة، وإذاً: فالملائكة تتأذى من الرائحة الكريهة كما أن الإنس يتأذون من الرائحة الكريهة، وإذا كان هذا الحديث جاء في المنع من دخول المسجد لمن أكل من هذه الأنواع الثلاثة لما فيها من رائحة كريهة، إلا أن الأصل يبقى فيها أنها طيبة، وأنها من الطيبات، ولكن المحذور إنما هو بالرائحة التي تكون عند الأكل أو بعد الأكل بوقت ليس بالطويل، فإنه يجب على الإنسان أن يعلم.

    أيضاً يجب على من ابتلي بشرب الدخان أن يعلم بأنه قد آذى نفسه وآذى غيره، وكذلك إيذاؤه لنفسه يكون بأنواع من الأذى وليس بنوع واحد؛ فإنه يؤذي نفسه بإضرار جسده، وبإقدامه على إهلاكه وإلى إمراضه وحصول المرض له، وكذلك أيضاً الأذى الذي فيه يرجع إلى إضاعة ماله، وإلى إتلاف ماله في أمر يعود عليه بالمضرة، ثم أيضاً قد يكون في ذلك إضرار بمن يعولهم وبمن تجب عليه نفقتهم؛ حيث يصرف جملة من المال الذي يحتاج إليه في مصالح الأهل ومن يعوله، فيصرفه في أمر محرم، أو يعود عليه بالمضرة والخسران.

    ثم كذلك أيضاً فيه إيذاء للناس، وإيذاء للملائكة؛ وإذا كانت الملائكة والإنس يتأذون من رائحة البصل والثوم والكراث -مع أنها من الطيبات، وقد منع من أكلها أن يأتي إلى المسجد- فإن امتناع الإنسان من الدخان وابتعاده عنه، والحيلولة بين نفسه وبين أن تبتلى فيه، فإن هذا من آكد الأمور المطلوبة التي يتعين على الإنسان أن يكون على علم بها، وأن يكون حذراً، وأن يكون يقظاً بأن لا يبتلى بشرب هذا البلاء الذي ابتلي به كثير من الناس.

    وشرب الدخان حرام من وجوه كثيرة؛ من جهة أن فيه إيذاء للناس وإيذاء للملائكة، ومن جهة أن فيه إضرار بالجسد وإمراض للنفس، وقد يكون سبباً للهلاك، وقد يكون سبباً للقضاء على الإنسان، ثم أيضاً فيه إضاعة للمال، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، فقال صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ينهاكم عن ثلاث: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال )، ثم إضاعة المال بماذا؟ هل إضاعة المال بأمر يعود عليه بمنفعة؟ بل بأمر يعود عليه بالمضرة.

    ومن المعلوم أن الذي يقضي على ماله بإتلافه أن ذلك يعتبر سفهاً منه، ولا شك أن هذا أحسن حالاً ممن يضيع المال في شرب الدخان؛ لأن من أضاع المال بدون أن يلحق بنفسه ضرراً في استعماله في الدخان الذي يشربه فإن المال هو الذي ضاع، والجسم ما حصل له شيء نتيجة لاستعماله، ولكن إذا كان يضيع المال في إتلاف الجسم وفي إضعافه، فإنه يكون جمع بين مضرتين وبين خطرين كبيرين، هما: تضييع المال، وتضيعه بأي شيء؟ بقتل الإنسان نفسه، وبإهلاك الإنسان نفسه، وإذا كان من يضيع ماله ومن يتلف ماله من غير أن يستفيد منه شيئاً أصلاً، فإن ذلك يعتبر سفهاً منه، ومن يستعمله في شرب الدخان أشد سفهاً من هذا السفيه الذي يضيع المال في غير طائل وفي غير فائدة؛ لأن هذا ضيعه وأضاف إلى تضييعه أنه يكون بما فيه قتل النفس، فلو رأيت إنساناً معه نقود يمزقها ويرميها في الهواء، لاعتبرته سفيهاً؛ لأنه ضيع ماله وأتلف ماله، وهذا السفيه أحسن حالاً ممن يشتري به دخان ويشربه، هذا أحسن حالاً من هذا إذا كانت النفوس تعتبر، أو الناس يعتبرون أن مثل هذا هو غاية السفه، فإن هذا أحسن حالاً من ذاك، وهذا يبين لنا ويوضح لنا خطورة الوقوع في هذا الأمر، وفي هذا الإثم، وفي هذا الأمر الضار بالإنسان، والذي يعود على الإنسان بالمضرة.

    والحاصل أن الحديث الذي معنا فيه نهي الرسول صلى الله عليه وسلم من أكل بصلاً أو ثوماً أو كراثاً من قربان المسجد؛ وذلك لما يترتب عليه من إيذاء الناس وإيذاء الملائكة، مع أن هذان في الأصل من الطيبات، ولكن المحذور إنما هو من الرائحة الكريهة، وكذلك الدخان والتحذير من إيذاء الناس منه داخل فيه، ويكون من باب أولى وأحرى.

    تراجم رجال إسناد حديث جابر في المنع من إتيان المسجد في حق من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً

    قوله: [ إسحاق بن منصور ].

    إسحاق بن منصور، وإسحاق بن منصور يلقب بـ: الكوسج، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود .

    [ حدثنا يحيى ].

    يحيى، وهو: ابن سعيد القطان، المحدث، الناقد، الإمام في الجرح والتعديل، وهو الذي قال عنه الإمام الذهبي في كتابه: من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، عنه وعن عبد الرحمن بن مهدي، يقول عن هذين الرجلين: إذا اجتمعا على جرح شخص فهو لا يكاد يندمل جرحه، يعني: معناه أنهما يصيبان الهدف، وأن كلامهما مصيب، وأنهما مصيبان فيما قالا، فإنه يعول على تجريحهما وعلى حصول التجريح منهما إذا جرحا أحداً.

    فإنه يعول عليه؛ فهو إمام في الجرح والتعديل، وكلامه في الرجال كثير، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن ابن جريج ].

    ابن جريج هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو: ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا عطاء ].

    حدثنا عطاء وهو ابن أبي رباح عطاء بن أبي رباح المكي وهو: ثقة، فقيه، يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جابر ].

    وهو ابن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين، وجابر بن عبد الله الأنصاري أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين جمعهم السيوطي في بيتين من ألفيته، حيث قال:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدريِ وجابر وزوجة النبيِ

    فـجابر رضي الله عنه هو أحد هؤلاء السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو صحابي ابن صحابي، وأبوه عبد الله بن حرام استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087509059

    عدد مرات الحفظ

    772756944