أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف الجلوس للتشهد الأول، والمقصود من ذلك: الجلوس بالنسبة للرجلين، فأورد فيه حديث ابن عمر، وهو (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)، تضجعها يعني: يفرشها ويجلس عليها، واليمنى ينصبها لا يجعلها معترضة، وإنما يجعلها منتصبة مثل هيئتها في حال السجود، تكون منتصبة، وأطراف أصابعها، -أي: اليمنى،- متجهةً إلى القبلة، هذه كيفية الجلوس في التشهد الأول.
والصحابي إذا قال: من السنة، فإن هذا له حكم الرفع؛ لأن هذه الصيغة إذا قال الصحابي: من السنة، فالمراد بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فله حكم الرفع، يعني مرفوع حكماً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن من سنة الصلاة أن تضجع رجلك اليسرى وتنصب اليمنى)
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: استقبال القبلة بأصابع الرجل اليمنى عند الجلوس للتشهد، وأورد فيه حديث ابن عمر المتقدم، إلا أن فيه زيادة كونه ينصب اليمنى ويستقبل بأصابعه القبلة، فهي تكون مثل هيئة السجود، تكون أصابع الرجل اليمنى عند الجلوس للتشهد كهيئتها عند السجود، أي: أنه ينصبها ويجعل أصابعها متجهةً إلى القبلة.
تراجم رجال إسناد حديث: (من سنة الصلاة أن تنصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة..)
وقوله: وصي أبيه، يعني أوصى إليه بالأشياء التي يريد تمثيلها، مثل ما يعني الإنسان يوصي بعد موته، يعني أن واحداً من أولاده يقوم بمهمة كذا وكذا، يعني يسدد الديون، ويكون مسئولاً عن الأموال، يعطيها لمن يستحقها، هذا هو الوصي.
موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول
شرح حديث وائل بن حجر في موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول.
يقول النسائي رحمه الله: باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول، المراد من ذلك أنه عندما يجلس المصلي للتشهد الأول، فكيف يكون وضع يديه؟ ووضعهما في التشهد الأول وهو في الأخير، أن اليسرى توضع على الفخذ اليسرى، واليمنى على اليمنى، وتقبض الخنصر والبنصر، فتحلق الإبهام مع الوسطى، وينصب السبابة يشير بها يدعو بها، وقد مر بعض الأحاديث في ذلك، وكذلك سيأتي بعض الأحاديث المتعلقة في هذا، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه الذي وصف فيه كيفية أو شيء من كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يرفع يديه إذا كبر وافتتح الصلاة، وإذا ركع، وكذلك كان إذا جلس أضجع اليسرى، ونصب اليمنى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى.
ونصب إصبعه للدعاء، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، والمقصود من ذلك هو ما جاء في آخره مما يتعلق بوضع اليد اليمنى ووضع اليد اليسرى، وأن هذه على الفخذ اليمنى، وتكون على هذه الهيئة، وهذه على الفخذ اليسرى، الأصابع ممدودة عليها ومبسوطة على الفخذ اليسرى، وأما اليمنى فإنها ليست كاليسرى، بل تقبض الخنصر والبنصر، وتحلق الوسطى مع الإبهام، ويدعو المصلي بإصبعه السبابة يحركها كما سبق أن مر التصريح بذلك، وكما سيأتي في الأحاديث التي ستأتي بعد ذلك، يعني في الجزء الثاني في كتاب السهو.
وقد أورد النسائي حديث وائل بن حجر المشتمل على هذه الأمور فيما يتعلق بالتكبير، ورفع اليدين، وفيما يتعلق بكيفية الجلوس بالنسبة للرجل اليسرى واليمنى، وفيما يتعلق باليدين اليمنى واليسرى.
قال في آخر الحديث: [ثم أتيتهم ..].
ثم أتيتهم، يعني: أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه يعني فيما بعد؛ يعني أنه حضر في هذا الوقت الذي رأى فيه هذه الكيفية، ثم إنه غاب عنهم، ولما رجع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه وجدهم يرفعون أيديهم بالبرانس، يعني من شدة البرد، يعني كانوا يدخلون أيديهم في داخل ثيابهم من شدة البرد.
تراجم رجال إسناد حديث وائل بن حجر في موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول
وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام التي هي السبابة، يعني: يشير بها في الدعاء، ورمى ببصره إليها أو نحوها، يعني أنه كان ينظر إلى مكان سجوده، ولكنه عند الإشارة للتوحيد وعند الدعاء، فإنه ينظر إليها ويرمي ببصره إليها، وفي الحديث أنه رمى ببصره إليها أو نحوها، يعني: إما أن العبارة إليها، أو نحوها، أي: رمى ببصره إليها أو رمى ببصره نحوها، هذا شك من الراوي، هل قال: إليها، أو قال: نحوها؟
والمقصود منه أنه عندما يشير بأصبعه ويتشهد، فإنه ينظر إلى إصبعه، والأصل، أن المصلي ينظر إلى مكان سجوده في جميع أحواله، يعني حيث يكون قائماً أو راكعاً أو جالساً، فإنه ينظر إلى مكان سجوده، وعندما يشير بإصبعه إلى التشهد شهادة أن لا إله إلا الله، فإنه يرمي ببصره إلى إصبعه.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمر في موضع البصر في التشهد
[حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر]، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة هو ابن جعفر، الذي قالها هو النسائي أو من دونه؛ لأن علي بن حجر الذي هو تلميذ إسماعيل بن جعفر، لا يحتاج إلى أن يقول: هو، بل ينسبه كما يريد، ولكنه اقتصر على أن قال: إسماعيل، فـالنسائي أو من دون النسائي، هم الذين أضافوا جعفراً وأتوا قبلها بهذه الكلمة وهو ابن جعفر؛ ليعلم أو ليعرف هذا المهمل الذي أهمله تلميذه علي بن حجر.
هو المعاوي، نسبة إلى بني معاوية من الأنصار، وفي بعض النسخ المعافري، والصحيح أنه المعاوي، وهو نسبة إلى بني معاوية من الأنصار، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
الإشارة بالإصبع في التشهد الأول
شرح حديث عبد الله بن الزبير في الإشارة بالإصبع في التشهد الأول
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإشارة بالإصبع في التشهد الأول.
أورد النسائي الترجمة وهي: باب الإشارة بالإصبع في التشهد الأول، وأورد فيه حديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جلس في الثنتين أو الأربع، يعني: إذا جلس في التشهد الأول أو في التشهد الأخير، أي: سواءً كانت الصلاة ثنائية، أو رباعية، فإنه في التشهدين الأول والثاني، ولكن الترجمة المعقودة في التشهد الأول، والمراد به أنه بعد الثنتين يعني في الرباعية، يعني يشير بإصبعه تلك الإشارة التي قال عنها عبد الله بن الزبير: [(يضع يديه على ركبتيه، ثم أشار بإصبعه)].
أي: أنه يشير بها في الدعاء، يعني في التشهد الأول وفي التشهد الثاني؛ لأن قوله: [(في الاثنتين والأربع)]، في الاثنتين يقصد بذلك التشهد الأول، وفي الأربع في التشهد الثاني، ومثله الصلاة الثلاثية التي تكون بعد الثالثة، وهذا لا يعني أن حكمها يختلف، بل الحكم واحد في الثنائية والثلاثية والرباعية، ولكنه ذكر الذي هو الغالب، الذي هو الثنائية والرباعية، التي هي تشهد أول وتشهد ثاني في ثلاث صلوات من الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والعشاء، وأما المغرب فهي مثلها.
وقوله: [(على ركبتيه)]، وقد جاء في بعض الروايات المتقدمة: أنه على فخذه اليسرى، وهذا لا ينافي، يمكن أن يكون الجمع بينهما، يعني أن تكون اليد على الركبة، وتكون أيضاً على الفخذ، فيكون جمع بينهما.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن الزبير في الإشارة بالإصبع في التشهد الأول
وهو زكريا بن يحيى السجزي المعروف بـخياط السنة، أحد الثقات، والنسائي ذكر شيخه بهذا التوضيح وهذا البيان الذي هو مقدار سطر، وذلك أن الراوي يذكر شيخه كما يريد، لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان أو ما إلى ذلك، مثل ما يفعله من دون التلميذ، ولكنه ينسبه كما يريد، ويصفه كما يريد، ويعدله إذا أراد، كل ذلك يفعله التلميذ، لا يحتاج إلى أن يأتي بكلمة هو، مثل ما يحتاج إليها من دونه، ولهذا قال: زكريا بن يحيى السجزي نسبة إلى سجستان، وهي نسبة على غير القياس، ويقال له: خياط السنة، قيل: لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة، فقيل له: خياط السنة، وقال عنه النسائي: أحد الثقات، وثقه النسائي في هذا الإسناد عندما روى عنه، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
وهو عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن المبارك مر ذكره كثيراً، وكان في الغالب يروي عنه سويد بن نصر المروزي، وكان بينه وبين النسائي واسطة واحدة، وهو سويد بن نصر، وهنا جاء بينهما واسطتان؛ لأن شيخه زكريا بن يحيى السجزي متأخر، هو من صغار شيوخه الذين أدرك النسائي الكثير من زمنه ومن زمن حياته، وكانت وفاته سنة مائتين وتسع وثمانين، بعد أصحاب الكتب الستة كلهم، إلا النسائي؛ لأن أصحاب الكتب الستة آخرهم توفي سنة مائتين وتسع وسبعين، من غير النسائي، كلهم مائتين وتسع وسبعين فما قبل، أولهم البخاري مائتين وست وخمسين، ومسلم مائتين وواحد وستين، ثم اثنين مائتين وتسع وسبعين، وواحد مائتين وثلاث وسبعين، والنسائي ثلاثمائة وثلاثة، وهذا عاش بعد أولئك كلهم، عاش بعد آخرهم وهو النسائي بعشر سنوات، ولهذا يعني الإسناد عن ابن المبارك بواسطتين بواسطة رجلين، وعبد الله بن المبارك قال عنه الحافظ: أنه ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، عالم، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهو عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهما، وهو أول مولود ولد في الإسلام في المدينة من المهاجرين، يعني لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكانت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما من المهاجرات، وكان نزول الرسول صلى الله عليه وسلم أول ما نزل في قباء، وكان معهم أبو بكر، وابنته أسماء، وولدت أسماء بنت أبي بكرعبد الله بن الزبير في قباء، يعني أول ما وصلوا إلى المدينة، فحنكه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا هو أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من المهاجرين؛ لأنه ولد في قباء من حين ما وصل رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعه المهاجرون.
وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم من صغار الصحابة، وهم: عبد الله بن الزبير هذا، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين، وعبد الله بن عمر، وكانت وفاته ثلاث وسبعين أيضاً مثله، وعبد الله بن عباس، وكانت وفاته ثمان وستين، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكانت وفاته في ليالي الحرة، وعبد الله بن الزبير كما قلت: هو أحد العبادلة، لكن ابن عمر، وابن عباس بالإضافة إلى كونهم من العبادلة الأربعة، هم من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين. وكنيته أبو بكر، ويكنى أيضاً بـأبي خبيب.