إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب السهو - (باب التعوذ في دبر الصلاة) إلى (باب نوع آخر من عدد التسبيح)

شرح سنن النسائي - كتاب السهو - (باب التعوذ في دبر الصلاة) إلى (باب نوع آخر من عدد التسبيح)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر كل صلاة من الكفر والفقر وعذاب القبر، ورغب الشارع في التسبيح عشراً، والحمد عشراً، والتكبير عشراً عقب الصلاة، كما ثبت الترغيب في زيادتها إلى ثلاث وثلاثين.

    شرح حديث أبي بكرة في قول: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر) دبر الصلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التعوذ في دبر الصلاة.

    أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن عثمان الشحام عن مسلم بن أبي بكرة قال: كان أبي يقول في دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر، فكنت أقولهن، فقال أبي: أي بني عمن أخذت هذا؟ قلت: عنك، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة].

    يقول النسائي رحمه الله: نوع آخر من التعوذ في الصلاة. سبق أن عرفنا فيما مضى أن الدبر تطلق على آخر الشيء وعلى ما يلي آخر الشيء، وقد جاء في الأحاديث إطلاق الدبر على ما كان في آخر الصلاة قبل التسليم وعلى ما كان بعد التسليم، كل ذلك يطلق عليه دبر الصلاة، ودبر الشيء هو آخره أو هو آخره وما يلي آخره، والنسائي أورد هذا الحديث فيما كان بعد السلام؛ لأنه ذكر ما يتعلق بما كان قبل التسليم في أبواب سابقة، ثم ذكر بعد ذلك -أي بعد التسليم- ما يتعلق بما كان بعد السلام من تسبيح، وتكبير، وتعوذ، وما إلى ذلك.

    وهذا ذهابٌ من النسائي إلى أن المراد بهذا التعوذ إنما هو بعد السلام، واللفظ يقتضيه، وإذا فعله الإنسان قبل السلام وبعد السلام فكل ذلك حق؛ لأن لفظ دبر يحتمل المعنيين، وقد جاء في الحديث فيما يتعلق بالصلاة أنه بعدما يأتي بالتشهد قال: (يتخير من الدعاء ما شاء)، فهو يأتي بما يناسب من الدعاء، ولا سيما الذي جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول في دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر، والفقر، وعذاب القبر. يتعوذ من هذه الأمور الثلاثة: الكفر، والفقر، وعذاب القبر، وكان ابنه قد سمعه وهو يتعوذ بهذه التعوذات ويدعو بهذا الدعاء، ففعل مثلما كان يفعل والده، ثم إن الأب سأله: عمن أخذت هذا؟ قال: عنك، سمعتك تقول فقلت، فأخبر أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقولها في دبر الصلاة، هذا هو الذي يدل على رفعه وأنه مضاف إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    والتعوذ بالله من الكفر تعوذ من أخطر الأمور وأشدها وأعظمها، ألا وهو الكفر بالله عز وجل، والتعوذ من الفقر الذي يترتب عليه عند كثير من الناس الوقوع في محاذير بسبب ذلك، والتعوذ من عذاب القبر الذي يكون في البرزخ، لأن ما بين الموت والبعث هو في القبر إما معذب وإما منعم، وعذاب القبر حق لمن كان له عقل، والمراد من ذلك: ما كان بعد الموت وقبل البعث، فإن من كان مستحقاً لعذاب القبر عذب ولو لم يكن من المقبورين، أي لم يحفر له في التراب ويدفن، كأن أكلته السباع، أو أحرق وذر في الهواء، أو أكلته الحيتان في البحر، أو ما إلى ذلك، من كان مستحقاً لعذاب القبر -وهو عذاب البرزخ الذي يكون بعد الموت وقبل البعث- فإنه يصل إليه العذاب، ولا يقال: إن الناس إذا حفروا قبوراً ما يرون جنة ولا ناراً؛ لأن عذاب القبر من أمور الغيب التي علينا أن نصدق بها، وأن نؤمن بها، ولو لم ندرك ونشاهد، فالمستحق للعذاب يصل إليه العذاب، والمستحق للنعيم يصل إليه النعيم، ولو كانا في قبر واحد، فإن هذا في عذاب لا يدري عن نعيم ذاك، وهذا الآخر في نعيم لا يدري عن عذاب هذا، فالمنعم منعم والمعذب معذب، وهما متجاوران، وهذه أمور غيبية على المسلم أن يصدق بها، وإن لم يدرك الحقيقة؛ لأن هذا من الإيمان بالغيب.

    ثم إن في أمور الدنيا وفي أحوال الدنيا ما يوضح وما يرشد إلى هذه الحقيقة، وهي أن الاثنين يكونان في مكان واحد وفي غرفة واحدة، أو قد يكونان في لحاف واحد، مثل الزوج وزوجته، ثم ينامان ويستيقظان، ويكون أحدهما في نعيم وهو في هذه النومة، والثاني في عذاب وهو في تلك النومة، وهذا ما درى عن هذا وهذا ما درى عن هذا، واحد منهم ينام ثم يرى رؤى طيبة ويرى أموراً سارة ويأكل نعيماً ويحصل له أمور طيبة، والآخر بجواره وهو بضده، يرى أن الحيتان تلاحقه، وأن السباع تنهشه، وأن العقارب تلسعه، ثم يستيقظان هذا في نعيم ما درى عن الذي بجواره، وهذا في عذاب ما درى عنه الذي في جواره، وإذا كان هذا حاصل في أمور الدنيا المشاهدة المعاينة فإن أمور الآخرة أو أمور البرزخ يجب الإيمان بها والتصديق ولو لم يشاهد الإنسان تلك الحقيقة؛ لأن أمور الغيب ليست مثل أمور الدنيا، أمور القبر ليست مثل أمور الدنيا، الواجب على الإنسان التصديق والإيمان.

    فكان عليه الصلاة والسلام يتعوذ من هذه الأمور الثلاثة: الكفر الذي هو أعظم الذنوب وأخطر الذنوب وأشدها، والفقر الذي يفضي أو يؤدي إلى كثير من الخطايا والمحرمات، وعذاب القبر الذي يحصل للإنسان بعد الموت وقبل البعث.

    ثم أيضاً المحاورة التي جرت بين أبي بكرة وابنه تدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة من تلقي العلم وأخذه عن أهله، وأن العالم يقتدى به؛ لأن ابن أبي بكرة لما سمع أباه يتعوذ تبعه وأخذ بما سمع من والده، وأبوه سأله عن المستند، فأخبره بأنه سمعه يقول فقال مثلما قال، فأخبره بالذي استند عليه في ذلك، وأنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام.

    وهو يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الملازمة والاتباع لهديه عليه الصلاة والسلام.

    وكذلك يدلنا على ما كان عليه التابعون من التلقي عن الصحابة ومن متابعة الصحابة فيما يسمعونهم يدعون به ويتلقون عنهم، وهذا يدلنا على فضل السابقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وحرصهم على تلقي العلم وعلى بذل العلم؛ لأن فعل أبي بكرة فيه بذل العلم، وفيه التنبيه إلى التمسك به، والابن بادر إلى التعوذ بهذه التعوذات العظيمة، التي هي التعوذ بالله من الكفر، والفقر، وعذاب القبر.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي بكرة في قول: (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر) دبر الصلاة

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو الفلاس، ثقة، ناقد، محدث، من أئمة الجرح والتعديل، وكلامه في الرجال كثير، وكثيراً ما يأتي بلفظ الفلاس، يعني: يأتي بلقبه، وهو الفلاس، قال الفلاس كذا، وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس، قال فيه الفلاس، والمراد به عمرو بن علي هذا، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة؛ لأن بمعرفتها دفع توهم أن الشخص الواحد يكون شخصين فيما لو ذكر في مكان عمرو بن علي، وفي مكان آخر الفلاس، الذي ما يعرف أن عمرو بن علي هو الفلاس، يظن أن الفلاس شخص وأن عمرو بن علي شخص آخر، لكن من عرف أن هذا شخص واحد اسمه كذا ولقبه كذا إذا جاء في موضع بخلاف الموضع الآخر، هذا باللقب وهذا بالاسم لا يلتبس عليه الأمر، والذي لا يعرف ذلك يتلبس عليه الأمر، يظن أن الفلاس شخص غير عمرو بن علي، قد يأتي في الإسناد شخص مرة بلقبه ومرة باسمه في أسانيد في مكان واحد، فيظن من لا يعرف أن هذا شخص آخر غير هذا، ومن عرف أن هذا لقب لا يلتبس عليه الأمر، ولهذا اعتنى المحدثون بمعرفة الألقاب، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين إذا ذكر باسمه مرة وذكر بلقبه أخرى، وعمرو بن علي كلامه في الرجال كثير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا يحيى].

    وهو ابن سعيد القطان، وهو محدث، ناقد، ثقة، ثبت، وكلامه في الرجال كثير، ويأتي كثيراً بـالقطان -أي: يأتي بلقبه القطان- وأحياناً يحيى بن سعيد القطان، وكلامه في الرجال كثير، وقد ذكره الذهبي في كتابه: من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، ذكره هو وعبد الرحمن بن مهدي وأثنى عليهما، وقال: إنهما إذا اتفقا على جرح شخص فلا يكاد يندمل جرحه، معناه: أنهما يصيبان الهدف وأنه يعول على كلامهما، وحديث يحيى بن سعيد القطان أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    وفي طبقة يحيى بن سعيد القطان: يحيى بن سعيد الأموي، وقبلهما بطبقة أو بطبقتين: يحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن سعيد التيمي، فهما من طبقة صغار التابعين، يعني: الإمام مالك يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو قبله، وممن بعده -أي: بعد الإمام مالك -يحيى بن سعيد القطان، فاثنان في طبقة واثنان في طبقة، وكل منهما يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن سعيد الأموي في طبقة واحدة متأخرة، وهي ما فوق شيوخ الشيخين البخاري، ومسلم، ومن طبقة صغار التابعين يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن سعيد التيمي، وكلهم ثقات.

    [عثمان الشحام].

    وهو الشحام العدوي، لا بأس به، وكلمة (لا بأس به): تعادل صدوق كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في المقدمة، بأنه الذي دون الثقة، ويقل عن الثقة الذي يعتبر حديثه صحيحاً، أي: من يقل عنه يقال له: صدوق، ويقال له: لا بأس به أو ليس به بأس، وحديث من يكون كذلك هو الحسن لذاته، فإذا جاء ما يعضده ارتفع إلى الصحيح لغيره، فكلمة: (لا بأس به) تعادل صدوق، وحديثه أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [عن مسلم بن أبي بكرة].

    وهو الثقفي، وهو صدوق، أخرج حديثه مثل الذي قبله مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [عن أبي بكرة].

    وهو الثقفي نفيع بن الحارث، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551094

    عدد مرات الحفظ

    777280917