إسلام ويب

شرح سنن النسائي - كتاب السهو - تابع باب نوع آخر من عدد التسبيحللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يستحب الذكر عقب الصلاة، وقد ورد في السنة أنواع كثيرة منها: التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد كذلك، والتكبير أربعاً وثلاثين، وفي رواية ثلاثاً وثلاثين، والتهليل عشراً، وغير ذلك.

    شرح حديث زيد بن ثابت في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر من عدد التسبيح.

    أخبرنا موسى بن حزام الترمذي حدثنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح عن زيد بن ثابت قال: (أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمدوا ثلاثاً وثلاثين، ويكبروا أربعاً وثلاثين، فأتي رجل من الأنصار في منامه فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم. قال: فاجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: اجعلوها كذلك)].

    يقول النسائي رحمه الله: نوع آخر من عدد التسبيح بعد الصلاة، أو بعد الصلوات المفروضة، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه الذي فيه: [أن رجلاً من الأنصار أتي في منامه فقيل له: أمرك نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بأن تسبحوا ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم، قال: فاجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل]، فيكون المجموع مائة؛ بدل أن يكون ثلاثاً وثلاثين أربعاً وثلاثين، يكون خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، خمسة وعشرين، فيكون العدد مطابق للعدد الذي هو مائة، وذلك بأن يكون كل من الأربعة يؤتى به بخمس وعشرين في العدد، فيكون المجموع مائة، وهذا نوع آخر من أنواع عدد التسبيح، وهو أن يكبر على النحو الذي مر، ويكبر على هذا النحو.

    ثم إن الذي جاء في هذا الحديث ليس من قبيل العمل برؤيا الناس، ولكنها من قبيل إقرار الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال: [اجعلوها كذلك]، فلما أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن يجعلوها كذلك، عرف أنها سنة بأمر النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن ليس معنى ذلك أن العدد السابق يترك، ولكن ذلك ثابت، وهذا ثابت، فيمكن أن يأتي الإنسان ببعض الأحيان بالعدد الأول الذي هو ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، وكذلك أيضاً يأتي به في بعض الأحيان على ما جاء في هذا الحديث الذي هو خمس وعشرون تسبيحة، وخمس وعشرون تحميدة، وخمس وعشرون تكبيرة، وخمس وعشرون تهليلة، فيكون العدد مائة في كل من الروايتين؛ أي: رواية التثليث ورواية التربيع.

    وهذا من جنس ما جاء في الأذان في رؤيا عبد الله بن زيد الذي أري الأذان في منامه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يلقيه على المؤذن الذي يتولى الأذان، فإنما كان سنة بإقرار النبي عليه الصلاة والسلام، وبتوجيه النبي عليه الصلاة والسلام إلى ذلك، وليس بمجرد رؤيا الرائي التي رآها في المنام، ولو لم يكن جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يفيد اعتبار هذا العدد، والأمر باعتباره، لكانت تلك الرؤيا لا عبرة لها ولا قيمة لها، ولكن المعتبر في ذلك إنما هو أمر النبي عليه الصلاة والسلام بأن يجعلوا ذلك العدد، وأن يأتوا بذلك العدد.

    تراجم رجال إسناد حديث زيد بن ثابت في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة

    قوله: [أخبرنا موسى بن حزام الترمذي].

    الترمذي ثقة، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي؛ يعني: ما خرج له مسلم ولا خرج له أبو داود ولا ابن ماجه.

    [حدثنا يحيى بن آدم].

    هو الكوفي، وهو ثقة، حافظ، فاضل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مصنف من مصنفاته كتاب الخراج لـيحيى بن آدم هذا.

    [عن ابن إدريس].

    هو عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن هشام بن حسان].

    هو البصري، وهو ثقة، من أثبت الناس في ابن سيرين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمد بن سيرين البصري].

    ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن كثير بن أفلح].

    هو المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [عن زيد بن ثابت].

    هو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث ابن عمر في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثني علي بن الفضيل بن عياض عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر: (أن رجلاً رأى فيما يرى النائم، قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم؟ قال: أمرنا أن نسبح ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فتلك مائة، قال: سبحوا خمساً وعشرين، واحمدوا خمساً وعشرين، وكبروا خمساً وعشرين، وهللوا خمساً وعشرين، فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعلوا كما قال الأنصاري)].

    هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو دال على ما دل عليه حديث زيد بن ثابت الذي قبله من جهة الرؤيا، وحصول الرؤيا من ذلك الأنصاري، ومجيئه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وإخباره إياه بما رآه، وأنه رأى في المنام أنه قيل له: أن التسبيح يكون خمساً وعشرين، والتحميد خمساً وعشرين، والتكبير خمساً وعشرين، والتهليل خمساً وعشرين، وذلك يكون مائة، وذلك مطابق للعدد الذي كان قد قيل لهم من قبل، أو كان قد بينه لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام من قبل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: [افعلوا كما قال الأنصاري]، أي: في هذه الرؤيا التي رآها، فهو مثل الذي قبله تماماً من حيث الموضوع، ومن حيث النهاية، والكل هو حكاية رؤيا رجل من الأنصار، والنهاية أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: اجعلوها كذلك، أو افعلوا كما قال الأنصاري، أي: أنه يشرع لهم أن يفعلوا ذلك، لكن لا يعتبر هذا نسخاً وتركاً للسابق، بل هذا سنة، وهذا سنة، ويمكن أن يأتي الإنسان بما ورد في بعض الأحيان، وما ورد من الأنواع الأخرى في أحيان أخرى.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل خمساً وعشرين مرة دبر كل صلاة

    قوله: [أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي].

    هو ثقة، إمام، ناقد، مشهور، وكلامه في الرجال كثير، وكثيراً ما ينقل ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل عن أبيه أبي حاتم، وأبي زرعة الكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً، فهو محدث، ناقد، وكلامه في الرجال كثير، ومشهور، يقال: وثقه أبو زرعة الرازي، أو قال فيه أبو زرعة الرازي كذا، فهو من النقاد الذين لهم كلام في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وهو حافظ، مشهور، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    وله عند مسلم حديث واحد في الدعاء في كتاب الدعاء، في صحيح مسلم رواه عنه مباشرة، وهو مقارن له من حيث الزمن؛ لأن مسلماً رحمه الله ولد في سنة مائتين وأربع، وتوفي سنة مائتين وواحد وستين، وأما أبو زرعة الرازي فولد سنة مائتين، وتوفي سنة أربع وستين؛ يعني: بعد وفاة مسلم بثلاث سنوات، وولد قبله بأربع سنوات، وقد روى عنه مسلم في صحيحه حديث واحد في الدعاء، وروى عنه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    وأبو زرعة هذه كنية اشتهر بها عدد من المحدثين قديماً وحديثاً؛ من المتقدمين والمتأخرين، فأول من اشتهر بها: أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، وهو من التابعين، ويروي عن أبي هريرة وعن غير أبي هريرة، وهو الذي روى عنه آخر حديث في صحيح البخاري: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فإن هذا الحديث هو آخر حديث في صحيح البخاري، وقد رواه من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه، فهو أول من عرف بهذه التكنية التي هي أبو زرعة من المحدثين، وفيهم هذا الذي هو الرازي شيخ الإمام مسلم الذي روى عنه هذا الحديث، وكانت وفاته سنة مائتين وأربع وستين، وأبو زرعة الدمشقي بعد ذلك، وهو مؤلف تاريخ دمشق، وفي المتأخرين أبو زرعة العراقي بن عبد الرحيم العراقي، صاحب الألفية، صاحب الألفية هو الأب، وأبو زرعة العراقي هو الابن، وكانت وفاته سنة ثمانمائة وست وعشرين.

    الحاصل أن أبا زرعة يطلق على عدد من أهل الحديث المتقدمين والمتأخرين.

    [حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس].

    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني علي بن الفضيل بن عياض].

    ثقة، عابد، أخرج حديثه النسائي وحده، وتوفي قبل أبيه الفضيل بن عياض، وهو ممن خرج حديثه النسائي وحده.

    [عن عبد العزيز بن أبي رواد].

    صدوق، عابد ربما وهم، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن نافع].

    نافع هو مولى ابن عمر هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عمر].

    هو ابن الخطاب صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو من صغار الصحابة، وقد مر ذكرهم مراراً، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    وزوجة النبي عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551137

    عدد مرات الحفظ

    777281308