إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الاستسقاء - (باب متى يستسقي؟) إلى (باب جلوس الإمام على المنبر للاستسقاء)

شرح سنن النسائي - كتاب الاستسقاء - (باب متى يستسقي؟) إلى (باب جلوس الإمام على المنبر للاستسقاء)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من رحمة الله تعالى أن شرع لعباده صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض، وجعلها سبباً في نزول رحمته، ولها كيفية بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الثابتة عنه.

    شرح حديث: (جاء رجل فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الاستسقاء، متى يستسقي الإمام.

    أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله عز وجل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة، فجاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، وهلكت المواشي، فقال: اللهم على رؤوس الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر، فانجابت عن المدينة انجياب الثوب)].

    يقول النسائي رحمه الله: كتاب الاستسقاء، النسائي رحمه الله ذكر الكسوف، وصلاة الكسوف من الصلوات التي تحصل بمناسبات غير معلومة، وإنما بوجود الكسوف، فشرعت الصلاة، فأتى النسائي رحمه الله بكتاب الكسوف، ثم عقبه بكتاب الاستسقاء، وهي أيضاً صلاةً ليست ثابتة معلومة، وإنما تأتي على حسب الأحوال والمناسبات، حيث يكون الجدب، وحيث يكون القحط، يحصل الاستسقاء، فأورد النسائي رحمه الله هذا الكتاب مع الكتاب السابق؛ لأنها كلها تتعلق بمناسبات غير ثابتة، وليست في أوقات معينة، وإنما أوقاتها على حسب المناسبات، حيث يوجد الكسوف توجد الصلاة، وحيث يوجد القحط توجد الصلاة، والاستسقاء هو: طلب السقي، وهو دعاء الله عز وجل بأن يسقي الناس، وأن ينزل عليهم الغيث، هذا هو المراد بالاستسقاء، طلب السقي.

    ثم أورد النسائي باب متى يستسقي الإمام، وأورد فيه حديث أنس بن مالك: أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا في خطبة الجمعة، لما طلب منه رجل أن يستسقي، وذكر الأمور التي وقع فيها الناس، والتي هي حاصلة، وهي أنها هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فطلب منه أن يستسقي، فرفع يديه عليه الصلاة والسلام ودعا، وسأل الله عز وجل أن يسقي الناس، وهذا هو الاستسقاء.

    فمتى يستسقي الإمام؟ إذا وجدت الحاجة التي تدعو إلى ذلك، وهي القحط والجدب، فإنه عند ذلك يحصل الاستسقاء، ويحصل استسقاء الإمام، والاستسقاء يكون في خطبة الجمعة، ويكون بالإتيان بالصلاة التي هي صلاة الاستسقاء، والخطبة فيها ودعاء الله عز وجل، والحديث الذي أورده النسائي يتعلق بخطبة الجمعة، وأن الاستسقاء فيها يكون عند الحاجة.

    أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً دخل والنبي عليه الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة، فسلم النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا رسول الله! ادع الله أن يغيثنا، هلكت الأموال، وانقطعت السبل)، يعني: هلكت الأموال لحصول القحط والجدب، بمعنى: أنها لم تجد شيئاً تأكله، فكان ذلك سبباً في هلاكها وموتها، قلة الطعام، وقلة الرعي، (وانقطعت السبل)، ما كان عند الإبل القدرة بسبب الهزال، وعدم وجود الطعام، فلا يتمكنون من السفر عليها، والانتقال من مكان إلى مكان لجلب الأرزاق، ولجلب الطعام، وما يحتاج الناس إليه، فالسبل انقطعت لضعف الرواحل، وعدم قدرتها على قطع المسافات، مع عدم وجود ما يقيتها، وهلكت الأموال بسبب قلة الطعام، وقلة الرعي، وأن ذلك كان من أسباب موت تلك الأموال التي هي الإبل والبقر والغنم، (فادع الله أن يغيثنا)، فرفع يديه رسول الله عليه الصلاة والسلام ودعا، وأنزل الله عز وجل الغيث، واستمر من الجمعة إلى الجمعة، والأمطار تتوالى، والأمطار تهطل على المدينة، فلما جاءت الجمعة الثانية، وكان عليه الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة، دخل رجل وقال: (يا رسول الله! تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، وهلكت الأموال)، فادع الله أن يمسك عنا الماء، فالنبي عليه الصلاة والسلام دعا وقال: (اللهم على الآكام، والأودية، ومنابت الشجر)، وفي بعض الروايات: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الظراب، والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)، فقوله: (تهدمت البيوت) يعني: بسبب توالي الأمطار عليها، وكونها من الطين الذي إذا كثر عليه المطر ذاب، وحصل التهدم بسبب كثرة ما يقع، وما ينزل من المطر، لكونه استمر أسبوعاً كاملاً، (وهلكت الأموال) بسبب حصول البرد الذي يحصل مع كثرة الأمطار، وذلك البهائم وعدم تمكنها من الخروج لترعى، وانقطعت السبل، ما يأتي بالأرزاق والأموال، ويجلبها عليهم لتوالي نزول الأمطار، وكثرة نزوله، فالنبي عليه الصلاة والسلام سأل الله عز وجل (فانجابت السحب عن المدينة كانجياب الثوب عن صاحبه)، أي: مثل ما ينزع الثوب عن صاحبه، ولا يبقى عليه إذا نزع، فكذلك انجابت السحب عن المدينة، فلم يكن عليها شيء.

    الحاصل: أن الترجمة وهي: متى يستسقي الإمام، هي عند الحاجة إذا طلب السقي، وأنها تكون بالجمعة، وبغير الجمعة، أي: صلاة الاستسقاء، وفيه حصول جواز الكلام من الإمام، ومن يكلمه الإمام؛ لأن هذا الرجل خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم وناداه، فطلب منه أن يدعو، فهذا فيه جواز الكلام مع الإمام، وكلام الإمام مع المأمومين؛ لأن هذا الحديث فيه حصول الكلام من المأمومين أو بعض المأمومين مع الإمام، وذلك سائغ، وأما كلام الإمام فقد جاء في أحاديث أخرى التي فيها: (أن رجلاً دخل ولم يصل ركعتين، فقال له الرسول: أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين)، وفيه أنه عندما يحصل الشدة، والقحط، والجدب، يفزع إلى الله عز وجل بالدعاء، وكذلك أن خطبة الجمعة يستسقى بها، ويحصل الاستسقاء بخطبة الجمعة؛ لأن الحديث يتعلق بخطبة الجمعة؛ ولأنه كان في خطبة الجمعة، وفيه حصول استجابة الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة والسلام، حيث أنزل الله الغيث، وأنزل المطر، وتوالت الأمطار، من الجمعة إلى الجمعة أسبوعاً كاملاً، ثم طلب منه أن يدعو بإمساك الماء، فلم يدع بإمساك الماء، وإنما سأل سؤالاً فيه أدب، وفيه الاحتياج إلى الله عز وجل، وأن يجعل الأمطار لا تكون على المدينة، وإنما تكون على الآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر، وفي بعضها قال: (اللهم حوالينا ولا علينا)، فهذا من الأدب في الدعاء، وأن الله عز وجل ليس من المناسب أن يطلب منه الإمساك، وأن يقول: اللهم أمسك عنا المطر، اللهم أوقف عنا المطر، وإنما يدعو بهذا الدعاء الذي فيه الأدب، والاحتياج إلى الله عز وجل، (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الظراب، والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)، والآكام، قيل: هي الأماكن المرتفعة الجبل الصغير، أو التل، أو من الرمل، أو المكان المرتفع من الأرض، فهذه يقال لها: آكام.

    قوله: [عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله عز وجل، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة، فجاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، وهلكت المواشي، فقال: اللهم على رؤوس الجبال والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر، فانجابت عن المدينة انجياب الثوب)].

    فانجابت السحب على المدينة انجياب الثوب، وهذا بدعاء الرسول عليه الصلاة والسلام، دعا أولاً وكان ليس هناك أي قزعة في السماء، فتلبدت السماء بالغيوم، ونزل المطر وهم لم يصلوا إلى بيوتهم، بل وهم في المسجد، واستمرت حتى الجمعة الثانية، ولما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجعله الله عز وجل على الآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر، انجابت عن المدينة، وتفرقت، وتقطعت تلك السحب حتى صارت السماء صحواً، وكان ذلك (كانجياب الثوب)، أي: كما ينزع الثوب عن صاحبه، فيبقى ليس عليه شيء، انجابت تلك السحب عن المدينة حتى لم يكن عليها شيء، وإنما السماء بادية لها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (جاء رجل فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، يروي عن..

    [عن مالك].

    هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، المشهور، الإمام، الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن شريك].

    هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر وهو صدوق، يخطئ، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه، هؤلاء هم: الذين أخرجوا لـشريك بن عبد الله بن أبي نمر، وهو غير شريك بن عبد الله القاضي؛ لأن هذا طبقته متقدمة يروي عن الصحابة، وأما شريك القاضي فهو متأخر، من طبقة شيوخ شيوخ البخاري، يروي عنه قتيبة، ويروي عنه غيره، فهو متأخر الطبقة عن هذا، أما هذا فهو متقدم، هذا الذي هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر متقدم يروي عن أنس بن مالك، وهو من التابعين، يروي عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الذي روى حديث المعراج الطويل، الذي أورده البخاري في آخر الصحيح، وكان فيه أوهام، لأنه انفرد بها عن غيره، وتعتبر من أوهامه، وقد ذكرها ابن حجر، وذكرها ابن كثير، في تفسير سورة الإسراء في أولها؛ وهو من أحاديث البخاري التي وجد فيها أوهام، وأنكرت على شريك هذا، وهي من الأحاديث التي ليس عنها جواب في صحيح البخاري؛ لأن أكثر الأحاديث التي انتقدت على البخاري أجيب عنها، والحق في أغلبها مع البخاري، لا مع من اعترض عليه وانتقده، ولكن هذا الحديث مما انتقد، ولم يكن له جواب؛ لأن شريكاً انفرد بأمور لم يتابع عليها، فعدت من أوهامه، وقد جمعها ابن كثير في أول تفسير سورة الإسراء، وكذلك أشار إليها الحافظ ابن حجر وذكرها غيره، ومسلم رحمه الله ما أورد حديث شريك، بل أورد حديث أنس، من طريق ثابت البناني، ثم ذكر الإسناد من طريق شريك، ولم يذكر لفظه، بل قال: فقدم وأخر، وزاد ونقص، على حديث ثابت البناني؛ لأنه ما أورد لفظ شريك بن عبد الله بن أبي نمر، بل أورد رواية ثابت البناني عن أنس، وأحال عليها عندما جاء في رواية شريك، ولم يذكر لفظها، وأما البخاري فساقها بلفظ شريك بن عبد الله بن أبي نمر هذا، وصار فيها أوهام اختص بها، فاعتبرت من أغلاطه، وأوهامه، أي: أوهام شريك.

    [عن أنس بن مالك].

    وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وجابر، وأبو سعيد، وأم المؤمنين عائشة، هؤلاء السبعة تميزوا عن غيرهم من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من رواية الأحاديث، عنه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

    وهذا الإسناد من رباعيات النسائي؛ لأن أعلى ما يكون عند النسائي الأسانيد الرباعية التي يكون فيها بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص، وكانت وفاة النسائي سنة ثلاثمائة وثلاث، استكمل القرن الثالث، ومات في أوائل الرابع، وبينه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أعلى ما يكون أربعة أشخاص، وهذا من الأسانيد العالية عند النسائي التي هي أعلى ما يكون، والنسائي، ومسلم، وأبو داود أعلى ما عندهم الرباعيات، هؤلاء الثلاثة من الأئمة الستة، أعلى ما عندهم الرباعيات، والبخاري عنده ثلاثيات، اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري، وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام ثلاثة أشخاص، وكانت وفاة البخاري سنة ست وخمسين ومائتين، والترمذي، عنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجه، فعنده خمسة أحاديث ثلاثية، كلها بإسناد واحد وهو ضعيف؛ لأن الخمسة كلها بإسناد واحد، فإذاً: أصحاب الكتب الستة، ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، البخاري، والترمذي، وابن ماجه، وثلاثة ليس عندهم ثلاثيات، بل أعلى ما عندهم الرباعيات، وهم مسلم، وأبو داود، والنسائي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088521300

    عدد مرات الحفظ

    777099691