إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الجنائز
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الجنائز - (باب غسل الميت بالحميم) إلى (باب الإشعار)

شرح سنن النسائي - كتاب الجنائز - (باب غسل الميت بالحميم) إلى (باب الإشعار)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كرم الله تعالى ابن آدم حياً وميتاً، فإذا مات يجب غسله، ويكون بماء وسط بين الحار الشديد والبارد، وإن كانت امرأة فإنه ينقض شعرها ويغسل ثم يجعل ثلاث ضفائر، ويبدأ بالوضوء لميامن الميت ويوضع في آخر غسلة شيئاً من كافور، ويكون الغسل وتراً ولو زاد على السبع إن احتيج إلى ذلك.

    شرح حديث: (... لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [غسل الميت بالحميم.

    أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن عن أم قيس رضي الله تعالى عنها قالت: (توفي ابني فجزعت عليه، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله، فانطلق عكاشة بن محصن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقولها، فتبسم ثم قال: ما قالت طال عمرها؟ فلا نعلم امرأة عمرت ما عمرت)].

    يقول النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: غسل الميت بالحميم.

    الحميم: يطلق على الماء الحار، وعلى الماء البارد، فهو من الأضداد كما في القاموس؛ لأن من الكلمات في اللغة العربية ما يأتي للضدين المتقابلين، كما هنا الحميم يأتي للماء الحار، وللماء البارد، وهما ضدان، ومثل: القرؤ، يطلق على الطهر، وعلى الحيض، فهما ضدان، ومثل: عسعس، يطلق على أقبل وأدبر، وهما ضدان، ففي اللغة العربية كلمات كثيرة تطلق على الضدين، وهي تأتي لهذا ولهذا، وقد أورد النسائي حديثاً عن أم قيس بنت محصن الأسدية أخت عكاشة بن محصن الصحابي المشهور الذي جاء في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وفيه قال: (سبقك بها عكاشة)، فهذه أخته، توفي لها ولد، فقالت للذي يغسله: لا تغسله بالماء البارد فتقتله، فذهب عكاشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبره فتبسم وقال: (ما قالت طال عمرها؟ فما رأينا امرأة عمرت ما عمرت).

    وهنا ذكر الماء البارد، قالت لمغسل ابنها: لا تغسله بالماء البارد فتقتله، فالترجمة بالحميم، وقد عرفنا أن وجه ذلك لكون كلمة الحميم تأتي للحار وللبارد، ولكن الذي ورد استعمال كلمة الحميم فيه هو للماء الحار، وقد جاء في القرآن ذكرها بالماء الحار كثيراً، وفي الشيء الحار، وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] أي: مزقها من شدة حرارته، ولكنه كما ذكرت أهل اللغة يقولون: أنه من الأضداد، وقد ذكر ذلك صاحب القاموس، وعلى هذا يتفق إطلاق الحميم وجه مناسبة ذكر الحديث مع الترجمة، أن الحميم يطلق على الماء البارد، وعلى الماء الحار، وهنا ذكر الماء البارد.

    ثم قولها: لا تغسله بالماء البارد فتقتله معلوم أنه قد مات، وروحه قد خرجت وهو يغسل، ومن المعلوم أن الإنسان الميت يغسل بالماء الذي يحصل به تنظيفه، لكن لا يكون حاراً حرارة شديدة ولا بارداً برودة شديدة؛ لأنه إذا كان كذلك لا يتيسر تغسيله على الوجه الأكمل لما يجده من يفعل ذلك من شدة الحرارة أو البرودة، وأما بالنسبة للميت فإنه بالنسبة للماء الحار يمكن أنه إذا كان شديداً، وأنه يغلي فقد يقطع جلده، ويمزق جلده، وبالنسبة للماء البارد ما يحصل منه مثل ما يحصل للماء الحار، ومن المعلوم أنه في هذا الوقت، وفي هذا الزمان عندما يموت الشخص وحتى لا ينتن؛ ومن أجل أن يتعرف عليه، يجعل في ثلاجة، فيبرد ويجمد، ويصير قطعة من الثلج، يعني: بارداً، فعند الغسل يراعى الماء الذي لا يكون حاراً، ولا يكون بارداً؛ لأن ذلك يؤثر، يعني: لا يحصل استعماله كما ينبغي ويؤثر على الغاسل الذي يغسله؛ لأنه لا يستطيع أن يغسله بالماء الحار، كما أنه لا يستطيع أن يغسله بالماء البارد البرودة الشديدة.

    قوله: (فتبسم)، يعني: تبسم من قولها تعجباً وقال: (ما قالت؟) يعني: ما هذا الذي قالت، ثم قال: (طال عمرها) وهو دعاء لها بطول العمر، ثم قال: (إنهم ما رأوا امرأة عمرت ما عمرت)، أي: أنه استجيب دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لها وأنها عمرت، والحديث ضعيف؛ لأن فيه رجلاً ذكر الحافظ ابن حجر أنه مقبول، وهو الذي يعتبر حديثه عند المتابعة حيث يتابع، وهو هنا ليس له متابع فالإسناد ضعيف، ولكن كما قلت: من حيث الغسل يغسل بالماء الذي ليست حرارته شديدة، ولا برودته شديدة بحيث يتمكن الغاسل من غسله بدون مشقة، وبدون تباعد بيديه عنه من أجل الحرارة، أو من أجل شدة البرودة، وأما الدعاء بطول العمر فهو سائغ، ولا مانع منه، ولا ينافي القدر؛ لأن كل شيء بقضاء الله وقدره، ومن المعلوم أن الدعاء مشروع في أمور كثيرة، وذلك الذي يدعى به مقدر؛ لأن كل شيء بقضاء وقدر، فالدعاء بطول العمر لا بأس به ولا مانع منه، ولا ينافي القدر، بل الله عز وجل قدر أن هذا يكون عمره طويلاً، وقدر أن هذا يكون عمره قصيراً، وقدر أن هذا له هذا الأجل، وهذا له هذا الأجل، ولا يعني ذلك: أن الدعاء بطول العمر أنه يغير العمر، بل الله عز وجل قدر العمر، وقدر أنه يدعى إذا كان الله عز وجل جعل ذلك هو السبب في طوله، يعني: في الدعاء، وقد جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن صلة الرحم تزيد في العمر، ولكن ليس معنى ذلك: أن الذي قدره الله وقضاه من العمر يغير ويبدل ويزاد، فالأعمار لا تزاد ولا تنقص، فهي كما قال الله عز وجل: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] ليس فيه تقدم، ولا تأخر عن الأجل المحتوم، ولكن الدعاء بطول العمر لا ينافي القضاء والقدر، فالله عز وجل قدر الأعمار، وقدر الآجال، وجعل لكل شيء سبباً، وقد يكون من الأسباب صلة الرحم كما جاء في الحديث، والله تعالى قدر أن هذا يطول عمره وقدر أن من أسباب ذلك أنه يصل رحمه، وليس معنى ذلك أنه قدر له أجل ثم غير الأجل؛ لأنه وصل رحمه، وإنما قدر أنه يصل رحمه، وقدر بأنه يطول عمره فكل منهما مقدر، وما جاء في حديث أم حبيبة رضي الله عنها، لما دعت الدعاء: (اللهم متعني بزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبـأبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: لقد سألت الله لآجال مضروبة، ولو سألت الله أن يدخلك الجنة، ويعيذك من النار لكان أولى) وهذا لا يدل على المنع، بل هذا يدل على الإرشاد إلى ما هو الأولى، وأن الدعاء بسؤال الجنة والسلامة من النار هذا هو الذي ينبغي، ولكنه لا مانع من الدعاء بطول العمر، والحديث لا يدل على المنع لقوله: (لقد سألت الله لآجال مضروبة) ودخول الجنة أيضاً مقدر، فالله تعالى قدر أن هذا يدخل الجنة، وقدر أن هذا يدخل النار، وقدر أسباباً تؤدي إلى تلك الأمور المقدرة التي قدرها الله عز وجل، والحديث الذي معنا ضعيف، لا يدل على ما جاء فيه الأمر فيما يتعلق الدعاء بطول العمر، ولا بالنسبة للغسل بالماء الحميم الذي هو البارد أو المنع منه، وإنما الأصل أنه يغسل بالماء سواء كان بارداً أو حاراً، ولكن لا يكون الحرارة الشديدة التي تضر الغاسل، وتضر الميت، ولا الماء البارد الذي يؤثر على الغاسل، ويجعله لا يتمكن من أداء مهمته كما ينبغي.

    تراجم رجال إسناد حديث: (... لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].

    هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث].

    هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه محدث أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن يزيد بن أبي حبيب].

    هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن].

    هو مولى أم قيس الأنصارية، وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.

    [عن أم قيس].

    هي أم قيس بنت محصن الأسدية أخت عكاشة بن محصن الأسدي وهي: صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087501681

    عدد مرات الحفظ

    772703722