إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. محاضرات الحج
  6. كتاب مناسك الحج
  7. شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب كيف التلبية) إلى (باب إهلال النفساء)

شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب كيف التلبية) إلى (باب إهلال النفساء)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام كيفية التلبية وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يبدأ بالتلبية إذا ركب على راحلته واستوت به في البيداء بذي الحليفة. ورخص النبي صلى الله عليه وسلم للحائض والنفساء الإهلال بالحج والعمرة والقيام بأعمال الحج عدا الطواف بالبيت والسعي فتؤجله إلى أن تطهر.

    شرح حديث ابن عمر في كيفية التلبية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف التلبية؟

    أخبرنا عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: إن سالماً أخبرني أن أباه رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهل يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وإن عبد الله بن عمر كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمةً عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات)].

    يقول النسائي رحمه الله: [كيف التلبية] أي: ما هي الكيفية التي يأتي بها في التلبية؟ يعني: ما هي صيغتها؟ وما هي كيفيتها؟ هذا هو المقصود من هذه الترجمة. وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يهل بهذه الكلمات: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

    وقوله: (كان يهل). أي: يرفع صوته بهذه التلبية؛ لأن رفع الصوت بها أو إظهارها في أول الأمر إعلانٌ أو إشعارٌ بالدخول في النسك؛ لأن الإنسان قبل أن يدخل في النسك لا يلبي، وإنما يلبي إذا دخل النسك، فيبدأ بالتلبية. فكون النبي صلى الله عليه وسلم أهل بقوله: (لبيك اللهم لبيك)، أي: أنه أظهر دخوله في النسك، وبدأ بالتلبية من حين دخل في النسك، فقال: (لبيك اللهم لبيك)، يأتي بها من ذلك الوقت الذي هو الدخول في النسك، ويستمر على هذه التلبية حتى يبدأ المعتمر بطواف العمرة، وأما الحاج فإنه ينتهي من التلبية عند رمي جمرة العقبة يوم العيد، فبداية التلبية عند الإحرام بعدما يحصل الإحرام، وعندما يبدأ بطواف العمرة ينهي التلبية، وإذا كان حاجاً فإنه يقطع التلبية عند رمي جمرة العقبة، وتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفيتها: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

    وقوله: (لبيك اللهم لبيك).

    (لبيك) هي كلمة يجيب بها المدعو لمن دعاه بأن يقول له: لبيك، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يناديهم النبي عليه الصلاة والسلام يقول الواحد منهم: لبيك يا رسول الله! لبيك، أي: إجابة لندائك ودعائك أو دعوتك أقول لك: لبيك، وهي كلمةٌ يجاب بها الجواب الحسن، يجيب بها المنادى بالجواب الحسن؛ لأنه عندما ينادى فيقول: لبيك، فهذا جوابٌ حسن من أحسن الجواب، وكان يمكن أن يقول: نعم، لكن كونه يقول: لبيك فإنه أحسن جواب، وقد جاء في الصحيح: ( أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان راكباً خلف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال له: يا معاذ ! فقال معاذ : لبيك يا رسول الله وسعديك! فسكت، ثم بعد قليل قال: يا معاذ ! فقال: لبيك يا رسول الله وسعديك! ثم قال: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ ... إلى آخر الحديث)، فهذا هو الجواب الذي يجيبه من دعي.

    وفيما يتعلق بالحج فإن الله تعالى دعا الناس إلى حج بيته الحرام، فمن وفقه الله عز وجل للمجيء لأداء هذا النسك ودخل فيه، فإنه يقول: لبيك اللهم لبيك، أي: إنك دعوتني لحج بيتك، ووفقتني للمجيء لأداء هذا النسك، فهو عندما يدخل في الإحرام يقول: لبيك اللهم لبيك، أي: دعوتني فأجبتك، دعوتني فأنا مجيبٌ لك، وملبٍ هذا الدعاء وهذا النداء، فلبيك اللهم لبيك، هذا هو معنى كون الإنسان يقول: لبيك اللهم لبيك، ومن المعلوم أن الإنسان يكون داخلاً في النسك بالإهلال، يعني بكونه ينوي الدخول في العمرة أو الحج أو بهما جميعاً ثم يلبي، ولا يلبي الإنسان قبل أن يدخل في النسك؛ لأن الإنسان إذا لبى فمعناه أنه دخل في النسك، اللهم إلا أن يكون مثلاً ناسياً أو كذا قبل أن يدخل فلا يعتبر محرماً، لكنه عندما ينوي الدخول في النسك ويعقد العزم بقلبه على أنه دخل في النسك فإنه يبدأ بالتلبية فيقول: لبيك اللهم لبيك.

    ولبيك هي كما عرفنا كلمة وتكرر في التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، أي: إجابةً بعد إجابة، وتكراراً للإجابة، ثم إن هذه التلبية مشتملة على التوحيد، وإخلاص العبادة لله عز وجل، والإنسان بمجرد ما يدخل في النسك يعلن التوحيد، وأن العبادة كلها لله؛ الحج لله، والصدقة لله، والصلاة لله، وكل شيءٍ لله، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ [الأنعام:162-163]. فهو عندما يدخل في النسك يعلن أنه مخلصٌ العبادة لله، وأن حجه لله، كما أن أعماله كلها لله عز وجل، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163].

    قوله: (لبيك اللهم لبيك) (اللهم) معناها: يا الله! يعني: لبيك يا ألله! ويقولون: إن أصلها (يا ألله) فحذفت (يا) وعوض عنها الميم في آخرها؛ لأن الميم عوضٌ عن (يا) للنداء، يا ألله! حذفت (يا) فجاء في آخرها ميم بدل (يا)، ولهذا يقولون: لا يجمع بين (يا) واللهم؛ لأن الميم عوضٌ عنها، فلا يجمع بين العوض والمعوض، بل إما العوض وإما المعوض، إما هذه وإما هذه، ولا يجتمعان إلا في ضرورة الشعر، ولهذا يقول ابن مالك:

    والأكثر اللهم بالتعويض وشذ يا اللهم في قريض

    يعني: في الشعر، والأكثر اللهم بالتعويض، يعني: أنها بدل (يا)، وشذ يا اللهم في قريض، يعني: في ضرورة الشعر.

    وقوله: (لا شريك لك)، لبيك يا ألله لا شريك لك، وهي تعادل لا إله إلا الله؛ لأن لا شريك لك تعادل لا إله، ولبيك يا ألله تعادل إلا الله؛ لأن لا إله إلا الله نفيٌ وإثبات، فهنا لا شريك: نفي، واللهم لبيك إثبات، ففيها معنى كلمة التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل، وأن الإنسان عندما يدخل في النسك يعلن إخلاصه هذه العبادة لله سبحانه وتعالى بهذه التلبية، (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك).

    ثم أتى بعد ذلك بالثناء على الله عز وجل، وأن الله تعالى هو المستحق للحمد، وهو مالك الملك، هو المستحق للحمد؛ لأنه ما من نعمة ظاهرة أو باطنة إلا وهي من الله سبحانه وتعالى: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53]، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، فالله تعالى هو المنعم المتفضل لجميع النعم ظاهرها وباطنها، وهو المحمود على نعمه وإفضاله، وهو المحمود على كل حال سبحانه وتعالى، (إن الحمد)، أي: أنت المستحق للحمد، وأنت صاحب الحمد، وأنت المتفضل بالنعمة، فأنت المنعم المحمود المتفضل بالنعم، والمستحق للحمد، وأنت المحمود على كل حال.

    والملك: يعني الملك لك، وأنت مالك الملك، فكما أن الله عز وجل هو المالك فهو الذي لا يستحق العبادة سواه، ولا يجوز أن يصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، بل يجب أن تكون العبادة كلها خالصةٌ لوجه الله لا شريك لله عز وجل فيها؛ لا شركة لغير الله عز وجل في العبادة، كما أنه لا شريك له في الملك، فلا شريك له في العبادة، فالمتصرف المنعم، مالك الملك، المتفضل بالنعم هو الذي يستحق الحمد، وهو المحمود، وهو الذي يخص بالعبادة ولا يشرك معه غيره؛ هذه هي تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث مشتملٌ على الكيفية التي عقد النسائي الترجمة لها بقوله: كيف التلبية؟

    قال: (وإن عبد الله بن عمر كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين، ثم إذا استوت به الناقة قائمةً عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات).

    ثم قال سالم بن عبد الله بن عمر الذي يروي الحديث عن أبيه، وكان عبد الله يقول: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بذي الحليفة ركعتين)، والمقصود من ذلك: أنه في حجته صلى ركعتين التي هي الظهر؛ لأنه عليه الصلاة والسلام جاء إلى ذي الحليفة قبل العصر، وصلى العصر فيها ركعتين، والمغرب ثلاثاً، والعشاء ركعتين، والفجر على ما هي عليه، والظهر ركعتين، ثم ركب ولبى بهذه الكلمات عندما استوت به راحلته، وهذا يدل على أن الإنسان يحرم عندما يركب بعدما يصلي في ذي الحليفة -إذا دخل وصلى- وإلا فإنه يمكن للإنسان إذا ذهب إلى مكة إذا حاذى مسجد ذي الحليفة أن يلبي ويدخل في النسك الذي يريده، ويلبي بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يصل، وإذا نزل وصلى -سواءً صلى فرضاً أو صلى ركعتين في ذلك المكان- فذلك أفضل؛ لأنه يدخل تحت قوله: (صل في هذا المكان المبارك وقل: عمرةٌ في حجة)، فكان عليه الصلاة والسلام يصلي ركعتين، ثم إذا استوت به راحلته لبى بهذه الكلمات.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في كيفية التلبية

    قوله: [أخبرنا عيسى بن إبراهيم ].

    هو: عيسى بن إبراهيم بن مثرود المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .

    [حدثنا ابن وهب ].

    هو: عبد الله بن وهب المصري ، ثقةٌ فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرني يونس].

    هو: يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن شهاب].

    هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري ، ثقةٌ فقيه، من صغار التابعين، مكثرٌ من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [إن سالماً].

    هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ثقةٌ فقيه، من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [أن أباه].

    هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي المشهور، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأنس بن مالك ، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.

    حديث ابن عمر في كيفية التلبية من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة قال: سمعت زيداً وأبا بكر ابني محمد بن زيد: أنهما سمعا نافعاً يحدث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)].

    أورد النسائي الحديث من طريقٍ أخرى، وفيه كيفية التلبية، وهي مثل التلبية في الطريق التي قبله.

    قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ].

    أحمد بن عبد الله بن الحكم ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي .

    [حدثنا محمد بن جعفر].

    محمد بن جعفر هو: غندر البصري ، ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا شعبة].

    هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقةٌ ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [سمعت زيداً وأبا بكر ابني محمد بن زيد].

    هما ابنا محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن محمد بن زيد ثقةٌ، أخرج حديثه مسلم والنسائي، وأما أخوه أبو بكر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر فهو أيضاً ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [سمعت نافعاً].

    نافع مولى عمر، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن عمر].

    وقد مر ذكره.

    حديث ابن عمر في كيفية التلبية من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)].

    أورد حديث ابن عمر من طريقٍ أخرى في بيان كيفية التلبية، وهو مثل الذي تقدم.

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قريةٌ من قرى بلخ من بلاد خراسان، وهو ثقةٌ ثبتٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن مالك].

    هو: مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع عن عبد الله بن عمر].

    وقد مر ذكرهما.

    وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند النسائي، وهو مشتمل على السلسلة التي يقال لها: السلسلة الذهبية، وهي أصح الأحاديث عند البخاري؛ فما كان فيه مالك عن نافع عن ابن عمر فهو أصح إسناد عند البخاري، وهذا الإسناد بهذه السلسلة.

    شرح حديث ابن عمر في كيفية التلبية من طريق رابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا أبو بشر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، وزاد فيه ابن عمر : لبيك لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل)].

    ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريقٍ أخرى، وهو مشتملٌ على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، ثم فيه أن ابن عمر -كان يزيد أو زاد يعني من عنده- كان يقول: (لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل)، وكان يلبي بها، وليست مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا من كلام ابن عمر ، ومن زيادة ابن عمر ، وكان يلبون بها والرسول صلى الله عليه وسلم يسمعهم ولا ينكر عليهم، لكن الشيء الذي ما زاد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو تلك التلبية التي جاءت عليها الروايات: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، هذه هي تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الزيادة التي كان ابن عمر يزيدها رضي الله عنه وأرضاه يؤتى بسعديك بعد لبيك، معطوفةً عليها، ولا يؤتى بسعديك وحدها في الجواب، وإنما يؤتى بلبيك وقد يؤتى معها بسعديك وقد لا يؤتى بها، فلا يؤتى بكلمة سعديك بدون لبيك، لا قبلها ولا مستقلةً عنها، فلا يقال: سعديك ولبيك، ولا يقال: سعديك بدون لبيك، وإنما يقال: لبيك وسعديك، فهي كلمةٌ تابعةٌ لكلمة لبيك يؤتى بها وراءها، وقد يؤتى بلبيك بدونها، وهي مثل كلمة بياك مع حياك، حياك الله وبياك في التحية، وتكون بعد رد السلام، يسلم ويجيب ذلك بالسلام ثم يقول: حياك الله وبياك، فكلمة بياك هذه لا تأتي مستقلة بنفسها، وإنما تأتي تابعة لحياك، وتأتي حياك بدون بياك، لكن بياك لا تأتي وحدها بدون حياك، فهي كلمةٌ تابعةٌ لكلمة حياك، كما أن سعديك تابعةٌ لكلمة لبيك.

    لبيك وسعديك، والرغباء إليك، والعمل والخير بيديك، الخير بيد الله عز وجل؛ فما من نعمة إلا وهي من الله، والرغباء، أي: الرغبة هي إلى الله عز وجل، إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ [التوبة:59]، فالرغبة إنما هي لله عز وجل، وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا [الأنبياء:90]، رغبةً فيما عند الله من الثواب، ورهبةً مما عند الله من العقاب، والرغب ضد الرهب، والترغيب ضد الترهيب، والعمل الأعمال هي لله عز وجل، وتكون من أجل الله، وخالصةً لوجه الله سبحانه وتعالى.

    وكلمة سعديك ما أذكر معناها بالضبط، لكن يقولون في معناها المطلق: ليس المضاف إلى الله عز وجل أنه إسعاداً بعد إسعاد، يعني إجابةً بعد إجابة، وإسعاداً بعد إسعاد، يعني والإسعاد من الله عز وجل وليس لله عز وجل؛ لا يضاف إليه الإسعاد لأنه هو المسعد، والإسعاد هو من الله عز وجل، فهي بالنسبة للشخص أو للذي يجاب أمرها واضح، وأما إضافته إلى الله عز وجل فإذا كان الإسعاد إسعادٌ من الله عز وجل فيستقيم المعنى.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في كيفية التلبية من طريق رابعة

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ].

    هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا هشيم].

    هو: هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقةٌ، كثير التدليس والإرسال الخفي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا أبو بشر].

    وهو: جعفر بن إياس المشهور بـابن أبي وحشية، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر].

    وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شقيق سالم بن عبد الله الذي مر ذكره في الأسانيد السابقة.

    [عن أبيه].

    هو: عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره.

    شرح حديث ابن مسعود في كيفية التلبية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا حماد بن زيد عن أبان بن تغلب عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (كان من تلبية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك)].

    أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو مشتملٌ على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنها أخصر من التلبية في حديث ابن عمر؛ لأنه ليس في آخرها كلمة: (لا شريك لك)، التي جاءت في آخر حديث ابن عمر، ولا فيها كلمة الملك، ما جاءت في حديث ابن مسعود.

    فلا أدري: هل هو اختصار، أو أن هذا هو الذي يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في كيفية التلبية

    قوله: [أخبرنا أحمد بن عبدة ].

    هو: أحمد بن عبدة الضبي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

    [حدثنا حماد بن زيد].

    هو: حماد بن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبان بن تغلب].

    وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن أبي إسحاق].

    وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الرحمن بن يزيد].

    هو: عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن مسعود].

    هو: عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    حديث أبي هريرة في كيفية التلبية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان من تلبية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لبيك إله الحق)، قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز. رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلاً].

    أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك إله الحق )، وهذا ثابت يعني بهذا الحديث: (لبيك إله الحق).

    قوله: [أخبرنا قتيبة ].

    قتيبة مر ذكره.

    [حدثنا حميد بن عبد الرحمن].

    هو: حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد العزيز بن أبي سلمة].

    هو: عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن الفضل].

    هو: عبد الله بن الفضل الهاشمي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الأعرج].

    وهو عبد الرحمن بن هرمز المدني، مشهورٌ بلقبه الأعرج، واسمه عبد الرحمن بن هرمز، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة].

    هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

    وقال في آخره: قال أبو عبد الرحمن : لا أعلم أحداً أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، ورواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلاً. فـعبد الله بن الفضل ثقة، وهو الذي جاء عن طريقه مسنداً.

    وقد خالف عبد الله بن الفضل إسماعيل بن أمية فرواه عن الأعرج مرسلاً، والنسائي لما ذكر هذا الحديث في السنن الكبرى قال: لم يسند هذا الحديث إلا عبد الله بن الفضل، وعبد الله بن الفضل ثقة، وقد خالفه إسماعيل بن أمية، يعني أن هذه المخالفة لا تؤثر؛ لأن ذاك ثقةٌ وقد أسنده، فالمعول على إسناده، وعلى كونه مسنداً ومتصلاً، وكونه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والضمير في (عنه) راجع إلى الأعرج لا إلى عبد الله بن الفضل، ويحتمل أن يكون إسماعيل بن أمية يروي عن عبد الله بن الفضل، لكن الذي في السنن الكبرى يقول: أسنده عبد الله بن الفضل وهو ثقة، وخالفه إسماعيل بن أمية، وهذه توضح ما في بعض النسخ، فهذا رواه عن الأعرج، وهذا رواه عن الأعرج.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088533503

    عدد مرات الحفظ

    777175731