إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. محاضرات الحج
  6. كتاب مناسك الحج
  7. شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب بناء الكعبة) إلى (باب موضع الصلاة من الكعبة)

شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب بناء الكعبة) إلى (باب موضع الصلاة من الكعبة)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن قريشاً قصرت بهم النفقة عند بناء البيت فلم يبنوه على قواعد إبراهيم من جهة الركنين الشاميين، وقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة وصلى ركعتين بين الساريتين.

    شرح حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [بناء الكعبة.

    أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام، فقلت: يا رسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم عليه السلام؟ قال: لولا حدثان قومك بالكفر، فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أرى ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام)].

    أورد النسائي بناء الكعبة، يعني: الإخبار عن بنائها، وعما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، في كيفية بنائها، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم)، يعني: قصرت بهم النفقة فلم يبنوها كلها، من أولها إلى آخرها، وإنما اقتطعوا قطعة وأخرجوها منها، وهي: الحجر؛ لأن الحجر من الكعبة، ولهذا لا يجوز الطواف من داخل الحجر؛ لأن من يطوف به يطوف في وسط الكعبة، فلا يطوف بالكعبة كلها؛ لأن الكعبة هي المبنية الآن، والحجر الذي وضع جدار من أجل يرشد إليه، ويدل عليه، والطواف يكون من وراءه، والطواف لا بد أن يكون بالكعبة كلها، والكعبة على قواعد إبراهيم، يدخل فيها الحجر أو أكثر الحجر، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال لـعائشة: (أن قومك -أي: قريش- لما بنوا الكعبة اقتصروا)، يعني: قصروا ولم يوصلوها إلى نهايتها، فتركوا قطعةً من جهة الحجر، هي التي وضع الحجر، وهو ذلك الجدار القصير الذي يشعر بأن ما دونه من الكعبة، أو أن أكثر ما دونه من الكعبة.

    (قالت: ألا تجعلها على قواعد إبراهيم؟) يعني: ألا تعيد بناءها أنت وتبنيها على قواعد إبراهيم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (لولا حدثان قومك بالكفر)، يعني: لولا أنهم حديثوا عهد بالكفر، لفعلت هذا، لكنه عليه الصلاة والسلام، ترك ذلك درءاً لهذا الذي خافه عليه الصلاة والسلام، وهو أن يحصل منهم شيء كراهية وهم حدثاء عهد بالإسلام، وأنه يصعب عليهم التغيير، يعني ذلك الذي عهدوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، ترك ذلك، ولهذا أخذ العلماء من هذا الحديث دليل على قاعدة وهي: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأنه يبدأ بالأهم فالأهم، وإذا كان الأهم دفع المفسدة، فإنها تقدم على جلب المصلحة؛ لأن المصلحة هي بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، والمفسدة هي ما يحصل لهم وهم حديثوا عهد بكفر من أن تنكر ذلك قلوبهم، وأن يستعظموا ذلك ويحصل عندهم شيء بسبب ذلك؛ لأنه خلاف المألوف عندهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، وأبقاها على ما هي عليه من بناء قريش، وبين عليه الصلاة والسلام، السبب الذي منعه من ذلك، ولهذا أخذ منه العلماء الدليل على هذه القاعدة وهي أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

    ثم إن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما بلغه هذا الحديث عن عائشة قال: (لئن كانت عائشة سمعت ذلك من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن النبي عليه الصلاة والسلام، لم يترك استلام الركنين الآخرين إلا لأنهما لم يكونا على قواعد إبراهيم)، ذلك أن نهاية الكعبة من جهة الحجر ليس نهايتها، بل نهايتها هي في الحجر، نهاية الكعبة من جهة الشمال، ومن جهة الميزاب، أو من جهة الحجر، ليست هذان الركنان الموجودان، هذان في أثناء الكعبة، وإلا فإنها تمتد إلى جهة الشمال، يعني مسافةً قيل: إنها مقدار سبعة أذرع أو زيادة، أي: قسماً كبيراً من الحجر، هو من الكعبة وفيه قواعد إبراهيم، يعني في أسفل الأرض قواعد إبراهيم، يعني تصل إلى ذلك الحد، وقريش قصرت بهم النفقة فاقتصروا على بعض الكعبة، وتركوا ذلك الجزء الذي يدخل فيه الحجر؛ ولهذا فالحجر من الكعبة، ومن صلى في الحجر كأنه صلى في الكعبة؛ لأن أرض الحجر من الكعبة؛ ولهذا لا يجوز الطواف من داخل الحجر، وإذا حصل الطواف من داخل الحجر فإنه يبطل؛ لأن الكعبة ليست هي البناية الموجودة فقط، بل يدخل معها الحجر أو أكثر الحجر.

    وقول عبد الله بن عمر: (لئن كانت عائشة سمعت ذلك)، ليس شك في سماعها، وإنما هذا مما يستعملونه من باب التقرير والتأكيد، ثم أيضاً قيل: إن عبد الله بن عمر ما سمعه من عائشة، وإنما سمعه من واسطة، فالاحتمال، والشك إنما يكون في تلك الواسطة، لكن الأولى والأصح في معنى ذلك أن هذا مما يستعمله، أي: يستعملونه للتأكيد وليس للشك.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم

    قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].

    هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    الحارث بن مسكين].

    هو المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [عن ابن القاسم].

    وهو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.

    [حدثني مالك].

    وقد مر ذكره.

    [عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله].

    وقد مر ذكرهما.

    [عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق].

    وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.

    [عن عائشة].

    وقد مر ذكرها.

    شرح حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبدة وأبو معاوية قالا: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت البيت فبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام، وجعلت له خلفاً، فإن قريشاً لما بنت البيت استقصرت)].

    فالترجمة عند النسائي هي: بناء الكعبة، والمقصود ببناء الكعبة: الإخبار عما كانت عليه من قبل، ثم ما همّ به النبي عليه الصلاة والسلام من بنائها على قواعد إبراهيم، وما منعه من ذلك كون الذين أسلموا عام الفتح حديث عهد بالكفر، وأنه خشي أن يحصل لهم ضرر بسبب ذلك، وألا تحتمل عقولهم ما يحصل من التغيير؛ لأنهم قد ألفوا أن الكعبة باقية على ما هي عليه، فالتغيير فيها قد يكون فيه شيء في نفوسهم، ويؤثر ذلك على عقولهم وعلى ما ألفوه، وترك عليه الصلاة والسلام الكعبة على ما هي عليه، وأخبر عن الذي منعه من بنائها على قواعد إبراهيم، وأخبر أن قريشاً لما بنوها قصرت بهم النفقة فاختصروها، وتركوا قطعةً منها من جهة الشمال خارج الكعبة، وهي جزء من الكعبة مقدار خمسة أذرع تقريباً، وهي من الحجر، وجعل الحجر ذلك الجدار الذي تدخل تحته تلك القطعة التي هي من الكعبة، والتي لا يجوز أن يطوف الإنسان من داخلها؛ لأنه لا يطوف بالكعبة كلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك الكعبة على ما هي عليه، وكان بعضها خارج البنيان، وليس ذلك البنيان على قواعد إبراهيم من جهة الشمال، بسبب كون النفقة قصرت عليهم فلم يبنوها على قواعد إبراهيم.

    وقد عرفنا أن هذا الحديث يدل على قاعدة من قواعد الشريعة وهي: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فهذا الحديث من أوضح الأدلة التي يستدل بها على هذه القاعدة الشرعية، وذلك أن بناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة، وهذا الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم مفسدة، وقد ترك بناءها على قواعد إبراهيم أخذاً بدرء المفسدة، وتقديمها على جلب المصلحة.

    وقد مر في الحديث: أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستلم الركنين الآخرين؛ لأنهما لم يبنيا على قواعد إبراهيم، ومن المعلوم: أن السنة ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام باستلام الحجر الأسود، والركن اليماني الذي قبل الحجر الأسود عندما يطوف الإنسان بالكعبة، فهذان هما الركنان اللذان يمسحان، وما سواهما، فإنه لا يمسح؛ لاقتصار النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عليهما.

    ثم قد جاء في الحديث السابق عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: إن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق حدث عبد الله بن عمر، وهذا الذي أشار إليه سالم، فهو من تحديث التابعين للصحابة؛ لأن عبد الله بن محمد بن أبي بكر هو من التابعين، وقد حدث عبد الله بن عمر عن عائشة، فتحديثه، هو من رواية الصحابة عن التابعين، وأخذ الصحابة عن التابعين، وهو الذي يقولون له في علم المصطلح: رواية الأكابر عن الأصاغر، والحديث هو من رواية سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، عن عائشة، لكن فيه أن عبد الله بن محمد حدث عبد الله بن عمر، وهو ليس من رجال الإسناد عبد الله بن عمر؛ لأن الإسناد عن سالم عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر عن عائشة، فتحديثه إياه من قبيل تحديث التابعين للصحابة، وهو تحديث الأصاغر للأكابر، ورواية الأكابر عن الأصاغر.

    وأورد النسائي بعد ذلك حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مختصر، ودال، ومشتمل على ما اشتملت عليه الطريق الأولى من جهة إخبار النبي عليه الصلاة والسلام عائشة أن كون قومها حديث عهد بالكفر، وأنه منعه ذلك من هدم الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم، وأخبر أن قريشاً عندما بنوها اقتصروا على بعضها، وتركوا قطعةً منها خارجها، وهي القطعة التي في الحجر، والحجر اشتهر على ألسنة كثير من العوام أنه حجر إسماعيل، وهو لا علاقة له بإسماعيل، وليس حجراً لإسماعيل؛ لأن هذا الحجر إنما حصل في زمن قريش، وهم الذين أخرجوا هذه القطعة، ووضعوا هذا الجدار حتى يدل على هذه القطعة من جملة الكعبة.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

    هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً.

    [حدثنا عبدة].

    هو عبدة بن سليمان الكلابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    أبي معاوية].

    هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا هشام].

    هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه].

    وهو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها الشيء الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود ومحمد بن عبد الأعلى عن خالد عن شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود: أن أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لولا أن قومي -وفي حديث محمد: قومك- حديث عهدٍ بجاهلية لهدمت الكعبة، وجعلت لها بابين، فلما ملك ابن الزبير جعل لها بابين)].

    أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم، وفيه أن الكعبة عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن همه بهدمها، ولولا ما منعه من حداثة عهد قريش بالكفر، وأنهم حديث عهد بالإسلام، وعهدهم بالجاهلية قريب، وأنه سيجعل لها بابين، ويلزقهما بالأرض، أحدهما في مكان الباب الموجود، ولكنه لاصق بالأرض، والثاني في الجهة المقابلة له فيكون باب للدخول وباب للخروج، هذا هو الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام مما هم به، ولكنه ترك ذلك خشية الذي أخبر به عائشة، وحديث عائشة رضي الله عنها ذكره النسائي هنا من طريق شيخين: إسماعيل بن مسعود، ومحمد بن عبد الأعلى، فـإسماعيل بن مسعود قال: [قومي]. ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: [قومك]، يعني: أن العبارة التي جاءت عن محمد بن عبد الأعلى غير العبارة التي جاءت عن إسماعيل بن مسعود، هذا قال: قومي وهذا قال: قومك، وهما قومهم جميعاً، وهذا هو الفرق بينهما، ولما ملك ابن الزبير هدم الكعبة، وبناها على قواعد إبراهيم وجعل لها بابين، ثم لما جاء الحجاج، وقتل ابن الزبير رضي الله تعالى عنه فهدم الكعبة وأعادها على ما كانت عليه في عهد قريش.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما همّ به النبي من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق ثالثة

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري].

    وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    [عن خالد].

    هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي إسحاق].

    وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الأسود].

    هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    عائشة، وقد مر ذكرها.

    شرح حديث عائشة فيما همّ به الرسول من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق رابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا جرير بن حازم حدثنا يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: (يا عائشة، لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: باباً شرقياً، وباباً غربياً، فإنهم قد عجزوا عن بنائه، فبلغت به أساس إبراهيم عليه السلام، قال: فذلك الذي حمل ابن الزبير على هدمه، قال يزيد: وقد شهدت ابن الزبير حين هدمه، وبناه وأدخل فيه من الحجر، وقد رأيت أساس إبراهيم عليه السلام حجارة كأسنمة الإبل متلاحكة)].

    أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه التفصيل لما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولما فعله ابن الزبير رضي الله تعالى عنه، هو مثل ما تقدم من بيان هم النبي صلى الله عليه وسلم بهدم الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم، وبيان السبب الذي منعه من ذلك، وهو كون قريش حديث عهد بالجاهلية، وأن قريشاً لما بنتها اقتصرت على بعضها، وتركت قطعةً منها من الحجر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا هدمها يبينها على قواعد إبراهيم، ويجعل لها باباً شرقياً، وباباً غربياً، وأن هذا هو الذي حمل ابن الزبير عندما سمع هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، هدم الكعبة، وبناها على الوصف الذي ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها، ويقول يزيد بن رومان: إنه قد رأى الكعبة لما هدمها ابن الزبير وحفر أسسها، ورأى قواعد إبراهيم، وأنها حجارة كأسنمة البخت متلاحكة، أي: أنها متماسكة ومتلاصقة، وشديد الاتصال بعضها ببعض، ثم إن الحجاج أعادها على ما كانت عليه في زمن قريش.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة فيما همّ به الرسول من بناء الكعبة على قواعد إبراهيم من طريق رابعة

    قوله: [أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام].

    هو: عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وهو لا بأس به، ولا بأس به تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا يزيد بن هارون].

    هو: يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا جرير بن حازم].

    هو: جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا يزيد بن رومان].

    يزيد بن رومان، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عروة عن عائشة].

    وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)].

    أورد النسائي حديث هدم الكعبة على يد الحبشي الذي يكون في آخر الزمان، قد قال عليه الصلاة والسلام: [(يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)]، وذلك في آخر الزمان، فإنه يقوم بهدمها، ووصفه بأنه ذو السويقتين، والسويقتين تثنية سويقة، وهي تصغير ساق، وهو إشارة إلى ساقيه، وأنهما دقيقتان، فهذا وصفه، وهذه صفة ساقيه، وقد جاء في بعض الأحاديث: (كأني به يقلعها حجراً حجراً)، وهذا فيه إخبار عن أمر مستقبل، وهو مما يجري في آخر الزمان، حيث يهدمها، ويقلعها حجراً حجراً كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سفيان].

    هو: سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن زياد بن سعد].

    هو: زياد بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الزهري].

    هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن سعيد بن المسيب].

    وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي هريرة].

    هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088536550

    عدد مرات الحفظ

    777191198