إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. محاضرات الحج
  6. كتاب مناسك الحج
  7. شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة) إلى (باب الإيضاع في وادي محسر)

شرح سنن النسائي - كتاب مناسك الحج - (باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة) إلى (باب الإيضاع في وادي محسر)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من تيسير الله على عباده أن الحاج إن صلى الصبح في يوم العيد بمزدلفة وكان قد وقف بعرفة فقد تم حجه، وأن مزدلفة كلها موقف، وأن الإفاضة تكون قبل طلوع الشمس، وأذن للضعفة أن يصلوا الصبح بمنى يوم النحر.

    شرح حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة.

    أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان عن إسماعيل وداود وزكريا عن الشعبي عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقفاً بالمزدلفة، فقال: من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه)].

    يقول النسائي رحمه الله: باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة. مقصود النسائي من هذه الترجمة أن إدراك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف بعرفة من ليل أو نهار، أنه أتى بما هو مطلوب منه على وجه حسن، وقد أورد النسائي حديث عروة بن مضرس رضي الله تعالى عنه، وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ووجده واقفاً بالمزدلفة، يدعو بعد صلاة الصبح، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن إدراكه الحج، وهل هو مدرك للحج؟ وكان قد جاء متأخراً، وذهب إلى عرفة، ووقف وتنقل من مكان إلى مكان؛ لأنه يريد أن يكون مدركاً الحج، وسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن حجه، فقال عليه الصلاة والسلام: (من صلى معنا وأقام معنا ها هنا، وكان وقف قبل ذلك بعرفة من ليلٍ أو نهار، فقد تم حجه)، ومعنى هذا: أن الوقوف بعرفة هو الركن الذي لا بد منه، وأن له وقت ينتهي بطلوع الفجر ليلة النحر، وأن من فاته الوقوف بعرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد فاته الحج، ولم يدرك الزمان الذي يكون به واقفاً بعرفة لو وقف بها، ومن كان كذلك، أي: محرماً بالحج وقد فاته الحج، فإنه يتحلل بعمرة، ويتحول إلى عمرة، ويطوف، ويسعى، ويحلق.

    فإن الوقوف بعرفة هو الركن الذي لا يمكن تداركه إذا فات؛ لأن له وقتاً محدداً وهو طلوع الفجر ليلة النحر، سواءً وقف بليل أو نهار، لكنه إذا وقف في النهار، فإن عليه أن يبقى إلى الغروب، ولو خرج قبل الغروب صح وقوفه وأدى الركن، ولكن عليه فدية؛ لأنه ترك الواجب الذي هو البقاء حتى الغروب، ولو جاء متأخراً ولم يصل إلى عرفة في النهار، بل وصل إليها بعد الغروب في ليلة العيد ليلة النحر، فإنه يكون مدركاً الوقوف؛ لأن الوقوف نهايته طلوع الفجر ليلة العيد، وأما أوله ففيه خلاف بين أهل العلم، فالجمهور على أنه من الزوال يوم عرفة، وبعض العلماء قال: إن النهار كله ما كان قبل الزوال، وما كان بعده، فإنه وقت للوقوف، والذين قالوا: بأن الوقوف يبدأ من الزوال استدلوا بفعله عليه الصلاة والسلام، فإنه لم يقف بعرفة إلا بعد الزوال، وقد قال: (خذوا عني مناسككم)، ومن قال: إنه يصح الوقوف قبل الزوال، استدل بحديث عروة بن مضرس هذا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وكان وقف بعرفة قبل ذلك من ليلٍ أو نهار)، فقوله: (من ليلٍ أو نهار)، يدل على أن الوقوف في أي وقت من النهار، أي: نهار عرفة، سواءً كان قبل الزوال أو بعده، فإنه يكون مدركاً الوقوف بعرفة.

    ثم إن بعض أهل العلم ذهب إلى أن المبيت بمزدلفة ركن، ويستدل على ذلك بما جاء في هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى صلاتنا، ووقف قبل ذلك بعرفة بليلٍ أو نهار)، ولكن الصحيح أنه ليس بركن، بل هو واجب، وأن الصلاة مع الإمام أو الصلاة بالمزدلفة ليلة العيد ليست متعينة، بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للضعفة من النساء والصبيان أن يصرفوا آخر الليل، ويصلوا الصبح بمنى، فلو كانت الصبح بالمزدلفة متعينة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخص لهؤلاء الذين هم الضعفة من النساء والصبيان، فدل ترخيصه للضعفة من النساء والصبيان على أن صلاة الصبح بالمزدلفة ليست بركن؛ لأن الركن لا يترك في حق أحد، بل هو لازم في حق الجميع، ولما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تركه في حق البعض، وهم الضعفة من النساء والصبيان، دل على أنه ليس بلازم، وأن من انصرف آخر الليل إلى منى، فإن له ذلك إذا كان من الضعفة من النساء والصبيان ومن يرافقهم.

    [عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واقفاً بالمزدلفة، فقال: من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه)].

    قوله: [(تم حجه)]، يعني: على وجه حسن، وليس معنى ذلك أن ما تقدم أو ما ذكر أنها أركان، وأن المبيت بمزدلفة ركن، بل الركن هو عرفة الذي جاء في حديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، وأما المبيت بمزدلفة فليس الدلالة عليه واضحة بما أشرت إليه، وذكرته من الترخيص للضعفة من النساء والصبيان، وهنا ذكر تمام الحج، أي: أنه حصل الشيء الذي لا بد منه وهو الوقوف بعرفة، والذي له وقت محدد إذا فات فات لا يمكن تداركه، وما عدا ذلك من الأركان كطواف الإفاضة، والسعي لمن كان عليه سعي، فإنه لا يفوت، ويمكن أن لو ترك فإنه يتدارك، وأما الوقوف بعرفة فإنه إذا فات الوقت لا يمكن تداركه.

    تراجم رجال إسناد حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة

    قوله: [أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن].

    هو: سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.

    [حدثنا سفيان].

    وهو: سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وسفيان هنا غير منسوب، والمراد به ابن عيينة، ولا يحتمل أن يكون الثوري ؛ لأن الثوري متقدم الوفاة؛ فقد توفي سنة مائة وواحد وستين، وعلى هذا عندما يأتي في شيوخ النسائي من يروي عن سفيان غير منسوب فإنه يحمل على ابن عيينة، ولا يحمل على الثوري ؛ لأنهم ما أدركوه، فيكون الحمل على الإطلاق على سفيان بن عيينة عندما يروي عنه شيخ من شيوخ النسائي، فعندما يروي عن سفيان غير منسوب شيخ من شيوخ النسائي فإنه يحمل على أنه ابن عيينة.

    [عن إسماعيل].

    هو: إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    داود].

    هو: داود بن أبي هند، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    زكريا].

    هو: زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشعبي].

    هو: عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بهذه النسبة الشعبي، ويأتي ذكره أحياناً باسمه فيقال: عامر بدون أن يضاف إليها شيء، فلا يلتبس على من يعرف أن الشعبي هو عامر، حيث يذكر الشعبي في بعض الأحيان، ويذكر لفظ عامر في بعض المواضع، فإن الشعبي هو عامر بن شراحيل، يأتي ذكره باسمه أحياناً فيقال: عامر، ويأتي ذكره بهذه النسبة التي هي الشعبي.

    [عن عروة].

    هو: عروة بن مضرس الطائي، صحابي له في الكتب السنن الأربعة هذا الحديث الواحد المتعلق بالحج، أن عروة بن مضرس صحابي، وهو من طيء، وليس له في الصحيحين شيء، وله في السنن الأربعة هذا الحديث الواحد.

    شرح حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة حدثني جرير عن مطرف عن الشعبي عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أدرك جمعاً مع الإمام والناس حتى يفيض منها فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدرك)].

    هذا الحديث فيه اختصار أو هذه الرواية عن عروة بن مضرس فيها اختصار؛ لأنه ما ذكر الذي لا بد منه كما ذكر في بعض الروايات وهي الوقوف بعرفة، وقوله: [(من أدرك جمعاً مع الإمام حتى يفيض فقد أدرك، وإلا فإنه لم يدرك)]، المقصود أنه أدرك تمام الحج، أو تمام النسك، وليس المقصود من ذلك: أنه يفوته الحج لو لم يدرك الصلاة مع الإمام؛ لأننا قد عرفنا أن هذا ليس من الأركان، وأن الدليل على ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من النساء والصبيان ينصرفوا آخر الليل)، والركن لا يرخص لأحد فيه، بل لا بد من الإتيان به من كل حاج، وعلى هذا فالحديث فيه اختصار، وتمامه ما جاء في الروايات الأخرى من بيان ما يكون به الحج، ألا وهو الوقوف بعرفة، حيث يسبق بقاء بمزدلفة أو صلاة بمزدلفة، بأن يقف في ليل أو نهار من يوم عرفة وليلة العيد، أي: إلى طلوع الفجر، وإذا طلع الفجر دون أن يقف بعرفة فإنه فاته الحج.

    تراجم رجال إسناد حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].

    هو: محمد بن قدامة، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [حدثني جرير].

    هو: جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن مطرف].

    هو: مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشعبي عن عروة].

    وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن الحسين حدثنا أمية عن شعبة عن سيار عن الشعبي عن عروة بن مضرس رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجمع، فقلت: يا رسول الله، إني أقبلت من جبلي طيئٍ لم أدع حبلاً إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى هذه الصلاة معنا، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه)].

    أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من جهة أن من صلى مع الإمام بالمزدلفة، وكان قبل ذلك وقف بعرفة، أنه تم حجه، وقضى تفثه.

    وفي الحديث إشارة إلى ما صنعه عروة بن مضرس قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: (ما تركت حبلاً إلا وقفت عليه)، والمقصود بالحبل: هو الكثيب من الرمل، المكان المرتفع من الرمل، سواءً كان مستطيلاً أو واقفاً، يقال: إن الحبل من الرمل كالجبل من الصخور والحجارة، إلا أن ذاك جبل يكون من الحجارة والصخور، وهذا حبل من الرمال، وهو شيء مرتفع إلا أنه رمل، والجبل مرتفع إلا أنه حجارة وصخور، فالرمل يقال له: حبل، المكان المرتفع من الرمل يقال له: حبل، ويقال لها: حبال.

    وعروة بن مضرس رضي الله عنه يقول: (ما تركت حبلاً من الحبال إلا وقفت عليه)، يعني: ما رأى مكاناً مرتفع من هذه الرمال البارزة العالية إلا وقف؛ لأنه يريد أن يدرك الوقوف، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك حتى يسير معه، وحتى يقتدي به، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاه جواباً عاماً، أعطى جواباً عاماً: (أن من صلى صلاتنا، وكان وقف قبل ذلك بعرفة، فقد قضى حجه أو تم حجه، وقضى تفثه)، فقوله: (تم حجه) بمعنى: أنه سلم من فوات الحج، وكذلك أيضاً أتى بالحج على وجه حسن؛ لأنه وقف بالمزدلفة، لكن الأمر كما قلت: أن المبيت بالمزدلفة، والصلاة مع الإمام بالمزدلفة ليس بركن.

    وقوله: [(وقضى تفثه)]، أي: بلغ الحد الذي به يمكن أن يتخلص من الأشياء التي كان ممنوعاً منها بسبب الإحرام، كالحلق أو التقصير، وتقليم الأظفار، وإزالة الأدران، وذلك أنه وصل إلى الحد الذي يمكن أن ينتهي من هذه الأمور، وذلك إنما يكون بعد رمي الجمرة جمرة العقبة يوم العيد، أي: أنه وصل إلى هذا الحد أو قارب هذا الحد، وذلك بوصوله إلى منى ورمي الجمرة، وقد عرفنا فيما مضى أنه يجوز تقديم أعمال يوم النحر الأربعة التي هي: الرمي، والحلق، والنحر، والطواف بعضها على بعض.

    تراجم رجال إسناد حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق ثالثة

    قوله: [أخبرنا علي بن الحسين].

    هو: علي بن الحسين الدرهمي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

    [حدثنا أمية].

    هو: أمية بن خالد، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [عن شعبة].

    هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن سيار].

    هو: سيار أبو الحكم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشعبي عن عروة].

    وقد مر ذكرهما.

    حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة عن عبد الله بن أبي السفر سمعت الشعبي يقول: حدثني عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجمع فقلت: هل لي من حج؟ فقال: من صلى هذه الصلاة معنا، ووقف هذا الموقف حتى يفيض، وأفاض قبل ذلك من عرفات ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه، وقضى تفثه)].

    أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    إسماعيل بن مسعود وهو: أبو مسعود البصري، هو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا خالد].

    هو: خالد بن الحارث البصري، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    شعبة، وقد مر ذكره.

    [عن عبد الله بن أبي السفر].

    هو: عبد الله بن أبي السفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

    [سمعت الشعبي عن عروة].

    وقد مر ذكرهما.

    حديث عروة فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن إسماعيل أخبرني عامر أخبرني عروة بن مضرس الطائي رضي الله عنه أنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: أتيتك من جبلي طيئٍ أكللت مطيتي، وأتعبت نفسي، ما بقي من حبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال: من صلى صلاة الغداة ها هنا معنا وقد أتى عرفة قبل ذلك، فقد قضى تفثه وتم حجه)].

    أورد النسائي حديث عروة بن مضرس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا يحيى].

    هو: يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن إسماعيل].

    وهو: إسماعيل بن أبي خالد، وقد مر ذكره.

    [أخبرني عامر أخبرني عروة].

    عامر الشعبي، وهنا ذكره باسمه عامر، وفي المواضع الماضية بذكر الشعبي، وعامر هو الشعبي، والشعبي هو عامر، لا فرق بين كونه يذكر بلفظ عامر في بعض الروايات ويذكر في بعض الروايات، بـالشعبي، هذا هو هذا وهذا هو ذاك، لا فرق بينهما، عن عامر عن عروة، وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (الحج عرفة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني بكير بن عطاء سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: (شهدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعرفة، وأتاه ناس من نجد، فأمروا رجلاً فسأله عن الحج؟ فقال: الحج عرفة، من جاء ليلة جمعٍ قبل صلاة الصبح فقد أدرك حجه، أيام منى ثلاثة أيام، من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه، ثم أردف رجلاً فجعل ينادي بها في الناس)].

    أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله تعالى عنه، وفيه أن جماعةً من أهل نجد طلبوا من رجل أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحج فقال: [(الحج عرفة)]، يعني: أن الركن الأعظم أو الركن الذي يفوت الحج بفواته هو عرفة، وليس معنى ذلك أن الحج كله عرفة، وأنه ليس هناك شيء آخر سواه، بل هناك أركان أخرى غير الوقوف بعرفة، وهي: الإحرام بالحج الذي هو النية، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، هذه أركان الحج الأربعة التي لا بد منها، لكن الركن الأول الذي هو الإحرام العمل ينبني عليه؛ لأنه لا بد من النية، ولا بد من الدخول في النسك، والذي يفوت الحج بفواته هو الوقوف بعرفة، والطواف والسعي لا يفوت الحج بفواتهما، فلو ذهب إلى بلاده جاهلاً أو ناسياً، يرجع ويأتي بهما، لكن إذا فاته الوقوف بعرفة وطلع الفجر يوم عرفة لا مجال للحج هذه السنة؛ لأن الحج قد فات، وفات زمنه ووقته، [(الحج عرفة)]، وهذا من جنس قوله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)، مع أن الدين شيء غير النصيحة، لكن هذا يبين أهمية النصيحة، وأهمية الوقوف بعرفة.

    ثم قال: (من جاء ليلة جمع)، يعني: إلى عرفة، (من جاء ليلة جمعٍ قبل صلاة الصبح)، يعني: من جاء إلى عرفة ليلة جمع، أي ليلة المزدلفة ليلة النحر فقد أدرك الحج، يعني المقصود أنه من جاء إلى عرفة، ووقف بها قبل طلوع الفجر ليلة النحر، [(من جاء ليلة جمعٍ)]، أي المقصود به: المجيء إلى عرفة، ليلة العيد قبل أن يطلع الفجر، وقبل أن ينتهي وقت الوقوف الذي هو طلوع الفجر فقد (أدرك حجه)، يعني: لم يفوته الحج، ومن طلع الفجر عليه وهو لم يصل إلى عرفة فاته الحج، ويتحول إلى عمرة.

    قوله: [(أيام منى ثلاثة أيام، من تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)]، أيام منى المقصود بها: أيام التشريق التي هي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ويوم النحر هو من أيام منى، ولكنه لم ينص عليه؛ لأن له أعمال غير أعمال أيام منى الثلاثة؛ لأن أيام منى الثلاثة فيها المبيت، وفيها الرمي، وأما يوم النحر ففيه أعمال متعددة، فيه رمي الجمرة الكبرى، والحلق، والتقصير، والنحر، والطواف، فليس مقصوراً على النحر، بل فيه نحر، وغير نحر، فالثلاثة الأيام التي من تعجل في يومين منها لا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه أيضاً، ويوم النحر ليس منها، فبعض الناس يفهم خطأ فيقول: (من تعجل في يومين)، فيحسب يوم العيد، ويوم الحادي عشر، وإنما المقصود ثلاثة أيام تبدأ من الحادي عشر، خارجة عن يوم العيد، وأيام الذبح أربعة: يوم العيد، وأيام التشريق الثلاثة، لكن قيل عن أيام منى الثلاثة؛ لأن يوم العيد يختلف عنها بوجود أعمال أخرى فيه؛ ولأن الرمي في الأيام الثلاثة يختلف عن رمي يوم العيد؛ لأن رمي العيد ما فيه إلا جمرة العقبة، والأيام الثلاثة كلها ترمى الجمرات الثلاث كلها، ولهذا الأيام الأربعة التي هي أيام الذبح يوم النحر، فأيام منى الثلاثة: يوم القر الذي هو يوم إحدى عشر، وهو استقرار الناس بمنى، ويوم النفر الأول الذي هو التعجل، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203]، يوم إحدى عشر واثنا عشر، والثالث الذي هو النفر الثاني لمن أراد أن يتأخر، وقد جاء ذكر ذلك في القرآن: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203]، والتأخر أفضل من التعجل؛ لأن فيه زيادة عمل يثاب الإنسان عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم تأخر، ولم يتعجل عليه الصلاة والسلام.

    قوله: [(فجعل ينادي بها في الناس)]، يعني: بهذا الكلام الذي قاله عليه الصلاة والسلام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (الحج عرفة ...)

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى القطان].

    وقد مر ذكرهما.

    [حدثنا سفيان].

    هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثني بكير بن عطاء].

    هو: بكير بن عطاء الليثي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن.

    [سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلي].

    وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.

    شرح حديث: (المزدلفة كلها موقف)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فحدثنا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المزدلفة كلها موقف)].

    أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المزدلفة كلها موقف)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في المكان الذي وقف فيه، وهو عند مكان المسجد الموجود بمزدلفة وقال: (وجمعٌ كلها موقف)، يعني معناه: ليس الوقوف منحصراً في هذه البقعة التي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل ما قال في عرفة: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، وارفع عن بطن عرنة)، ثم في مزدلفة قال: (جمعٌ كلها موقف)، أو (المزدلفة كلها موقف)، وليس الموقف منحصراً في البقعة التي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضاً في النحر في منى، نحر في مكان معين من منى وقال: (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر)، يعني معناه: ما هو البقعة التي حصل فيها الفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحصر الحكم فيها، كما قال ذلك في النحر في منى، وقال ذلك في مزدلفة، وقال ذلك بعرفة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (المزدلفة كلها موقف)

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].

    هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا يحيى بن سعيد].

    هو: يحيى بن سعيد القطان، مر ذكره.

    [حدثنا جعفر بن محمد].

    هو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الملقب الصادق، وهو صدوق، فقيه، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [حدثني أبي].

    هو: محمد بن علي بن الحسين الملقب الباقر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهذان إمامان من أئمة أهل السنة، من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل السنة والجماعة يتولون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها، ويحبون من كان منهم صحابياً لصحبته للرسول صلى الله عليه وسلم، ولقربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن كان منهم تابعياً، أو تابع تابعي، أو من وراء ذلك، وكان مؤمناً تقياً، فإنهم يحبونه لتقواه، ويحبونه لقربه من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، هذه طريقة أهل السنة والجماعة في أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمنين المتقين، أما الرافضة فإنهم يغلون في الأئمة الإثني عشر الذين منهم هاذان الإمامان الجليلان وهما: جعفر بن محمد، ومحمد بن علي رحمة الله عليهما.

    [عن جابر بن عبد الله].

    هو: جابر بن عبد الله الأنصاري، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة.

    أفضلية الوقوف في موقف النبي في عرفة ومزدلفة

    لو قيل: هل يقال: الأفضلية أن يقف الحاج في موقفه صلى الله عليه وسلم في عرفة وفي مزدلفة؟

    فالجواب: لا شك أن المكان الذي وقف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأولى، لكن كما هو معلوم لا يتيسر ذلك لكل أحد، ولهذا الأمر في ذلك واسع، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقف ها هنا وجمع كلها موقف).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538245

    عدد مرات الحفظ

    777201125