شرح حديث ابن مسعود في عدة المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها: (لها مثل صداق نسائها...)
قال المصنف رحمه الله: [ عدة المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها.
أخبرنا محمود بن غيلان، حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه: ( أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً، ولم يدخل بها حتى مات، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث، وقام معقل بن سنان الأشجعي رضي الله عنه، فقال: قضى فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في بروع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت )، ففرح ابن مسعود رضي الله عنه.
أورد النسائي حديث معقل بن سنان الأسلمي رضي الله تعالى عنه تحت ترجمة: عدة المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها، يعني: أن عدتها أربعة أشهر وعشر كما سبق أن مر، فالمتوفى عنهن أزواجهن إما حامل، وإما غير حامل مطلقاً أي زوجة، سواء مدخول بها، أو غير مدخول بها، فالحامل عدتها وضع حملها، وغيرها سواء كانت تحيض أو آيسة أو صغيرة، أو معقود عليها غير مدخول بها، كلهن عدتهن أربعة أشهر وعشر، لا يستثنى من ذلك إلا الحامل.
وأورد النسائي حديث معقل بن سنان في قصة بروع بنت واشق، والتي عقد عليها زوجها، ولم يفرض لها صداقاً، ومات قبل أن يدخل عليها، فكان ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، عرضت عليه المسألة، والحديث سبق أن مر من طرق عديدة فيما مضى، وكان ابن مسعود اعتذر، وأحالهم على غيره، فرجعوا إليه، وألحوا عليه، وقالوا: ليس هناك أحد نرجع إليه، وقال: أقول فيها برأيي، فإن يكون صواباً فمن الله، وإن يكون خطأً فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريء من ذلك: لها مثل مهر نسائها، لا وكس ولا شطط -يعني: لا زيادة ولا نقصان- وعليها العدة ولها الميراث، ومحل الشاهد: وعليها العدة، يعني: أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً.
فقال معقل بن سنان الأسلمي: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، قضى في امرأة منا توفي عنها زوجها بمثل ما قضيت، يعني: بمثل ما قضى ابن مسعود رضي الله عنه، ذلك الذي اجتهد اجتهاده وافق الحق، ووافق الصواب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أفتى امرأة معقود عليها غير مدخول بها، ولم يفرض لها صدقاً، بأن لها مثل صداق نسائها، وعليها العدة ولها الميراث، ففرح ابن مسعود رضي الله عنه إذ وافق اجتهاده ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما لم يبلغه قبل ذلك، وإلا فإنه كان يرجع إلى اتباع السنة، وإلى الإفتاء بما أفتى به رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه اجتهد رأيه، ووافق الحق والصواب الذي هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في عدة المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها: (لها مثل صداق نسائها...)
شرح حديث عائشة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت أكثر من ثلاث إلا على زوجها...)
قال المصنف رحمه الله: [ باب الإحداد.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت أكثر من ثلاث إلا على زوجها ) ].
أورد النسائي الإحداد، وهو: ترك الزينة مدة العدة؛ لأن العدة شيء، والإحداد شيء آخر، العدة تربص، وانتظار مضي المدة، وتحل للأزواج بعد ذلك، وأما الإحداد فهو: ترك الزينة واجتنابها خلال عدة الوفاة، فلا تلبس لباس الزينة سواء كان ذهبا أو لباساً، ولا تجمل وجهها وبدنها، وهذا من حق الزوج، وهو أن يتربص بعده أربعة أشهر وعشر إذا كانت المرأة غير حامل، وكذلك تترك الزينة خلال تلك المدة، والمتوفى عنها زوجها وهي حامل تحد وقت عدتها، ولو كانت قصيرة؛ لأن الإحداد يتبع العدة.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت أكثر من ثلاث.. ) يعني: تترك الزينة، أكثر من ثلاث إلا على زوجها، فإنها تحد عليه وتمتنع من الزينة مدة عدتها، ومدة تربصها في عدتها، ثم قوله: (فوق ثلاث)، لا يعني أنه يلزم الإحداد في الثلاث على غير الزوج، وإنما فيه إشارة إلى عدم التجاوز للثلاث، ولو قصر عن الثلاث ما فيه بأس، ليس معناه: أن الإحداد على ميت غير الزوج أنه لا ينقص عن ثلاث، وإنما الذي منع أن لا تحد فوق ثلاث ولا يزاد عليها إلا على زوجها.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت أكثر من ثلاث إلا على زوجها)
شرح حديث عائشة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوج) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا
محمد بن معمر حدثنا
حبان حدثنا
سليمان بن كثير حدثنا
الزهري عن
عروة عن
عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال (
لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوج )].
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة.
وسبق أن ذكرت أن ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر هو للترهيب، يأتي هذا اللفظ للترغيب والترهيب، يذكر الإيمان بالله؛ لأنه الأصل الذي يتبعه كل شيء، والإيمان باليوم الآخر للتذكير بيوم المعاد، ويوم الجزاء الحساب، وأنه إذا ذكر في باب الترغيب، ففيه حث على فعل ذلك المأمور به، وإذا جاء في باب الترهيب ففيه تحذير من الوقوع في ذلك المحذور لئلا يلقى العقوبة على ذلك في اليوم الآخر.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت أكثر من ثلاث إلا على زوجها)
قوله: [ أخبرنا
محمد بن معمر ].
هو البحراني، وهو صدوق، أخرج حديث أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن حبان ].
هو حبان بن هلال، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعندكم الحاء مكسورة، وهو خطأ، بل هو حبان بفتح الحاء؛ لأن فيه حبان وحبان، وحبان هنا بفتح الحاء حبان بن هلال، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان بن كثير ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو لا بأس به في غير الزهري.
[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].
وقد مر ذكرهم.
شرح حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)
قال المصنف رحمه الله: [ باب سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها.
أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني أيوب بن موسى عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أن أم حبيبة رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على هذا المنبر: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهو: سقوط الإحداد عن الزوجة الكتابية، والنسائي فهم من الحديث أن الكتابية ليس عليها إحداد، وذلك من التعبير: (تؤمن بالله ورسوله)؛ لأن الكتابية لا تؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، بل هي على دينها، ولا تشهد أن محمداً رسول الله، ففهم النسائي من التعبير بقوله: (تؤمن بالله ورسوله) أن الكتابية -وهي لا تؤمن بالله ورسوله- ليس عليها إحداد؛ وبهذا قال بعض أهل العلم، وعمل النسائي يدل على أنه يرى أن الكتابية لا إحداد عليها، لكن ذهب كثير من أهل العلم إلى أن كل متوفي عنها زوجها عليها الإحداد، ولو كانت كتابية، ويقول: إن ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، إنما المقصود منه أن من يكون كذلك هو الذي يلتزم، وهو الذي يأخذ بالأحكام، وهو الذي ينفذ الأحكام، فالمقصود من ذلك: التغليب، يعني: في قضية الإيمان بالله ورسوله، والإيمان باليوم الآخر، أي: أن شأن المسلم هو الذي يمتثل، لكن لا يعني ذلك: أنه يفهم منه أن الذي لا يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ممن تكون زوجة لمسلم وهي كتابية، أنه لا إحداد عليها، فإن عليها الإحداد، وهذا هو الذي يظهر، وعموم الأدلة الدالة على الإحداد للأزواج منهن الكتابيات، فليس هناك نص يدل على إخراج الكتابية إلا هذا المفهوم، كونها تؤمن بالله ورسوله، لكن المقصود من هذا هو التغليب، وعلى هذا فالإحداد لكل متوفى عنها زوجها، ولو كانت كتابية.
تراجم رجال إسناد حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)
شرح حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)
تراجم رجال إسناد حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)
شرح حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية
تراجم رجال إسناد حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية
حديث الفريعة بنت مالك: (... امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده