إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الأيمان والنذور
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الأيمان والنذور - (باب الحلف بعزة الله) إلى (باب الحلف بالكعبة)

شرح سنن النسائي - كتاب الأيمان والنذور - (باب الحلف بعزة الله) إلى (باب الحلف بالكعبة)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من تعظيم الله تعالى وتوحيده الحلف بأسمائه وصفاته كصفة العزة، وأما الحلف بغيره كالحلف بالآباء والأمهات والكعبة، أو بملة من الملل كاليهودية والنصرانية فهذا مما ينافي هذا التعظيم، فيجب تجنبه.

    شرح حديث: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة ... وعزتك لا يسمع بها أحد إلا أدخلها...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الحلف بعزة الله تعالى

    أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا الفضل بن موسى حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فرجع فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال: اذهب إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال: اذهب فانظر إلى النار وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فإذا هي يركب بعضها بعضاً، فرجع فقال: وعزتك لا يدخلها أحد، فأمر بها فحفت بالشهوات، فقال: ارجع فانظر إليها فنظر إليها فإذا هي قد حفت بالشهوات فرجع، وقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها )].

    أورد النسائي: الحلف بعزة الله، والعزة هي صفة من صفات الله عز وجل، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة بعزة الله: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر).

    وجاء في هذا الحديث الذي يحكيه عن جبريل أنه أقسم بعزة الله، فقال: وعزتك، يخاطب الله عز وجل.

    أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن الله عز وجل لما خلق الجنة والنار قال لجبريل: اذهب إلى الجنة وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب إليها ورجع وقال: وعزتك! لا يسمع بها أحد إلا دخلها) ما دام أنها على هذا الوصف كل يطمع فيها، وكل يحرص عليها ولا يبقى أحد إلا وقد دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره.

    ثم قال له: (ارجع إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فقال: وعزتك! لقد خشيت أن لا يدخلها أحد) يعني: أنها بعدما حفت بالمكاره وصار العمل الموصل إليها شاقاً ويحتاج إلى صبر ومجاهدة النفوس، فإن الوصول إليها ليس بالهين، ولهذا يحتاج من يكون من أهلها إلى أن يصبر على الطاعات ولو شقت على النفوس، ويصبر عن المعاصي ولو مالت إليها النفوس.

    ثم إنه قال له: (اذهب إلى النار وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها)، فذهب وإذا بعضها يركب بعضاً من شدة هولها وعظيم ضررها وخطرها، ثم رجع وقال: (وعزتك! لا يدخلها أحد) يعني: لشدتها ونفرة الناس منها وعظم شأنها، ثم أمر بها فحفت بالشهوات فقال: (اذهب إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فذهب وقال: وعزتك لا ينجو منها أحد إلا دخلها) يعني: بسبب الشهوات التي تستميل الناس ويتجهون إليها ولا يفكرون في العواقب فينتهي بهم الأمر إلى أن يقعوا في الهاوية، ولهذا جاء في بعض الأحاديث الثابتة في الصحيحين: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، وجاء: (حجبت الجنة بالمكاره، وحجبت النار بالشهوات) يعني: أن الطريق الموصل إلى الجنة فيه مشقة، ويحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى احتساب الأجر عند الله عز وجل، وأن الإنسان يجاهد نفسه.

    فمن أمثلة ذلك: كون الإنسان في الشتاء مثلاً مستغرقاً في النوم، وطاب له الفراش، وفي مكان دافئ، وتحت غطاء، ولا يحس بشيء من البرد مع أن البرد موجود خارج المنزل لكنه في مكان دافئ، فيسمع: (حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم) فيهب من هذا الذي هو مرتاح إليه، ويعلم أن ما يدعى إليه خير مما هو متلذذ فيه؛ لأن قول المؤذن: (الصلاة خير من النوم) يعني: هذا النوم الذي أنت مطمئن إليه ومرتاح فيه ومنشرح الصدر وهادئ البال في كنفه، هذا الذي تدعى إليه خير من الذي أنت فيه، (الصلاة خير من النوم)، يهب من فراشه ويقوم ويتوضأ وقد يكون الماء بارداً فيصبر على البرودة، ثم يذهب إلى المسجد وفيه الهواء القارس ويصلي.

    فهذه من الأمور التي حفت بها الجنة، فالوصول إليها يحتاج إلى صبر على طاعة الله ولو شقت على النفوس، وإلى صبر عن معاصي الله ولو مالت إليها النفوس؛ فكون الإنسان يصبر والعاقبة طيبة وينتهي إلى خير، فهذا هو شأن العاقل الناصح لنفسه، أما إنسان تحدثه نفسه الأمارة بالسوء بأن يقدم على شيء تميل إليه نفسه، ولكن العاقبة وخيمة تفضي إلى الحسرة والندامة والعذاب، فهذا ليس شأن من يكون عاقلاً، ومن يكون ناصحاً لنفسه، ومن يريد الخير لها، فالجنة حفت بالمكاره، وليس الطريق إليها مفروشاً بالورود والرياحين، وإنما فيه التعب والنصب، وما دام أن العاقبة حميدة فعلى الإنسان أن يصبر على تلك الطريق الموصلة إلى هذه الغاية الطيبة، ولو كان هناك مشقة.

    أما إرخاء العنان للنفس وتمكينها من ملذاتها من ما حل وحرم، وكون الإنسان لا يبالي في الإقدام على ما تميل إليه نفسه وهو محرم، ثم لا يفكر في العواقب، ويوصله الأمر إلى أن يقع في النار، وإلى أن يتعرض لعذاب الله وسخطه ومقته، فهذا ليس شأن من عنده العقل والإدراك والنصح لنفسه.

    فهذا حديث عظيم، وهو من أحاديث الترغيب والترهيب، الترغيب بالجنة والصبر على ما يوصل إليها، والتحذير من النار والصبر عن الملذات والشهوات التي تفضي إليها والتي حفت بها.

    وفي الحديث أيضاً دليل على وجود الجنة والنار؛ لأنه لما خلق الجنة قال لجبريل: (اذهب إليها وانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها).

    والأحاديث كثيرة في أن الجنة موجودة وأن النار موجودة، وأن الجنة قد هيئت لأولياء الله، والنار هيئت لأعداء الله، وهذه أعدت للمتقين، وهذه أعدت للكافرين، فهما موجودتان الآن، ولكن لا يعني أنه قد تكامل خلقهما، بل الله عز وجل ينشئ ويوجد فيهما ما يوجده، ولكن الوجود للجنة والنار قد حصل، والنبي صلى الله عليه وسلم، لما صلى بالناس الكسوف عرضت عليه الجنة والنار، ورأى عناقيد العنب متدلية، ورأى النار يحطم بعضها بعضاً، وأقدم ليأخذ عنقوداً من العنب وترك، ليبقى الناس على الإيمان بالغيب، ويتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لو أخذت منه أي: عنقود العنب، لأكلتم ما بقيت الدنيا)، ولما رأى النار تكأكأ ورجع القهقرى، وأخبر أصحابه بذلك.

    والحديث الذي معنا يدل على وجود الجنة وعلى وجود النار، وأن الإنسان عليه أن يحرص على أن يكون مهيئاً نفسه ومستعداً بالأعمال الصالحة لأن يكون من أهل الجنة، وأن يحذر أن يفعل الأمور التي حفت بها النار وإن كانت تميل إليها النفوس، فلا يعرض نفسه للوقوع فيها؛ لأن المشقة التي يعقبها سرور ونعيم دائم يصبر الإنسان عليها؛ لأن الغاية حميدة، واللذة التي تعقبها الحسرة والعذاب شأن العاقل أن يكون حذراً منها وأن يكون يقظاً، بعيداً من أن يعرض نفسه لذلك.

    والإنسان يحرص على طريق الخير ولو قل سالكوها، ولا يغتر بطريق الباطل ولو كثر سالكوها؛ لأنه كما قال الحسن البصري رحمه الله: ليس العجب ممن هلك كيف هلك، إنما العجب ممن نجا كيف نجا؛ لأن الهالكين هم الكثير، والناجين هم القليل، والإنسان يحرص على أن يكون من القليل الناجي ويحذر أن يكون من الكثير الهالك.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل عليه السلام إلى الجنة ... وعزتك لا يسمع بها أحد إلا أدخلها...)

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

    إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

    [عن الفضل بن موسى].

    هو الفضل بن موسى المروزي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمد بن عمرو].

    هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي سلمة].

    هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.

    [عن أبي هريرة].

    هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530286

    عدد مرات الحفظ

    777156202