قال المصنف رحمه الله تعالى: [شركة مفاوضة بين أربعة على مذهب من يجيزها].
شركة مفاوضة بين أربعة على مذهب من يجيزها، يعني فكأنه الإشارة هنا إلى أنه لا يرى جوازها، لكن هذه صيغتها على قول من يرى جوازها، هذه مثل مسألة الجد والإخوة. يعني الجد والإخوة فيه قولان: قول أنه أب فيسقط الإخوة، وقول أنه أخ فيشاركهم، والقول بأنه يشاركهم فيه تفاصيل طويلة عريضة، وقد يرى الإنسان أن الراجح أنه أب وهو الراجح أنه أب، فيسقط الإخوة ولا نصيب لهم معه، لكنه يبين تفاصيلها على قول من يجيزها، وإن كان الإنسان لا يرى جوازها، يعني يرى أن الراجح هو خلاف هذا القول، وهو أن الجد أب فيسقط الإخوة، لكنه يمكن أنه يشتغل في شيءٍ على قول من يرى أنه أصل فيشاركهم، يعني فيعلم الشيء وإن كان لا يراه، يكون على علم به ومعرفة به وإن كان يرى خلافه ولا يراه هو يعني يرى أنه أب فيسقط الإخوة وانتهى ولا في حاجة إلى العمليات والمسائل الكثيرة الطويلة العريضة المتعلقة بالجد والإخوة، لكن على قول من يجيز يمكن للإنسان يعني يذكرها ويذكر تفاصيلها يعني من باب العلم بالشيء وإن كان يرى خلافه، فكلمة هنا على قول من يجيزها يعني كأن المسألة أنه يفهم أنه لا يرى جوازها.
والمفاوضة فسرها ابن رشد في بداية المجتهد بأنها اتفاق بين شخصين أو أكثر على أن يبيع كل واحد منهما ويتصرف في مال الآخر، يعني يشتركون في المال والعمل، وهي ليست عناناً؛ لأن العنان يعني مبين رأس المال مخلوط يعني نصيب كل واحدٍ منهم مع الآخر.
ذكرت ذاك يخلطون العنان، وهذه يعني ما يخلطون أموالهم. ما أدري يعني أيش تفصيلها لكنه طبعاً هل من شرطها الخلطة؟ أظن أنه سيأتي يعني شيءٍ يشير إلى هذا في الكلام.
قوله: [قال الله تبارك وتعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
[المائدة:1]، هذا ما اشترك عليه فلان وفلان وفلان وفلان].
(أوفوا بالعقود) هذه كلمة عامة كل ما هو سائغ وجائز شرعاً وحصل ارتباط عليه يجب الوفاء به، أي عقد من العقود هذه آية عامة لفظ عام، ولهذا ذكر الشوكاني في فتح القدير نقلاً عن بعض المفسرين القدامى: أن جماعة أو أصحاب الفيلسوف الكندي قالوا: اعمل لنا مثل القرآن، يعني لو عملت لنا شيئا مثل القرآن، قال: سأعمل لكم مثل بعضه، فاختفى في بيته أياماً، وخرج يعلن فشله وعدم قدرته على أن يأتي بشيء مثل القرآن، وقال: إنني لما فتحت المصحف خرجت علي أول آية في سورة المائدة، فجعلت أفكر لآتي بشيء يماثلها أو شيء يقابلها فما استطعت؛ لأنها اشتملت على كذا وعلى كذا وعلى كذا وعلى كذا، واستثنى واستثنى، وجاء بمزاياها، فهنا (أوفوا بالعقود) كلمة عامة، (أوفوا بالعقود) أي عقد يرتبط به وهو سائغ شرعاً وجائز شرعاً يجب الوفاء به، يعني أي عقد من العقود، فهي جملة عامة تشمل أي عقد إذا كان ذلك العقد صحيح شرعاً.
قوله: [هذا ما اشترك عليه فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ وفلان، بينهم شركةً مفاوضة في رأس مالٍ جمعوه بينهم من صنفٍ واحد ونقد واحد].
جمعوه بينهم من صنف واحد، ونقد واحد.
قوله: [وخلطوه وصار في أيديهم ممتزجاً لا يعرف بعضه من بعض].
إذاً: يعني تشبه العنان، لكنها طبعاً يعني ليست هي عنان؛ لأن العنان يعني أمرها واضح، ولهذا ميز بينها وبين تلك؛ لأن هذه أطلقها وهذه قال: عند من يجيزها.
قوله: [ومال كل واحد منهم في ذلك وحقه سواء، على أن يعملوا في ذلك كله وفي كل قليل وكثير، سواءً من المبايعات والمتاجرات نقداً ونسيئةً بيعاً وشراءً، في جميع المعاملات، وفي كل ما يتعاطاه الناس بينهم مجتمعين بما رأوا، ويعمل كل واحدٍ منهم على انفراده بكل ما رأى، وكل ما بدا له جائز أمره في ذلك على كل واحدٍ من أصحابه، وعلى أنه كل ما لزم كل واحد منهم على هذه الشركة الموصوفة في هذا الكتاب من حق ومن دين، فهو لازم لكل واحد منهم من أصحابه المسمين معه في هذا الكتاب، وعلى أن جميع ما رزقهم الله في هذه الشركة المسماة فيه، وما رزق الله كل واحد منهم فيها على حدته من فضلٍ وربح فهو بينهم جميعاً بالسوية، وما كان فيها من نقيصة فهو عليهم جميعاً بالسوية بينهم، وقد جعل كل واحد].
يعني: إن هذا إذا كانوا متماثلين في رأس المال، إذا كانوا متماثلين في رأس المال يكون بالسوية، لكن لو كانوا متفاضلين ومتفاوتين تكون النقيصة على قدر رأس المال.
قوله: [وقد جعل كل واحد من فلان وفلان وفلان، كل واحد من أصحابه المسمين في هذا الكتاب معه، وكيله في المطالبة بكل حق هو له، والمخاصمة فيه وقبضه، وفي خصومة كل من اعترضه بخصومة، وكل من يطالبه بحق، وجعله وصيه في شركته من بعد وفاته، وفي قضاء ديونه، وإنفاذ وصاياه، وقبل كل واحدٍ منهم من كل واحد من أصحابه ما جعل إليه من ذلك كله، أقر فلان وفلان].
قوله: [وجعله وصيه في شركته من بعد وفاته وفي قضاء ديونه وإنفاذ وصاياه، وقبل كل واحدٍ منهم من كل واحد من أصحابه ما جعل إليه من ذلك كله].
جَعل إليه قبل كل واحد ما جعل إليه، يعني: جعل كل واحد لصاحبه، قبل كل واحد منهم ما جعل عليه لعله، الذي جعل عليه، يعني الذي أضيف إليه وأسند إليه من غيره؛ لأن كل واحد جاعل ومجعول إليه، أو قبل كل واحد منهم ما جعل، يعني غيره إذا كان الفاعل محذوف.
وقبل كل واحد منهم من كل واحد من أصحابه ما جعل؛ لأنه قال: وقبل كل واحد منهم من كل واحد من أصحابه.
يعني: ما جعل أي كل واحد من أصحابه ماشي، ضمير مستتر يرجع إلى كل واحد.
قوله: [ما جعل إليه من ذلك كله، أقر فلانٌ وفلان، وفلانٌ وفلان].