إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الأشربة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب تحريم الخمر) إلى (باب خليط الزهو والرطب)

شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب تحريم الخمر) إلى (باب خليط الزهو والرطب)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حرم الشرع الكريم الخمر؛ وذلك لعظم خطرها وضررها -وقد حرمها على مراحل- وبين أن الخمر قد تكون من التمر أو الزبيب أو منهما جميعاً، أو من خليط الزهو مع البلح.

    شرح حديث عمر: (... اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الأشربة: باب تحريم الخمر:

    قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90-91].

    أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني قراءة عليه في بيته أخبرنا الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله تعالى أخبرنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لما نزل تحريم الخمر قال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في البقرة، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] ، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام الصلاة نادى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]؛ قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا) ].

    يقول النسائي رحمه الله: كتاب الأشربة.

    والأشربة: هي جمع شراب، والمراد به: الأشربة المحرمة التي لا يجوز تعاطيها، والمقصود من الكتاب: هو ما يتعلق بالخمر وتحريمها، كالأشربة المسكرة التي فيها الإسكار؛ فإنها محرمة.

    والأشربة على سبيل العموم ما كان منها مسكراً؛ فهو محرم لإسكاره، وما كان غير مسكر؛ ولكنه يلحق ضرر بشربه؛ فإنه لا يجوز شربه من أجل الضرر، وإن كان غير مسكر، وإذا لم يكن لا هذا ولا هذا؛ فإنه يكون حلالاً. والأصل في الأشربة الحل، إلا إذا جاء شيء طارئ؛ إما شراب اتصف بالإسكار، أو شراب عرف أن به مضرة، وأنه يترتب عليه مضرة؛ فهذان لا يجوز تعاطيهما، وما عداها فإنه حلال؛ لأن الأصل في المياه وفي الأشياء المشروبة الحل، إلا إذا وجد ما يدل على التحريم. أما الخمر فالترجمة معقودة لتحريمه، فإن الخمر كانت تشرب في الجاهلية، وجاء الإسلام وهي تشرب، وبقي من يشربها على شربها حتى نزل تحريمها.

    مراحل تحريم الخمر وتعريفه ودليل حرمته

    والتحريم نزل على ثلاث مراحل:

    المرحلة الأولى: أنهم لما سألوا عن الخمر قال الله عز وجل: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219]، فإذاً: فيها إشارة إلى أن فيهما نفع وضر؛ ولكن الضرر أكبر، فهذه المرحلة الأولى في تحريم الخمر، وهذا فيه إشارة إلى أن الذي ينبغي هو تركها, ما دام ضررها أكبر من نفعها فإنها تترك.

    المرحلة الثانية في التحريم؛ وهي: أنهم لا يصلون وهم سكارى, بمعنى: أنه إذا قرب وقت الصلاة، أو كانت الصلاة قريبة؛ فإنهم لا يشربون الخمر؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى.

    المرحلة الثالثة: تحريم الخمر في آية المائدة, وهي: قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، يعني: انتهوا؛ لأن قوله: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ ، أي: انتهوا.

    والخمر: مأخوذة من الغطاء، والأصل أن ما فيه غطاء, أو ما فيه تغطية يقال له: تخمير، ولهذا يقال للخمار الذي تغطي به المرأة وجهها ورأسها خمار؛ لأنه يغطي ويستر، والرسول صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي وقصة دابته قال: ( ولا تخمروا رأسه ووجهه )، يعني: لا تغطوه.

    والخمر هي كل شراب مسكر، وقيل لها: خمر؛ لأنها تغطي العقل، وتحجبه، فلا يكون صاحبه ذا عقل سليم، بل يكون من جملة المجانين، أو أشبه ما يكون بالمجانين؛ لأن الخمر غطت عقله؛ فصار كالبهيمة، أو كالمجنون، أو هو مجنون، فإذاً: الخمر الأصل فيه التغطية؛ ولهذا قيل للخمار خمار، وللغطاء خمار، وقيل للخمر: خمر؛ لأنها تخمر العقل أي تغطيه، فالخمر كل ما أسكر.

    ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )؛ لأن القليل وسيلة إلى شرب الكثير، وما دام أن الكثير يسكر؛ فإن القليل حرام، فالذي يسكر حرم لأنه غاية، والقليل الذي لا يسكر حرم لأنه وسيلة إلى غاية، ولهذا فالخمر ما أسكر، وكل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فلا يجوز شرب قليله، ولو لم يسكر؛ لأن شربه وسيلة إلى شرب الكثير؛ فحرمت الوسيلة للغاية.

    وتحريم الوسائل لكونها تؤدي إلى غايات, هذا من مقاصد الشريعة ومن أسسها: أن الوسائل لها حكم الغايات، وأن الشيء الذي يؤدي إلى محرم يكون حراماً؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات.

    وعلى هذا: فالخمر هي كل مسكر، سواء كان مشروباً, أو مطعوماً، وسواء كان يابساً, أو سائلاً, أو جامداً إذا تعوطي وحصل تغطية العقل والإسكار؛ فإنه يكون حراماً.

    والنسائي رحمه الله أورد الآية في أول الباب، وليس من عادته أن يذكر آيات، بل هو إما أن يذكر آية وهي في الترجمة فيقول: تأويل قول الله عز وجل كذا، ثم يأتي بأحاديث فيها تفسير لها؛ لكن كونه يأتي بآية يستدل بها على تحريم شيء, ليس هذا من عادته.

    والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90] ، وقد قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، فأصغ لها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه، يعني: بعد قوله: يا أيها الذين آمنوا إما أمر بخير وإما نهي عن شر، وهذه الآية الكريمة فيها نهي عن شر. وابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال هذه الكلمة، وقد ذكر الآثار عن ابن مسعود، ابن كثير في أول تفسير سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وهذا على خلاف المألوف في المظنة؛ لأن المظنة أن يكون الكلام هذا في أول موضع في القرآن يا أيها الذين آمنوا، وقد جاء في القرآن في سورة البقرة وفي آل عمران: يا أيها الذين آمنوا، وفي النساء، ومع ذلك ما ذكر ابن كثير رحمة الله عليه في الآثار عن ابن مسعود إلا في أول سورة المائدة؛ ولكن المظنة إنما تكون في أول موضع في القرآن، هذا مظنة الشيء، من أراد أن يبحث يرجع إلى أول موضع؛ لكن من رجع إلى أول موضع لا يجد هذه الفائدة، ولكن هذه الفائدة في: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا التي هي أول سورة المائدة، ذكر رحمه الله الأثر عن ابن مسعود : إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا؛ فأصغ لها سمعك، فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه.

    قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90] ، الخمر هي: كل مسكر، وسواء أسكر كثيره أو قليله، وما أسكر كثيره وقليله لا يسكر، فهو حرام؛ لأنه وسيلة إلى غاية محرمة. وابن القيم رحمه الله ذكر في (كتابه إعلام الموقعين): تسعة وتسعين مثالاً للأشياء التي حرمت؛ لأنها تؤدي إلى غاية محرمة، أي: وسائل تؤدي إلى غايات، فقد ذكر تسعة وتسعين دليلاً في كتابه إعلام الموقعين، كلها من باب سد الذرائع، فيها آيات, وأحاديث, وآثار تشتمل على سد الذرائع، يعني: أمور محرمة؛ لأنها وسيلة وذريعة إلى أمر محرم، ذكرها وقال: إنه أورد تسعة وتسعين، وقال: إنها بعدد ما جاء في الحديث: ( لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة )، اقتصر على هذا العدد.

    وكتاب (إعلام الموقعين) كتاب نفيس عظيم، مشتمل على فوائد جمة، ومن ذلك هذه القاعدة: تحريم الوسائل التي تؤدي إلى غاية محرمة، التي هي قاعدة: سد الذرائع، وأتى بتسعة وتسعين دليلاً، من آية, وحديث, وأثر عن صحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وختمها بجمع عثمان للقرآن على حرف واحد، واقتصاره على حرف واحد؛ لأنه لو يبقى على الأحرف السبعة يؤدي إلى الاختلاف، فرأى أن يقتصر الناس على حرف واحد مشتمل على القراءات، هذا هو آخر الأمثلة التسعة والتسعين, التي هي أمثلة لقاعدة سد الذرائع.

    قوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ [المائدة:90]، الميسر: هو القمار، وَالأَنصَابُ [المائدة:90]، هي: الحجارة التي يذبحون عليها لغير الله عز وجل، وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3] ، وَالأَزْلامُ [المائدة:90]، هي: الاستقسام بالأزلام، وكانوا يستقسمون بها، قال: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، أي: الرجس هي هذه الأمور التي مرت؛ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، ثم قال: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [المائدة:91]؛ لأنها تؤدي إلى العداوة، وتؤدي إلى البغضاء, وإلى الشحناء, وإلى الاقتتال, وما إلى ذلك من الشرور التي لا حد لها، وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ [المائدة:91]، يعني: بهذه الأمور، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]، يعني: انتهوا.

    وقد أورد النسائي أثر عمر رضي الله عنه لما نزل تحريم الخمر، أي: لما أراد الله أن يحرم الخمر، وليس المقصود أنه لما نزل قال عمر : اللهم بين لنا؛ لأن المقصود: أن عمر وفق في السؤال في أن يبين لهم في الخمر بياناً شافياً، فنزل قول الله عز وجل: قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219] ، فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، يعني: ما جاء؛ لأن هذه هي الخطوة الأولى التي فيها بيان الضرر والخير، وأن الضرر أشد من الخير, وأكثر من الخير؛ فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] ، والمقصود من ذلك: أنهم يمتنعون عن شرب الخمر إذا كانوا مقبلين على وقت الصلاة؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى، وليس المقصود أنه مخاطبة لمن كان سكراناً؛ لأنه غير عاقل، ولكن المقصود من ذلك: أنهم نهوا أن يتعاطوا الخمر في الوقت الذي يكونون مقبلين فيه على الصلاة؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فلما نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ [المائدة:90] إلى قول الله عز وجل: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91] ، قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا, يعني: هذا هو البيان الشافي، وهو أنها محرمة.

    التحذير من الخمر وخطره

    والخمر هي أم الخبائث، وهي رأس الخبائث؛ لأنها توقع في الخبائث كلها، لأن الإنسان إذا فقد عقله، وصار أشبه ما يكون بالمجنون؛ سهل عليه أن يفعل كل محرم, سهل عليه الزنا، بل بمحارمه، وقد يزني بأمه, أو بنته, أو أخته؛ لأنه لا عقل له، فهي خبيثة تجر إلى الخبائث، ولهذا قيل لها: أم الخبائث.

    ومن العجيب الغريب أن من يكون ذا عقل يسعى إلى أن يفقد عقله، ويسعى إلى أن يكون من جملة المجانين، مع أن الجنون نقص وخلل، والناس يكرهون الجنون، ويكرهون كون الإنسان يتصف بالجنون؛ لكن مع هذا فشارب الخمر يسعى إلى أن يكون مجنوناً، ويعمل على أن يكون من جملة المجانين؛ ولهذا يقول ابن الوردي في قصيدته:

    كيف يسعى في جنون من عقل؟!!

    كيف يسعى إنسان عاقل أعطاه الله تعالى عقل إلى أن يكون مجنوناً؟ ويعمل على أن يكون مجنوناً، كيف يسعى لذلك؟ هذا هو شأن الخمر، الله سبحانه وتعالى يعطيه العقل، ثم بعد ذلك يسعى إلى أن يكون من جملة المجانين.

    هذا هو الأثر الذي جاء عن عمر رضي الله عنه، والذي فيه الدلالة على أن الخمر مر تحريمها بمراحل، وأنه حصل تدرج؛ لأنهم كانوا قد ألفوها؛ فجاء تحريمها على سبيل التدريج؛ ولكن بقي بعد ذلك الحكم ثابتاً مستقراً بأنها حرام، وجاءت النصوص الكثيرة في تحريمها، وبيان أن كل من شارك فيها, وكل من عمل فيها, أو ساعد عليها, فإنه ملعون، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة: لعن شاربها, وبائعها, ومبتاعها, وحاملها, والمحمولة إليه، وكل من له علاقة بها، وكل من له مساهمة في الوصول إليها, أو الدلالة عليها، جاء ما يدل على أن كل هؤلاء ملعونون، كل من له علاقة بها, بدلالة, أو بيع, أو شراء, أو حمل, أو وسيلة من أي وسائل، كل ذلك يدل على أنه محرم.

    تراجم رجال إسناد حديث عمر: (... اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ...)

    قوله:[ أخبرنا أبو داود ].

    هو سليمان بن سيف الحراني ، وهو ثقة, أخرج حديثه النسائي وحده.

    [ حدثنا عبيد الله بن موسى ].

    هو الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ أخبرنا إسرائيل ].

    هو ابن أبي إسحاق ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي إسحاق ].

    هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي ميسرة ].

    هو عمرو بن شرحبيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

    [ عن عمر ].

    هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين, وثاني الخلفاء الراشدين، الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    كلام ابن القيم في مفاسد الخمر وأضراره

    وبالمناسبة أنا أتيت بأوراق مصورة من كتاب (حادي الأرواح)، ما دمنا نتكلم على مفاسد الخمر, وأضرار الخمر، أحب أن تقرأ هذه الأضرار التي ذكرها ابن القيم عند كلامه على أنهار الجنة في أثناء الصفحة في وسطها.

    يقول: كما ينفي عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع, والغول, واللغو, والإنزاف, وعدم اللذة؛ فهذه خمس آفات من آفات خمر الدنيا، تغتال العقل ويكثر اللغو على شربها، بل لا يطيب لشاربها ذلك إلا باللغو، وتنزف في نفسها، وتنزف المال، وتصدع الرأس، وهي كريهة المذاق، وهي رجس من عمل الشيطان، توقع العداوة, والبغضاء بين الناس، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتدعو إلى الزنا، وربما دعت إلى الوقوع على البنت, والأخت, وذوات المحارم، وتذهب الغيرة، وتورث الخزي, والندامة, والفضيحة، وتلحق شاربها بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين، وتسلبه أحسن الأسماء والسمات، وتكسوه أقبح الأسماء والصفات، وتسهل قتل النفس, وإفشاء السر الذي في إفشائه مضرته أو هلاكه، ومؤاخاة الشياطين في تبذير المال الذي جعله الله قياماً له، ولم يلزمه مؤنته، وتهتك الأستار، وتظهر الأسرار، وتدل على العورات، وتهون ارتكاب القبائح والمآثم، وتخرج من القلب تعظيم المحارم، ومدمنها كعابد وثن، وكم أهاجت من حرب وأفقرت من غني، وأذلت من عزيز ووضعت من شريف، وسلبت من نعمة وجلبت من نقمة، وفسخت من مودة, ونسجت من عداوة، وكم فرقت بين رجل وزوجته، فذهبت بقلبه وراحت بلبه، وكم أورثت من حسرة, وأجرت من عبرة، وكم أغلقت في وجه شاربها باباً من الخير , وفتحت له باباً من الشر، وكم أوقعت في بلية، وعجلت من منية، وكم أورثت من خزية، وجرت على شاربها من محنة، وجرت عليه من سفلة، فهي جماع الإثم, ومفتاح الشر، وسلابة النعم وجالبة النقم، ولو لم يكن من رذائلها إلا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبد, كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من شرب الخمر في الدنيا؛ لم يشربها في الآخرة ) لكفى، وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرنا، وكلها منتفية عن خمر الجنة.

    هذه من جملة الأضرار والمفاسد التي في الخمر، وقد ذكرها ابن القيم في كتابه حادي الأرواح في باب أنهار الجنة؛ لأنه ذكر أبواباً عديدة, وفيها باب أنهار الجنة، ولما جاء عند ذكر الأنهار، وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين، تكلم على خمر الدنيا, ومفاسدها, وأضرارها، وقال: إن مفاسدها وأضرارها أضعاف ما ذكرنا، بعد أن ذكر هذا العدد الكثير من أضرارها ومخازيها، قال: وهي أضعاف ما ذكرنا، يعني: ما تركه أكثر مما ذكره.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087501953

    عدد مرات الحفظ

    772704917