إسلام ويب

كتاب التوحيد - باب ما جاء في الذبح لغير اللهللشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الشرك بالله تعالى من أعظم الذنوب عنده سبحانه، ومنه الذبح لغير الله، فمن ذبح لغير الله فقد أشرك بالله، سواء ذكر اسم الله على الذبيحة أم لم يذكر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح لغير الله.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم.

    قال المؤلف رحمه الله: [ باب ما جاء في الذبح لغير الله، وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] الآية. أي: من الدلالة على أنه حرام وشرك.

    قوله: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162] الآية، أي: قل يا محمد! لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغيره: إن صلاتي ونسكي أي ذبحي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي [الأنعام:162] أي: ما آتيه في حياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح، لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162-163] أي: في شيء من ذلك ولا في غيره من أنواع العبادة، فالصلاة أجلّ العبادات البدنية، والنسك أجلّ العبادات المالية، فمن صلى لغير الله فقد أشرك، ومن ذبح لغيره فقد أشرك.

    وقوله: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163] قال قتادة: من هذه الأمة ].

    قول المؤلف رحمه الله: (باب: ما جاء في الذبح لغير الله) يعني: من الوعيد ومن الآيات ومن الأحاديث الدالة على هذا الباب.

    والذبح أنواع:

    النوع الأول: أن يذبح لله سبحانه وتعالى بقصد اللحم فهذا جائز مثل أن يحتاج إلى لحم فيذبحها، لكنه يستعين بالله تعالى، فيقول: بسم الله، فهذا جائز.

    النوع الثاني: أن يذبحها للعبادة يعني: لأجل عبادة يتقرب بها إلى الله مستعيناً بها لله، مثل أن يقول: بسم الله وهو ينوي بها الأضحية، أو ينوي بها النذر لله، أو ينوي بها العقيقة فهذا مأجور، ويتقرب بها إلى الله.

    النوع الثالث: أن يذبح لقدوم الضيف فيسمي بها الله سبحانه وتعالى، لكنه لا يذبحها إلا إذا قدم الضيف، وهذا يفعله أجلاف العرب، وهذا فيه إشكال، وذلك أن النوق تقدم بين يدي الرئيس أو المعظم عند قومه، فإذا تقدم وجاء ذبحت وإن كانوا يسمون عليها الله تعالى، فهذا أنكره أئمة الدعوة ومنهم من أجازه، والذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم أن هذا لا يسوغ ولا ينبغي، وإن ذكر اسم الله تعالى فيها؛ كما جاء عند أهل السنن من حديث ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن طعام متباريين) يعني: اللذان يتعاظمان بذبحهما أيهما أكثر نادياً وقوماً ووافداً، فهذا من الفخر والخيلاء الذي نهى الشارع عنه.

    وهذا معروف، وقد كان يفعل إذا قدم الملك أو قدم الرئيس أو قدم المعظم فتقدم النوق أمامه، ثم ما إن يمر حتى تنحر هذه الإبل لتسقط، وبعضها يؤكل وبعضها لا يؤكل، فهذا كأن فيه نوعاً من التعظيم له، وأنها ذبحت لأجلك، فبعضهم يقول: إنما ذبحت لأجلك كما تذبح للضيف فهي جائزة، وبعضهم يقول: إن فعلها بهذه الطريقة كأنه تقرب بها إلى نفس الضيف، وهذا هو الإشكال، ولهذا منعها أقرب مع ما فيها من الخيلاء والكبر والتعظيم للضيف وللفاعل، فإن الفاعل يتباهى بذلك، والله المستعان.

    النوع الرابع: أن يذبح بسم الله خوفاً من الجن، فهو يتقرب بها إلى الله يقول: بسم الله، لكن يظن أن ذلك يدفعه عن الجن أو يصده عن العين، فهذا من الشرك الأصغر والله المستعان، وهذا يفعله الإنسان إذا سكن بيتاً جديداً وخاف من العين فيذبحها بسم الله، لكنه بقصد الصد عن العين ظاناً أنها سبب، وهذا من الشرك الأصغر.

    النوع الخامس: أن يذبحها باسم الجن أو سيد الوادي، أو عبد القادر أو الست زينب، فهذا هو الذي عناه المؤلف رحمه الله، وهو من الشرك؛ لأن الله يتقرب إليه بالعبادة في الصلاة كما يتقرب إليه بالنسك، قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، وقد نزلت هذه الآية كما ذكر ذلك بعض المفسرين ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في صحن الحرم، فقال المشركون: انظروا إلى هذا الذي يرائي في صلاته، فهلا تقدم أحدكم إلى سلا جزور بني فلان فيضعها على ظهره! فقام أشقاهم فوضعها )، والحديث أصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود ، ثم أمر الله تعالى نبيه أن يقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].

    وفيه فائدة وهو أن المنافقين والليبراليين إذا اتهموا الداعية والصاد والمنافح عن دينه بأنه يريد الاستعلاء أو يتدثر بعباءة الدين؛ لأنه يريد شيئاً من حطام الدنيا، فإنه لا حرج أن يقول: والله ما أردت إلا وجه الله والدار الآخرة، وأن يعلن ما في قلبه كما أمر الله نبيه بذلك حينما نزلت فقال: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088462136

    عدد مرات الحفظ

    776868366