إسلام ويب

مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [3]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد بين الدين الحنيف كيفية الصلاة بتمامها، وقد شرع الله لها أحكاماً وواجبات فمن واجباتها قراءة الفاتحة على الإمام والمأموم والمنفرد، ويجب على المأموم متابعة إمامه في أفعال الصلاة ولا يلزم متابعته في النية.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

    اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم.

    وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله: [ باب: وجوب القراءة بأم القرآن في الصلاة.

    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج -ثلاثاً- غير تمام، فقيل: لـأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام، قال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]، قال الله: مجدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ].

    هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه وتفرد به.

    واستدل أهل العلم بهذا الحديث في مسائل:

    هل البسملة آية من الفاتحة

    المسألة الأولى: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وذلك لأن في الحديث في قوله: قال الله تعالى: ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] )، فلم يقل: بسم الله الرحمن الرحيم. وهذا وجه من الدليل.

    الوجه الثاني من الدليل: أنه جعل قسماً بهذه السورة ثلاث آيات لله، وثلاث آيات للعبد، وآية بين العبد وبين ربه، فـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:2-4]، هذه لله، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، هذا بين العبد وبين ربه، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، هذه آية: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، ثلاث آيات هي للعبد، هذا وجه الدلالة.

    قراءة البسملة في الفاتحة في الصلاة

    المسألة الثانية: في حكم قراءتها.

    ذهب الحنفية والحنابلة إلى استحباب قراءتها سراً.

    وذهب مالك إلى عدم استحباب قراءتها في حق الإمام والمنفرد، مستدلاً برواية ابن خزيمة : ( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر و عمر فلم يكونوا يقرءون بـبسم الله الرحمن الرحيم )، أما رواية مسلم : ( فلم يكونوا يفتتحون بـبسم الله الرحمن الرحيم )، وهناك رواية في الصحيحين: ( فلم يكونوا يجهرون بـبسم الله الرحمن الرحيم ).

    والراجح هو استحباب قراءتها لعموم قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98]، ولحديث أبي هريرة : ( أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم )، وأما جهره فإنما كان ذلك للتعليم.

    أما الشافعي فإنه أوجب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأنه يراها من الفاتحة -وهذه فائدة أن كل حديث فيه جهر النبي صلى الله عليه وسلم بـبسم الله الرحمن الرحيم مرفوعاً فإنه لا يصح، وإنما هو من قول أبي هريرة وهو لأجل التعليم، والله أعلم.

    كما ذكر ذلك أبو العباس بن تيمية و المنذري وغيرهم.

    قراءة الفاتحة في حق الإمام والمأموم والمنفرد

    المسألة الثالثة: استدل بهذا الحديث على ركنية قراءة الفاتحة في حق الإمام والمنفرد، وأما المأموم فيستدل بهذا الحديث على وجوبها لا على ركنيتها، وإنما فرق بينهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بكرة ، قال لـأبي بكرة حينما ركع دون الصف: ( زادك الله حرصاً ولا تعد )، وعدها ركعة، فدل ذلك على أنها لو كانت ركناً لما سقطت ولما أجزأت، وهذا يدل على أن الفاتحة في حق المأموم واجبة، والواجب يسقط مع العجز وعدم الإمكان.

    وهذا قول عمر بن الخطاب و زيد بن ثابت ، وهو مذهب الشافعي ورواية عند الإمام أحمد وهذا أقرب، والله أعلم.

    وهو أن قراءة الفاتحة في حق المأموم واجبة إلا أنها تسقط مع العجز وعدم الإمكان، فالعجز مثلما لو جاء والإمام يقرأ سورة فلا يستطيع أن يقرأ إلا برفع صوته، فهذا عاجز فتسقط، أما عدم الإمكان فكما لو جاء والإمام راكع، هاتان حالتان، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088462631

    عدد مرات الحفظ

    776870761