إسلام ويب

مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للجمعة أحكام متعددة، منها ما يتعلق بالخطبة، ومنها ما يتعلق بالصلاة، فمن ذلك استحباب تقصير الخطبة ورفع الصوت بها وإطالة الصلاة، وحسن الاستماع إليها، ويستحب كذلك صلاة ركعتين أو أربع بعدها، وأن يفصل بين الفرض والنافلة بكلام أو خروج.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    وبعد:

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: رفع الصوت بالخطبة وما يقول فيها.

    عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه؛ السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي ) ].

    هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.

    وهذا الحديث يفيد مسائل:

    استحباب تأثير الخطيب في المستمعين

    المسألة الأولى: أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في مستمعيه، وألا تكون خطبته كحديثه؛ (ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب -وهو الذي على خلق عظيم وعلى سمت جليل- احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه)، فهذا يفيد أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس بأسلوبه وتأثيراته.

    ولهذا جاء في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المسيح الدجال فخفض فيه ورفع )، يقول الراوي: ( حتى ظننا أنه في طائفة النخل )، يعني: نريد أن نلتفت وننظر هل المسيح الدجال هل هو خلفنا أم لا؟ من شدة تأثر النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه عن الدجال حتى كأنه ينظره: ( وذكر النار ثم أعرض وأشاح )، يعني: كأن النار بين يديه، فهذا يدل على أنه ينبغي للخطيب أن يؤثر في الناس، حتى كأنهم يرون ما يتحدث عنه رأي عين.

    مدى اشتراط قراءة آية والصلاة على النبي في الخطبة

    المسألة الثانية: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجب قراءة آية، ولا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، وذلك لأن الراوي لم يذكر هذا، وإنما ذكر أن النبي كان يستفتح بالحمد لله، والمسألة محتملة.

    فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب قراءة آية، وأن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.

    وذهب الحنفية ورواية عند الإمام أحمد، اختارها ابن سعدي و أبو العباس بن تيمية أن الواجب أن يحمد الله وأن يذكر الناس بالله، هذا هو أصل الخطبة، فأصل خطبة الجمعة هو حمد الله، وتذكير الناس بالله، فمتى حصلت هذه الأشياء فإنها تكون خطبة، والله أعلم، وهذا القول قوي والله أعلم؛ ذلك أن اشتراط الصلاة على النبي واشتراط قراءة آية، لا يمكن أن يستدل به على الشرطية من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

    كيف وهو لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم لفظ يدل على وجوب أخذ ما فعل، كما قال في النسك: ( خذوا عني مناسككم )، وقال في الصلاة: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )؟! فهذا لا يمكن أن يستدل به على الشرطية، ولهذا قول أبي حنيفة قوي، والله أعلم.

    حكم خطبة الحاجة في خطبة الجمعة والمداومة عليها

    المسألة الثالثة: هل قول: إن الحمد ... فإن خير الهدي كتاب الله يقولها في كل خطبة، أم أحياناً؟ الذي يظهر والله أعلم أن ذلك غالب فعله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن كل فعله.

    ومثل ذلك: حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، فإن من العلماء من قال: فإنه ينبغي أن يقول في دعاء الحاجة أو خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه.

    فهل يداوم على ذلك أم لا؟ يعني: هل السنة المداومة على (إن الحمد لله) أم لا؟

    أقول: أما أن يخطب أحياناً بـ ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا )، الحديث، فهذا حسن عند عامة أهل العلم، بل هو سنة أحياناً، لكن هل يداوم عليه أم لا؟ الذي يظهر لي والله أعلم أنه لو داوم عليها فإنه حسن، والله أعلم.

    أما ما يفعله بعض الخطباء، وهو قلة ما يبدأ بخطبة الحاجة فهذا خلاف السنة، أكثر الخطباء الآن تجدهم يأتون بمقدمة فيها سجع تناسب الخطبة، وهذا لا بأس به أحياناً، لكن ينبغي أن يكثر من خطبة الحاجة، والله أعلم.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523742

    عدد مرات الحفظ

    777120699