إسلام ويب

بلوغ المرام - كتاب الطهارة [17]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ينبغي للإنسان ألا يستسلم لوساوس الشيطان وأن يقطع عليه طريق الوسوسة، خصوصاً في أمور العبادات. ويشرع للمسلم إذا ذهب لقضاء حاجته أن يضع كل شيء فيه ذكر الله تعالى بعيداً، إلا إذا خاف عليه السرقة أو السقوط أو المهانة أو غيرها فإنه لا حرج أن يغطيه بثوبه ويدخله معه.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    اللهم عملنا ما ينفعنا وانفعنا بما عملتنا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، أما بعد:

    فقد سألني أحد الموسوسين أنه إذا دخل الحمام وسوس له الشيطان فنصحته ألا يلتفت إلى الوسوسة، وقلت له:

    أول ما تدخل الحمام تفعل هذا الأمر وتخرج, واترك إبليس يوسوس فقال: بس, قلت: هذه بس هي إبليس. إبليس يقول لك: أنا كذاب, وألعب عليك, لكنك ناسي, ثم يفتح لك باباً للأعذار, ويقول: تذكر يوم صليت وتركت كلامي وتبين أن فيه بقعة نجاسة، فلا تكرر مرة ثانية, وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله عن بعض السلف قوله: أتظن أنك تسلم من وساوس إبليس وخطواته, وعنده خبرة من أول ما خلق الله آدم, فلا تظنن أن أمره هيناً، ولابد أن تعرف أن كيد الشيطان عظيم إذا لم تعتصم بالله, فإذا اعتصمت بالله كان كيد الشيطان ضعيفاً, إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [الحجر:42], وعباد الله هم الذين يتخذون الشيطان عدواً: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا [فاطر:6], ونحن إذا أطعنا العدو, فإنه يدل على غفلتنا فلا ينبغي أن نطيع الشيطان حتى ولو خيل إلينا أنه صادق, فلا نقبله, فكذلك في هذا الباب يجب أن تقفل عليه الباب, وخلال يوم أو يومين أو ثلاثة أو أسبوع, أسبوعين بإذن الله سوف يذهب؛ لأنه يطرق الباب, فإذا وجد الباب مقفلاً ذهب إلى غيرك, وإذا أقفل كل واحد بابه ذهب للكفرة, يلعب بهم.

    ولهذا عندما جاء الصحابة إلى ابن عباس حينما قال اليهود: نحن أفضل منكم, لا يأتينا الشيطان في صلاتنا وفي صوامعنا ويأتيكم أنتم, فقال ابن عباس : وما يصنع الشيطان في قلب خرب, فلا بد أن يكون عندك صرامة في هذا الباب.

    هذا الحديث علاج جيد, لكن في سنده ضعف, وهو حديث أبي سعيد , الذي قال فيه المؤلف: [ وللحاكم من حديث أبي سعيد : ( وإذا جاء أحدكم الشيطان فقال: أحدثت, فليقل: كذبت ), وأخرجه ابن حبان بلفظ: ( فليقل في نفسه: كذبت ) ].

    هذا الحديث يرويه الحاكم و ابن حبان , من طريق يحيى بن أبي كثير عن عياض بن هلال عن أبي سعيد , والحديث في سنده عياض بن هلال وقد اختلف فيه, وهو مجهول لم يرو عنه إلا يحيى , فمرة قيل: إن اسمه عياض بن هلال , ومرة قيل: هلال بن عياض , ومرة قيل: عياض بن أبي زهير الأنصاري , والحديث -كما قلت- في سنده عياض هذا وهو مجهول, والحديث رواه مسلم من حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد وفيه: ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى, أثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ), والحديث ذكره الحافظ ابن حجر مختصراً, وإلا فالحديث في أوله: ( إذا شك أحدكم في صلاته ثلاثاً أم أربعا, وإذا وجد أحدكم في صلاته شيئاً فليقل: كذبت ), فهذا الحديث أصله عند مسلم , والحديث منكر, لكنه جيد, ولهذا إذا وسوس لك إبليس في الصلاة فالتفت على يسارك ولو كنت في الصلاة؛ لأنه التفات لمصلحة الصلاة, وقل: أعوذ بالله منك, أعوذ بالله منك, أعوذ بالله منك, آمنت بالله ورسله, آمنت بالله ورسله, آمنت بالله ورسله, وانفث على يسارك, ثم انته، فهذا يجعل إبليس يغار, ويقول: ( أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة, وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار ), كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ، فكلما عصيت إبليس كلما اقتربت من الجبار, وكلما أطعت إبليس كلما ابتعدت من القهار, سبحانه جل جلاله وتقدست أسماؤه.

    إذاً هذا الحديث يرويه عياض بن هلال عن أبي سعيد , ولم يرو عن عياض إلا يحيى بن أبي كثير فيكون مجهولاً, وقد تقبل رواية المجهول بشروط:

    أولاً: إذا روى عنه اثنان من الثقات فأكثر.

    ثانياً: إذا روى عنه أحد من الأئمة محتجاً به.

    ثالثاً: أن يكون من الراوين عن الصحابة من الطبقة الأولى.

    رابعاً: ألا يأتي بما ينكر. وقد أشار إلى بعضه الإمام الذهبي رحمه الله, وهذا فيه علتان مما ذكرناه.

    العلة الأولى: أنه لم يرو عنه إلا يحيى .

    الثانية: اختلافه؛ لأنه قال: (كذبت) وليس فيه هذه الرواية, فقد خالف عطاء بن يسار رحمهم الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088518852

    عدد مرات الحفظ

    777082244