إسلام ويب

حديث جابر في صفة حج النبي [2]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للحج أنساك ثلاثة: التمتع والإفراد والقران، وكلها مشروعة بلا خلاف، إلا أنه اختلف في أفضلها، وأول شيء يبدأ به الحاج أو المعتمر عند وصوله البيت الطواف، ويشرع فيه الرمل في الثلاثة الأول، والاضطباع، واستلام الركنين، جاعلاً البيت عن يساره، ثم يصلي ركعتي الطواف، ثم يتجه إلى المسعى، ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وبعد:

    فقبل أن نشرع في شرح المتن، نبين مسألة من مسائل التلبية وهي حكم التلبية، ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن التلبية سنة.

    وذهب أبو حنيفة رحمه الله -وهو اختيار أبي العباس بن تيمية- إلى أنه يلزم مع النية إما التلبية أو سوق الهدي. جمهور أهل العلم يرون أن الإنسان يكتفي بمجرد نيته لدخوله في النسك أياً كان هذا النسك.

    أما قول أبي حنيفة وهو اختيار ابن تيمية أنه يلزم مع النية التلبية أو سوق الهدي, واستدلوا على ذلك بأن قالوا: إن لم يحرم من حين خروجه من بيته إلى البيت الحرام فهو ناوٍ للنسك, فلا بد من أمر زائد يخرج هذه النية إلى نية زائدة أخرى.

    أما جمهور أهل العلم فإنهم يقولون: نية الخروج من البيت إلى البيت الحرام هي نية إرادة فعل النسك, أما الدخول في النسك فهي نية الدخول في فعل النسك, وفرق بين الأمرين, إذا خرج الإنسان من بيته فهو يريد أن يفعل النسك, أما إذا دخل في النسك فهو يريد فعل النسك في الحال.

    وأما استدلال أبي حنيفة على الوجوب بما رواه خلاد بن السائب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن جبريل أمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية ), فقوله: (أمرني) ليس دليلاً على الوجوب؛ ذلك أن الأمر في الحديث إنما هو برفع الصوت, وقد أجمع أهل العلم على أن رفع الصوت بالتلبية مستحب, فلا يسلم الاستدلال بهذا الحديث.

    والأقرب -كما مر معنا- أن التلبية سنة, والمرأة تلبي كالرجل.

    أما رفع الصوت فقد ذهب عامة الفقهاء إلى أن المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية, وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك, واستدلوا بما رواه البيهقي من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال: المرأة لا تصعد بين الصفا والمروة ولا ترفع صوتها بالتلبية, وهذا إسناد صحيح لا يخفى, وهو أقرب والله أعلم.

    القول الثاني: مذهب ابن حزم وقد ذهب إلى أنه يشرع رفع الصوت بالتلبية حتى من النساء, واستدل على ذلك بما رواه ابن أبي شيبة أن معاوية خرج ليلة النفر فسمع صوت تلبية فقال: من هذا؟ قالوا: عائشة اعتمرت من التنعيم فذكر ذلك لـعائشة فقالت: لو سألني لأخبرته, قالوا: فهذا يدل على أن عائشة رفعت صوتها، وهذا الحديث وإن كان إسناده جيد لكن حمله على ما ذهب إليه ابن حزم فيه نظر، وذلك لأمور:

    الأمر الأول: أنه سمع صوت تلبية ولا يلزم أن تكون هذه التلبية من عائشة , فإن عبد الرحمن بن أبي بكر ذهب بـعائشة فأعمرها من التنعيم, فجائز أن يكون من الرجال ممن كان مع عائشة من رفع صوته بالتلبية, وأما قولهم: عائشة اعتمرت من التنعيم؛ ليبين هذا الأمر؛ ما سبب هذه التلبية؟ أن عائشة اعتمرت من التنعيم وناس معها يلبون.

    الأمر الثاني: أن عائشة رضي الله عنها ربما تكون رفعت صوتها يسيراً وكانت قريبة من معاوية رضي الله عنها فسمع معاوية هذا الصوت واستفسر عنه, وتكون عائشة ممن لبت قريباً من جارتها ومن معها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088483713

    عدد مرات الحفظ

    776943809