إسلام ويب

شرح قواعد الأصول ومعاقد الفصول [3]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع هو ما يسمى: بالحكم، ويمكن فهمه إما نطقاً، أو استنباطاً، وأركان الحكم ثلاثة: الحكم، والمحكوم فيه، والمحكوم عليه؛ وهو المكلف الذي توفر فيه شرطان: البلوغ والعقل. ومن أقسام الأحكام التكليفية: الواجب، وله أقسام بعدة اعتبارات هي: الواجب من حيث الفعل، ومن حيث وقت الأداء، ومن حيث الفاعل.
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه! وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه! ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    تعريف الحكم

    أحبتي الكرام! وصلنا إلى قول المؤلف في تعريف الحكم: [ أنه قضاء الشارع على المعلوم بأمر ما نطقاً أو استنباطاً ]، والمؤلف حينما قال: (قضاء الشارع)، قلنا: إن المؤلف إنما قال: (قضاء الشارع)، رداً على جمهور الأصوليين الذي عرفوه بأنه: خطاب الشارع، وقلنا: إنه لا مشاحة بين أن يقال: خطاب الشارع أو قضاء الشارع، وما الفرق بينهما؟ الفرق بينهما: أن الحكم غير الخطاب، فالحكم أثر الخطاب وليس هو الخطاب، فإذا قال الله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43]، فهذا خطاب من الله، لكن ليس حكماً، فالحكم أثر هذا الخطاب الذي هو الأمر به، والذي يقول فيه المؤلف: قضاء الشارع، وقلنا: إن أفضل تعريف هو: خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، وإن شئت قل: مقتضى خطاب الشارع، فيكون التعريف تعريفاً جامعاً مانعاً.

    طريقة فهم الحكم من خطاب الشارع

    وقول المؤلف: (نطقاً أو استنباطاً)، يعني: أن دلالة اللفظ في خطاب الشارع، إما أن يفهم الحكم نطقاً، يعني: صراحة كما يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:183]، هذا نطق، ولا يتطرق إليه احتمال، أو يفهم استنباطاً مثل: قول الصحابة: ( يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك إذا وضعها في حلال ). فهذا استنباط.

    خذ مثالاً آخر: ما جاء عند أهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي الغنم في سائمتها )، مفهوم المخالفة أن ليس في الغنم غير السائمة زكاة، فهذا يسمى استنباطاً، وهو من الحكم.

    أركان الحكم والمقصود بالشارع

    المؤلف يقول: [ والحاكم هو الله ]، المؤلف قال في أول أمره: [ في الحكم ولوازمه ]، ولوازم الحكم هي أركانه؛ أي: أركان الحكم، وأركان الحكم ثلاثة: الحاكم، والمحكوم عليه، والمحكوم فيه. فالحاكم يقول المؤلف: [ هو الله سبحانه لا حاكم سواه، والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ ومبين لما حكم الله ]، كما قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40]، وقال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية:21]، وقال تعالى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ [الشورى:48].

    وذكرنا سابقاً أن إطلاق الشارع يراد به الله سبحانه وتعالى، وبعض الأصوليين يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الشارع، وقلنا: لا مشاحة في ذلك؛ لأن مقصود: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارع هو في معنى التبليغ عنه، كما قال تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، هذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الشارع، ومثله قوله: ( ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه )، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقبل قوله، وكما قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [النساء:105]، وهذا مثل جبرائيل حينما قال عنه في القرآن إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [الحاقة:40].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088468246

    عدد مرات الحفظ

    776897224