الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
مشاهدينا الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء يجمعنا بضيف كريم، صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء. باسمكم مشاهدينا الكرام، وباسم الزملاء أرحب بفضيلته، أهلاً وسهلاً بكم دكتور!
الشيخ: حياك الله أخي عبد العزيز ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.
المقدم: أكرر الترحيب بكم ثانية، ونسعد بتواصلكم على الأرقام التي تظهر على الشاشة وعبر البريد الإلكتروني للبرنامج.
مشاهدينا الكرام! حديثنا في هذه الحلقة هو حديث مهم لكل البيوت تقريباً، الكل يريد أن يستفيد مما يوجه به فضيلة شيخنا حول موضوعنا، حديثنا صاحب الفضيلة! حول الإجازة، الإجازة الآن بدأت، وكثير من الآباء، يا شيخ! يريدون برنامجاً عملياً، هم يقولون: نحن نعرف بأنه يجب أن نستفيد من الإجازة، ويجب أن تستغل، لكن كيف يا شيخ؟ ولا سيما أن البيوت فيها أيضاً البنات، بعض الأحيان يركزون على البنين ويتجاهلون البنات، فما توجيهكم حفظكم الله؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
مسألة أن الناس يفهمون أنه لا بد من استغلال الإجازة، أنا أعتبر يا شيخ عبد العزيز أننا ما زلنا بحاجة إلى شحذ الهمم على أهمية الاستفادة من أوقاتنا؛ ولهذا فهم كثير من الناس أن العطلة هي مجرد الاستمتاع، وضياع الأوقات باللهو والمرح، بحيث تكون هذه هي جل مفهوم الناس في العطلة، وهذا أكبر خطأ أن نتصور أن اللهو هو غاية؛ وإنما هو وسيلة لما بعده، كما قال معاذ بن جبل: وإني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي، يعني: أنا حينما أنام إنما أنام لأجل أن أستعد لما بعد النوم، وليس النوم هو غاية، ولأجل هذا لم تبن الحضارات، ولم تبن الأمم، ولم تبن المثل باللهو أو بالمرح، أو بالكماليات، إنما بنيت باستغلال الأوقات، وبنيت بشحذ الهمم؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة : (إذا نام في الليل فزع)، ولا والله ما قالت: قام، لماذا؟ لأنه كان يرسم الهدف ويكون أمامه، وهو عبادة الله سبحانه وتعالى، والتبتل إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه جعل ذلك غاية اهتمامه، فلما رأت عائشة منه إصراره وحزمه، وشدته عليه الصلاة والسلام على نفسه؛ لأجل أن يحصل على الهدف الذي رسمه وهو طاعة الله ومرضاته في كل ما يأتي ويذر، قالت عائشة : (يا رسول الله! إني أحب قربك، قال: ذهب عهد النوم يا
فالذين يريدون أن يرسموا لأنفسهم عمراً ثانياً -لأن ذكر الإنسان عمر ثانٍ- فلا بد أن يستغلوا أوقاتهم، ولا بد أن يستغلوا أعمارهم.
ولهذا لا بد للإنسان أن يرسم أهدافه، ولا يلزم من ذلك أن تكتب كما يقول بعض علماء التطوير، أنا لا أرى إلزاماً، وإن كان الأفضل، لكني أرى أن يكون الهدف حياً ظاهراً، موجوداً في ضميرك موجوداً في عقلك، موجوداً في تصرفاتك، انظر إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه سراقة بن مالك قال: ( ما ظنك يا
كثيرون من الذين نعم الله عليهم بالمال بمجرد أن الابن يقول: أريد مثلاً آيفون، أو أريد آيبود، أو أريد آيباد، أو غير ذلك من الأجهزة، تجد أن الأب يعطيه من غير كد ولا اجتهاد، نحن بحاجة إلى أن نقول لأولادنا ليس من باب البخل، ولكن من باب التربية، نقول حينما يريد الابن شيئاً من متاع الدنيا: لا بد لحصول هذا من أن تحفظ بيتاً من أبيات شعر المتنبي ، أو تحفظ كتاباً، أو تقرأ كتاباً من الكتب التي تستفيد منها، أو تحفظ شيئاً من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو من كتاب الله سبحانه وتعالى، هذا سيجعل الابن متحمساً لأجل أن يحصل على ما يريد، ولو جلس يعلم أن جلوسه لأجل أن يستفيد، ويعلم أنه بجلوسه هنا سيحصل على هذا الأمر، فإذا حصل على هذا الأمر حصله بجد واجتهاد.
نحن بهذا الأمر ننمي قدرات أبنائنا وبناتنا، ننمي فيهم الاهتمام الشديد للحصول على ما يريدون بجد واجتهاد، بخلاف أن ينمى الطالب أو الابن على أن كل ما يريده يحصل لا محالة، فبمجرد أن يذهب إلى الأب ويطلب منه، أو يبكي عنده، أو يتعاطف معه سيحصل على ما يريد.
أنا أقول: يجب أن نبين لأبنائنا وبناتنا أن كل ما يريدونه لا بد أن يحصلوا عليه بجد واجتهاد، ولا بد أن يحصل بتعب، أياً كان ذلك التعب؛ تعلم الكمبيوتر، تعلم الخط، تعلم البيع، تعلم الشراء، تعلم مهارة من المهارات، بحيث ننمي في قدرات أبنائنا هذا الأمر، هذه نقطة.
النقطة الثانية: حينما نرسم أهدافنا لا بد أن تكون واقعية، أما أن نرسم أهدافنا لينفذها غيرنا فليس بصحيح، فمثلاً أنا قدراتي محدودة، فلا أقول: أقرأ عشرات المجلدات، وأنا لا أستطيع.
لكن عليَّ أن أعطي أبنائي وبناتي بعض الكتب التي تنمي عندهم حب الإيمان، تنمي عندهم المقدرة العقلية، تنمي عندهم حسن الحوار والأدب، تنمي عندهم حسن التعامل، فبعض الناس لا يحسن أدب الاتصال وأدب الحديث، كل هذا نحن بحاجة إلى أن نعطي أبناءنا جرعات منه وذلك بأن يقرأوا ويستفيدوا.
النقطة الثالثة حينما نقول: التخطيط مهم جداً؛ لأن الذي لا يخطط لا يمكن أن يصل، أنت لا تستطيع أن تقول للمقاول: ابن لي فلة، إن لم تكن قد خططت لها، ووضعت لها مخططاً هندسياً.
قرأت: أن في إحدى سنوات التخرج لجامعة كاليفورنيا طلبوا من الطلاب أن يكتبوا أمنياتهم، فثلاثة بالمائة من الطلاب المتخرجين قالوا: نحن نطمع إلى فعل شيء، قيل لهم: هل خططتم؟ قالوا: نعم، ثلاثة بالمائة خططوا، والبقية الذين هم سبعة وتسعون بالمائة لم يخططوا، لقد كانوا يعيشون في أحلام، أنا سوف أكون طياراً، أنا سوف أكون محامياً، أنا سوف أكون فيلسوفاً، أنا سوف أكون.. أياً كان هذا الأمر، فتجد أن هؤلاء حينما كتبوا أمنياتهم أعجبت بهم إدارة الجامعة فكتبت هؤلاء الثلاثة، وأخذت عناوينهم وأرقام هواتفهم، وأخذت أرقام السبعة والتسعين بالمائة، وبعد عشر سنوات طلبت هذه الجامعة من طلاب سنة كذا وكذا أن يحضروا لحفل تكريم هؤلاء الطلاب، فاجتمع كثير من هؤلاء الطلبة، وفوجئوا أن سبعة وتسعين بالمائة من الطلاب الذين كانوا يحلمون بأمنيات من غير تخطيط أصبح بعضهم فاشلاً في حياته، وبعضهم غارق في المخدرات، وبعضهم ليس فعالاً، وبعضهم همه وظيفته وبيته فقط، وأن الثلاثة بالمائة الذين خططوا وقت تخرجهم حصلوا على ما خططوا له، والسبب راجع إلى التخطيط.
وتعجبني قصة ذلك الرجل الذي كان مديراً لإحدى جامعات بريطانيا، وعمره ستون سنة، وبعد ما انتهى من خدمة الجامعة أقيم له حفل، فجاء الحفل، فطلب منه أن يقوم ويلقي كلمة، فشكر الحضور على حضورهم وتفاعلهم وتعاطفهم معه، وقال: أنا قد خططت لعشر سنوات قادمة عشر أمنيات، فضحكوا، قالوا: الآن هذا شخص عمره ستون سنة يخطط لسبعين سنة، ما كانت خطته؟ يقول: كانت خطتي:
أولاً: أن أوجد مدينة متكاملة تكنولوجياً في الاتصالات.
ثانياً: أحصل على مبنى لي ولأسرتي عشرة آلاف متر مربع.
ثالثاً: أن أحصل على مبلغ بقيمة تذاكر لأن تزورني بناتي وأولادي كل ثلاثة أشهر؛ لأن هذا بطبيعة أحوالهم عندهم تفككاً أسرياً، وذكر من الأمنيات عشراً، فجعل بعض الحضور يهمس ويتكلم: ما يريد، هذا ما يريد من حياة؟ هذه أمنية؟ سبحان الله العظيم! هذا الشخص بعد سنتين، وقد تفاعل في قضية الحصول على قطعة أرض لبناء وحدة، أو منطقة للاتصالات، قالوا له: لماذا؟ قال: لأني علمت أن بريطانيا استطاعت أن تحصل على استغلال واستعمار الهند حينما علمت أن التوابل هي أكبر شيء في النجاح في وقته، يقول: وعلمت اليوم أن النفط سوف ينتهي، وستكون القوة القادمة في الاتصالات، يقولون: بعد ثلاث سنوات جاءت رئيسة الوزراء في ذلك الوقت تاتشر فطلبت منه أن يقوم بإدارة مدينة متكاملة في بريطانيا فرفض، يعني: هذه أمنية فرفض، قالت له: لماذا؟ قال: لأني أنا في طريقي للحصول عليها، لكن عندي الآن مبنى عشرة آلاف متر مربع لم أحصل عليها، فقالت: نحن نعطيك إياها من قبل الحكومة شريطة أنك إذا مت يرجع للحكومة، قال: أنا راضٍ، فأخذ اثني عشر ألف مترٍ أفضل من أمنيته.
قال: الأمنية الأخرى أريد تذاكر كل ثلاثة شهور لأجل أن يزورني أولادي وبناتي، قالت: سوف تحمل الحكومة هذا الأمر، فحصل على تسع من أمنياته خلال عشر سنوات، بعد عشر سنوات صار عمره سبعين سنة، وبعد عشر سنوات أقام أصحاب المبنى الذي هو الوحدة المتكاملة في الاتصالات حفلاً لتكريمه، فقام فتحدث، فقال: إني أشكركم على حضوركم، ولقد رسمت عشرة أهداف لعشر سنوات قادمة، يقول: فلم أجد أحداً يضحك مني؛ لأني قد حصلت على أكثر أمنياتي خلال عشر سنوات.
سؤال: ما الذي جعله في هذه الهمة؟ هو التخطيط، والإرادة، ورسم الهدف أمامه بين عينيه.
إذاً من المهم جداً أن نعلم أن كثرة اللهو، وكثرة المرح، وكثرة الاستمتاع بالحياة ومتعها لا تنجز شيئاً، ولن تنجح، إذ الحياة متعة لأجل أن تستفيد منها لما بعدها؛ ولهذا قال القائل:
إذا كان يلهيك حر المصيف ويبس الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن جمال الربيع فأخذك للعلم قل لي متى؟
فالإنسان إذا جاء وقت الصيف قال: صيف وحر فأريد أن أذهب وأسافر، أريد أن أستمتع بالحياة، أنا سوف أجتهد بعدما أرجع ثم يضيع الصيف، فإذا جاء وقت الشتاء، قال: الشتاء وما أدراك ما الشتاء، فيه التزلج، وفيه الذهاب إلى البراري، وفيه المتعة، وفيه الضحك، وفيه وقدة النار كما يقولون، ثم يضيع الشتاء، فإذا جاء وقت الخريف، قال: الخريف هو تساقط الأشجار، وحسن النظر، وإذا جاء الربيع قال كذلك، فيضيع وقته.
ولهذا أنا أرى من الأهمية بمكان أن نجعل لأولادنا وبناتنا ونجعل لأنفسنا جدولاً، هذا الجدول مثل الجدول الدراسي، أنا أضعه لأولادي، أو الأم تضعه لأولادها، لكن لا بد أن يكون عن خبرة، وعن تجربة، وأن يكون واقعياً.
بعض الأسر تنام لتسهر إلى الفجر، هذا مع الأسف الشديد، لكنك لو طلبت منهم أن يناموا الساعة العاشرة ثم هم لن يحصّلوا فتكون قد فشلت في كل المشروع، أليس كذلك؟ فلأجل هذا نجعل جدولاً لكل أسرة على حسبها، فبعض الأسر تنام من الساعة العاشرة، وبعض الأسر تنام من الساعة الحادية عشرة، وبعض الأسر تنام من الساعة الثانية عشرة، وبعض الأسر تسهر إلى الفجر، أقول: تعالوا يا أولادي! أنتم تريدون أن تذهبوا إلى أخوالكم وأعمامكم، تعالوا فإن معنا بعد صلاة العشاء جدول لمدة ساعة تقريباً نحفظ شعراً، نحفظ أدباً، نتعلم، أو نأخذ دورة في العصر، أو في الصباح، بحيث يستطيع الأب أن يقول: ابني بإذن الله يستطيع أن يتحكم في جهاز الحاسب الآلي، ويستطيع أن يتعلم الوورد والأكسل وغير ذلك؛ لأننا إذا علمنا أولادنا في الثانوية أو في المتوسط أن يحسنوا التعامل مع جهاز الكمبيوتر، فإنهم في جامعتهم سوف تسهل عليهم عملية البحث، ويسهل عليهم عملية الكتابة والطباعة، فإذا عودت ولدي في العطلة أن يطبع، هذا بحد ذاته انتصار للنفس، إذا عودت ولدي أن يستغل أوقاته في حفظ أبيات من الشعر بحيث يستقيم لسانه هذا نوع من النجاح، إذا عودت ولدي أن يحفظ شيئاً من القرآن، وسنة سيد الأنام أنا أعتبر نفسي ناجحاً؛ ولهذا أيها الإخوة لا بد أن نعلم أن سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين لم يحصلوا على هذا العلم لسرعة حفظهم.
هذه الهمة العالية منهم من أصبح عمره الآن ثلاثاً وستين سنة على هذا المنوال:
نفس عصام سودت عصاماً
وعلمته الكر والإقداما
وصيرته ملكاً هماماً
الفرق الذي بيني وبينك يا عبد العزيز! همتك وضعف همتي، الفرق بين الإخوة هي الهمة، و صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ [الرعد:4]، فإنك ربما تجد أخوين أحدهما صاحب همة عالية، ما الذي جعله ينجح؟ ما الذي جعله يحصل على الشهادات العالية؟ ما الذي جعله يرتقي في سلم العلم والطلب؟ ما الذي جعله يحصل على كثير من العلم، وغيره ممن يكبرونه لم يحصلوا؛ لأنه لم يكن يرتاح مثل راحتهم، كان يحفز الهمم للحصول على ما يريد.
أنا أذكر قصة للزمخشري ، كان هو وأحد زملائه يطلبون العلم، فكان الزمخشري حثيثاً على طلب العلم، وصاحبه اهتم بالعلم ثم انتقل إلى التجارة، وكبر هذا في التجارة، وكبر جار الله الزمخشري في علمه، يقول: فجمع بينهم مجلس، فكان الناس يسألون جار الله الزمخشري ويجيب، وكأنه ما شاء الله نهر يتدفق، فكان هذا زميله التاجر ينظر إليه بشوق ولهف، فلما انتهى من مجلسه، قال: والله لوددت أني بذلت كل مالي لأن أحصل على مثل هذا المجلس يا جار الله ، يعني: مثلما حصلت على هذا، فضحك جار الله الزمخشري يقول: فقال: والله إني لصادق، يعني: لا تظن أني أهزل فضحك، قال: لا، ولكني أقول:
أأبيت سهران الدجى وتبيته نوماً وتبغي بعد ذلك لحاقي
الذي يريد النجاح لا بد أن يبذل وقته، أن يبذل جهده؛ ولهذا قال يحيى بن أبي كثير كما روى مسلم في صحيحه: ( لا يستطاع العلم براحة الجسد ).
المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ! وجزاكم خيراً على هذا التوجيه المبارك، استقبل اتصالات، الأخ مبارك من المغرب، ونعتذر لأخينا مبارك والأخ أبو عبد الله لأننا أطلنا عليهما، تفضل أخي مبارك ؟
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. تفضل أخي مبارك .
المتصل: الوالد مريض عيان. نسألك الدعاء.
المقدم: طيب! شفاه الله وعافاه، لديك سؤال آخر أخي مبارك .
المتصل: نعم. إذا كان يشرب منه ويتوضأ فهل هذا جائز أم غير جائز؟
المقدم: طيب واضح، شكراً أخي مبارك!.
الأخ أبو عبد الله من السعودية تفضل.
المتصل: ألو السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: وجزاكم الله ألف خير على البرنامج.
المقدم: وإياك، تفضل أبا عبد الله .
المتصل: عندي بعض الأسئلة:
السؤال الأول: ما حكم قول: الله يقرفك! يعني: واحد لما يرى حاجة يقرف منها يقول: الله يقرفك لشخص، فما هو الحكم؟
السؤال الثاني: العمرة في رمضان تعدل حجة، فهل لو اعتمرت مرتين يكون الأجر كأجر حجتين أو لا؟
السؤال الثالث: نعرف أن المذاهب الفقهية أربعة، وهناك ناس يضيفون المذهب الظاهري، فما أدري هل هو مذهب خامس أم لا؟ وهذه الأسئلة شكراً.
المقدم: شكراً أبا عبد الله .
الأخت أم سلسبيل من الجزائر!
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي!
المتصل: عندي سؤالان فضيلة الشيخ!
المقدم: ما هما؟
المتصل: السؤال الأول عندي عقيقة مع قرب السكن في البيت الجديد، فهل لنا أن نؤخرها إلى حين السكن في البيت الجديد كما يريد الزوج؟
السؤال الثاني: اللحية هل هي سنة أم واجب؟
المقدم: طيب شكراً لك أختي أم سلسبيل .
طيب! شيخ! الأخ مبارك من المغرب هو يقول: والده مريض يرجو منكم أن تدعو له ولسائر المسلمين يا شيخ!
الشيخ: أسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي والده، وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية، وأن يجعل ما أصابه تكفيراً لذنوبه، ورفعة لدرجاته، وأن يجعله في أعلى عليين، وأن يجعل ذلك تكفيراً لسيئاته إن شاء الله، اللهم آمين، اللهم آمين.
الجواب: لا حرج للإنسان أن يتوضأ، أو أن يشرب من هذا الماء الذي أصابه؛ أهم شيء أنه لم يتغير هذا الماء عن وصف المائية فيه، فإذا تغير إلى عصير أو غير ذلك، فإنه حينئذٍ لا يصح الوضوء منه؛ لأن الله سبحانه وتعالى بين أن الوضوء إنما يكون بالماء الطهور؛ فإذا كان هذا يسمى ماء فلا حرج أن يتوضأ منه، وأن يشرب منه.
الجواب: هذه اللفظة لا تنبغي؛ لأن هذا دعاء على أخيه؛ لأن يقرفك يعني: يحقرك الله، وهذه غير لائقة أن الإنسان يدعو بها على أخيه المسلم، والله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ [الحج:18]، فلا ينبغي للإنسان أن يقول هذا، لكن يستبدل هذه العبارة بعبارة أحسن منها.
وبالمناسبة ينبغي أن ننتقي عباراتنا، وأن ننتقي ألفاظنا؛ لأن انتقاء الألفاظ نوع من الأدب النبوي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث عليه أصحابه، وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين ينتقون عباراتهم، ولا أدل على ذلك من قصيدة أبي بكر الأنباري حينما أوصى ابنه في رسالته في العلم، وحسن الانتقاء في العبارات وغير ذلك، وما زال أدباء الملوك في ذلك الوقت يعلمون أبناء الملوك، ويعلمون أبناء العلماء حسن انتقاء العبارات، وحسن انتقاء الكلام؛ لأن ذلك نوع من الأدب الذي ينبغي أن يكون سائداً في سلوكيات المجتمع.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين: ( فـعمرة في رمضان تعدل حجة ) وفي رواية: ( حجة معي )، والمعنى عند أكثر أهل العلم: أن العمرة في رمضان تعدل أجر حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
أما أن يكرر العمرة مرتين فمن المعلوم أن تكرار العمرة على أنواع:
النوع الأول: أن يكررها تباعاً بأن يأخذ عمرة، ثم يذهب يأخذ عمرة، فهذا غير مشروع، وقد نقل عدم المشروعية ابن قدامة في المغني، ونقله عن علي بن أبي طالب ، وكذلك هو اختيار أبي العباس بن تيمية .
النوع الثاني: أن يأخذ عمرتين في رمضان بعد عشرة أيام، أو بعد ما ينبت شعره مثلاً، إذا حمحم رأسه كما جاء ذلك، فالأفضل والله أعلم ألا يأخذ عمرة ثانية إذا كان قد اعتمر؛ لأنه لم يكن من عهد السلف أن يأخذوا عمراً متوالية، هو جائز لكن الأفضل ألا يصنع، قولنا: إنه جائز لفعل عائشة رضي الله عنها، فإنها كانت تأخذ عمرة بعدما تنتهي من حجتها، وهذا يدل على الجواز كما هو رأي بعض أهل الحديث، واختاره شيخنا عبد العزيز بن باز ، وهو قول أحمد في رواية، وقول أبي حنيفة .
أما الأفضلية فالأفضل ألا يأخذ عمرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصنع ذلك، وبلا شك أن اعتماد ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يفعله أكثر الصحابة أفضل، ولأجل هذا النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى عمرة القضاء إنما اعتمر عمرة واحدة، ولم يعتمر عمرة ثانية، مع علمه عليه الصلاة والسلام أنه يصعب عليه أن يرجع، ومع ذلك لم يأخذ عمرة؛ ولهذا نقول: الأفضل أن يأخذ الإنسان عمرة واحدة في سفرته، ولا يكررها، والله أعلم.
الجواب: المذاهب الفقهية ليست أربعة وليست خمسة، هي كثيرة، لكنها تلاشت بسبب عدم وجود علماء وطلبة علم لهذا الإمام؛ ولهذا يقول الإمام الشافعي عن الليث بن سعد وهو فقيه أهل مصر: الليث بن سعد أفقه من مالك إلا أنه لم يكن له طلاب يخدمون علمه؛ ولهذا من نعم الله على العالم أن يوفق لطلاب علم ينشرون علمه؛ ولهذا أبو العباس بن تيمية حباه الله بعلماء يحفظون علمه وكتبه بحيث يبثونها، وكذلك الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب حباه الله علماء ينشرون علمه كأئمة الدعوة، وكذلك الشيخ محمد إبراهيم حباه الله بعلماء كالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد الله بن حميد يحملون علمه، وهكذا الشيخ عبد العزيز بن باز هناك علماء الآن في هذا الزمان يحملون علمه، وهو حال شيخنا محمد كذلك له علماء، وهم إن شاء الله خير من يحمل هذا العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ).
ولأجل هذا نحن نقول: كان هناك مذهب الأوزاعي في الشام، ومذهب الليث بن سعد في مصر، ومذهب ابن عباس ، ومذهب ابن عمر ، ومذهب ابن مسعود ، ولكنها تلاشت، وبقيت مذاهب الأئمة الأربعة، والظاهرية لأجل أن لها أصولها المستقلة، فلأجل هذا قالوا: المذاهب الأربعة، ومذهب ابن حزم الظاهري ، والله أعلم.
الجواب: بلا شك أن الأفضل في العقيقة أن تذبح يوم السابع لما روى البخاري من حديث سمرة أنه قال: ( كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح يوم سابعه )، فإذا لم يذبح يوم السابع، فإن الأفضل أن يذبحها يوم الرابع عشر، فإن لم يستطع أن يذبحها يوم الرابع عشر فإنه يذبحها في الواحد والعشرين، فإن لم يستطع في الواحد والعشرين، فإنه يذبحها كيفما اتفق، هذا في الأفضلية، وأما لو ذبح في أول يوم، أو ذبح في اليوم الخامس أو السابع أو العاشر لا حرج في ذلك، وإن أحب أن يجعل هذه العقيقة بعدما قاموا ببناء منزل لأجل أن أهله سيزورونه، فلا شك أن هذا لا بأس به بشرط ألا يعتقد أن مجرد النزول للمنزل يجب فيه وليمة، هذا ما يجب فيه ولا ينبغي، لكن إذا كان أهله وأقاربه يريدون أن ينظروا لبيته، فوضع وليمة وكانت هذه الوليمة من باب العقيقة فلا حرج إن شاء الله، والله أعلم.
المقدم: الحمد لله! أحسن الله إليكم! أعود للاتصالات الأخ عبد المنعم من السعودية تفضل أخي عبد المنعم .
المتصل: عندي سؤالان: السؤال الأول: عن المسئوليات الضائعة، خاصة إذا كانت هذه المسئوليات مترابطة وتضيع عن طريق التخلي عن المسئولية، وأصبحت هذه المسئولية متضخمة بحجم كبير، فأنا إنسان أطلب حقوقي، وأمتلك ممتلكات خاصة، واتضح لي أنه لا يوجد نظام مؤسس في الدوائر التي أراجعها كما أنه لا يوجد مسئولون في تلك الدوائر، فأنا لا أدري من أين أطلب حقوقي، ولا يوجد إلا موظف واحد، ينتقل من الإمارة إلى البلدية، فهذه المشكلة الأولى خاصة بي.
السؤال الثاني: البعض ينسب ضعف الدين في مجتمعنا، والانحطاط الأخلاقي والانحرافات إلى الدين، وأن الدين هذا دخيل على المجتمع، والأنبياء دخلاء على المجتمع، ونسبه إلى إبراهيم إلى إسرائيل، وينسبون هذا القول مثلاً إلى أهل العلم، وينسبونه أحياناً إلى مجتمعات، مثل المجتمع الإيراني أنه يوجد فيه مثلاً رمز معين، فيستغربون من المملكة العربية السعودية؟
المقدم: طيب طيب على كل حال سؤاله واضح، الأخت أم عبد الرحمن حتى لا نطيل على الأخت أم عبد الرحمن تفضلي أم عبد الرحمن .
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصل: السؤال الأول بخصوص الحديث الذي أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أن نغسل أيدينا عند الاستيقاظ من النوم قبل ما نغمس أيدينا في الإناء، يعني: في هذه الأيام لا يوجد إناء، وإنما يوجد صنابير ماء، فهل نحن لو مسكناها، ومسكنا أي أشياء ينجسها؟
السؤال الثاني: الإنسان الذي يشك كثيراً في الأعمال التي يعملها وبالأخص الأمور المتعلقة بالطهارة؟
مثلاً: عنده شك أنه لم يغسل يده، وكذلك عنده شك إذا لمس ومسك أي حاجة هل ينجسها أو لا؟ فهل يلتفت إلى الشك؟
المقدم: طيب واضح، شكراً لك أم عبد الرحمن .
الأخت أم عمر من الكويت تفضلي أم عمر .
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: بارك الله فيكم عندي سؤالان، لكن قبل أن أعرض أسئلتي أحببت أن أشكر الشيخ عبد الله على الحديث الطيب، وكانت رغبتنا أن تستمر الحلقة في التحدث عن كيفية استغلال الإجازة وشحذ الهمم، بارك الله فيكم.
أما السؤال الأول: أحسن الله إليك! هل هذا الذكر يعتبر من ضمن أذكار الصباح والمساء: (سبحان الله وبحمده لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً)؟
السؤال الثاني: بارك الله فيكم! هل يجوز الفرح أو الشماتة بمرض الرافضي الذي سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أو من هم على شاكلته، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: ذهب الأئمة الأربعة إلى أن إكرام اللحية واجب، ولكن اختلفوا فيما زاد عن القبضة، لما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خالفوا المجوس، أعفوا اللحى وحفوا الشوارب )، وهذا يدل على وجوب ذلك؛ بل قال ابن عابدين رحمه الله: (وأما ما كان دون القبضة فلا أعلم نزاعاً عند أهل العلم في حرمة ذلك).
الجواب: أحياناً الناس ما يعرفون كيف يحصلون على حقوقهم؛ لسبب ضياع الحقوقية، يعني: أنا حينما أريد أن آخذ حقي من فلان أذهب إلى المحاكم العامة، حينما أرى أن أحد المسئولين قد أخطأ، أو أني لم أحصل على حقي قد وضع النظام له جهة يذهب إليها، هي ديوان المظالم.
مشكلة الناس أحياناً بسبب غياب مفهوم ومعرفة الحقوق وطريقة أخذها لأنهم يجعلون هناك مسئوليات ضائعة، نعم هناك بعض الناس مقصر، هذا موجود وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جعل سعد بن أبي وقاص والياً على أهل العراق بعث رجلاً قال: انظر إليه هل كان يقفل بابه أم لا؟ فإن رأيت الباب قد أقفل فاخلعه، فهذا يدل على أنه لا بد أن يحصل هناك شيء من التقصير، وهذا جعل الولاة يهتمون بذلك، وهنا نوع من مصداقية المواطنة، ومصداقية ولاة الأمر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث تميم بن أوس الداري يقول: ( الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم )، فمن حق ولاة أمرنا علينا أننا إذا رأينا بعض التقصير أن نرفع بذلك.
وهاهنا قصة: عندما جاء وقت الامتحانات قام أحد الطلاب بالغش، فبعضهم يقول: أنا نازعتني نفسي هل أخبر أو لا أخبر؟ هذا الذي غش نحن حينما نأخذ على يده لعلنا نصرناه على نفسه؛ ولأجل ألا يكون هذا شيئاً ظاهراً في المجتمع، وهذا سوف يربي أبناءنا وبناتنا، ويربي فلذات أكبادنا، ونحن إذا أخذنا على يد المخطئ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( ولتأطرنه على الحق أطراً ) هذا يحمي سفينة المجتمع، لماذا نحن دائماً عندنا هاجس أن بعض الأخطاء إذا بيناها انتهت المشكلة، لماذا نخاف من النقد؟ أنا لا أطالب الناس أن يتهاونوا بهذا الأمر، لكن ينبغي أن يوجد نوع من الأدب، فحينما أجد خطأً على فلان من الناس ليس معناه أن أظهره على وسائل الإعلام، أو أظهره على وسائل الاتصال الحديث من شبكة وغيرها، هذا نوع من الفضيحة؛ ولهذا كان السلف يفرقون بين النصيحة والفضيحة، ويفرقون بين النقد البناء، والنقد الهدام الذي يقصد به التجريح.
ولو أن كل واحد منا حمى أهله وذريته ومجتمعه ووطنه وأسرته، والوظائف العامة، لكان في ذلك حماية عامة، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( اتقوا اللعانين، قالوا: يا رسول الله! وما اللعانان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم ) فالرسول حينما أمر بهذا أمر به لأجل حماية طرقات المسلمين، ( قال: إياكم والجلوس في الطرقات؟ قالوا: ما لنا بد. قال: فأما إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه ).
إذاً: هذا حق الطريق لمن؟ للمصلحة العامة، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ( كان فيمن كان قبلكم رجل أزال شوكة في طريق المسلمين فغفر الله له )، وهذه الشوكة بسيطة، فما بالك بمن يزيح شخصاً يحرم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحرم المواطنين من حقوقهم؛ ولهذا نحن كما سمعنا وقرأنا في وسائل الإعلام من النائب الثاني سمو الأمير نايف بن عبد العزيز جزاه الله خيراً! حينما قال: إن خادم الحرمين الشريفين يقول: كل من له أمر يجب عليه أن يرفعه لنا، هذا المعنى الأخوي يعطينا نوعاً من الاحترام والتقدير للمواطنة وللعمل، أنا أقول: يا إخوة! لا يكن هم الواحد منا دائماً النقد.
أما لو نظرت للمسئوليات الضائعة في بيوتنا تجد أحياناً مسئوليات ضائعة في بعض أعمالنا، وأنا لا أطالب بتهويل هذا الأمر؛ لكن لا بد أن يكون عندنا نوع من الواقعية، أنا أقصد من ذلك أن من كان عنده حقوق ضائعة يستطيع أن يحصل عليها، يحصل عليها اليوم وإلا غداً وإلا بعد غد، ولربما تكون أنت ضحية، لكن اعلم أنك يجب أن توصلها لأصحابها، وهذا الأمر يتطلب منا اهتماماً بالمسئولية، والخوف من أن يتولى أحد أمراً من أمور المسلمين ويضيعه، وفي الحديث: ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة )؛ ولأجل هذا قال صلى الله عليه وسلم: ( من استأمناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أعطي منه أخذ، وما نهي عنه ترك، فجاء رجل بحبلين -الحبلين التي تربط فيها الناقة، أو يربط فيها البهيمة أو تربط فيها السفينة- وقال: يا رسول الله! خذ هذا، قال: من أين؟ قال: أخذتها من المغانم، قال: شراكان من نار )، فإذا كان الحبلان شراكين من نار، فما بالك بمن يأخذ من أموال المسلمين، أو أن يوقع ثم يهرب من المسئولية؟ والناس ينتظرونه ليله ونهاره، كل هذه مسئوليات عظيمة، نحن إذا نشرنا ذلك في خطبنا، نشرنا ذلك في وسائل إعلامنا، يا أخي! مسئولية المجتمع في الصحف أن يتحدثوا عن أهمية المسئولية، يعني: بدلاً من أن ننقد الجهة الفلانية، يجب أن نتحدث عن الأمانة، فالأمانة لها سلوكيات.
ومن الأخطاء أيضاً في تعليمنا حينما نتحدث أن النظافة من الإيمان، فالطالب حينما يسمع هذه القصص، ولم يطبقها في واقعه ربما يخالف واقعه، مثلاً حينما نعطي الطفل صورة على أن إلقاء المنديل في الطرق هذا نوع من مخالفة النظافة من الإيمان، وكذلك حينما نقول لأبنائنا: إلقاء القمامة في غير مكانها نوع من عدم إعطاء الطريق حقه، وكذلك حينما نقول لأبنائنا: إن كل واحدٍ وكله ولي الأمر على عمل من الأعمال فخان سوف يُسأل يوم القيامة عن هذه الخيانة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ( نعمت المرضعة وبئست الفاطمة )، والله أعلم.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب )، وهذا يدل على أن جزيرة العرب دينها الأساسي هو الإسلام، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، وأما أن يلوك أحد الكتاب أو أحد الأدباء أو بعض الفلاسفة لسانه بهذا فهؤلاء اليوم يقولون شيئاً وغداً ينقضون ما يقولون! ولكن يجب أن نعلم أن الدين قائم بعز عزيز، أو بذل ذليل، والله أعلم.
الجواب: جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء -وفي رواية عند
وذهب الحنابلة في رواية، وهو القول الثاني والظاهرية إلى وجوب ذلك، والراجح هو الاستحباب؛ لأن الوجوب يحتاج إلى دليل ولا دليل؛ لأنها لن تنجسه.
والراجح عدم تنجيسه خلافاً لما ينقل عن أبي يوسف رحمه الله تعالى، وعلى هذا فلو غمس يديه في الإناء فإن الإناء لا ينجسه، وأما في زماننا فإنه إذا فتح الصنبور، فإنه يستحب له أن يغسل ثلاثاً قبل أن يشرع في الوضوء، وليس ثمة إناء، والله أعلم.
المقدم: جزيتم خيراً، الأخت سارة من السعودية تفضلي أختي سارة .
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.
المتصل: الله يعافيك عندي ثلاثة أسئلة للشيخ:
السؤال الأول: يا شيخ! أنا دائماً أحلف فأقول: والله إني ما أفعل ثم أفعل في وقت غضب، فما هي الكفارة؟
السؤال الثاني: ما حكم لبس النقاب خاصة إذا كانت العيون ظاهرة؟
السؤال الثالث: ما حكم لبس القفازات في السوق وفي الأماكن العامة؟
المقدم: طيب، شكراً لك أختي سارة .
الجواب: أنا لا أنصح الإنسان أن يلتفت للشك، واليوم كثرت الوساوس عند الناس، والسبب في ذلك؛ لأن هذا نوع من حرب الشيطان على بني آدم؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يسارع في الشك بدعوى التحري، أو بدعوى الورع؛ لأن ذلك مدعاة إلى أن الإنسان يتكاثر عليه هذا الشك، وربما يقع فيما يسمى بالوسواس القهري؛ ولهذا قال العلماء: والشك بعد الفعل لا يؤثر، يعني: إذا فعل الإنسان شيئاً فإنه لا يلتفت بعد ذلك لأجل ألا تكثر الشكوك، فإذا كانت يده رطبة فمس شيئاً من هذا فهذا لا ينجسه، والأصل في المؤمن أنه لا ينجس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن المؤمن لا ينجس ).
الجواب: أنا لا أعرف هذا في الكتب التسعة، ولا في الكتب الستة، ولا في مذهب مالك ، ولا مذهب الإمام أحمد ، ولم يذكره النووي رحمه الله في كتاب الأذكار، وهو من أوسع الكتب التي بينت، ولم يذكره ابن تيمية في الكلم الطيب؛ ولأجل هذا فإن هذا ليس من أدعية الصباح والمساء، فإن ذكره الإنسان من باب الدعاء العام؛ لقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39]؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، فلا حرج في ذلك، والله أعلم.
الجواب: نعم، جاء في صحيح البخاري أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه حينما بلغه قصة ذي الثُّدَية الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم في خروجهم آخر الزمن قوم من الخوارج محلوقي الرأس، فقال صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم أهل الإسلام الذين قاتلوهم ما لهم من الأجر لنكلوا عن العمل، فقالوا: يا رسول الله! وما أمارة ذلك؟ قال: رجل منهم يخرج يده كأنها الثدية )، يعني: كأنها ثدي امرأة يعني: مقطوعة ولها لحمة صغيرة في آخرها، فلما كان في حرب علي بن أبي طالب اجتمع الصحابة كلهم مع علي رضي الله عنه، فلما انتهت المعركة قال علي : هبوا لي هذا الرجل ذو الثدية، فبحثوا فوجدوه مقتولاً، فقيل لـعلي : إن هذا الرجل هو، فلما نظر قال: هو هو؟ قالوا: هو هو يا أمير المؤمنين! فسجد علي رضي الله عنه شكراً لله تعالى.
فكل من سب الدين، أو سب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سب علماء الدين، فأصابته عقوبة من الله سبحانه وتعالى، فلا حرج في ذلك أن نسجد لله شكراً على هذا الأمر؛ لأن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الملمات، قال أبو زرعة : هؤلاء يريدون أن يسبوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لعلمهم أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم تنقل إلا منهم، فكأنهم هدموا الدين، فلا شك أن من سب عائشة رضي الله عنها عليه من الله ما يستحق، وهذا عقوبته في الدنيا، أما في الآخرة فإنه تنتظره نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى، إن لم يتغمده الله سبحانه وتعالى بواسع رحمته؛ ولأجل هذا لا حرج على الإنسان أن يفرح إذا أصيب أحد من ألد أعداء الإسلام في ذلك، وما زال السلف -رحمهم الله ورضوان الله تعالى عليهم- إذا مات أحد من أعداء الإسلام سجدوا شكراً، وقد قيل: إن وكيع بن الجراح رحمه الله حينما قتل أحد صناديد الاعتزال والجهمية سجد لله، وحينما بلغ عبد الله بن المبارك أن عدواً للإسلام قد مات، سجد لله، وهذا يدل على أن هذا أصل موجود معروف عند أهل العلم، والله أعلم.
الجواب: هذا ينقسم إلى قسمين: أولاً: ما تداول في الألسن، فإذا قال: لا والله لا أفعل، ثم فعل فهذا يسميه العلماء لغواً، وهو أنه لم يعقده في قلبه، وهذا ليس فيه كفارة هذا القسم الأول.
ثانياً: أن يقول والله لا أفعل، وقد عزم على أنه لا يفعل، ثم فعل، فأقول: هذا إذا حلف فيجب عليه أن يكفر كفارة يمين، فإن كان يقول: لا أعلم عددها، فإننا نقول: قدرها، فإن كنت تظن أنها خمس أو ست، اجعلها ستاً من باب اليقين، وإذا كنت تظن أنها سبع أو ثمان اجعلها ثمانياً من باب إبراء الذمة، وأنا أنصح الإخوة والأخوات الذين يريدون ألا يفعلوا شيئاً حتى لو كانت معصية، لا ينبغي لهم أن يحلفوا بالله، فإذا كان الإنسان ملازماً لمعصية، فلا يقول: والله لا أفعل كذا، وإلا صمت شهراً، لا ينبغي له أن يفعل؛ لأن هذا يعاهد الله على أمر ربما لا يستطيعه؛ لقوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ [التوبة:75-76]، فالإنسان لا ينبغي له أن يحلف على أمر ألا يفعل، ولكن يعزم ويسأل ربه سبحانه وتعالى أن يعطيه العزيمة والإصرار، ويقول دائماً: اللهم حبب إليّ الإيمان وزينه في قلبي، وكره إليّ الكفر والفسوق والعصيان.
الجواب: لبس النقاب جائز، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في البخاري من حديث ابن عمر : ( ولا تنتقب المحرمة )، قال العلماء: في هذا دلالة على أن المرأة إذا لم تكن محرمة لها أن تنتقب، وقد روى سعيد بن منصور عن عطاء أنه قال: رأيت عائشة أم المؤمنين تطوف حجزة بين الرجال وهي متنقبة؛ لأنها لم تكن محرمة، فهذا يدل على أن النقاب كان موجوداً، ولكن النقاب إذا ظهر منه شيء من وجنتي المرأة بحيث يكون نوعاً من الفتنة، فهذا لا شك في حرمته، وقد قال جرير لبيان أن العيون أحياناً تفتن، يقول:
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
وقد ذكر ابن الحاج المالكي في كتابه العظيم المدخل: أن العلماء أجمعوا على أن التبرج بالعينين محرم، والله أعلم، وقد بلغني أن بعض الأخوات -هداهن الله- إذا أرادت أن تخرج للسوق تذهب إلى الكوفيرة وتقول: أريد مكياج سوق، ومعنى (مكياج سوق) أنه مكياج لتلميع العينين وما دون ذلك والله المستعان.
الجواب: الأفضل أنها تلبس القفازين خاصة المرأة الشابة، لأنه ربما فتن بعض الناس بها، فتسمع أحياناً بعض الشباب يريد من المرأة أن تكون يديها مليئة أو كذا، أو كذا، ربما يفتن في يديها، لكن الوجوب أنا أرى أنه لا يجب لما روى أهل السنن عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما مدت امرأة يدها فقال: من هذه؟ قالوا: فلانة، قال: لو كانت امرأة لخضبت )، وهذا دليل على أنها يمكن أن تكشف يديها، ولكن الأفضل والأحوط ألا تخرج المرأة كفيها.
المقدم: أحسن الله إليكم! مشاهدينا الكرام بنهاية هذه الإجابة تنتهي هذه الحلقة، وهنا شكر لا يحده حد بعد شكر الله سبحانه وتعالى لفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي. شكر الله لكم دكتور.
الشيخ: حياك الله! يا شيخ عبد العزيز .
المقدم: وشكراً لكم أنتم مشاهدينا الكرام على طيب المتابعة وحسن الإصغاء، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر