الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أيها الأحبة! ثاني ندواتنا هذه الليلة هي بعنوان: أحكام تجميل الشعر والتقشير واستخدامات الليزر. يشارك في هذه الندوة ويديرها سعادة الدكتور أحمد بن حمد العيسى، استشاري أمراض وجراحة الجلد والعلاج بالليزر، مدير المركز الوطني للبهاق والصدفية، له نشاط في البرامج التوعوية والتدقيقية حول أمراض الجلد. أدعو الدكتور لحضور وإدارة هذه الجلسة.
الدكتور أحمد: بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحقيقة أن مثل هذه الندوات هي ندوات مفيدة جداً، مفيدة لي كطبيب، ومفيدة لي أنني أعمل مثل هذه العمليات.
الحقيقة أنه يشرفني أن يكون معنا الليلة فضيلة الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي أستاذ الفقه والقانون المشارك بالمعهد العالي للقضاء، والدكتور من الناس المعروفين، ولا يحتاج أن يعرف في ظهوره الإعلامي جزاه الله خيراً، وهناك من يقصده في كثير من الفتاوى، ودائماً ما أسمع ذكر وثناء الناس عليه، فأسأل الله عز وجل له التوفيق والثبات.
أتمنى من إدارة هذه الندوة ألا تكون ندوة أكاديمية؛ لأن الحضور دائماً ما يملون الكلام الأكاديمي والتعريفات مع أن الوقت قصير.
الآن المطلب لعمليات التجميل مطلب عالمي، وهذا شيء معروف، وأقول لكم الرقم العام في الولايات المتحدة الأمريكية: أنفقوا أحد عشر مليار دولار للتجميل في سنة واحدة، وهناك بعض الأرقام المذهلة والمخيفة من السعودية والخليج تصل إلى البلايين، كيف يتم إنفاق كل هذه الأموال على التجميل؟
أنا أعتقد أن التجميل فتنة، وفتنة لكل الأجناس والأعمار، فما يأتينا إلى العيادة الآن أربعون بالمائة رجال يطلبون التجميل، فالتجميل ليس للنساء فقط.
من النساء من ليس عندها مال فتأتيني وتقول: سأعمل العملية في نهاية الشهر حين نزول الراتب، فصار التجميل فتنة ومطلباً، حتى ممن ليس عنده مال يصر على أن يعمل هذا العمل، وللأسف فالترف صار رئيسياً، وصار يقدم على الأولويات.
نحن نحاول قدر الاستطاعة تهذيب هذه الفتنة، فهذه المشكلة موجودة ومطلوبة، وأعتقد أن تهذيبها يكون بجانبين: بجانب العلم، وذلك بأن نقول: يا ناس! هذه العملية تضر، لا تسوونها، والناس سيسمعون لنا ولو جزءاً منهم.
لكن ولله الحمد نحن في مجتمع مسلم ومحافظ، كثير من الناس بمجرد قولنا له: هذا حرام -حتى وإن كان عنده مال، والطبيب يسويها- يرتدع فلا يسويها، وهذا شيء مشاهد في العيادة بكثرة. وكثير من الناس -يظنوني شيخاً- يأتون يسألونني في العبادة يقولون: هذا يا شيخ! يجوز؟ فأقول: اسألوا أهل العلم.
لكن هذا دليل على أن الإنسان بعدما يحصل على المال والمعلومة، والجهاز والطبيب وكل شيء يبقى المرجع الأخير: الثوابت التي أتمنى أنها لا تزول، وأتمنى أن نثبتها في قلوب مرضانا حتى لا نتعدى.
ونحن الأطباء بعض الأحيان نستشير كثيراً من مشايخنا على الكثير من الأشياء التي يمكن أننا نتجاوزها، ولكن لا بد أن يكون المنطلق الأول والأخير هو الشرع في كثير من العمليات التجميلية.
الوقت قصير، والأشياء التي نتكلم عليها كثيرة جداً، لكن لو سألتموني عن أكثر عمليات تعمل الآن في العالم كله بالدراسات فهي عملية إزالة الشعر بالليزر، هذه العملية تشكل تسعين بالمائة من عمل كل المراكز، عشرة بالمائة تكون في الأشياء الأخرى، التي منها زراعة الشعر، ومنها التقشير، والشيء الأخير في الليزر بأنواعه الأخرى، يعني: ليزر التقشير، وليزر التصبغات، وليزر الأوعية الدموية، أنا سأحاول ألا أتقمص حديث الطبيب؛ لأن حديث الطب كثيراً ما يكون مملاً؛ لأنه قد لا يهم شريحة من الناس.
أنا عندي قناعة أني لن أرضيكم، والسبب أن شريحة منكم قد لا يهتم بزراعة الشعر، وسنتحدث عن الزراعة فليسمح لنا، ومجموعة قد لا تهتم حتى ولا ببعض الأشياء التي نتكلم عنها مثل تقشير الوجه؛ لأنه لم يقشر وجهه، لكن لازم نعرف أن هناك مستمعات، وهناك مستمعون، وهذا مسجل لمن سيسمعه فيما بعد.
إن إزالة الشعر الآن انتشرت بين الرجال والنساء، وأنا سأتكلم من النواحي الطبية إن شاء الله عما قيل في إزالة الشعر بالليزر؛ الآن نحن قاعدون نسمع أشياء كثيرة، حتى طبياً غير مسموحة، ويطلبونها النساء، وبعد هذا نفتح الأسئلة إذا كان هناك أحد يريد سؤالاً، فنحتفظ بالأسئلة إلى نهاية الحديث.
الشعر موجود عند كل الناس إلا شريحة قليلة من الناس وهم المردان الذين لا يطلع لهم شعر، وهذا مرض، فالشعر له فائدة طبعاً؛ لذلك هذه لا تزال حتى من المنظور الشرعي، فلذلك بعض الأماكن نقول: لا يزال الشعر منها؛ لأن لها فائدة طبية؛ لكن تسعة وتسعين بالمائة من الشعر الموجود في الجسم ليس له فائدة، ونحن نقول: دعي هذا الشعر لكي نستفيد منه طبياً، وأكثر ما يشين النساء، هو شعر الوجه.
إذا جاءتني مريضة، وعندها زيادة شعر في الوجه، أول ما نسأل: هل هناك عامل هرموني داخلي يزيد الشعر في الوجه؛ لأن زيادة الشعر في الوجه قد تكون مرضاً، وهذا المرض الآن منتشر عند خمسة وثلاثين بالمائة من النساء؛ بسبب وجود أكياس على المبايض تفرز هرمون اسمه (تستستيرون)، وهو هرمون ذكري، إذاً: هي مريضة. وهذا الهرمون الذكري يجعل المرأة أقرب إلى الذكورية أكثر من الأنثوية، ويزيد شعرها، ويزيد جسمها، ويزيد أشياء كثيرة فيها، وهذا مرض يسمى بالإنجليزي (هيروستزم): زيادة الشعر المرضي، فنحن أحياناً نعمل تحاليل دم وفي الأغلب تكون التحاليل سليمة، فننتقل إلى الجانب التجميلي البحت.
تقول: يا دكتور! أنا عندي شعر في الوجه أريد أن أزيله، طبعاً الشعر مساحات كبيرة، وهناك أماكن كلنا موقنون أن إزالتها محرمة مثل الحواجب، فتأتي بعض النساء -وهو مطلب الكثير- فيقلن: نريد أن نحدد الحواجب، وميزة ليزر إزالة الشعر أنه بعد سابع إلى عاشر جلسة ثمانين إلى سبعين بالمائة من الشعر يخف، ولا يظهر مرة ثانية، وهذه ميزة في إزالة الشعر.
ومشكلة إزالة الشعر بالليزر الآن أن هناك دعايات قوية جداً، وكلها يكون فيها الجانب المادي أكثر من العلمي، فيزعمون مثلاً أنه بجلستين يزول الشعر، واحفظوا هذه المعلومة: لا يوجد ليزر على وجه الأرض يزيل الشعر تماماً مائة بالمائة، فإلى الآن لم يصنع هذا الجهاز؛ لذلك الإعلانات التي نسمعها الآن كلها تجارية بحتة.
فإزالة الشعر بالليزر غير ضارة، وهذا مُحَكَّم إذا عمل بالطريقة السليمة، ونحن ننصح به؛ لأنه بالفعل يغير حياة كثير من النساء، نعم الطرق التقليدية القديمة غير ضارة لكنها مؤلمة، فما يزيل الشعر نحو: الشمع، بالواكس، الملقط، الفتلة، كل هذه الأشياء أعتقد الآن أنها شبه انتهت عند النساء؛ لأنهم وجدوا بغيتهم في الليزر.
يجب أن يكون الشعر أسود، والجلد يكون نسبياً أبيض حتى تكون النتيجة أفضل، نحن نعمل جلسة كل شهر، وقد تصل إلى عشر جلسات، عشرين جلسة.. ثلاثين وربما أكثر، كلما زادت نسبة عدد جلسات الشعر كلما كان تحسن الشعر أفضل، الشعر الأبيض لا يزول بالليزر، قد تظهر مضاعفات وهي نادرة، مثل أن توجد تصبغات خاصة إذا الطبيب غير متمرس، كذلك يزيد الشعر بدل أن يقل، هناك شريحة عشرة بالمائة من المرضى يحصل عندهم العكس، يأتون يزيلون الشعر بالليزر فيطول الشعر، وهذا نحن نسميه (فرادوكسكل هريقروي)، وهذا يحدث، لكن هذه أشياء نادرة، نحن لا نقول: إن ليزر إزالة الشعر ضار تماماً، كمن يسوق سيارة والله سيحصل له حادث، فهل هذا يعني أن قيادة السيارة تكون حراماً؛ لأنه إذا استخدمت القيادة بشكل غير إيجابي قد يحصل حادث.
فالليزر من الأشياء المحكم طبياً أنها آمنة، وأنها فعالة، ولكن يجب أن تستخدم بالطريقة السليمة الجيدة.
معلومات ليزر إزالة الشعر كثيرة جداً، لكن أنا سأدعها للأسئلة.
وسأدع باقي الوقت للدكتور عبد الله إذا كان سيعقب أو هناك أسئلة منه سأجيب عليها أو من الحضور، تفضل دكتور عبد الله .
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
واضح من هذه المحاضرة -خاصة مع الحضور- أن فيها نوعاً من التبسط أكثر مما فيها من الأكاديمية كما ذكر سعادة الدكتور أحمد ، ولهذا اسمحوا لي أن أذكر بعض القضايا المهمة.
الآن ونحن نتحدث عن الشعر نريد أن نعرف حكمه، وقبل ذلك هل الشعر مذكور في كتب الفقه؟ هل الشعر مذكور في الأحكام الشرعية؟ أنا كنت أتأمل قبل أن آتي إليكم هل ذكرت مسألة الشعر وحكمه في كتب الفقه أم لا؟ تأملت فوجدته في الطهارة، ووجدت أنه من حين يولد الإنسان يؤمر بإزالة شعره، قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري من حديث الحسن البصري عن سمرة: ( كل غلام مرتهن بعقيقته، ويذبح عنه يوم سابعة ويسمى)، وفي رواية: ( ويحلق رأسه ) إذاً: المولود من وقت ولادته يحلق رأسه.
كذلك في الطهارة، فإن الإنسان يسأل: هل أغسل شعري في الوضوء أو أمسحه كله، أو أمسح أكثره، كما أن هناك خلافاً عند أهل العلم في ذلك.
كذلك في غسل الجنابة ذكر الشعر كما في الحديث: ( تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة ).
وكذلك في الصلاة في حكم تغطية شعر الرأس في حق الرجل وكذلك في حق المرأة، والعلماء فرقوا بين المرأة والرجل؛ فاستحبوا ذلك في الرجل -عند بعضهم- وأوجبوا ذلك في المرأة، بل هو إجماع كما ذكر ذلك ابن المنذر. كذلك ذكر في الجنازة في حق المحرم كما جاء في الحديث: ( اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تغطوا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة محرماً ).. كذلك ذكر في الاعتكاف، فإنه يستحب للإنسان أن يطيب شعره، وقد ذكر البخاري : باب ترجيل المعتكف رأسه وهو معتكف، وذكر حديث عائشة رضي الله عنها حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج شعره لـعائشة كي ترجله، كذلك (النبي صلى الله عليه وسلم كان يرجل شعره غباً)، وينهى أن يرجل الإنسان شعره كل يوم؛ لأجل ألا يقع في الترف الذي تخاطب به المرأة، وليس مخاطباً به الرجل.
كذلك الشعر ذكر في كثير من المسائل.
فالقصد من هذا أنه إذا كان الشارع الحكيم ذكر لنا هذه المسألة بدقائقها ألا يمكن أن يذكر لنا أموراً أعظم من هذا؟!
إذاً: مسألة التجمل في حق المرأة الأصل أننا لسنا بحاجة إلى أن نقول: ما الدليل على الجواز؟ بل نقول: ما الدليل على التحريم؟ وهذه نقطة مهمة جداً، فالأصل في المرأة أن لها أن تتجمل، بل إن الفقهاء رحمهم الله -كما نص على ذلك الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة- قالوا: إن المرأة الأصل فيها التزين لتحصين زوجها.
إذاً الأصل في المرأة أنها تتجمل، فإذا جاء شخص يقول: هذا حرام؛ لأنه لم يعتده في بيئته، أو لم يعتده في قبيلته، أو لم يعتده في مجتمعه، فليس هذا هو الحكم الشرعي، الحكم الشرعي:
قال الله قال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان
ولهذا روى عبد الرزاق بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: دخلت زوجتي إلى أم المؤمنين عائشة فقالت امرأة عندها: يا أم المؤمنين! إن في شعرات من وجهي أفأنتفهن لزوجي؟ قالت عائشة : أميطي عنك الأذى ما استطعت، وتزيني لزوجك كما تتزينين للزيارة. انظر قولها: (وتزيني لزوجك كما تتزينين للزيارة)، فهذا يدل على أن الأصل في المرأة هو التجمل، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى في القرآن عنهن: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18].
إذاً الأصل أن المرأة تتجمل بما شاءت حتى من الأشياء المحرمة لبسها في حق الرجال أبيحت للمرأة؛ لأن الأصل فيها التجمل، ولهذا الرجل منع من لبس الحرير، ومنع من لبس الذهب، ومنع من الزيادة من الفضة أكثر مما هو بمقدار الخاتم، كل ذلك يدل على أن الأصل في المرأة أن تتجمل بما شاءت، ولهذا إذا جاءت امرأة تسأل فتقول: ما الدليل على الجواز؟ نقول: لا، ما الدليل على التحريم، وليس ما الدليل على الجواز؛ لأن الأصل في حق المرأة هو أنها تتجمل.
القاعدة الأولى: الأصل في المرأة أن لها أن تتجمل.
القاعدة الثانية: الأصل أنه لا يجوز الإسراف في هذا الأمر إلا لما تدعو إليه الضرورة؛ من عيب يشق على المرأة الصبر عليه؛ لأن المرض النفسي أحياناً يكون أشد من المرض والداء العضوي، فالمرأة أحياناً تمتنع من الخروج أمام النساء بسبب وجود العيب الذي تراه عيباً نفسياً، ولأجل هذا فإن الفقهاء ربما لم يذكروا مسألة العيب النفسي، أو الأثر النفسي، أو الضرر النفسي، لكن العلماء المعاصرين كان لهم حظوة في هذا الأمر، ولهذا شيخنا عبد العزيز بن باز عندما سئل: أن المرأة يشق عليها الخروج أمام محارمها، وأمام النساء بسبب هذا العيب -وهو ليس عيباً حقيقياً- مثل طول الأنف، أحياناً ربما يكون طوله فيه نوع من الطبعية، يعني: لا أقول طبيعياً، لكن فيه نوع، لكن يشق ذلك عليها، فجوز شيخنا عبد العزيز بن باز هذا الأمر؛ لأنه يرى أن ذلك نوع من العيب، وقد روى الإمام أحمد من حديث ابن مسعود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة، والواشمة، والواصلة، قال: إلا من داء )، فكلمة (إلا من داء) تدل على أن إعادة الخلقة على ما هي معهودة في خلق الله -جل جلاله، وتقدست أسماؤه- هو الأصل.
القاعدة الثالثة: لا يجوز التشبه بالكفار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، كما رواه الإمام أحمد من حديث ابن عمر .
القاعدة الرابعة: لا يجوز أن تتشبه المرأة بالرجل، ولا أن يتشبه الرجل بالمرأة. هذه القواعد الأربع أرى أنها من الأهمية بمكان.
القاعدة الخامسة وهي الأخيرة: هي ألا يكون هناك ضرر، فبعض عمليات الليزر، أو بعض عمليات التقشير ربما يكون الضرر فيها أكثر، ولهذا لا يجوز استخدام ما يغلب على الظن وجود الضرر فيه إلا إذا كان هناك تشوه خلقي، مثل: أن يكون الإنسان فيه حروق وغير ذلك، ومثل: وجود الشعر الكثيف في حق المرأة الذي ربما تتقزز هي من النظر إلى نفسها، فما بالك بزوجها، أو النساء.
القسم الأول: ما نص الشارع على إزالته.
القسم الثاني: ما نص الشارع على حرمة إزالته.
القسم الثالث: ما سكت الشارع عنه؛ لم يذكر فيه لا بالإزالة، ولا بعدم الإزالة.
وقد نقل ابن حزم إجماع أهل العلم تحريم حلق اللحية، فهو مجمع على تحريمه، وكذلك نقله ابن عابدين .
ومن ذلك أيضاً: الحاجبان، فإن العلماء رحمهم الله أجمعوا على أن إزالة الحواجب، أو تدقيقها، أو ترقيقها، كل ذلك محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث ابن عمر : ( لعن الله النامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله )، فهذا يدل على أن الأصل أن إزالة الحاجب، أو ترقيقه، أو تدقيقه، كل ذلك محرم، وقد ذكر علماء اللغة رحمهم الله في مسألة النمص، قالوا: النمص لا يخرج عن أمرين: النتف، والترقيق، والدكتور أحمد سوف يتحدث فيما أحسبه أن هناك عملية ليزر بما يسمى ترقيق الحاجبين وتجميله، وقد رأيت كثيراً من هذه القضايا، فبعض النساء تأتي بصورة هلال، أو صورة قطة، أو أي صورة تعجبها، وتطلب من الدكتور أن يقوم بعملية الرسم بالليزر عن طريق هذا، وهذا بلا شك محرم، وذلك من وجوه: أولاً: لأنه تغيير لخلق الله، قال الله تعالى على لسان إبليس : وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119] فتغيير خلق الله من أعظم المحرمات.
والتغيير المحرم هو ما جمع أربع صفات:
الصفة الأولى: هو ما كان فيه إزالة أصل الخلقة التي خلق الله عباده عليها، إذاً الإزالة شيء، والوضع شيء آخر، فالمكياج والتشقير كما يسمى هذا ليس من تغيير خلق الله، وهذه تأتي مسألة أخرى هل هي حرام أو ليست بحرام، لكن ليس هذا تغييراً لخلق الله، إذاً: التغيير هو ما كان فيه إزالة.
الصفة الثانية: أن تكون هذه الإزالة على الدوام، فإذا كانت إزالة ليست على الدوام، فالأصل فيها أنها جائزة؛ لأن الشارع قد أباح نوعاً من ذلك، مثلما قالت أم سلمة : ( وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف ) فهذا نوع إزالة، لكنه ليس على سبيل الدوام.
الصفة الثالثة: ألا يكون هناك عيب، ويمكن أن نقول: من غير دليل شرعي؛ فإذا كان هناك عيب، فالأصل أن للمرأة أو للرجل أن يزيل ذلك بأي طريقة كانت؛ لأن ذلك عيب، ولهذا روى الإمام أحمد بسند جيد من حديث ابن مسعود: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة والواشمة والمتفلجة إلا من داء )، كلمة (إلا من داء) قال النووي : فهذا يفيد على أن الأصل في المحرم هو ما تفعله المرأة إذا كان ذلك لأجل الحسن والتزين، فأما إذا فعلته لأجل إزالة عيب فلا حرج في ذلك، وهذا أمر عامة أهل العلم عليه.
الصفة الرابعة: أن يكون لأجل الحسن والتزين؛ فإن بعض النساء تصنع ذلك لأجل الحسن والتزين، الحسن والتزين إذا كان في تغيير خلق الله فهو محرم، وإذا لم يكن في تغيير خلق الله فالأصل فيه الجواز.
إذا ثبت هذا أيها الإخوة! فإننا نقول: إن النمص محرم؛ وهو إزالة الحاجبين.
اختلف الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة، وذلك بناءً على خلافهم في معنى النمص، فذهب الحنابلة، وهو أحد قولي الشافعية إلى أن النمص هو نتف شعر الوجه، فيشمل الحاجبين، ويشمل الخد إلا إذا كان هناك عيب، فقد اتفق الفقهاء على أنه إذا كان للمرأة شارب، أو لها لحية فإنه يزال لأجل أن ذلك عيب، وليست خلقة المرأة المعهودة، لكن عندهم الأصل أن إزالة الشعر بأي مزيل، سواء كان بالخيط أو بالملقاط، أو بالليزر، فإن ذلك محرم.
القول الثاني في المسألة: هو مذهب الجمهور، وقد نص عليه الحنفية -خاصة إذا فعلته المرأة تزيناً لزوجها- وكذلك مذهب المالكية، وكذلك هو أحد قولي الشافعية اختاره ابن حجر رحمهم الله تعالى، ونص عليه الإمام أحمد أنه لا بأس بأن تفعل ذلك المرأة، وهذا هو الراجح؛ وذلك لأن النمص المعهود في الشرع غير النمص المعهود في اللغة، وعندنا قاعدة على أن الحقائق ثلاث: حقيقة شرعية، وحقيقة لغوية، وحقيقة عرفية، فالحقيقة اللغوية إذا جاء عن الشرع ما يخالفها، فالمعول هو الحقيقة الشرعية، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما أراد بالنمص هو إزالة شعر الحاجبين، ولهذا نص أبو داود رحمه الله على أن المقصود بالنمص هو إزالة شعر الحاجبين، ومما يدل على هذا فهم الصحابة لذلك، فقد روى عبد الرزاق بسند صحيح عن أبي إسحاق عن زوجته: أن امرأة سألت أم المؤمنين عائشة : إن في وجهي شعرات أفأنتفهن لزوجي؟ قالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت، وتزيني لزوجك كما تتزينين للزيارة. وفي رواية أنها قالت: إن في جبيني شعر أفأنتفه لزوجي؟ قالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت.
فهذا يدل على أن المرأة الأصل فيها أن لها أن تزيل، حتى ولو كان ذلك لأجل التجمل، فإذا كان فيها شعرات في العارضين -ولو لم يكن كثيراً- أو شعرات في الخد وأحبت أن تتجمل، فالراجح والله أعلم، وهو مذهب جماهير أهل العلم، وهو مذهب عائشة رضي الله عنها أن للمرأة أن تصنع ذلك.
ومما يدل على ذلك أن الورس إذا وضع على الخد فإنه حتماً سوف يزيل بعض الشعرات التي تتساقط مع القشرة العليا من البشرة، فهذا يدل على أنه لو كان محرماً لما كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو النساء في عهده صلى الله عليه وسلم يفعلن ذلك، ولو كان محرماً لبينه صلى الله عليه وسلم، كيف وقد أخبر الصحابة عن الطير الذي يطير في السماء، فهذا القسم الأول، وهو ما نص الشارع على حرمة إزالته.
وأما دليل عدم كشف العورة فهو ما جاء عند أهل السنن من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة القشيري قال: ( يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: إن شئت ألا يراها أحد فاصنع، قال: أرأيت يا رسول الله! إذا كان الرجل خالياً؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه )، وهذا يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تكشف عانتها لامرأة لأجل أن تزيلها، ولهذا أنا أنصح جميع النساء، وجميع أولياء أمور النساء إذا أرادت نساؤهم أن تذهب لإزالة شعرهن أن يبين لهن أن ذلك محرم ولا يجوز، وأن هذا من باب: قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا [التحريم:6].
وكذلك يجب على المراكز الطبية التي تهتم بهذا الأمر أن توجد الخدمة الذاتية، أنا أقول: لا بد من وجود الخدمة الذاتية، الخدمة الذاتية أن المرأة تدخل غرفة الليزر، وتستخدم هذا بنفسها، فإذا كانت تستخدمه بنفسها وقد خرجت الطبيبة أو الممرضة فهذا لا بأس به، وهذا يوجد، وعندي بحث فيه، واتصلت على كثير من المراكز الطبية التي لها عناية بهذا الأمر، فوجدت مع الأسف الشديد أن عشرين بالمائة أو ثلاثين بالمائة تعطي الخدمة الذاتية، وأن سبعين بالمائة لا تعطي الخدمة الذاتية، وبعض المستشفيات تمتنع من ذلك أصلاً، يعني: لا تعطي خدمة ذاتية.
أما أن يكون هناك كشف عورة فلا؛ لأن المرأة أحياناً إذا جاء وقت زواجها، أو أرادت أن تتزوج أو بعض الرجال -هداهم الله- يوبخ زوجته، وربما وصف امرأة ونعتها لزوجته، فتغار زوجته، فتذهب إلى الدكتور فتصنع ما شاءت لأجل ألا تقع عين زوجها على شيء هي لا تريده، فلهذا يجب أن تمكن هذا الخدمة للنساء في المستشفيات، وأنا اتصلت عليهم، وسألتهم، وأخبرتهم أن لدي بحثاً، فقالوا: مشكلة هذه الأجهزة أنها باهظة الثمن، وربما يكون نفس المقبض يكلف خمسة وثلاثين ألف ريال، وهنا السؤال: لماذا في بعض الأماكن والمراكز تمكن، وبعض المراكز لا تمكن، ولهذا لو منعت فهذا أفضل، وإذا لم يكن فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمام النساء، أو أمام الدكتورة؛ لأن هذا مما لا تدعو الحاجة إليه، ومن المعلوم أن كشف العورة محرم، وإزالة الشعر مستحب، والقاعدة: إذا تعارض محرم ومستحب، فيقدم المحرم، وإذا تعارض محرم وواجب، فيقدم الواجب، وإذا تعارض مستحب ومكروه، فيقدم المستحب، كما ذكر ذلك علماء الأصول رحمهم الله.
وقد وجدت كلاماً للشيخ الألباني رحمه الله، يقول: إن إزالة شعر اليدين في حق المرأة والرجل محرم، وأنه من باب تغيير خلق الله، ولم أجد أحداً وافقه على ذلك من العلماء المتقدمين والمتأخرين.
ولأجل هذا فإن القاعدة: أن هذا ليس بمحرم؛ لأن هذا ليس التغيير المحرم؛ لأننا قلنا: التغيير المحرم ما كان إزالة لأصل الخلقة التي خلق الله عباده عليها، والثاني: أن يكون على الدوام، والثالث: أن يكون لأجل الحسن والتزين، والرابع: ألا يكون بدليل شرعي، والدليل الشرعي مثل الختان، فالختان إزالة لكن جاء الشرع بجوازه، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.
إذاً: هذه ثلاثة أقسام في حكم إزالة الشعر عن طريق الليزر، والله أعلم.
الشيخ: نقول: الأصل -وهو قول الأئمة الأربعة- أن للرجل أن يزيل شعر صدره، وشعر يديه، وشعر إبطيه، وشعر رجليه، لكنه لا يجوز له أن يزيل شعر العانة؛ لأنه سوف يكشف عورته للرجل، إلا إذا كان سوف يصنع هذا بنفسه، وكذلك الأفضل ألا يكشف الفخذين؛ لأن العلماء اختلفوا في مسألة الفخذ، هل هو عورة أم لا؟ والأحوط -وهو قول البخاري- أن الفخذ عورة، وقد رواه عن محمد بن مسلمة وعن ابن عباس وعن جرهد كلهم قالوا: الفخذ عورة، والله أعلم.
الشيخ: هذا السؤال جيد، فمن المعلوم أن إزالة الشعر بالليزر هو أشد من النتف، والنتف أشد من الحلق، وقد اختلف العلماء في حلق الشارب، مع اتفاقهم وإجماعهم على جواز قصه، وقد نقل الإجماع ابن حزم بل بالغ وقال: فرض أن يقص الرجل شاربه، والراجح أن ذلك مستحب، وهو قول الأئمة الأربعة. إذا ثبت هذا، فإن الحنابلة والحنفية يقولون باستحباب حلق الشارب، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: ( أحفوا الشوارب )، وقالوا: إن الحف يصدق عليه الحلق، ويصدق عليه ما كان أدنى من ذلك بحيث يرى بياض الجلد، قال نافع : رأيت ابن عمر يحف شاربه حتى إني لأرى بياض جسده، وهذا يدل على جوازه.
القول الثاني، وهو قول مالك رحمه الله: أنه يرى أن الحلق محرم، ويرى أنه مُثلة، بل يقول: من رأيتموه يحلق شاربه فإنه يعزر، هذا مذهب مالك ، والسبب في ذلك يقول: لأن هذا لم يعهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأقرب والراجح هو أن الحف هو السنة، وأن القص هو السنة، أما الحلق فمكروه، وهو مذهب الشافعي رحمه الله، وعلى هذا فالأصل يا دكتور! إذا جاء هذا المريض فيقال له: إن هذه المسألة فيها خلاف، وإن كان مذهب الشافعي على أن ذلك مكروه، وهذا هو اختيار شيخنا محمد بن عثيمين أن الحلق مكروه، وليس بحرام، والله أعلم.
الشيخ: سؤال جيد، أما تحديد الرقبة، فقد اتفق الفقهاء رحمهم الله على أن ما ينبت من الشعر في الرقبة تحت العظمين فإن ذلك جائز باتفاقهم، وهو ما يسمى شعر الرقبة.
أما الوجه، فقد مر معنا الخلاف؛ فإن الحنابلة يمنعون، وهو أحد قولي الشافعي ، وهو مذهب المالكية والحنفية، فأكثر أهل العلم على أن الرجل ممنوع من إزالة شعر خده، وهو الموجود في العارضين، أو الموجود في هذا.
والقول الثاني: أن المحرم هو اللحية، وهو الشعر النابت على العظمين الموجودين من اللحيين، والأئمة الأربعة ذكروا أن تحديد اللحية هو الشعر النابت من العظمين واللحيين، وأما ما ينبت فوق ذلك فوجدت كلام الأئمة الأربعة على جوازه، وشيخنا عبد العزيز بن باز و شيخنا محمد بن عثيمين يمنعون من ذلك ويقولون: إن اللحية هو كل ما نبت من شعر الوجه؛ استدلالاً بقول الفيروز آبادي صاحب اللغة، وكذلك ابن منظور صاحب لسان العرب أن اللحية هي كل ما نبت من شعر الوجه، والأئمة الأربعة يقولون: إن اللحية هي ما ينبت من اللحيين، وأما الخد فليس بلحية، هذا قول الأئمة الأربعة، فأرى أن الأولى ألا يصنع، ولكن إن صنع فله مندوحة في قول الأئمة الأربعة، والله أعلم.
قد لا ترضي هذه الإجابة كثير من المراكز، وكثير من النساء؛ لأنه وللأسف بدأ ينتشر بكثرة أن هناك ليزراً اسمه ليزر التشقير، طبعاً هو يشقر الشعرة، وليس مثل الليزر الثاني الذي يقضي على الشعرة، ولكن هذا التشقير يجلس أسبوعاً ويسقط، فهم يعتقدون أنه ليس ليزراً، بل هذا ليزر ويقلل من سماكة ولون الشعرة بعد عدة جلسات، وأنا أحذر تحذيراً مهماً، أنا كنت في مؤتمر في أمريكا فأحد الأطباء عرض اثنتي عشرة حالة عين مصابة بشبه عمى، والسبب اقتراب جهاز الليزر من إزالة الشعر الذي حول العينين، فالآن في أمريكا يمنعون ويحرمون -ليس تحريماً شرعياً، ولكن يحرمون طبياً- وضع الليزر حول العين، وخاصة على الحواجب؛ لأن هذا الجهاز الآن اكتشفوا أنه يدخل داخل العين ولو من خارج العظم ويؤذي العين، فنصيحة عامة: لا يقترب الليزر من محيط العين، فهذه نظرة شرعية قالها الدكتور عبد الله جزاه الله خيراً، ونظرة طبية أنا على يقين أن تقريب الليزر من العين ضار جداً، ويبقى تعليق الدكتور عبد الله.
الشيخ: يجب أن نفرق في مسألة التشقير، فالتشقير نوعان:
النوع الأول: تشقير الحواجب ببعض الصبغ الموجودة مثل الكنت وغيره، فهذه اختلف العلماء المعاصرون فيها، والذي يظهر -والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم- أن ذلك لا بأس به؛ لأن هذا مثل ما تضعه المرأة من الصبغ على وجهها، فالأصل فيه الجواز، وليس هذا تغييراً لخلق الله؛ لأن التغيير هو الإزالة وليس الوضع، وأما أن يقال: إنها تتشبه بالنامصة، فهذا ليس تشبهاً، فالنامصة تزيل، وهذه تصبغ، فصبغة الشعر الموجود في الحاجبين نفس الصبغة الموجودة في اللحية والشعر الصغير الموجود بين الخدين مما تصنعه المرأة.
النوع الثاني: التشقير بالليزر، والدكتور أحمد أيضاً أكد لي هذا، فأنا قرأت كثيراً من كلام الأطباء فيما يسمى بالتشقير بالليزر، أو التحديد بالليزر فقالوا: إنه يبقى زمناً ثم تسقط الشعرة، فيكون في حكم النتف، وهذا محرم من هذا الوجه؛ لأن هذا من النمص، فدخل في اللعن وفيما حرم الله سبحانه وتعالى، فهو نوع من النمص، ولهذا فالتشقير الليزري لا يجوز باتفاق الفقهاء؛ لأنه سوف تسقط الشعرة، ويقل من سمكها، وقد قال الحنفية والحنابلة والمالكية: إن النمص هو الترقيق والتدقيق، والنتف هو الإزالة، هذا فضلاً عن الضرر الحاصل، فهذا محرم من وجه آخر.
الشيخ: نعم، أولاً يا دكتور! بعض العلماء يقول: إن وضع الرموش الصناعية محرم؛ لأنه من الوصل، والذي يظهر -والله أعلم- أن الوصل إنما هو وصل الشعر وليس الرموش، فأرى أن هذا ليس داخلاً في مسألة الوصل، لكن تبقى مسألة اشتماله على ضرر أم لا، فقد قرأت أن الرموش الصناعية التي توضع لابد فيها من مادة كيميائية صبغية، هذه المادة ربما تؤثر على العين؛ حيث إنه بعد استخدامها زمناً طويلاً تتساقط الرموش حتى يكون مثل الذي به مرض كيميائي والعياذ بالله.
الدكتور أحمد: هو مثل العلاج الكيماوي.
الشيخ: نعم، العلاج الكيماوي يتساقط كاملاً.
الثاني: أنه تصاب المرأة بالحكة المستمرة، فإذا كان كذلك فلا تجوز الرموش الصناعية من باب أنه ضرر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ).
أما القطرة التي تطيل الرموش، فهذا الأصل فيه أنه إذا لم يكن فيه ضرر فالأصل فيه الجواز.
الشيخ: أقول: روى أبو سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الوفرة، وكان أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعورهن حتى تكون كالوفرة )، وهذا يدل على أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يقصصن شعورهن، ولهذا فالأصل في المرأة أنه يجوز لها أن تقص شعرها بشرطين:
الشرط الأول: ألا تتشبه بالشباب والأولاد، مثل ما يسمى قصة الإيمو، والإيمو هذه الحديث عنها طويل، لكن لها قصة معينة، تحف القفاء وأول الرأس، وتبقي شيئاً من هذا، فهذا لا يجوز؛ لأنه تشبه بالرجال.
الثاني: ألا تتشبه بالعاهرات والكافرات، والمقصود بالعاهرة أن يكون لها قصة لا تعرف إلا بها، وأنا أضرب لكم مثالاً: مثل مغني موجود له قصة معروفة، فهذه القصة إذا ذهبت إلى الحلاقين وقلت: أريد قصة فلان، هذا هو التشبه، أما إذا وافقت قصَّات موجودة فالأصل فيها أنه لا بأس، إلا إذا تميز أنها للكفار، أما القصات المعروفة، فالأصل أن هؤلاء الذين يجرون عملية القص بالموديلات هم كفار، لكن ليس هذا المحرم، المحرم هو التخصيص، والله أعلم.
الشيخ: هذا السؤال جيد، أفتت بذلك أم المؤمنين امرأة قالت: يا أم المؤمنين! هل لي أن أميط شعر جبيني لزوجي؟ قالت: أميطي عنك الأذى ما استطعتِ، فالأصل أنه يجوز للمرأة أن تزيل شعر جبينها أو شعر وجهها، ولا حرج في ذلك.
الشيخ: الحنابلة يرون أن قص الحواجب مكروه وليس بحرام، والأصل أن القص والحلق والنتف حكمهما واحد؛ لأن ما قارب الشيء يأخذ حكمه، ولهذا أفتى بعض الحنابلة -وكذلك هو رأي شيخنا عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد بن عثيمين- أن ذلك محرم، وهذا هو الأصل إلا إذا كان ذلك فيه كثرة، بحيث يعاب على المرأة، فبعض النساء أحياناً يكون حاجبها طويلاً وليس هو المعتاد، فلا حرج أن تأخذ من ذلك؛ لأن هذا عيب؛ ولقول ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إلا من داء )، وهذا داء، والداء أيها الإخوة! ما يلزم أن يكون مرضاً بل قد يكون على غير الخلقة التي خلق الله سبحانه وتعالى عليها عباده.
الشيخ: أنتم تقولون: إن الليزر أحياناً يؤثر بعملية الصبغ الموجودة على الوجه، هل يستطيع الطبيب أن يعرف ذلك عن طريق التحليل؟
الدكتور أحمد: نحن نقول: إذا جاء المريض أو المريضة ووجهه أسمر، فالسمرة دليل على زيادة الصبغة الموجودة في الجلد، والشعر أسود، والليزر جهاز أعمى لا يفرق بين سواد الشعرة وسواد الجلد، فإذا كان البشرة سمراء جداً نحن نقول للمريض: أنت عندك احتمال أنه يحصل لك تصبغ، رغم أنه الآن يوجد أجهزة حديثة تنفع للبشرة السمراء، لكن إذا كان عند الدكتور احتمال أكثر من (50%) أن هذا المريض ممكن يحصل له تصبغ فلن يعمل له الطبيب؛ لأن الضرر سيكون ضرراً عليه، حتى من ناحية الشكوى فيبتعد عن عمله، فنحن لا نعمل لمن تكون بشرته سمراء جداً، نحاول أن نتجنب العمل له.
الدكتور أحمد: أنا رئيس لجنة توصيف الليزر في المملكة، فأنا المعني بتوصيف الليزر من ناحية من يستخدم، ومن لا يستخدم، وهذا سؤال جيد جداً، من يستخدم الليزر؟
(90%) من المراكز في أمريكا تعمل بدون طبيب، وإنما المركز يكون فيه طبيب مرخص، وممرض أو ممرضة مرخصة، فللاختصار ليس من الملزم أن يستخدم ليزر إزالة الشعر طبيب، فيمكن للمريضة أن تغلق الباب وتسوي لي الليزر، إذاً: نحن وصلنا إلى درجة من وجود أجهزة ليست بخطيرة، ولكن هناك الهيئة السعودية للتخصصات الصحية فيها مجموعة من الأطباء -وأنا لست منهم- مصرين أن الليزر لا يلمسه إلا طبيب، ففي أمريكا في (ينوجرسي) هذه من الولايات المتشددة لا يعملها إلا طبيب، لكن الحق أن الليزر من الأجهزة الآمنة ويمكن للطبيب وغيره، والشرط الجديد الآن الذي في كل المراكز أنه يسمح للطبيب الذي يحصل على رخصة، وللممرضة التي تحصل على رخصة، ولا يمكن أن يستخدم في مكان لا يوجد فيه طبيب مرخص لليزر، وهذا حل بين الطرفين، هل هذا هو الصحيح؟ الله أعلم، لكن هذا اجتهاد أتمنى أنه يكون صحيحاً.
الشيخ: بعض الفقهاء رحمهم الله يرى أن المحرم هو إزالة شعر الحاجبين؛ الشعر الذي هو فوق العين، أما الموجود على طول عظمة الأنف، فهذا ليس داخلاً فيه، فهو داخل في حكم إزالة شعر الوجه في حق المرأة، وأنا أرى أن هذا جائز، وسمعت شيخنا عبد العزيز بن باز يرى أن ذلك لا بأس به، وليس هذا من إزالة الحاجبين.
الشيخ: بين الرسول صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود بسند حسن من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتفوا الشيب فإنه نور )، وهذا من باب الكراهة، فإذا كانت المرأة تريد أن تتجمل فالأصل أنه مكروه، وليس بحرام، فإن فعلت فإن هذا لا إثم فيه وتركه أفضل.
إن مشاكل التقشير كثيرة جداً؛ لأن أي تقشير يهيج الوجه ويزيد من التصبغ اسوداداً، وكثير من النساء إذا خلص الأكل وباقي قطعتين ليمون، تمسك قطعة الليمون وتفرك مرافقها ليكون الجلد أبيض؛ لأنها تعتقد أن هذا الشيء يبيض، ولكن طبياً إذا لم يستخدم الليمون أو المركبات الحمضية بتراكيز معينة أو أوقات معينة فإنه يزيدها سواداً، فأنا أحذر من هذا الشيء.
طبعاً الشيء الشرعي دائماً يثار، ودائماً يسألوني؛ لأنه يردد حديثاً -وأنا سأسمع رأي الشيخ-: ( لعن الله القاشرة والمقشورة )، وهذا الحديث بدأ ينتشر بين كثير من المرضى، ويقولون: إنه حرام، ونسمع أنه ضعيف، لكن طبياً ليس من المعقول أن نقول: إن التقشير خطير، ولا معقول أن نقول: إنه آمن. التقشير إذا عمل بطريقة علمية سليمة جداً فهو مفيد للكلف، ونحن لا نقشر الجسم كله، فنحن ضد هذا الفعل؛ لأنه يزيده سواداً، لكن تقشير مناطق صغيرة في الجسم لفائدة مُحكَّمة الضرر فيها جداً نادر، خاصة الآن يوجد مقشرات كثيرة جيدة، ولكن الآن هو مطلب كثير من الناس، وعندهم معلومات خاطئة عنه، أنه يزيل الطبقة الميتة ويبقى الجلد سليماً، فهذه المعلومة ليست صحيحة، وأنا أحذر من التقشير الزائد؛ لأن أي واحدة تعمل تقشيراً بصورة مباشرة يبدأ وجهها أكثر حساسية واحمراراً، فتدخل في متاهة، وبدل أن كان فيه اسمرار بسيط تكون مريضة مدمنة عند الأطباء تريدهم أن يخففوا الاحمرار، فهو إذا عمل بالطريقة الصحيحة السليمة يكون جيداً، وأنا أتمنى أن أسمع رأي الدكتور عبد الله في التقشير من الناحية الشرعية.
الشيخ: مسألة التقشير فيها حديثان: حديث عائشة رضي الله عنها، وحديث ابن مسعود.
أما حديث ابن مسعود فقد جاء في زيادة عند الإمام أحمد : ( لعن الله النامصة والواشرة ) والوشر: هو نوع من التقشير، وفيه رواية أخرى: ( لعن الله القاشرة والمقشورة )، وهذا حديث عن عائشة رضي الله عنها رواه الحاكم وفي سنده ضعف، ولهذا أكثر أهل العلم على تضعيف حديث عائشة رضي الله عنها، وكذلك حديث ابن مسعود وهو: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة والواشرة )؛ ولأن في سنده عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وهو يزيد في بعض الروايات، وأكثر الروايات الموجودة في الصحيحين من حديث ابن مسعود ليس فيها (الواشرة)، وليس فيها (القاشرة)، فعلى هذا فالصحيح أنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه حديث.
إذاً: ما الحكم؟ اختلف العلماء، فـابن جرير الطبري و ابن الجوزي وبعض فقهاء الحديث يرون أن ذلك محرم؛ لأنه داخل في تغيير خلق الله، والذي يظهر -والله أعلم، وهو قول أكثر الفقهاء المعاصرين- أن التقشير ينقسم إلى قسمين.
في البداية التقشير الذي يفعله الأطباء ثلاثة أنواع: تقشير سطحي، وهو يزيل طبقة الجلد الأعلى ولا يصل إلى الطبقة الأدنى، وبطبيعة الحال كل ستة أشهر في العادة يتغير جلد الإنسان إلى جلد آخر.
إذاً: هذه الطبقة مزالة، لكن أحياناً إزالتها بطريقة احترافية فينفع، أو بطريقة تزيلها الشمس أو يزيلها الغسل الذي ليس بطريقة علمية.
فالأصل أن التقشير السطحي جائز:
أولاً: لأنه ليس ثمة ضرر.
الثاني: لأن هذا ليس تغييراً لخلق الله؛ لأننا قلنا: إنه ما كان فيه إزالة على وجه الدوام، وهذا ليس فيه على وجه الدوام، نعم يوجد بعض العمليات التي تبقي هذا الأمر، لكن ليس هذا على طبيعته، ولكن بوجود بعض الاستخدامات الطبية، وبعض الوقائي الذي يجعل البشرة بعد ذلك مستمرة نضارة.
إذاً: الأصل أن التقشير السطحي لا بأس به، ومما يدل على الجواز ما قالته أم سلمة رضي الله عنها عن طريق مسة الأزدية وهي مجهولة، ولكن الذهبي رحمه الله قال: كل كبار التابعيات لا أعلم عنهن جرحاً ولا قدحاً، وهذا يدل على أن الأصل فيه الجواز إذا لم يكن هناك حكم شرعي جديد، وهي أنها قالت: ( وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف )، ومن المعلوم أن الورس مثل الليمون وغيره، فهو إزالة للطبقة التي تسمى الطبقة السفلى، وهي الطبقة التي تظهر أمام الرائي لها، فالأصل فيها أنها جائزة، ولا إثم في ذلك؛ لأنها مزالة بالخلقة.
النوع الثاني: وهو التقشير المتوسط.
النوع الثالث: التقشير العميق، فهذا الأصل فيه المنع؛ لأن أكثر الأطباء يقولون: إن التقشير العميق الغالب أنه يؤثر على الجلد، فالأصل فيه أنه يحرم إلا إذا كان هناك عيب، مثل التشوه بسبب حروقات، أو بسبب حوادث، أو غير ذلك، فإنه لا بأس به؛ لأن هذا داء ومعالجته مشروعة في الجملة، في هذين النوعين يظهر ويتبين الحكم، والله أعلم.
الدكتور أحمد : بالنسبة للتقشير في هناك أحياناً تقشير سطحي بسيط جداً، يؤثر تأثيراً سلبياً جداً، وأحياناً تقشير عميق جداً يكون تأثيره بسيطاً، حتى طبياً يعني: إذا كان الحكم الشرعي مبنياً على الضرر من التقشير.
قبل أسبوعين عملت مريضة تقشيراً سطحياً بمادة تسمى (كوجك أسد) فحرقت حرقاً غير طبيعي، فأنا أقول: التقشير الآن هوس عند الكثير من النساء، والشركات بدأت تتهافت بإنتاج تقشيرات بأنواع كثيرة جداً؛ اعتقاداً منهم أن تقشير البشرة السمراء ليست كالبيضاء؛ لأن البشرة السمراء فيها خلايا صبغية نشيطة، وهذه الخلايا الصبغية النشيطة إذا تم تقشيرها -أنا أقول: إهانتها- تبدأ تكون مسودة بشكل غير طبيعي، والبشرة تكون حساسة، فأنا أحذر من التقشير كثيراً، إلا لمن تحتاجه لكلف واضح، أما تأتي امرأة تقول: أنا بشرتي جيدة لكن أريد أن أكون أجود، فأنا أحذرهن؛ لأنه بعد كل تقشير هناك حساسية دائمة من الهواء، ومن الشمس، ومن الطبخ، وهذه ثلاثة أشياء لا تستطيع المرأة أن تتجنبها أبداً، فالتقليل من التقشير هو بالفعل أمر مطلوب شرعاً وطباً؛ لأن الشركات بدأت الآن تملأ الصيدليات، وصيدلياتنا -ما شاء الله- مثل البقالات، تدخل الآن تقول له: أريد كذا فمباشرة يعطونك إياه، فلا يوجد تيقن بمنع بيع هذه الأشياء، فكثير من المقشرات موجودة في الصيدليات وتباع، وهي خطيرة، وكثير من المريضات ما تأتيهن المشكلة إلا بعد ما يبدءون بما يسمى: برنامج التقشير، فأنا أحذر من هذا الشيء إلا لمن عندها كلف تصبغ أسود، فهذه محتاجة إلى إزالته.
الدكتور أحمد: يمكن، ولهذا نتمنى أن يكون عندنا جهاز يقيس مثل هذا الشيء، ولكنه للأسف غير موجود!
الشيخ: ألا يقال: إن الأفضل إجراء عملية اختبار قبل هذا العمل؟
الدكتور أحمد: هذا الذي نحن دائماً ننصح المريض بالليزر أو بالتقشير أنه يعمل منطقة صغيرة، ويحكم عليها، وللأسف بعض المرات منطقة الفحص تكون جيدة، والتقشير الكامل يكون خطيراً، فليست دائماً مفيدة.
الشيخ: يعني: نفهم من الدكتور أن الغالب في التقشير أن ضرره أكثر من نفعه؟
الدكتور أحمد: صعب الحكم، لكن أنا أعتقد أنه إذا اختير الطبيب الجيد والمريض المناسب، والمادة الجيدة قلت المضاعفات، يعني: جواب معقد، ولكن هذه هي الحقيقة، لا نستطيع أن نحكم.
أنا دائماً أعرف أن المشايخ يتمنون أن يعطوا شيئاً جاهزاً حتى يبنى الحكم عليه ويكون واضحاً، لكن لما تأتي للشيء العملي يكون صعب جداً، ونتمنى أن تكون هناك أشياء محتمة عندنا أنها ضارة ونقولها، لكن هناك أشياء واقعة بين بين.
الشيخ: لكن هناك أطباء يقومون بعملية كما يقولون: نريد أن تكون النتائج أسرع، وأنت أعلم يا دكتور! أن كل طبيب له خلطة توجد عند المستشفى الفلاني وفي المستشفى الفلاني، هذه الخلطة تختلف على حسب جرأة الطبيب، فبعض الأطباء جريء، ولهذا يضع المواد الكيميائية في هذه الكريمات بحيث ربما يؤثر ذلك في الغالب، وبعض الأطباء يضع الحمضيات الموجودة في هذه الكريمات بنسب بسيطة جداً جداً لأجل أن تؤثر بعد زمن طويل، ألا يقال: إنه إذا كانت نسبة التقشير الكيميائي موجودة، فالغالب أن هذا يؤثر.
الدكتور أحمد: طبعاً إذا كان نسبتها، نحن عندنا تركيز أربعة، ستة من مادة اسمها: دكوين، كلما زاد التركيز تعطي الفعالية أفضل والخطورة أكبر.
الدكتور أحمد: هذا أسلوب خاطئ، هو لابد من الطبيب أن ينظر إلى البشرة، ويحدد كم؛ لأن الصيدلي صعب أنه يحكم، وخاصة إذا كانت امرأة.
سأختم بقصتين واقعتين وكلاهما عن التقشير، وهو تقشير واقعي صراحة، يعني: إذا كان وضع المواد الغذائية على الوجه مكروها شرعاً، فنقول: إنه محرم طبياً؛ لأنه بصراحة من كثرة ما نرى من النساء اللاتي إذا انتهى الأكل، أو إذا هي صنعته، خاصة الروب تستعمله، وأقول لكم: الخلطات أتمنى ألا تفعلها طبعاً النساء كالخيار، ومؤخراً بدءوا يضعون الجزر، فهذه أغلبها فيه مواد حمضية، لكن هي جميلة وطبيعية للمعدة، وليست للبشرة. فأقول: قبل شهر بنت أجلت الزواج تماماً، والسبب أنها تركت هذه الخلطة ليلة كاملة إلى الصباح، فأصبح عندها حروق من الدرجة الثانية في البشرة، إذاً: طبيعية للمعدة وليست طبيعية للبشرة، وهذا من نكران النعمة مثلما قال الشيخ.
وثانياً: طبياً هذا ضار جداً، ولا تقل: فلان وضعه وصار سليماً، فمثلاً الذي يسرع بالسيارة ويمشي مائتين، ويصل إلى الشرقية في ساعتين، لا يعني أن كل الناس يعملون مثله هكذا، ولا يضرب به المثل، فهذا نادر والنادر لا حكم له، الأصل في الناس أنهم يستخدمون الشيء الجيد.
الشيء الثاني وقد ذكره الدكتور: وضع الخلطات هذه نحن ضدها، وأنا كطبيب ضد أن الواحد يقول: أنا أستخدم الخلطة الفلانية، وخاصة إن صارت من عشابين، هناك مادة اسمها (كلوبيد آزول) (درموفيد) بثمانية ريالات، وإذا أخذت مجموعة يعطونك بسبعة ريالات وهي موجودة الآن في الصيدليات والبقالات.
أنا عندي بنت الآن في المستشفى مشلولة بسبب هذا الكريم، وجاءني طفل قبل أسابيع في حالة خطيرة جداً بسبب هذا الكريم، والكريم هذا يباع بخمسمائة ريال، ولا أريد أن أذكر اسمه؛ وإذا ذهبتم إلى البيت وقرأتم الشريط الذي يوجد في أسفل شاشة بعض القنوات الدينية ستجدونه موجود فيها، وقد كلمت هذه القناة، ورفضوا أن يحذفوا هذا الإعلان؛ لأنه يدر عليهم المادة.
المشكلة الآن أنهم يغزون الناس بمثل هذه التي هي عجب عجاب ولها أسماء جذابة جداً: الذهبي وغيره، فهذا الكريم بثمانية ريالات يباع بخمسمائة، فهو يأخذ اثنين بستة عشر ريالاً، ويضعه في الأنبوبة ويبيعه للناس ويوصله إلى البيت بخمسمائة ريال، وقد كلمت عنه وزير الصحة وأتمنى أنهم يوقفون مثل هذه الأشياء.
هذا الكريم بعد أسبوعين أو ثلاثة يصيب الشخص بهشاشة عظام، فهذه البنت كانت تريد أن تتزين فوضعته على وجهها لعدة أسابيع، ثم صعدت الدرج فحصل لها كسر في العمود الفقري وحصل لها شلل، فهي مشلولة بسبب الكريم! والطفل هذا الكلى عنده الآن تعبانة جداً؛ لأن إنزيمات الكبد والكلى ارتفعت بسبب هذا الكريم!
فالذي أنا أحذر منه وأختم به قولي أن أقول: أنا أعرف الكثير من هؤلاء العشابين مع احترامي لهم فهم يعرفون علاجاتنا فيأخذونها ويعطونكم إياها بعشرة وبعشرين وبالضعف، نحن لا نقول هذا من أجل أن تأتوا إلينا ونأخذ فلوساً، إنما نحن نقول هذا الكلام لأن تجار الشنطة الآن بدءوا ينتشرون في النت بكثرة، وقد سمعتم عن المرأتين اللتين ماتتا بسبب حقنة في المنزل، فالعلاجات المنزلية هذه يجب أن نتوقف عنها، ويجب سؤال الطبيب، اذهب للطبيب واسأله، واخسر قليلاً من المال، وكن على الطريقة الصحيحة.
ودائماً لابد أن نتذكر أننا لا نملك أنفسنا؛ لأن هذه أمانة، والذي يفرط في الأمانة بهذه الأشياء أنا أعتقد أنه آثم. والتعليق أخيراً للدكتور عبد الله .
الشيخ: جزاك الله خيراً. حقيقة مثل هذه القضايا يجب أن يعلم الإنسان أن جسده ليس ملكاً له، ولهذا:
فما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوماً أن تسترد الودائع
فالإنسان يجب أن يعلم أن جسده ليس ملكاً له، بحيث يتصرف فيه كيفما شاء، ولكنه مملوك لله سبحانه وتعالى، ولهذا العلماء رحمهم الله ذكروا أن كسر عظم الشخص ميتاً ككسره حياً، فهذا يدل على أن الإنسان لا يسوغ له أن يتصرف بجسده أياً كان بناءً على دعاية أو غير ذلك.
النقطة الثانية: الرسول صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث جابر : ( ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال )، وقال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، فالإنسان يجب عليه ألا تأخذه العزة بالإثم بأن يقول: أنا قد جربت، والأطباء يريدون أن يأخذوا أموالي، لكن أيضاً أنت لابد أن تبحث كما أنك تبحث عن الثقة من أهل العلم، فابحث عن الثقة من الأطباء، فالأطباء الثقات في هذا البلد وغيره كثير، ولله الحمد، فلا يسوغ للإنسان أن يتصرف بجسده كيفما اتفق؛ لأن ذلك ضرر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ).
والنبي صلى الله عليه وسلم منع أصحابه حينما قام الأعرابي ليبول في المسجد -كما في الصحيحين- لما أراد الصحابة أن يقطعوا عليه بوله، قال: (لا تزرموه)، يعني: لا تقطعوا عليه بوله، قال الأطباء: وهذا من الإعجاز العلمي، أن الإنسان إذا استدرت المثانة للتبول فحبسها، فإن ذلك ضرر عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وما ينطق إلا عن علم من الله سبحانه وتعالى لم يأذن لهم أن يقطعوا عليه بوله، مع أن فيه ضرراً على المسجد، وإلا لما منع أصحابه لأجل تطهير المسجد، فكيف بالإنسان الذي ربما لا يبالي في جسده.
ولهذا أنا أنصح الإخوة والأخوات ألا يسارعوا في هذه العملية.
أنا حقيقة أتمنى -لأن لي خلفية كثيرة في مثل هذه القضايا- أن توجد علاجات في الصيدلية؛ لأننا لا نستطيع -وأقولها بحق- أن نقول للناس كلهم: اذهبوا إلى الأطباء، لكن نتمنى أن يكون هناك هيئة للغذاء والدواء تنبه بين فينة وأخرى عن طريق وسائل الإعلام، وتقول عن الكريمات: هذا فيه ضرر، وهذا ليس فيه ضرر، ويقوم بعملية كذا وكذا، فهذا يجعل هناك نوعاً من التقليل في تقحم الناس فيما يعلمون وفيما لا يعلمون، وأنا أعلم والدكتور أعلم مني بهذا، ولكن عندي خلفية أن هيئة الغذاء والدواء عندها علم ببعض الكريمات التي ترى أنها طبية من حيث إنها لا ضرر فيها من حيث التقشير، أو التبييض أو غير ذلك، فإذا كان هذا فيه نوع من الدعاية التي يعرفها الناس القاصي والداني، فإن هذا يقلل ويحجم من عملية المغامرة التي تفعلها بعض الفتيات.
الدكتور أحمد: دكتور عبد الله جزاك الله خيراً، أنت مبدع كعادتك في علمك وبأسلوبك، جزاكم الله خيراً كلكم.
الشيخ: دكتور ما هو المرهم هذا؟ هذا يجب الإخبار عنه فلو أخبرت عنه حتى يعرفه الناس؛ لأن القناة ستبثه لكثيرين، وهذا من الواجب عليك -يا دكتور- أن تبين إذا كنت تعلم.
الدكتور أحمد: الكريم الذهبي، اسمه الكريم الذهبي فيه مادة اسمها (كلوبيد آزول) وهناك طفل الآن في حالة خطيرة، هذا الذي جاءني وأنا متأكد منه؛ لأن بعد التحليل تبين أن فيها كمية جداً كبيرة من مادة أورتون، وبخمسمائة ريال يباع، وهو بستة عشر ريالاً.
الشيخ: إذا كان ثابت طبياً أن الكريم الذهبي يؤدي إلى هشاشة العظام فأقول: -واحفظوا عني- أن استخدامه محرم.
الدكتور أحمد: جزاكم الله خيراً، فالإجابة ستكون مع الأخ محمد العمر وأشكره شكراً شديداً جزاه الله خيراً؛ لأنه -الله يوفقه- من أشهر وهو يتابع الأطباء، والأطباء جداً صعب أن تحصل على وقتهم، فجزاك الله ألف خير، وسدد خطاك ويسر أمورك، وسامحونا على التقصير.
الشيخ: جزاك الله خيراً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر