إسلام ويب

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلمللشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله سبحانه اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم، وأمر الخلق باتباعه والاقتداء به، فإنه المعصوم والمسدد بالوحي من السماء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة في الصبر والرحمة والرفق والمعاملة حتى مع الأعداء، بل لقد كان قدوة في كل شيء.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد.

    وبعد:

    أحبتي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد بعث الله سبحانه وتعالى رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ ليكون خاتم النبيين، فبعثه بشريعة غراء؛ ليقيم ويبعث أمة، وهذا المنهج وهذه الأمة هي خير الأمم كما قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [آل عمران:110]، وهذه الخيرية ليست خيرية عرقية، ولا عنصرية، ولا جغرافية، وإنما هي خيرية مستمدة من تطبيقها لشريعة رب العالمين، ومتابعتها لسنة الحبيب عليه الصلاة والسلام.

    فقد جاء عند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إن الله اطلع على قلوب العباد، فلم ير قلباً أخضع له وأحب إليه من قلب محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولذا اختاره لرسالته، وقد اختاره الله سبحانه لأنه كان متحملاً -بأبي هو وأمي- أذى الخلق، فكان في دعوته صابراً حكيماً، وفي توجيهاته سديداً، يحب أن يقدم لهذه البشرية الدعوة غضة طرية لا عوج فيها ولا أمتاً.

    وقد روى البخاري و مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( يا رسول الله! هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت يوم العقبة إذ عرضت نفسي إلى ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام ، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال، لتأمره بما شئت فيهم، قال صلى الله عليه وسلم: فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد! إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال عليه الصلاة والسلام: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً ).

    وهذا الحنان، والعطف من الحبيب عليه الصلاة والسلام هو سبب حديثنا الليلة.

    فقد روى البخاري و مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت، و أبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل : أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضعه على كتف محمد -ونحن نقول: صلى الله عليه وسلم- ومن يضعه على كتف محمد إذا سجد؟ فقام أشقى القوم فأخذه، فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه على كتفيه وهو ساجد. يقول ابن مسعود : ولو كانت لي منعة لوضعته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد لا يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة ، فجاءت وهي جويرية، فطرحته عنه، ثم أقبلت عليهم تشتمهم، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم، وقال: اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا سأل سأل ثلاثاً، فلما سمعوا صوته، ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال: اللهم عليك بـأبي جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و أمية بن خلف و عقبة بن أبي معيط، وذكر أسماء، قال ابن مسعود : فو الذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى قليب بدر )، وهذا كله من صبره عليه الصلاة والسلام وتفانيه، حتى تصل دعوته إلى الناس غضة طرية.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086768674

    عدد مرات الحفظ

    768830733