إسلام ويب

الأسهم والشركاتللشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من رزق الله لعباده وبركته عليهم أن فتح لهم أبواباً للرزق تتجدد بين حين وآخر، ومن ذلك التجارة بالأسهم، ولا تخلو من أحوال: إما أن يكون منشؤها على التعامل بالمباح فهي مباحة، أو على الحرام فهي محرمة، أو يكون أصل منشئها على التعامل بالمباح، ولكنها تقرض أو تقترض بالربا فيجب تركها إلا في بلدٍ قد أطبق عليه الحرام، فاتقوا الله ما استطعتم.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    وبعد:

    الأسهم والشركات حديث ذو شجون، كيف لا، وقل أن تجد شخصاً له عائلة، ويريد أن ينمي ماله، أو عنده فضل من مال لم يدخل في سوق المال، وما ذاك إلا لسهولة كسبها، وسهولة التخلص منها، وسهولة الربح الذي يحصل جراء ما يسمى بالمضاربة في فروق الأسعار.

    والشركات المساهمة -أحبتي الكرام- لها عمر طويل، وكبير، وكان أول نشأتها في بداية عام 1844 للميلاد في بريطانيا، وكذا ألمانيا، وبعد ذلك بمائة سنة تقريباً، أو ثمانين سنة وجدت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا أجدني مضطراً إلى الحديث عن تاريخ الشركة المساهمة؛ لأن بين يدي مسائل أرى أنها من الأهمية بمكان، وأننا بحاجة إلى طرحها، وأرى أن طرحها هنا سوف يكون فيه نوع من المناقشة والتحليل؛ لأن بعض الإخوة الذين ذهبوا إلى التحريم، أو إلى الإباحة ربما لم يعلموا منزع الدليل في القول بالإباحة، أو منزع الدليل في القول بالتحريم إلا نسخاً ربما لا تشبع جائعاً، ولا تروي ضماناً.

    وبين يدي محاور أرى أنها من الأحاديث التي نحن بحاجة إلى طرحها، ولعلي أذكرها على عجل.

    المحور الأول: ما هي الشركة المساهمة، وما هي خصائصها؟

    المحور الثاني: حكم إنشاء الشركات المساهمة.

    المحور الثالث: ما حقيقة السهم في الشركة المساهمة؟

    المحور الرابع: حكم تداول أسهم الشركات المساهمة.

    المحور الخامس: حكم تداول الأسهم قبل طرحها للاكتتاب.

    المحور السادس: حكم تداول الأسهم بعد الاكتتاب قبل التخصيص.

    المحور السابع: حكم تداول الأسهم بعد التخصيص وقبل الإذن بالتداول.

    المحور الثامن: حكم تداول الأسهم بعد التخصيص والإذن بالتداول.

    المحور التاسع: انتفاع المكتتب لاسم غيره في الاكتتاب.

    المحور العاشر: سلوكيات المضاربين، أو ما يسمى بهوامير السوق في سوق المال، ووقفة مع المضاربة في فروق الأسعار.

    هذه هي المحاور التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمني الرشد والصواب، والفتح من العزيز الوهاب بأن أصل إلى كامل هذه المحاور، وإلا فعذري هو الوقت.

    المحور الأول: ما هي الشركة المساهمة؟

    تعريف الشركة المساهمة

    الشركة المساهمة: هي الشركة التي يكون رأس مالها مقسماً إلى أجزاء متساوية القيمة، كل جزء منها يسمى سهماً، هذا السهم قابل للتداول، ولا يكون كل شريك مسئولاً إلا بمقدار حصته من رأس المال، وبهذا التعريف تكون الشركة المساهمة من شركات الأموال التي لا تعتمد على العنصر الشخصي في الشركة، وإنما تعتمد أول ما تعتمد على ما يقدمه الشريك من حصة في رأس المال دون النظر إلى شخصه فقيراً كان أم مليئاً، معسراً أم غير معسر، بخلاف شركات الأشخاص التي تهتم بالعنصر الشخصي، فيكون الإنسان مسئولاً أمام الغير برأس مال هذه الشركة، أو بما يملكه من أسهم، أو بما يملكه من مال من عقارات وغير ذلك.

    مميزات الشركة المساهمة

    وحينئذٍ تكون الشركة المساهمة لها خصيصتان: الخصيصة الأولى: المسئولية المحدودة، الخصيصة الثانية: الاعتبار الشخصي، أو الشخصية الاعتبارية. ومعنى المسئولية المحدودة في شركة المساهمة: أن مسئولية الشريك في الشركة المساهمة تتحدد بمقدار القيمة الاسمية، أو القيمة الدفترية بعد عمل الشركة لما يملكه من أسهم في رأس مال الشركة، فلا يُسأل الشريك عن الديون المترتبة على الشركة إلا بمقدار رأس ماله، أو بمقدار أسهمه.

    وعلى هذا أيضاً فلو كان الشريك مفلساً، فلا علاقة بالشركة المساهمة أيضاً إلا بمقدار حصته من رأس المال الذي يقدمه الشريك.

    أما الشخصية الاعتبارية فهي: شخصية يصنعها النظام، ويضفي عليها كثيراً من سمات وصفات الشخصية الذاتية، أو الشخصية الطبيعية، فيجعل للشركة المساهمة ذمة مالية لها حقوق وواجبات، وأيضاً يكون لها التزامات، فهي تستطيع أن تطالب، وأن تطالب، ويجعل لها اسماً وحياة وموطناً، كما يكون بالضبط للشخص الطبيعي، ويكون أعضاء مجلس الإدارة هم الذين يتصرفون في هذه الشركة، أو هذه الشخصية الاعتبارية.

    خصائص الشركة المساهمة

    وبناءً على هذا التعريف، فإن الشركة المساهمة لها خصائص:

    أولاً: تقسيم رأس مال الشركة إلى أسهم متساوية القيمة قابلة للتداول بالطرق التجارية، وهذه الخصيصة لا تكاد توجد في الشركات الموجودة في الفقه الإسلامي.

    ثانياً: عدم مسئولية الشركاء إلا بمقدار حصصهم من رأس المال.

    ثالثاً: ليس للشركة المساهمة عنوان تجاري باسم أحد الشركاء، كما يوجد في الشركة الشخصية، تقول: شركة فلان ابن فلان، فهذه لا تكاد توجد في الشركة المساهمة، ولكن يوضع لها اسم على حسب طبيعة عملها، وحسب طبيعة نشاطها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088798618

    عدد مرات الحفظ

    779108262