قال المؤلف رحمه الله: [ وكذا لا يطهر جلد غير مأكول بذكاة كلحمه، ويباح استعماله -أَي: استعمال الجلد- بعد الدبغ بطاهر منشف للخبث، قال في الرعاية: ولا بد فيه من زوال الرائحة الخبيثة، وجعل المصران والكرش وتراً دباغ ].
في كتاب الرعاية لـابن حمدان ، وهو مطبوع الآن، له (الرعاية الكبرى) و(الرعاية الصغرى)، يقول: لا بد من زوال الرائحة الخبيثة، يعني: لا بد أن يكون ريح الجلد طيباً، بحيث لو وقع في الماء بعده لم يعد إليه الفساد، يعني: الجلد هذا لا بد من إزالة هذه الرائحة، بحيث لو وضع في الماء لم يطرأ ولم يظهر فيه الفساد، والمؤلف جعل المصران، -وهي الأمعاء- والكرش، وهي كل ما يجتر من الحيوان كالمعدة للإنسان، الحيوانات التي تجتر مثل الشاة والبقر ليس عندها معدة، وإنما عندها كرش، يقول لنا: إذا جعل المصران والكرش وتراً يعني: حبالاً، يقول: هذا بمنزلة الدبغ فيطهر، هذا معنى: (وجعل المصران والكرش وتراً دباغ)، يعني: بمنزلة الدباغ، وذهب صاحب الفروع ابن مفلح ، وقال: ويتوجه لا، يعني: كأنه يقول: ويتوجه على المذهب بأن جعل المصران والكروش وتراً ليس بمنزلة الدباغ، ويحتمل أنه يرى ذلك قولاً له، ولعل هذا القول أظهر، وهو أن المصران والكروش للميتة لو جعلت وتراً أنها لا تطهر بذلك، هذا الذي يظهر والله أعلم، لأنها نجسة نجاسة عينية.
قال المؤلف رحمه الله: [ ولا يحصل بتشميس ولا تتريب، ولا يفتقر إلى فعل آدمي ].
لا يطهر بالتشميس؛ لأن التشميس لا ينفع؛ يزيل جزءاً من الرائحة، لكن لا يزيل كل الرائحة، ولا يزيل ما علق بالجلد من لحوم ونحوه؛ لأن الدبغ واجب للتطهير أو للاستعمال في اليابسات عند الحنابلة.
قال المؤلف رحمه الله: [ فلو وقع في مدبغة فاندبغ جاز استعماله ].
يقول: أن الدبغ لا يلزم فيه النية؛ لأن إزالة النجاسات في الدبغ من باب التروك، والقاعدة أن إزالة النجاسة متى ما زالت، ولو بغير قصد الإنسان فإنها تطهر، والحنابلة يرون الطهارة هنا، ولكنه يستخدم في اليابسات، والراجح الجواز.
قال المؤلف رحمه الله: [ في يابس لا مائع، ولو وسع قلتين من الماء، إذا كان الجلد من حيوان طاهر في الحياة مأكولاً كان كالشاة ].
يقول المؤلف: أن الجلد ولو وسع بمقدار قلتين بحيث لو صب فيه الماء لوسع يعني: مثل قربة كبيرة من جلود مدبوغة لمأكول اللحم وهي ميتة، لو وضع ماء بمقدار قلتين، قال: لا تطهره، ولو قلنا: ( أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث )، قالوا: لأنه لا ينفك مثل هذه القلتين من إثارة ومن تعد للنجاسة.
قال المؤلف: [ من حيوان طاهر في الحياة مأكولاً كان كالشاة أَو لا كالهر ].
والراجح كما قلنا: أن مأكول اللحم يجوز، أو ينتفع به في الدبغ، ويطهر.