إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [5]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لم يترك الدين الإسلامي شيئاً مما فيه مصلحة للإنسان في دنياه وآخرته إلا بينه، حتى إنه جعل لقضاء الحاجة آداباً وأحكاماً، منها أنه يستحب للإنسان إذا أراد قضاء حاجته أن يقدم رجله اليسرى عند دخول الخلاء واليمنى عند الخروج منه، وأيضاً يستحب الابتعاد عن مرأى الناس وتستره أثناء قضاء حاجته، وأن يرتاد مكاناً رخواً كي يقي نفسه رشاش البول، وغير ذلك من المستحبات.

    1.   

    مستحبات قضاء الحاجة

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    تقديم الرجل اليسرى عند دخول الخلاء واليمنى عند الخروج

    قال المؤلف رحمه الله: [ ويستحب له تقديم رجله اليسرى دخولاً، أي: عند دخول الخلاء ونحوه من مواضع الأذى، ويستحب له تقديم يمنى رجليه خروجاً عكس مسجد ومنزل ولبس نعل وخف، فاليسرى تقدم للأذى واليمنى لما سواه، وروى الطبراني في المعجم الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ باليسرى )، وعلى قياسه القميص ونحوه ].

    يقول المؤلف: (ويستحب له تقديم رجله اليسرى دخولاً) يعني: إلى الخلاء، لما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله، وفي ترجله، وفي شأنه كله )، وهذا الحديث نص في التنعل والترجل، وهو مشط الشعر.

    (وفي شأنه كله)، قال العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: اليمين أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة، وأحق بالتأخير عن الأذى ومحل الأذى، وعلى هذا فاليمنى تؤخر عند دخول الخلاء، وتؤخر عند الخروج من البيت، وتؤخر عند الخروج من المسجد، وتقدم عند الدخول إلى المسجد، وعند الخروج من الخلاء.

    واختلف العلماء إذا خرج من منزله قاصداً المسجد أيهما يقدم، هل يقدم الرجل اليمنى نظراً إلى الغاية والمقصد حيث أنه سوف يخرج إلى المسجد، استدلالاً بقوله، كما في حديث كعب بن عجرة و أبي سعيد : ( إذا خرج أحدكم إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة )، ولا يصح في الباب شيء، كما أشار إلى ذلك البخاري رحمه الله، والحافظ ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري، أو يقدم رجله اليسرى نظراً إلى المكان لا إلى الغاية؟

    قولان عند أهل العلم، ولعل الأقرب والله تبارك وتعالى أعلم هو القول الثاني، وهو أنه يقدم رجله اليسرى نظراً إلى المكان؛ والأصل إعمال النص ما أمكن في القريب، لا في المقصد والغاية.

    إذاً: السنة تقديم اليمنى في الخروج من الخلاء، كما أشار إلى ذلك المؤلف.

    واختلف العلماء في السواك بأيهما يستاك، هل يستاك باليمين، نظراً لأن السواك مرضاة للرب كما روى الإمام أحمد و ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( السواك مرضاة للرب مطهرة للفهم )، واستدلوا أيضاً على أنه يستاك باليمين، ما جاء في صحيح مسلم و البخاري معلقاً من حديث ابن عمر قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( أريت في المنام أني أستاك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبر كبر )، قالوا: فظاهر هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ناوله بيمينه قطعاً، فهذا يدل على أنه كان يستاك بيمينه.

    وقال بعض أهل العلم وهو القول الثاني: يستاك باليسرى، وهذا اختيار أبي العباس بن تيمية رحمه الله؛ لأنهم نظروا إلى أن السواك مطهرة للفم، وعلى هذا فيستاك باليسرى؛ لأنه قصد بذلك التنظف، وقال بعضهم: إن كان قد قصد بسواكه فعل السنة، فإنه يبدأ باليمين، وإذا قصد إزالة تغير فمه، أو تنظيف فيه فإنه يبدأ باليسرى، هذا جمع بين الأقوال، و أبو العباس بن تيمية قوى اليسرى، والواقع والله تبارك وتعالى أعلم أنه ليس ثمة سنة واضحة في هذا الأمر؛ ولهذا لم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا شيء، والذي يظهر من ظاهر النصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك بيمينه، ومما يدل على ذلك أن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين قالت: ( دخل عليّ عبد الرحمن بن أبي بكر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على فراشه في مرض موته وهو يستاك، قال: فلما نظرت إليه، فقلت: أتحب أن تستاك؟ فأشار برأسه نعم، قالت عائشة : فأخذته فقضمته، ثم أصلحته فأعطيته إياه، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن أفضل مما استن يومئذ )، فلو كان عند عائشة أن الرسول كان يستن باليسرى لأشارت إلى ذلك، والمقام مقام بيان، فأشارت إلى حسن تسوكه عليه الصلاة والسلام.

    وكذلك حديث حذيفة رضي الله عنه (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)، وفي حديث آخر يقول: ( أع أع ) فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أموره كان يستخدم اليمين ولا يستخدم اليسار إلا فيما كان من أذى، فهذا يدل على أن الأصل هو أن السواك مطهرة ومرضاة للرب، فيقدم اليمين، والله تبارك وتعالى أعلم وأحكم.

    يقول المؤلف: (خروجاً عكس مسجد ومنزل)، كما مر معنا، ولبس نعل وخف، كما في حديث عائشة : ( كان يحب التيمن في تنعله )، وإذا قدم اليمنى في التنعل، فكذلك في الخف؛ إذ لا فرق.

    يقول المؤلف: (وروى الطبراني في المعجم الصغير..) رحم الله مؤلفنا، فقد خفيت عليه السنة، فهو لم يذكر حديث عائشة رضي الله عنها الذي ذكرناه، ولم يشر إلى أن الحديث الذي ذكره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ باليسرى )، أنه قد رواه البخاري و مسلم ، ولو كان من مفاريد الطبراني في معجمه لحكمنا عليه بالضعف، وقد قال الحافظ ابن رجب : وعامة أحاديث المعاجم والأجزاء والفوائد ضعيفة، وأنكر هو وغيره اعتماد بعض الناس على الأجزاء والمعاجم وبعض الأسانيد كمسند الديلمي و البزار ، وترك كتب السبعة يعني: البخاري و مسلم و أبا داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه و أحمد و مالك و الدارمي ، هذه الكتب المعتمدة عند أهل العلم، ثم يأتي بعدها المنتقى لـابن الجارود وصحيح ابن خزيمة و ابن حبان و ابن السكن ، هذه المسانيد لا بأس بها، وقد اشترط بعض أصحابها الصحة.

    ثم يأتي بعد ذلك وهو أعظمها أيضاً، لمن أراد معرفة أقوال الشافعي وأدلته السنن الكبرى للبيهقي ، والسنن الكبرى للنسائي ، هذه الأحاديث يظهر فيها الصحة أكثر من غيرها، أما المعاجم الثلاثة، فإنما أشار المؤلف في تأليفه إلى أنه قصد تفرد بعض الرواة على بعض، وإن كان يستفاد منها في المتابعات للأحاديث التي ذكرناها في الكتب الأخرى.

    الاعتماد على الرجل اليسرى حال الجلوس لقضاء الحاجة

    قال المؤلف رحمه الله: [ ويستحب له اعتماده على رجله اليسرى حال جلوسه لقضاء الحاجة، لما روى الطبراني في المعجم و البيهقي عن سراقة بن مالك : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكئ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى ) ].

    هذا الحديث كما قال المؤلف: رواه الطبراني و البيهقي ، وفي سنده محمد بن عبد الرحمن المدلجي عن رجل من بني مدلج عن أبيه عن سراقة بن مالك بن جعشم. وهذا حديث ضعيف لا يعول عليه، فإن فيه ثلاثة مجاهيل وهم: محمد بن عبد الرحمن المدلجي ورجل مبهم، وأبوه أيضاً من المجاهيل، فالحديث ضعيف، وصورة هذه الجلسة أن ينصب اليمنى، ويعتمد على اليسرى، يعني: اليمنى يبعدها عن اليسرى، وينصبها ويجعل أصابع رجله اليمنى على الأرض، ويجعل اتكاؤه كله على اليسرى، خلاف ما يظنه بعض الناس أنه يمد رجله اليمنى، لا، هو يبعد اليمنى قليلاً ويتكئ على اليسرى، وينصب اليمنى على أصابعه.

    يقول العلماء: إن هذه الصورة، ذكر الأطباء أنها أنفع من حيث استطلاق الوكاء وإخراج فضلات البطن، هكذا قالوا.

    والذي يظهر والله أعلم أن هذه الجلسة ليست بأنفع طبياً من غيرها؛ فالجلوس لقضاء الحاجة من غير اتكاء على الركبتين أنفع، وأسمح للبدن بإخراج الفضلات، والغالب أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها، والله أعلم.

    الابتعاد عن مرأى الناس حال قضاء الحاجة

    قال المؤلف رحمه الله: [ ويستحب بعده إذا كان في فضاء حتى لايراه أحد؛ لفعله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود من حديث جابر ].

    روى البخاري و مسلم من حديث المغيرة بن شعبة في طريقة مسحه عليه الصلاة والسلام في الخف، قال: ( ثم أخذ ماءً لقضاء حاجته حتى توارى عني )، وهذا يدل على استحباب الابتعاد عند قضاء الحاجة، وهذا إذا كان في فضاء كما جاء من حديث جابر عند أبي داود الذي ذكره المؤلف: حتى لا يراه أحد لفعله صلى الله عليه وسلم، وفي سنده إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصغير وهذا الرجل قال فيه النسائي : ليس بالقوي، وقال أحمد: منكر الحديث، فهو ضعف. وأحسن منه حديث المغيرة السابق، وفي رواية عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى حاجته أبعد ).

    وقد قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: وكان عليه الصلاة والسلام من هديه إذا ذهب في سفره للحاجة انطلق حتى يتوارى عن أصحابه، قال: وربما كان يبعد نحو الميلين، قوله: في سفر؛ لأن الصحابة كانوا قريباً منه، وقد روى لنا جابر قصته صلى الله عليه وسلم مع الشجر الذي ذهب عليه الصلاة والسلام إليه قال جابر : (التفت ذات اليمين، فإذا شجرة في آخر الوادي، فأشار إليها أن تقدمي بإذن الله، قال: فتقدمت، ثم التفت ذات اليسار فرأى شجرة في آخر الوادي، فأشار إليها أن تقدمي بإذن الله فتقدمتا حتى كانتا قريباً منه، ثم قال: التئما بأمر الله فالتأمتا، قال: فما رأيته) الله أكبر، ثم قضى حاجته، فلما انتهى قال: (ارجعا بأمر الله فرجعتا)، قال جابر : وأنا أنظر، الله أكبر! وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام.

    الاستتار حال قضاء الحاجة

    والسنة الثانية، وهي التي أشار إليها المؤلف إلى أنه يستحب الاستتار فقال رحمه الله: [ ويستحب استتاره لحديث أبي هريرة قال: ( من أتى الغائط فليستتر ) رواه أبو داود ].

    هذا الحديث الذي ذكره المؤلف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد قضاء الحاجة استتر حديث ضعيف، في سنده حصين الحبراني، وهو مجهول لا يعرف، وأحسن منه حديث عبد الله بن جعفر ، كما في صحيح مسلم قال عبد الله بن جعفر : ( وكان صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر لقضاء حاجته هدف أو حائش نخل ) (وحائش نخل) أي: الشجر الملتف الذي ليس له ظل ينفع، وهذا يدل على استحباب الاستتار من الناس، والاستتار هنا له معنيان، أو فائدتان:

    الفائدة الأولى: هو أن الإنسان يحفظ عورته، كما في حديث معاوية بن قرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ).

    الفائدة الثانية: حسن الأدب مع الناس؛ لأن النظر في مثل هذه الحالة فيها نوع من التقزز والاشمئزاز، وكان من أدبه عليه الصلاة والسلام الابتعاد عن مثل ذلك، من هنا تعرف جفاء بعض الرجال حينما ظنوا لأنهم رجال لا مانع أن يقضوا حوائجهم حتى مع مرأى الناس في طرقاتهم، وهم يسيرون في الشوارع، وكان الأجدر بهم أن يبتعدوا حتى لا يراهم أحد.

    ارتياد مكان رخو وليّن لقضاء الحاجة فيه

    قال المؤلف رحمه الله: [ وارتياده لبوله مكاناً رخواً بتثليث الراء ليناً هشاً ].

    يجوز (رخواً) بفتح الراء أو بكسرها (رخواً)، أو بضمها (رخواً)، كما قال المؤلف: بتثليث الراء.

    قال المؤلف رحمه الله: [ لحديث: ( إذا بال أحدكم فليرتد لبوله ) رواه أحمد وغيره، وفي التبصرة: ( ويقصد مكاناً علواً لينحدر عنه البول، فإن لم يجد مكاناً رخواً ألصق ذكره ليأمن من رشاش البول ) ].

    المؤلف هنا ذكر أنه يستحب أن يرتاد لبوله مكاناً رخواً، واستدل على ذلك بما عند الإمام أحمد وغيره من حديث أبي موسى أنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل الجدار فبال، ثم قال: ( إذا بال أحدكم فليرتد لبوله )، وهذا الحديث لا يفرح به؛ فإن في إسناده رجل مجهول، أو مبهم، حيث أنه يرويه أبو التياح عن رجل أسود عن أبي موسى ، فالحديث ضعيف، ولا شك أن المسلم مأمور أن يبتعد، وأن يتنزه من البول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما مر على قبرين يعذبان، فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله )، ومن لم يحتط لبوله حتى لا يصيبه من رشاش البول فإنه لم يتنزه منه، ولهذا كان الارتياد للمكان الرخو من باب تحصيل الواجب أو المستحب؛ فالواجب هو الذي يتيقن معه وصول البول إليه، والمستحب هو الذي يحتاط لنفسه وإن كان لا يصله إلا نادراً أو ظناً، ليس بغالب، وعلى هذا فعلى الاستحباب ما هو الدليل؟ حديث ابن عباس .

    يقول المؤلف: (ويقصد مكاناً علواً)، وهذا كله من التنزه، يعني: أنه لا يتبول بحيث إذا بال نزل على رجليه وثيابه، بل يجعل انحداره عنه بين يديه.

    يقول المؤلف: (فإن لم يجد مكاناً رخواً ألصق ذكره ليأمن بذلك من رشاش البول)، وهذه الصورة ليس على إطلاقها، لكننا نقول: الأصل أن المسلم مأمور أن يتنزه من بوله، وأن يفعل ما يأمن من عدم وصول شيء من ذلك.

    سلت الذكر بعد الفراغ من قضاء الحاجة

    قال المؤلف رحمه الله: [ ويستحب مسحه أي: أن يمسح بيده اليسرى إذا فرغ من بوله من أصل ذكره، أي: من حلقة دبره فيضع إصبعه الوسطى تحت الذكر والإبهام فوقه ويمر بهما إلى رأسه، أي: رأس الذكر ثلاثاً؛ لئلا يبقى من البول فيه شيء ويستحب نتره بالمثناة ثلاثاً، أي: نتر ذكره ثلاثاً ].

    المؤلف هنا ذكر مسألة، وهي مسألة عامة ما يصيب الموسوسين فيها، ومع الأسف الشديد غالب من يبتلى بسلس البول هو أن يكون له عادة سيئة في مثل هذا، وهو أنه إذا تبول ظن المؤلف أنه يجب أن يحتاط أن يزيل، وأن يتيقن بإزالة البول الذي ربما يكون قد احتقن في أصل الذكر، فكان المؤلف يظن أنه مأمور أن يسلت ذكره بحيث يعصره حتى يخرج ما كان داخل الذكر، ولهذا قال بمسحه، يقول: يجعل إصبعه الوسطى تحت الذكر، وإبهامه فوق، ثم يمرر يده، وهذه الصورة يسميها بعضهم مثل عصر الذكر، ولا شك أن عصر الذكر، أو مسح الذكر من غير إبقائه على حالته يضر بالذكر، ويضر بالمرض وهو مرض سلس البول؛ لأنه كما قيل: الذكر مثل ثدي الحيوان، إن ترك قر، وإن حلب در، وهذا مثله، ولهذا عامة بل كل من يسألني في مثل هذا، أسأله: هل كنت تصنع ذلك؟ فيقول: نعم، فآمره أن يترك هذه العادة، وبإذن الله مدة شهر أو شهرين يرجع كما هو، لماذا؟ لأنها عضلة هذه العضلة استرخت وصارت رخوة بسبب هذا الفعل، والدليل الذي جعل المؤلف يقول بهذا، هو ما رواه عيسى بن يزداد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً )، وهذا الحديث يقول النووي : اتفقوا على ضعفه، بل حكم ابن تيمية رحمه الله على أن ذلك بدعة.

    وذكر ابن القيم رحمه الله عشر صور يفعلها الموسوسون كما في كتابه العظيم (إغاثة اللهفان) من النحنحة والقيام والقعود والعصر، والنتر، والمسح، والخضخضة، والهزهزة، وكل ذلك من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد : ( سيكون في آخر أمتي أقوام يعتدون في الطهور والدعاء )، وهذا من الاعتداء في الطهور، وعلى هذا فقول المؤلف: يستحب ليس بصحيح، بل هو غير مشروع، وإلى البدعة أقرب، وهو ضرر على البدن.

    قال المؤلف رحمه الله: [ ليستخرج بقية البول منه لحديث: ( إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثاً ) رواه أحمد وغيره ].

    وهذا الحديث كما قلت: في سنده عيسى بن يزداد عن أبيه، وعيسى وأبوه مجهولان، وقد قال النووي : اتفقوا على أن الحديث ضعيف، لعلنا نقف هنا، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767944671