إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الطهارة [15]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ينتقض الوضوء بأمور عدة منها: مس ذكر الرجل أو قبل المرأة أو لمسهما من الخنثى بظاهر الكف، وكذلك مس المرأة بشهوة، وفي كل هذا وقع خلاف بين أهل العلم، ودعم كل فريق منهم قوله بأدلته.

    1.   

    نواقض الوضوء

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    وبعد:

    كنا قد قلنا: إن النوم ناقض للوضوء لحديث: ( العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ ) وهذا الحديث -والله تبارك وتعالى أعلم- لا بأس به، كما أشار إلى ذلك الإمام أحمد رحمه الله، ولكن الشأن في أن عبد الرحمن بن عائذ لم يسمع من علي بن أبي طالب ؛ ولكن في مجموع طرقه يعني: حديث علي وحديث معاوية يدل على أن الحديث له أصل، وإن كان معناه صحيحاً.

    مس الذكر

    قال المؤلف رحمه الله: [ والرابع: مس ذكر آدمي -تعمده أو لا- متصل ولو أشل أو أقلف أو من ميت، لا الأنثيين ولا بائن أو محله، أو مس قبل من مرأة؛ وهو فرجها الذي بين إسكتيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من مس ذكره فليتوضأ ), رواه مالك والشافعي وغيرهما، وصححه أحمد والترمذي ].

    يقول المؤلف رحمه الله: (الرابع) يعني: الرابع من نواقض الوضوء، (مس ذكر آدمي) ليخرج بذلك مس ذكر غير الآدمي, كالحيوان فإن مس ذكره لا ينقض الوضوء باتفاق الفقهاء, ومس الذكر سواء كان بتعمد أو بغير تعمد كله ينقض الوضوء على المذهب، فالعبرة بوجود المس, وهذا الذكر لا بد أن يكون ذكراً له حرمته، والذي يكون له حرمة هو ما كان في جسد الإنسان، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (متصل ولو أشل أو أقلف) ومعنى (أشل) يعني: ولو لم يكن له نفع, (أو أقلف) القلفة وهي الجلدة الموجودة في رأس ذكر غير المختتن، فإنها داخلة في مسمى الذكر وإن كانت سوف تقطع, (أو من ميت)؛ لأن حرمة الإنسان ميتاً كحرمته وهو حي، فإذا مس ذكر إنسان ميت فإنه ينقض الوضوء.

    قوله: (لا الأنثيين) الآن أراد أن يستثني لك المؤلف رحمه الله ما هو الشيء الذي لا ينقض الوضوء قال: (لا الأنثيين)، والأنثيين هم الخصيتان, فإنها أيضاً لا تنقض باتفاق الفقهاء؛ لأنها ليست ذكراً.

    كذلك مس الذكر المقطوع من جسد الآدمي فإنه إذا أبين خرج فصار كاللحمة إذا قطعت، ولذهاب حرمته.

    يقول المؤلف رحمه الله: (أو محله) يعني: إذا قطع ذكر الإنسان من أصول الأنثيين فلو مس الإنسان محله فإنه لا ينقض الوضوء، هذا إذا لم يبق للذكر أصل ولا جذور، هكذا يقول العلماء رحمهم الله, أما إذا قطع جزء منه كأن قطعت الحشفة فمس بعضه فإنه ينتقض الوضوء؛ لأنه يصح أن يطلق عليه ذكر, والمؤلف رحمه الله استدل على هذا بما رواه الخمسة وغيرهم من حديث بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مس ذكره فليتوضأ ), وهذا الحديث صححه الإمام أحمد رحمه الله وأبو زرعة وابن معين و الترمذي و البخاري و ابن خزيمة و الدارقطني وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب.

    إذاً: عامة أهل الحديث وفرسان هذا الشأن يصححون حديث: ( من مس ذكره فليتوضأ ) وهو حديث بسرة بنت صفوان, ولا أعلم أحداً ضعف الأحاديث تضعيفاً إلا من باب المعارضة، وإلا فإن أحاديث (من مس الذكر) كثيرة، رواها بضعة عشر صحابياً؛ رواها بسرة بنت صفوان و أم حبيبة ورواها عبد الله بن عمرو بن العاص و أبو هريرة ، ورواه ابن الجارود أيضاً عن أم سلمة وعن عائشة ، وهذا يدل على أن الحديث تضافرت روايات الصحابة عليه، وإن كان بعضهم رجح حديث طلق بن علي كما سوف يأتي.

    إذاً: حديث بسرة بنت صفوان ، ( من مس ذكره فليتوضأ ), رواه ابن ماجه ورواه ابن أبي شيبة من حديث أم حبيبة بلفظ: ( من مس فرجه فليتوضأ ), وهذا الحديث ذكر الحافظ ابن حجر أن الإمام أحمد رحمه الله وأبا زرعة صححاه, وأعله الطحاوي وابن أبي حاتم والذهبي بالانقطاع, وفيه فائدة حيث إنه ذكر الفرج ليدخل في ذلك قبل المرأة ويدخل في ذلك حلقة الدبر؛ لأنه داخل في عموم اسم الفرج، والمسألة محل نظر كما سوف يأتي بيانه.

    إذاً: الأقرب -والله أعلم- أن مس الذكر ينقض الوضوء، وأما حديث قيس بن طلق بن علي عن أبيه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يمس ذكره وهو يصلي فقال: إنما هو بضعة منك ), فهذا الحديث صححه علي بن المديني وابن حزم والطحاوي وابن تيمية, وأكثر العلماء رحمهم الله على تضعيفه، والذين نقلت لكم أنهم قالوا بتصحيح حديث بسرة أكثرهم ضعف حديث طلق بن علي ، وقال أبو حاتم : قيس بن طلق بن علي لا يحتج بروايته.

    وذهب جمهور العلماء رحمهم الله خلافاً لـأبي حنيفة إلى أن مس الذكر ينقض الوضوء إلا أن مالكاً قيده بشهوة, والجمهور على أن لا فرق, وذهب أبو حنيفة إلى أن مس الذكر لا ينقض الوضوء, وذهب ابن تيمية رحمه الله إلى أن مس الذكر يستحب فيه الوضوء؛ يقول: جمعاً بين الروايات, وهذا بناءً على تصحيح حديث طلق بن علي وإلا فإن أكثر أهل العلم على تضعيف حديث طلق ، والأقرب هو مذهب أحمد والشافعي على أن مس الذكر ينقض الوضوء، والله تبارك وتعالى أعلم.

    مسح المرأة قُبلها

    قال المؤلف رحمه الله: (أو قبل من امرأة)، قبل المرأة هو المكان الذي يخرج منه البول والحيض، ويدخل فيه ذكر الرجل, وأما إسكتاها فهما الشفران اللذان في ناحية فرج المرأة فمسهما لا ينقض الوضوء؛ لأنهما بمنزلة مس الأنثيين في حق الرجل، وليس هذان بالفرج.

    ودليل النقض حديث أم حبيبة : ( من مس فرجه فليتوضأ ), وهذا الحديث تكلم فيه ابن أبي حاتم ، ولكن الإمام أحمد رحمه الله صححه؛ ولكن يشهد له حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ, وأيما رجل مس ذكره فليتوضأ ), وهذا الحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله وابن الجارود والبيهقي ، وقال البخاري: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص هو عندي حديث صحيح.

    قال المؤلف رحمه الله: [ولا ينقض مس شفريها وهما حافتا فرجها, وينقض المس بيد بلا حائل ولو كانت زائدة].

    يقول المؤلف رحمه الله: بأنه ينقض المس بيد بلا حائل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ( من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونها ستر فقد وجب عليه الوضوء ), وهذا الحديث تكلم فيه العلماء رحمهم الله، فبعضهم ضعفه؛ لأن فيه رجلاً ضعيفاً اسمه يزيد النوفلي؛ لكن يزيد لم يتفرد به، والحديث صححه ابن عبد البر وابن السكن إلا أن البخاري رحمه الله رواه في التاريخ الكبير موقوفاً على أبي هريرة, وصحح الوقف الدارقطني, ولعله أظهر.

    وهنا سؤال: إذا كان مس ذكره بلا حائل، وقلنا: حديث: ( من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونها ستر ), والصواب أنه موقوف على أبي هريرة, هل يبقى الحكم أم لا؟

    نقول: ولو ضعف حديث أبي هريرة فإن القاعدة أن المس إنما هو بلا حائل, كما قلنا في مسألة ناقض الوضوء: إذا مس المصحف لا بد أن يكون بينه وبينه حائل, فالقاعدة المعروفة عند العلماء رحمهم الله: أن ما كان بينه وبينه حائل لا يأخذ الحكم, وعلى هذا سيبقى الحكم, ولعل حديث طلق بن علي لو صح في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما هو بضعة منك )؛ لأنه بينه وبينه حائل, دليل ذلك أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مس ذكر الإنسان وهو يصلي، فالغالب أن الإنسان وهو يصلي لا يكون بينه وبين ذكره إلا حائل.

    ضابط ما يقع به المس الناقض للوضوء

    قال المؤلف رحمه الله: [ سواءً كان في بطن كفه أو حرفه ].

    (أو حرفه) يعني: حرف كفه, حرف الكف من هنا, عند حرف الأصابع, هذا المقصود, ويقول: سواء كانت زائدة أم لا, فلو كانت له أصبع زائدة فمس ذكره بأصبع زائدة فإنه يدخل في حكم اليد، هذا مذهب الحنابلة رحمهم الله أن مس الذكر باليد سواء كان بظاهر الكف أم بباطن الكف وسواء كان بالأصابع أم بحرف الكف كله ناقض للوضوء، خلافاً للشافعية وللمالكية حيث قصروا المس على باطن الكف, والذي يظهر أن اليد إذا أطلقت فإنما يقصد بها الكف ظاهره وباطنه, كما أشار إلى ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله بقوله: بطن الكف يتناول الباطن كله؛ بطن الراحة والأصابع, وأما الكف فإن من المعلوم أن إطلاق اليد في السرقة تقصد بها الكف, فدل ذلك على أن الشارع إذا أطلق اليد فإنما تقصر على الكف, سواء كان بظاهره أم باطنه.

    قال المؤلف رحمه الله: [أو حرفه من رءوس الأصابع إلى الكوع؛ لعموم حديث: ( من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونها ستر فقد وجب عليه الوضوء )، رواه أحمد].

    الحديث موقوف على أبي هريرة كما رواه البخاري في التاريخ الكبير وأشار الدارقطني إلى ذلك.

    قال المؤلف رحمه الله: [ لكن لا ينقض مسه بالظفر ].

    لا ينقض مسه بالظفر؛ لأن العلماء رحمهم الله يقولون: الظفر في حكم المنفصل عن اليد.

    مس قبل الخنثى المشكل

    قال المؤلف رحمه الله: [ وينقض لمسهما -أي: لمس الذكر والقبل معاً- من خنثى مشكل لشهوة أو لا ].

    إذا كان عندنا خنثى مشكل، والخنثى المشكل في هذا الزمان لا يوجد إلا في الأعراب في البادية وربما لا يعلمون به؛ أما في غير البادية فيمكن ضبطه طبياً، وكلامنا الآن على كلام الفقهاء في السابق أن الخنثى المشكل هو الذي يكون له آلتان ولم يعلم هو ذكر أم أنثى؛ فله آلة ذكر وله آلة أنثى, والعلماء رحمهم الله يقولون في مس الذكر: أن يكون أصلياً, وقبل المرأة أن يكون أصلياً, فلو مس رجل ذكر خنثى فلا ينتقض الوضوء؛ لأننا لا ندري هل هو أصلي أم لا, هذا إذا قلنا: ليس بشهوة كما سوف يأتي, أما لو مس جميع آلتيه -الذكر والقبل- فإنه ينقض؛ لأنه حتماً سوف يكون قد مس الفرج الأصلي سواء كان آلة ذكر أو آلة أنثى, هذا المراد؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (بشهوة أو لا)؛ لأن القاعدة عندهم أن مس الذكر أو مس القبل ينقض الوضوء بشهوة أو بغير شهوة، إذ إن أحدهما أصلي قطعاً.

    قال المؤلف رحمه الله: [ وينقض أيضاً لمس ذكر ذكره أي: ذكر الخنثى المشكل لشهوة ].

    يقول المؤلف رحمه الله: لو أن رجلاً مس ذكر خنثى مشكل بشهوة لو مسه من غير شهوة ما ينقض الوضوء؛ لكن لو مسه بشهوة يقول المؤلف رحمه الله: ينقض الوضوء؛ قال: لأن هذا الذكر الممسوس من الخنثى المشكل إما أن يكون أصلياً، فإن كان أصلياً نقض الوضوء؛ لأنه مس ذكراً أصلياً, وإن كان غير أصلي دل على أنه امرأة؛ لأنه إذا لم يكن ذكراً أصلياً صار القبل هو الأصلي فيكون امرأة, ومس المرأة بشهوة -عند الحنابلة- ينقض الوضوء. انظر دقتهم رحمهم الله لهذه الدرجة، أحياناً أتمنى لو أنهم قد حضروا النوازل المعاصرة بسبب دقتهم في مثل هذه الأشياء.

    قال المؤلف رحمه الله: [ لأنه إن كان ذكراً فقد مس ذكره, وإن كان امرأة فقد لمسها لشهوة ].

    وهذا بناءً على أن مس المرأة بشهوة ينقض الوضوء, كما هو مذهب الحنابلة وسوف يأتي الخلاف في ذلك والله أعلم.

    قال المؤلف رحمه الله: [ فإن لم يمسه بشهوة أو مس قبله لم ينقض ].

    يقول: إذا لم يمس بشهوة فإنه لا ينقض؛ لأنه لم يتوفر فيه شروط النقض؛ لأن شروط النقض أن يمس قبلاً أصلياً أو ذكراً أصلياً, أو يمس امرأة بشهوة وهو لم يحصل منه شيء.

    قال المؤلف رحمه الله: [ أو أنثى قبله أي: وينقض لمس أنثى قبل الخنثى المشكل ].

    يعني لو أن امرأة مست قبل خنثى مشكل بشهوة نقض الوضوء؛ قال: لأنها لو كان القبل التي مست قبلاً حقيقياً نقض الوضوء؛ لحديث: ( من مس فرجه ), وإن كان غير أصلي فتكون المرأة قد مست الرجل بشهوة، وإذا مست المرأة الرجل بشهوة نقض وضوءها على مذهب الحنابلة.

    مس المرأة

    قال المؤلف رحمه الله: [ لشهوة فيهما, أي: في هذه والتي قبلها؛ لأنه إن كان أنثى فقد مست فرجها، وإن كان ذكراً فقد لمسته لشهوة, فإن كان اللمس لغيرها أو مست ذكره لم ينتقض وضوءها.

    والخامس: مسه -أي الذكر- امرأة بشهوة؛ لأنها التي تدعو إلى الحدث والباء للمصاحبة ].

    يعني أن مس المرأة لشهوة ينقض الوضوء, وقال الحنابلة: لأن قول الله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43], يقولون: كلمة (لامستم) تطلق على مجرد اللمس سواء كان بجماع أو غير جماع؛ لعموم ظاهر اللفظ, قالوا: وإنما قلنا: بشهوة؛ لأنه وجدت نصوص أن الرسول صلى الله عليه وسلم مس المرأة ولم ينقض وضوءه, كما في حديث مسلم، تقول عائشة رضي الله عنها: ( فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً من الفراش, قالت: ثم وجدته وهو قائم يصلي فمست يدي رجليه وهما منصوبتان ), وفي حديث آخر قالت: ( كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أمد رجلي، فإذا أراد أن يسجد غمزني ), وهذا يدل على أن مس النبي صلى الله عليه وسلم هنا ليس بشهوة, ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم في قصة أمامة بنت العاص . وهذا مذهب الحنابلة.

    ومذهب أبي حنيفة أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ولو بشهوة، والشافعي رحمه الله أشد من ذلك فيرى أن مس المرأة ينقض الوضوء بشهوة أو غير شهوة.

    والراجح هو مذهب أبي حنيفة رحمه الله؛ لأن هذا مما تعم به البلوى ولو كان ثمة نقض لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً, كيف وقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ثم يخرج إلى الصلاة ), وهذا الحديث ثبت فيه كلام طويل صححه أحمد شاكر ؛ لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن الحديث فيه انقطاع، حيث إن عروة لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، وعروة هنا ليس عروة بن الزبير ولكنه عروة المزني, والطريق الآخر الذي رواه الإمام أحمد رحمه الله في سنده ضعف.

    قال المؤلف رحمه الله: [ والمرأة شاملة للأجنبية، وذات المحرم، والميتة، والكبيرة، والصغيرة المميزة، وسواء كان المس باليد أو غيرها, ولو بزائد ولو لزائد أو أشل ].

    وهذا على ما فصله في مسألة مس اليد ذكر الإنسان.

    مس حلقة الدبر

    قال المؤلف رحمه الله: [ أو تمسه بها أي ينقض مسها للرجل بشهوة كعكسه السابق, وينقض مس حلقة الدبر؛ لأنه فرج ].

    يقول: (وينقض مس حلقة الدبر؛ لأنه فرج) سبق أن ذكرنا حديث أم حبيبة : ( من مس فرجه فليتوضأ ), وهذا الحديث قلنا: كما ذكر الحافظ ابن حجر أن الإمام أحمد رحمه الله صححه, والرواية الأخرى عند الإمام أحمد رحمه الله أن مس حلقة الدبر لا ينقض الوضوء؛ لأن الأصل عدم النقض إلا بدليل, والفرج إذا أطلق إنما يقصد به القبل ذكراً أم أنثى, وقالوا -كما قال الخلال -: والعمل والأشيع في قوله وحجته -يعني بذلك: الإمام أحمد رحمه الله- أنه لا يتوضأ من مس الدبر؛ لأن الحديث المشهور في مس الذكر, والأحوط هو أن مس حلقة الدبر ينقض الوضوء احتياطاً وإلا فإن في النقض إشكال, ولتعلم أن الحنابلة رحمهم الله قالوا: إن النقض يكون على اللامس لا على الملموس, فلو أن امرأةً مست ذكر زوجها نقض وضوءها دونه, ولو أن رجلاً مس قبل امرأته نقض وضوءه دونها؛ لكنهم قالوا: إذا مس قبل امرأة أخرى أو ذكر رجل آخر نقض الوضوء؛ لأنه أشد, فهو يكون داخلاً من باب الأولوية, هكذا قالوا كما في كشاف القناع, والمسألة تحتاج إلى تأمل.

    قال المؤلف رحمه الله: [ سواء كان منه أو من غيره، لا مس شعر وظفر وسن منه أو منها ولا المس بها ].

    لأنه منفصل عن جسد المرأة، والله أعلم.

    مس الأمرد

    قال المؤلف رحمه الله: [ ولا مس رجل لأمرد ولو بشهوة ].

    يقول المؤلف رحمه الله: مس الرجل للأمرد ولو بشهوة لا ينقض؛ لأنه خارج عن مسمى المرأة, إلا أن أبا العباس بن تيمية استحب له الوضوء, وكما قلنا: الاستحباب حكم شرعي.

    المس بحائل

    قال المؤلف رحمه الله: [ ولا المس مع حائل؛ لأنه لم يمس البشرة. ولا ينقض وضوء ملموس بدنه ولو وجد منه شهوة ذكراً كان أو أنثى ].

    العجب أنهم قالوا: لو أن رجلاً مس امرأته بشهوة نقض وضوءه ولو كانت شهوتها أشد؛ لأن الحكم في اللامس لا في الملموس, وهذا محل نظر؛ لأنهم في تعليل لهم أن نقض الوضوء في اللمس مدعاة إلى الشهوة؛ ولهذا فإن الراجح -والله أعلم- أن مس الرجل امرأته سواء بشهوة أم بغير شهوة كل ذلك لا ينقض الوضوء.

    ثم إن الحنابلة يقولون: إن مس الرجل المرأة, المرأة عام, حتى لو مس محارمه بشهوة نقض وضوءه.

    حكم وضوء الملموس

    قال المؤلف رحمه الله: [ وكذا لا ينتقض وضوء ملموس فرجه ].

    هذا كما مر معنا, أن الملموس لا ينقض وضوءه، وأن النقض إنما هو في حال اللامس وهذا لا إشكال فيه.

    نقف عند هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد, وجزاكم الله خيراً.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767975741