الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:
فقد قال المؤلف رحمه الله في كتاب الصلاة: [ ولا يقتل حتى يستتاب ثلاثاً فيهما، أي: فيما إذا جحد وجوبها وفيما إذا تركها تهاوناً، فإن تابا وإلا ضربت عنقهما، والجمعة كغيرها، وكذا ترك ركن أو شرط، وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها حتى يصلي، ولا ينبغي السلام عليه ولا إجابة دعوته قاله الشيخ تقي الدين ].
ذكرنا سابقاً حكم تارك الصلاة جحوداً وتهاوناً، وقلنا: إن الراجح والله تبارك وتعالى أعلم أن من ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً فهو كافر، أما الشخص المعين فلا نقول بتركه للصلاة تهاوناً وكسلاً: إنه كافر حتى يدعوه الإمام ويُهدد ويصر على الترك، فثمة فرق بين إطلاق الحكم على المسألة التي على الوصف، وبين إطلاقها على المعين، فأما إطلاقها على الوصف فنقول: من ترك الصلاة فقد كفر، لا يُختلف فيه كما قال أيوب السختياني ، وأما على الشخص المعين فلا يُطلق الكفر عليه حتى يدعوه الإمام، وعلى هذا فإطلاق الكفر مسألة للإمام وليست للأعيان، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يقتل حتى يُستتاب ثلاثاً فيهما)، يعني: فيمن ترك الصلاة جحوداً وفي من ترك الصلاة تهاوناً.
والاستتابة اختلف العلماء في (ثلاثاً) هل هي ثلاثة أيام أم ثلاث مرات بأن يقول له الإمام أو نائبه: يا فلان! صل وإلا قتلناك، يا فلان! صل وإلا قتلناك، يا فلان! صل وإلا قتلناك، ويُبين له في كل استتابة حكم الصلاة وأدلتها؟ هذه المسألة فيها قولان:
فالحنابلة يرون أن المقصود بالثلاث في الاستتابة هي ثلاثة أيام، ويستدلون على ذلك بما رواه مالك في الموطأ: أن رجلاً قتل مرتداً في عهد عمر رضي الله عنه فقال عمر : هلا حبستموه وأطعمتموه كل يوم رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله! اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني. فقالوا: هذا فيه دلالة على أن عمر أمر بالاستتابة ثلاثاً، وأن نطعمه بحق الإسلام، وهذا الحديث في سنده رجل يقال له محمد بن عبد الله لم يوثقه غير ابن حبان ، وفيه انقطاع؛ لأنه لم يسمع من عمر .
وذهب أبو العباس بن تيمية رحمه الله إلى أن قتل المرتد وطريقة استتابته راجعة إلى اجتهاد الإمام، فإن رأى الإمام أن يستتيبه ثلاثة أيام فله ذلك، وإن رأى استتابته ثلاث مرات في يوم مع تهديده وتوعده بالقتل فله ذلك لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من بدل دينه فاقتلوه )، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( واغد يا
الشافعية يرون أنه يقتل حداً، وهذا الذي عناه أبو العباس بن تيمية فقال: وفرض بعض الفقهاء المتأخرين مسألةً وهي: أن الرجل إذا ترك الصلاة ثم عُرض على السيف وهُدد بالقتل فهل يقتل كافراً أم فاسقاً، على قولين، قال: وهذا ممتنع باطله، هذا كلام ابن تيمية ، يقول ابن القيم رحمه الله: والعجب ممن يقول فيمن عُرض عليه السيف ودُعي على رءوس الأشهاد وهو يرى بارقة السيف على رقبته ويقال له: صل وإلا قتلناك، فيأبى ثم يقتل فيقال إنه مسلم، ولهذا نقول: الأقرب أنه إن قُتل فهو قد قُتل كافراً.
القول الأول: رواية عند الحنابلة وهو قول ابن مسعود و إسحاق و ابن حزم : إنه يكفر، والقول الآخر وهو قول عامة أهل العلم: إنه لا يكفر حتى يتركها الترك المطلق، ويفترض بعض طلاب العلم في المناظرات مسألة يقول: طيب متى يكفر لو ترك الظهر أو ترك العصر؟ العلماء ما يفرقون في هذا، العلماء يقولون: إنه كافر إذا تركها مطلقاً، هذا بينه وبين الله، أما إذا جاء إلى الإمام وقيل: إن فلاناً لم يصل ولم نره في المسجد، يأخذه الإمام ويقول: لماذا لا تصلي؟ يبين له، فإن قال: أنا أريد أن أصلي، ويصلي أحياناً الحمد لله! فإن أبى أقام عليه حد القتل الذي قلنا في استتابته، وعلى هذا فافتراض واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع، هذه مسألة مبنية على حكم تكفير المعين من غير استتابة الإمام، وهذه معروف رأي العلماء فيها.
أما الجمعة فإن كان قد جحدها فالحكم واحد، وأما تهاوناً فيبين له الإمام ويستتيبه فإن أبى أن يصلي، هدده بالعقوبة والقتل، فدعوة الإمام له دعوة تعزير لا دعوة استتابة.
إذاً الأول ترك الصلاة مطلقاً تهاوناً وكسلاً، فدعوة الإمام له استتابة، وأما الآخر فدعوته لو ترك الجمعة دعوته دعوة تعزير، مثل أن يُعزر من شرب الخمر وغيره.
قال المؤلف رحمه الله: (وكذا ترك ركن أو شرط) فمن ترك استقبال القبلة أو فعل الفواحش وغير ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فإن الإمام يدعوه من باب التعزير والفعل لا من باب الاستتابة، لكنه إن أصر صار من باب الاستتابة.
قال المؤلف رحمه الله: [ ويصير مسلماً بالصلاة، ولا يكفر بترك غيرها من زكاة وصوم وحج تهاوناً وبخلاً ].
الآن هو يُخشى عليه الكفر فإن صلى صار مسلماً، يقول أبو العباس بن تيمية : فكل من امتنع من أداء شيء صار مسلماً بفعله ولا يلزم أن يتلفظ بالشهادتين؛ لأنه لم يجحدهما، وإن كان ترك الصلاة نوع خلل في معنى الشهادتين؛ لأن (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) يلزم منه الانقياد لما يؤمر.
والذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلم، أن الزكاة لا يكفر بتركها؛ لما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاته إلا إذا كان يوم القيامة صُفحت له صفائح من نار، فأُحمي عليها في نار جهنم فيُكوى بها جبينه وجنبيه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )، فقوله صلى الله عليه وسلم: ( ثم يُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )، دليل على أنه لو كان كافراً لما كان تحت المشيئة إما إلى الجنة وإما إلى النار، وهذا القول قوي، وأما دعوى أن عطاء بن يزيد تفرد به فهذا ليس بوجيه؛ لأن بعض المشايخ المعاصرين علل هذا الحديث بأن البخاري لم يروه، وهذا ليس دليلاً على الصحة أو على الضعف، والراجح والله أعلم أن حديث عطاء بن يزيد صحيح، وليس ترك البخاري للحديث دلالة على ضعفه؛ لأن البخاري لم يشترط في صحيحه أن يذكر كل حديث صحيح، فإذا صح الحديث فهو حجة بذاته والله أعلم.
إذاً: قلنا: إن تارك الزكاة لا يكفر؛ لحديث: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة )، ولحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق مانعي الزكاة: ( إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا )، فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بأخذها منه وزيادة، عقوبة على ذلك، ولم يحكم عليه الصلاة والسلام بكفره. أما لو منعوا أداء الزكاة أو أداء الصوم وصاروا ذا شوكة وقاتلوا لأجل منعها تهاوناً وكسلاً، فإن الراجح والله أعلم أنه يجب على ولي أمر المسلمين أن يقاتلهم، فإن قاتلوا الإمام فإنهم يكفرون بمجرد المقاتلة؛ لأنه صار تركهم لها جحوداً.
وقد قسمهم أبو العباس بن تيمية في المجلد السابع ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قوم ارتدوا فهؤلاء كفار.
القسم الثاني: قوم جحدوا الزكاة، وهؤلاء كفار [ بالإجماع ].
القسم الثالث: وقوم منعوها تهاوناً وكسلاً، فهؤلاء لا يكفرون بمجرد التهاون والترك، لكن إن قاتلونا لأجل منعهم الزكاة تهاوناً وكسلاً فبمجرد المقاتلة أصبحوا كفاراً، والله أعلم.
والإقامة في الأصل: مصدر أقام، وفي الشرع: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص، وفي الحديث: ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ) رواه مسلم ].
(باب الأذان)، الأذان ثابت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع أهل العلم من حيث المشروعية، فمن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أنه قال رضي الله عنه: ( كان المسلمون يجتمعون ويتحينون للصلاة، فاجتمعوا يوماً في ذلك فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا بوقاً مثل بوق اليهود، وبينا هم على ذلك إذ قال
وأما في الاصطلاح فقد عرفه المؤلف بقوله: (إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجر بذكر مخصوص)، وقال: (أو قربه لفجر بذكر مخصوص) لأنه يجوز أن يؤذن لصلاة الفجر قبل دخول وقته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: ( إن
والأقرب والله أعلم أن الأذان ليس هو إعلام بدخول وقت الصلاة؛ لأنه يلزم من ذلك أن من قام بعد طلوع الشمس فلا يؤذن، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يؤذن بعد خروج وقت الصلاة، فدل على أن الأذان ليس هو إعلام بدخول الوقت، ولكن الراجح: أن الأذان: هو الدعاء والنداء إلى الصلاة، سواء كان إعلاماً بدخول الوقت أو كان بعد دخول الوقت، هذا هو الراجح والله أعلم.
وأما الإقامة فيقول المؤلف: إنها (مصدر أقام)، وأما الشرع فعرفها المؤلف بقوله: (إعلام القيام إلى الصلاة بذكر مخصوص) وهذا واضح أن الإقامة: إعلام بالقيام إلى الصلاة.
فذهب الحنابلة وتبعهم الشافعية إلى أن الأذان أفضل؛ لحديث معاوية بن أبي سفيان الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ).
وقول عمر رضي الله عنه كما عند البيهقي بسند صحيح: لو كنت أطيق الأذان مع الإمامة أو مع الخلافة لأذنت، ولما روي مرفوعاً أو موقوفاً على علي ، والصواب وقفه على علي ولا يصح رفعه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ) قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمغفرة للمؤذن ودعا بالرشد للإمام، فدل ذلك على أن المؤذن أفضل.
وهذا هو القول الأول والقول الثاني: ذهب المالكية والحنفية إلى أن الإمامة أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا أئمة.
والذي يظهر أن يقال: الأفضلية تنقسم إلى قسمين: من حيث هي أذان وإمامة، ومن حيث المكلف.
أما من حيث هي فالأذان أفضل؛ لأن المؤذن داع إلى أعظم ركن وهو الصلاة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة ).
وأما من حيث المكلف فهو على حسبه، فإن كان حسن الصوت طالب علم يمكن أن ينفع جماعته فإن الإمامة في حقه أفضل، وإلا فإن الأذان لعامة الناس أفضل، فهذا فرق بين الأفضلية من حيث هي والأفضلية من حيث المكلف، والله أعلم.
المؤلف هنا حكم على الأذان والإقامة أنهما فرضا كفاية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وليؤمكم أكبركم، وليؤذن لكم أحدكم )، هذه المسألة فيها كلام طويل، لكن الذي يظهر والله أعلم! أن الأذان فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جمع بين الصلاتين أذن أذاناً واحداً وأقام مرتين، مما يدل على أن الأذان لم يكن مقصوداً لكل صلاة.
فإذا قلنا: فرض كفاية لا بد أن نقول: فرض كفاية على الجماعة، وأما على الشخص الواحد فهو سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يعجب ربك من رجل على رأس الشظية للجبل يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله: عبدي علم أن له رباً أنا منه وهو مني، أشهدكم أني قد غفرت له )، وهذا الحديث حديث عقبة بن عامر رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به، ولحديث أبي صعصعة عن أبي سعيد عند البخاري : ( إذا كنت في باديتك وغنمك وحضرت الصلاة فأذن، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة ).
أما الإقامة فالذي يظهر والله أعلم أنها واجبة على المصلي سواء كان في جماعةٍ أو منفرداً، مسافراً أم مقيماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث مالك بن الحويرث كما عند البخاري : ( فإذا سافرتما فأذنا وأقيما )، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان والإقامة ولو كانا في سفر.
وأما قول الحنابلة: لا بد أن يكون في جماعة لقوله: ( إذا سافرتما )، نقول: الجماعة اثنان فأكثر، وهذا في حق الأذان، وأما في الإقامة فلم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة إلا وقد أقام، وأما حديث ابن مسعود أنه دخل عليه الأسود بن يزيد و علقمة فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا، قال: قوموا فأصلي بكم، قال: فصلى بنا من غير أذان ولا إقامة، فأقام أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فهذا ابن مسعود خالفه غيره من الصحابة.
وعلى هذا فالذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلم: أن الأذان فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، مثل أن تأتي إلى المسجد ووجدت أنه لم يؤذن في المسجد وتأخر الوقت لا تؤذن؛ لأن الجماعة في الأحياء الأخرى قد كفوك المئونة، أما الإقامة فإنك تقيم سواء كنت منفرداً أم في جماعة، فأما الجماعة فتتأكد، ولم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك الإقامة في حضر ولا سفر، فدل على أن الإقامة واجبة وجوباً عينياً على الجماعة أو على المنفرد، والله تبارك وتعالى أعلم، ولا فرق بين المقيمين والمسافرين؛ لحديث مالك بن الحويرث : ( إذا سافرتما فأذنا وأقيما ).
وأما النساء فإنه ليس عليهن أذان ولا إقامة من باب الوجوب، وهذا شبه إجماع، ولكن هل يُسن لهن؟ الذي يظهر والله أعلم أنه يجوز لها أن تقيم الصلاة وأن تؤذن، كما روى ابن المنذر : أن ابن عمر سئل: هل تؤذن وتقيم المرأة؟ فغضب وقال: هل أنهى عن ذكر الله؟! و ابن عمر أراد أن يبين أنه لم ينه ولكن الأفضل الترك، فلو أذنت المرأة مرة لتسمع جارتها وأقامت مرة فهذا مباح.
وأما القول بالسنية كما هو قول الشافعية فهذا يلزم منه دليل، وأما فعل عائشة فمن المعلوم أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الاستحباب مطلقاً بل يدل على الجواز في الجملة إلا إذا داوم عليه، فكيف بفعل الصحابي إذا فعله أحياناً، فإن القول بالجواز أولى من القول بالسنية، وعلى هذا فإذا وجد بعض الطالبات في المدارس وأرادت الطالبة أن تؤذن، فإن ذلك مباح وجائز، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على وتيرة واحدة مستمرة، وكذلك لو أرادت مديرة المدرسة أن تشجع الطالبات وطلبت من بعض الطالبات أن تؤذن وأن تقيم فلا حرج، كما هي الجماعة في حق النساء لا بأس فتؤمهن امرأة وسطهن.
وعلى هذا فيجب الأذان على جماعة المسافرين، يعني: لو ذهبنا نحن في طريق مكة فوقفنا ففي هذا المكان نفترض أنه ما في أحد فيكون الأذان في حقنا واجباً؛ لأننا جماعة في هذا المكان.
وعلى هذا ذهب عامة أهل العلم إلى أن من لم يقم الصلاة فإن صلاته صحيحة خلافاً لبعض السلف وهو قول ابن حزم ، والراجح أن الصلاة شيء والأذان والإقامة شيء آخر، فإن صلى من غير إقامة فقد أساء وأثم، وأما الصلاة فهي صحيحة، والله تبارك وتعالى أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (والجمعة من الخمس)، يعني: يجب فيها الأذان والإقامة.
قال المؤلف رحمه الله: (ويُسنان لمنفرد وسفر) الأقرب أن المنفرد يُسن له الأذان، وأما الإقامة فهي واجبة في حقه، والله تبارك وتعالى أعلم.
وأما المسافر فكذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإذا سافرتما فأذنا وأقيما ).
(أو لمقضية) فإنه يُستحب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر