الحكم على الأحاديث الواردة في تشبيك الأصابع ودعاء الخروج من المنزل
الخوض في حديث الدنيا ورفع الصوت في المسجد
إنشاد الأشعار في المسجد
ومما يذكر أيضاً عند قول المؤلف رحمه الله: (لا يخوض في الدنيا) إنشاد الأشعار المباحة، فإن جمهور الفقهاء -كما يقول
ابن رجب - يجوزون إنشاد الأشعار في المساجد،كما كانت تذكر الأشعار في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في ذلك أحاديث، منها حديث
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم (
أنه نهى أن تنشد الأشعار في المساجد )، وهذا الحديث الصواب أنه مرسلاً عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال
البيهقي و
ابن رجب .
والذي يظهر: أن إنشاد الشعر المباح، خاصة الذي يبين دين الله سبحانه وتعالى لا بأس به.
رفع الصوت بالقرآن في المسجد
أدلة القائلين بجواز رفع الصوت في المسجد
أدلة القائلين بكراهة رفع الصوت في المسجد
استحباب استقبال القبلة حال انتظار الصلاة
قال المؤلف رحمه الله: [يسن للإمام فالمأموم القيام عند قول المقيم: قد قامت الصلاة]، أي من قد قامت الصلاة، وقيام المأموم إلى الصلاة لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون الإمام في المسجد يراه المصلون أو يمكن رؤيته.
الحال الثانية: أن يكون خارج المسجد، فأما إن كان خارج المسجد، فقد ذكر المؤلف أن السنة ألا يقوم المرء حتى يرى الإمام، لما في الصحيحين من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني )، هو قول جمهور العلماء.
وأما إن كان داخل المسجد فقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال: فذهب المؤلف إلى أنه يقوم عند قول المقيم: قد قامت الصلاة، وهو مذهب أحمد في المشهور عنه، وهو قول بعض السلف وهو قول أنس بن مالك، وقد ثبت بإسناد صحيح عن أنس من طريق أبي يعلى قال: رأيت أنساً إذا قال المقيم: قد قامت الصلاة؛ قام فوثب، وذكروا في ذلك حديثاً، ولا يصح في القيام عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم -وهو مذهب الشافعي وهو قول ابن المسيب- : يستحب أن يقوم من حين قول المؤذن: الله أكبر الله أكبر، قالوا لأمور: لأن ذلك أدعى لأن يسوي الناس صفوفهم، بحيث لا يتأخرون بين الإقامة والتكبير، ويمكن أن يستدل لهذا الأمر بما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه قال: (أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف)، فهذا يفيد إلى أن الإقامة والقيام كانا واحداً.
وقال بعضهم؛ وهو مالك : لم يثبت في ذلك حد محدود، والأمر في ذلك على السعة. وقول مالك قوي، إلا أنه ينبغي إذا قام الناس جميعاً لتسوية الصفوف، فلا ينبغي للإنسان أن يتشاغل في قراءة القرآن، وربما توقف الناس عن استكمال الصفوف، وانشغلوا بهذا الواقف والناس يتحركون، فالأولى أن يسوي الصفوف ويتراص في الصف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( سووا صفوفكم وتراصوا )، هذا الذي يظهر والله تبارك وتعالى أعلم، بل قال سعيد بن المسيب : إذا قال المؤذن: الله أكبر وجب القيام. وذكر الزهري رحمه الله: أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذن: الله أكبر؛ يقومون إلى الصلاة، فهذا إن فعل فحسن، حتى ينشغل الناس في تسوية الصف.
قال المؤلف رحمه الله: [ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. رواه ابن أبي أوفى ].
هذا حديث ضعيف، رواه ابن عدي في الكامل، وجميع الأحاديث الواردة في كتاب الكامل لـابن عدي إنما ذكرها ابن عدي لبيان الأحاديث التي تكلم على الراوي فيها، وعلى هذا فلا يمكن أن يقال: إسناده حسن، رواه ابن عدي في الكامل، فاعلم أن الأحاديث التي ذكرها ابن عدي في الكامل أو ذكرها الذهبي في ميزان الاعتدال، أو ذكرها الإمام البخاري في التاريخ الكبير إنما هي لبيان أن هذا الحديث مما استنكر فيه على الراوي. والحديث في سنده الحجاج بن فروخ التميمي وهو ضعيف الرواية.
قال المؤلف رحمه الله: [وهذا إن رأى المأموم الإمام وإلا قام عند رؤيته، ولا يحرم الإمام حتى تفرغ الإقامة].
وهذا إذا كان المأموم يرى الإمام، كما مر معنا، فأما إن كان في الخارج فلا يقوم حتى يرى الإمام؛ لما جاء في الصحيحين من حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ).
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يحرم الإمام)، يعني: لا يكبر حتى تفرغ الإقامة، هذا قول عامة أهل العلم: على أن الإمام لا يكبر في الصلاة حتى ينتهي المؤذن من الإقامة، وقد ذهب
الثوري و
أبو حنيفة وقبلهما
إبراهيم النخعي إلى أنه لا بأس أن يكبر الإمام ولو كان المؤذن لم ينته من الإقامة، كما قال
المغيرة : إن كنت لأسمع تكبير
إبراهيم والمؤذن لم ينته من إقامته، وهذا لا شك أنه غير مشروع، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة، إلا أن ذلك لا يبطل الصلاة.
ولعلنا نقف عند هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.