إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [45]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إذا جلس المصلي للتشهد فإنه يشرع له الجلوس مفترشاً، واضعاً يديه على ركبتيه، مشيراً بسبابته في التشهد، مختاراً من الدعاء ما شاء بعد ذلك.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    فنسأل الله سبحانه أن يعيننا على طاعته، وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل، والإعانة على طلب العلم وذكره وشكره وحسن عبادته، ونحمده سبحانه وتعالى أن يسر لنا استكمال شرحنا لهذا الكتاب وحضورنا له، ونسأله سبحانه وتعالى أن يزيدنا من فضله، ولا شك أن الاستمرار على طلب العلم من أعظم النعم التي منّ الله سبحانه وتعالى بها على عبده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث معاوية : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، قال ابن تيمية : فمفهوم المخالفة لهذا الحديث أن الله إذا لم يرد بعبده خيراً لم يفقهه في الدين، فنسأله سبحانه وتعالى الحول والقوة والمدد.

    قال المؤلف رحمه الله: [ثم بعد فراغه من الركعة الثانية يجلس مفترشاً كجلوسه بين السجدتين، ويداه على فخذيه، ولا يلقمهما ركبتيه، ويقبض خنصر يده اليمنى وبنصرها، ويحلق إبهامها مع الوسطى بأن يجمع بين رأس الإبهام والوسطى، فتشبه الحلقة من حديد ونحوه، ويشير بسبابتها من غير تحريك في تشهده ودعائه في الصلاة وغيرها عند ذكر الله تعالى تنبيهاً على التوحيد، ويبسط أصابع اليسرى مضمومة إلى القبلة، ويقول سراً].

    بعد أن ذكر المؤلف رحمه الله ما يفعله المصلي في الركعة الأولى أشار إلى أنه يفعل في الركعة الثانية مثلما يفعل في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام، وغير دعاء الاستفتاح، وغير قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إلا إذن لم يقلها في أول ركعة، فإنه يقولها في الركعة الثانية، وذكرنا سابقاً الخلاف في هذه المسألة، وأن رأي الشافعي رحمه الله، وهو اختيار ابن تيمية أن قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم مستحب في كل ركعة، بل ذهب ابن حزم إلى أبعد من ذلك، فقال بوجوب قول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم في كل ركعة، فمن تركها متعمداً بطلت صلاته، ومن تركها ناسياً جبرها بسجود السهو، هذا قول ابن حزم ، والأقرب أن ذلك مشروع في كل ركعة.

    قال المؤلف رحمه الله: (ثم بعد فراغه من الركعة الثانية يجلس مفترشاً)، هذا هو التشهد الأول، أو التشهد الأخير فيما إذا كانت الصلاة لها تشهد واحد، وقول المؤلف: (يجلس مفترشاً) هذه هي السنة في الجلوس، وأما الإقعاء فلا يستحب في التشهد، إنما يستحب أحياناً بين السجدتين، واستحباب الإقعاء هو لما في صحيح مسلم أنه قال: ( سألنا ابن عباس عن الإقعاء في الصلاة قال: سنة، فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل، قال: سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ).

    والإقعاء: هو أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، وإنما يفعلها أحياناً؛ لأن ابن عمر قال: ( إن من سنة الصلاة إذا جلس المصلي أن يفرش اليسرى، وينصب اليمنى )، فهذا يدل على أن هذا سنة، وهي دائمة.

    وقول ابن عباس : (سنة أبي القاسم) دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها أحياناً، وهذا أفضل من أن نرد بعض السنن ونأخذ ببعض، بل نقول: هذه تفعل أحياناً، وتلك تفعل على سبيل الأكثرية.

    والتشهد الأول السنة فيه أن يجلس الإنسان مفترشاً، هذا هو الراجح والله أعلم، وهو مذهب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد رحمه الله خلافاً لـمالك الذي استحب التورك في كل تشهد، والصحيح أن التورك لا يكون إلا في التشهد الثاني إذا كان للصلاة تشهدان، ومما يدل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي كل ركعتين التحية، وكان إذا جلس للتشهد جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى )، ولحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: ( وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى )، وهذا الحديث رواه البخاري وأهل السنن، وهذا هو الراجح والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088538179

    عدد مرات الحفظ

    777200918