إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [47]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصلاة شعيرة عظيمة لها افتتاح واختتام، فإذا أتى المصلي بالتشهد الأخير فإنه يتخير ما شاء من الدعاء دون تعد فيه، ثم يسلم عن يمينه وشماله وهو الأكمل، والسنة أن يلتفت حتى يحقق معنى التسليم دون إفراط أو تفريط، وينوي به الخروج من الصلاة والسلام على الإمام والمأمومين.

    1.   

    ما يدعو به المصلي بعد التشهد الأخير

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [ ويجوز أن يدعو بما ورد أي: في الكتاب والسنة، أو عن الصحابة والسلف، أو بأمر الآخرة ولو لم يشبه ما ورد. وليس له الدعاء بشيء مما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها، كقوله: اللهم ارزقني جارية حسناء، أو طعاماً طيباً، وما أشبهه، وتبطل به ].

    المؤلف رحمه الله يقول: إذا انتهى من التشهد والتعوذ من أربع يجوز له أن يدعو بما ورد؛ لما جاء من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قعد أحدكم للتشهد فليقل: التحيات، ثم قال: ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، هذا لفظ مسلم ، ولفظ البخاري : ( ثم ليتخير من الدعاء أعجبه له )، وقد ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أن قوله: (من الدعاء ما شاء)، أو (أعجبه إليه)، يعني: فهو يختار ما شاء مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو أعجبه له مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما نقل ذلك الخلال وغيره، ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك قوله: ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )، رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي وسنده جيد من حديث معاذ بن جبل ، وكذلك قوله: ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم )، متفق عليه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يقوله إذا أصبح وإذا أمسى، وإذا أخذ مضجعه وأن يقوله دبر كل صلاة.

    ومما ورد: ( اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار )، ومما ورد حديث سعد بن أبي وقاص عند البخاري : ( اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة المحيا وعذاب القبر )، وعلى هذا فإنه يختار من الدعاء ما شاء.

    وذهب بعض أهل العلم إلى أن له أن يختار مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة والتابعين، أو أن يختار ما شاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لفلان وفلان وفلان، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يدعو بما شاء. ولكنه لا يذكر أمور الدنيا، وملاذها، وشهواتها كما هو المذهب، بل ذهب أبو حنيفة و أحمد إلى أن الصلاة تبطل به، كما قال المؤلف: (وتبطل به)، فإذا قال: اللهم إني أسألك زوجة حسناء، أو اللهم إني أسألك القصر الفلاني، أو اللهم ارزقني أراض عقارية، أو غير ذلك، فهذا من ملاذ الدنيا وهو عند الحنابلة مما تبطل به الصلاة، وذهب مالك و الشافعي إلى أن الصلاة لا تبطل به، وأن للإنسان أن يدعو بما شاء، وهذا الذي يظهر، والله أعلم، أن للإنسان أن يسأل ربه ولو في أمور الدنيا، شريطة ألا يكون فيه نوع من الاعتداء، كأن يصف الجارية التي يريد، ويبالغ في ذلك، فيصف أجزاءها، فهذا كله اعتداء في الدعاء، وعدم احترام لجناب الجبار جل جلاله وتقدست أسماؤه، فلو قال: اللهم إني أسألك زوجة صالحة، فهذا لا بأس به، أو أن يقول: اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، واجعلنا للمتقين إماماً، فهي من متاع الدنيا، ( وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم من حديث ابن عمر .

    وأما منع ذلك بحديث معاوية بن عبد الحكم : ( إن صلاتنا هذه لا يصح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن )، فهذا لا يخالف ما نحن بصدده؛ لأن الإنسان إذا دعا ربه فإنه علم أن له رباً قادراً على كل شيء.

    إذاً: الراجح والله أعلم أن للإنسان أن يدعو بما ورد، وبما شاء، ولو في أمور الدنيا شريطة ألا يعتدي في ذلك بأن يصف أجزاء المرأة، أو يصف القصر الذي يريد، أو السيارة التي يريد، فلو قال: اللهم هب لي سيارة واسعة وجميلة، فلا بأس، وإن كان الأولى ألا تكون أطماح العبد تدور حول حمى الدنيا، بل لا بد أن تكون دائرة حول حمى العبودية لله سبحانه وتعالى.

    1.   

    التسليم في الصلاة

    الأمر الذي تنتهي به الصلاة

    قال المؤلف رحمه الله: [ ثم يسلم وهو جالس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( وتحليلها التسليم )، وهو منها، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك ].

    قول المؤلف (ثم يسلم)، دل على أن الصلاة لا تنتهي بمجرد الجلوس خلافاً لـأبي حنيفة ، فإنه قال: إذا قعد المرء في الصلاة للتشهد الأخير ثم أحدث قبل أن يسلم فقد تمت صلاته، وقد جاء في ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهو لا يصح، والصحيح هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، الذين قالوا: إن الصلاة لا تنتهي إلا بالسلام؛ لحديث علي بن أبي طالب الذي يرويه الإمام أحمد وغيره: ( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم ).

    حكم التسليم عند انتهاء الصلاة

    والتسليم ركن من أركان الصلاة على خلاف بين العلماء، هل الركن تسليمتان، أو تسليمة واحدة؟

    فالجمهور يرون أن التسليم ركن خلافاً لـأبي حنيفة .

    ثم اختلفوا هل الركنية في تسليمة واحدة أو في التسليمتين؟ فذهب مالك و الشافعي إلى أن الركنية واحدة، سواء سلم عن يمينه، أو سلم عن يساره، أو سلم تلقاء وجهه، وذهب أحمد إلى أن الركنية في التسليمتين، والذي يظهر أن التسليمة الثانية واجبة وليست بركن، وعلى هذا فإذا سلم تسليمة واحدة بجهل أو نسيان صحت صلاته، وإن كان متعمداً بترك الثانية فعلى القول بأنها واجبة تبطل صلاته؛ لأنه ترك واجباً متعمداً.

    قال المؤلف رحمه الله: (وهو منها) يعني: أنه من الصلاة خلافاً لـأبي حنيفة ، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله؛ لما روى الإمام أحمد رحمه الله و أبو داود و الترمذي و النسائي من حديث ابن مسعود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله)، هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    حكم قول: (وبركاته) في السلام من الصلاة

    وما جاء في رواية أبي داود (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) في حديث وائل بن حجر فالذي يظهر والله أعلم أن النسخ الصحيحة المحفوظة من نسخ أبي داود ليس فيها (وبركاته)، وأن الرواية الصحيحة: السلام عليكم ورحمة الله، ثم إن نسخ أبي داود مختلفة، فبعضها (وبركاته) في التسليمة الأولى دون الثانية، وبعضها (وبركاته) في كلا التسليمتين، وبعضها وهو المشهور أنها غير موجودة أصلاً، وأكثر الذين وافقوا أبا داود في تخريج حديث وائل لم يذكروا (وبركاته)، والله تبارك وتعالى أعلم.

    وعلى هذا فالذي يظهر أن الحنابلة لا يستحبون زيادة وبركاته، وهذا هو الراجح والله أعلم.

    وأما حديث ابن عمر أنه كان يقول: السلام عليكم، بدون (ورحمة الله) في التسليمة الثانية، فالذي يظهر والله أعلم أن هذا اختصار من الرواة، فقد روى الإمام أحمد و النسائي ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، وعن يساره يقول: السلام عليكم )، والمحفوظ هو أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه، والسلام عليكم ورحمة الله، عن يساره.

    اكتفاء المصلي بتسليمة واحدة تلقاء وجهه

    وهنا مسألة وهي: هل السلام يقوله المصلي تلقاء وجهه أو غير ذلك؟

    الإشكال في هذا هو في حديث عائشة الذي أصله عند مسلم ، عندما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل، قالت عائشة : (وسلم تسليمة تلقاء وجهه)، في بعض الروايات: (وسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه)، فهذه الروايات هي التي أوجدت إشكالاً عند أهل العلم، فهل هذا يدل على أنه يجوز أن يترك التسليمة الثانية، كما هو مذهب مالك و الشافعي ، أم أنه يدل على أن زيادة واحدة منكر، والمحفوظ في رواية مسلم : (وسلم تسليماً تلقاء وجهه)، وهذا لا يدل على منع الزيادة؛ لأنه نكرة وهناك كلام طويل، وهذا بابه باب أهل الحديث، ولكننا نقول: الذي يظهر والله أعلم أن الرواية في حديث سعد بن حكيم عن عائشة عند مسلم : ( وسلم تسليماً تلقاء وجهه )، يعني: أنه قال: السلام عليكم ورحمة الله والتفت عن يمينه، وقال: السلام عليكم ورحمة الله، والتفت عن يساره، ثم هذا في صلاة الليل ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اكتفى بتسليمة واحدة في الفرض.

    ويشكل على هذا أننا نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، فإذا كان التكبير ركناً، فإن التسليم ركن، قال الجمهور: ويصدق ذلك على تسليم واحد، وهذا القول قوي، وهو اختيار ابن المنذر .

    إذاً: يقول الحنابلة: إنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم مرة واحدة في فرض، وأما رواية (وسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه)، فرواية الواحدة عند الترمذي ضعيفة، والقاعدة أن اللفظ المجمل يفسره فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالقول بوجوب الثانية قوي، وقول الجمهور قوي، ولا ينبغي للإنسان أن يدع ذلك، والله أعلم، فإن فعل ذلك جاهلاً فنقول: إن شاء الله يجزئه ذلك على مذهب مالك و الشافعي .

    إذاً: الركن هو أن يصدق عليه أنه سلم ولو تلقاء وجهه وهو مذهب مالك و الشافعي ، واختيار ابن المنذر ، وذهب الحنابلة إلى أن الركن تسليمتين، والقول الثالث: أن الركن تسليمة واحدة والتسليمة الثانية واجبة، وهذا القول قوي؛ قالوا: لأن التسليم الأول يصدق عليه الركنية؛ لحديث علي بن أبي طالب : ( وتحليلها التسليم )، وأما التسليمة الثانية فهي واجبة؛ لمداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليها بفعله، فلم يحفظ عنه أنه ترك التسليمة الثانية في فرض من الفروض.

    كيفية الالتفات عند السلام من الصلاة

    قال المؤلف رحمه الله: (وسن التفاته عن يساره أكثر) يعني: أنه إذا سلم عن يمينه لا يبالغ، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، أما إذا سلم عن يساره، فإنه يبالغ حتى يرى بياض خده الأيمن، وهذا مبني على صحة الحديث، والحديث الوارد في هذا حديث ضعيف، والمحفوظ حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده )، وهذا يشمل اليمين واليسار، وفي رواية: ( التفت حتى يرى بياض خده الأيمن ).

    وذكروا في ذلك علة بأن قالوا: إن السلام الثاني سنة فيبالغ فيه، وهذا مبني على أن السلام الثاني هل هو واجب أو سنة؟ والمحفوظ أن العبادة مبناها على التوقيف، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أنه بالغ في التسليم، والسنة هو عدم المبالغة بأن يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر، وينبغي أن يسلم ويلتفت، وبعض الإخوة يجعل التفاته قليلاً والسنة أن يلتفت حتى يحقق معنى التسليم والله أعلم.

    وعلى هذا فقول المؤلف: (وسن التفاته عن يساره أكثر)، نقول: إن الحديث الوارد في هذا ضعيف والله أعلم.

    حكم مد السلام وإطالته في الصلاة وغيرها

    قال المؤلف رحمه الله: [ وألا يطول السلام، ولا يمده في الصلاة، ولا على الناس ].

    قول المؤلف رحمه الله: (وألا يطول السلام) يعني: لا يطول أو يبالغ مثل ما يفعله كبار السن، إذ المعروف أن السلام جزم، يعني: تجزم فيه فليس فيه تطويل كما نقل عن أبي هريرة و إبراهيم النخعي وإن كانت الأحاديث الواردة في هذا ضعيفة، لكن الأصل أن الإنسان لا يطول ولا يبالغ لعدم ورود ذلك، وقد أدركت بعض كبار السن وهو يصلي بالناس، وصلاته معروفة، فالأعمى يعرف أن هذه الركعة هي الركعة الأولى، أو الثانية أو التشهد الأول، فإذا أراد أن يركع كبر تكبيراً خاصاً بالركوع، وإذا أراد أن يرفع من الركوع كبر مثله، وإذا أراد أن يسجد كبر أيضاً تكبيراً خاصاً به، فصارت حركات المأمومين تباعاً، بحيث لا يشعر الإنسان إلا وهو يتابع الإمام من غير خشوع ولا اطمئنان، فإذا كان في جلسة التشهد الأول كبر تكبيراً يدل على أنه وقت التشهد، وهذا كله لا ينبغي ولا يستحب، فإذا أراد أن يسلم لحن ذلك وقال، بصوت فيه لحن: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وهذا أدركناه كثيراً، وبحثت في أدلة ذلك، وكان شيخنا محمد بن عثيمين يبالغ في الإنكار على هذا الأمر، والله أعلم.

    قال المؤلف رحمه الله: (ولا يمده في الصلاة، ولا على الناس) فقد روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة : (إن السلام حذف)، ومعنى حذف: أي لا يبالغ في الإطالة فيه، وإن كان الحديث في سنده ضعف.

    الوقف على آخر كل تسليمة في السلام من الصلاة

    قال المؤلف رحمه الله: [ وأن يقف على آخر كل تسليمة ].

    يعني يقول: السلام عليكم ورحمة الله ويقف، السلام عليكم ورحمة الله ويقف، ولا يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله بدون وقف، مثل ما يفعل بعض الإخوة في بعض البلاد حيث يجمع السلامين بحيث لا تفرق.

    بعض الأمور غير المشروعة في السلام من الصلاة

    واعلم أن ثمة بعض الأفعال في السلام انطلت لا أقول: على العوام بل على بعض طلاب العلم، وذلك حينما يسلم عن يمينه يعود ثم يقف تلقاء وجهه، ويقول: السلام عليكم ورحمة الله.

    وبعضهم إذا سلم هز رأسه من أعلى إلى أسفل، والغريب أنك تجد بعض طلاب العلم الكبار أخذوها بالتلقي، ولو سألتهم عمن؟ لم تجد جواباً سليماً في هذا، والسنة أن يسلم وهو تلقاء وجهه: ويحرك رأسه إلى اليمين، ثم يسلم ويحرك رأسه إلى اليسار، ولا يقف تلقاء وجهه.

    وهل يسلم ابتداءً تلقاء وجهه ثم ينحرف فيقول وهو مستقبل القبلة: السلام عليكم ورحمة الله، ثم يلتفت، أم ابتداءً يقول: السلام عليكم ورحمة الله؟

    كل ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي اجتهادات فقهية التمسوها من بعض الألفاظ النبوية، أو بعض ألفاظ الصحابة. والأظهر والله أعلم، أنه يلتفت ابتداءً من حين يسلم، ولا يقف تلقاء وجهه، ولا يحرك رأسه أسفل وأعلى.

    نية المصلي عند التسليم

    قال المؤلف رحمه الله: [ وأن ينوي به الخروج من الصلاة ].

    السنة أن ينوي المصلي بسلامه الخروج من الصلاة، فإن نوى السلام على الإمام وعلى المأمومين فهذا جائز عند الحنابلة، وقد جاء عند أبي داود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم أن يسلموا على الإمام، وأن يسلم بعضهم بعضاً )، وهذا الحديث في سنده ضعف، ويكون معناه: إذا قال الإمام: السلام عليكم ورحمة الله، فيرد: وعليكم السلام، والذي يظهر والله أعلم أن الرد على الإمام في سلامه هو أن تقول: السلام عليكم ورحمة الله، فإذا قلت: السلام عليكم ورحمة الله، وقال الذي بجانبك: السلام عليكم ورحمة الله، فكأنه رد على كل من سلم عليه، وقد ذكر ابن القيم الحكمة من السلام في هذا الأمر، وأنها سلام للعبد من الآفات والبلايا؛ لأنه في صلاته بين يدي الله وفي ذمته.

    حكم التسليم في الصلاة بغير قول: ورحمة الله

    قال المؤلف رحمه الله: [ ولا يجزئ إن لم يقل: ورحمة الله في غير صلاة جنازة، والأولى ألا يزيد وبركاته ].

    أي: ولا يجزئ أن يقول: السلام عليكم فقط من غير ورحمة الله، وقد جاء في حديث ابن عمر أنه قال: السلام عليكم من غير ورحمة الله كما قلنا، وقلنا: إن الذي يظهر أن هذا اختصار من الرواة، ولكن الذي يظهر أنه لو قال: السلام عليكم أجزأ ذلك، وإن كان خلاف السنة؛ لأنه يصدق عليه أنه سلم والله أعلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث علي : ( وتحليلها التسليم )، وهو يصدق بأن يقول: السلام عليكم. أما في الجنازة فإنما قال ذلك لقول ابن مسعود : ( إنكم تفعلون أشياءً في الجنازة لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها )، وفي رواية قال: (وذلك مثل التسليم)، فالتسليم لو قال: السلام عليكم أجزأ، والذي يظهر والله أعلم أن ذلك يجزئ في الجنازة وغيرها، كما مر.

    قال المؤلف رحمه الله: (والأولى ألا يزيد وبركاته) هذا هو الراجح؛ لأن حديث وائل بن حجر رواه أبو داود وهو ضعيف، وقد قال الحافظ في البلوغ: إسناده صحيح، والذي يظهر كما قلنا: إن زيادة (وبركاته) ليست محفوظة والله أعلم.

    نكتفي بهذا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767953013