إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [91]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للمسجد آداب يراعى فيها حق الداخلين فيه ومنها: أنه لا يجوز لأحد أن يقيم أحداً من مجلسه ويجلس فيه ولو كان عبداً أو صبياً إلا أن يكون صغيراً، وإن كان في طريق أو ضيق على المصلين فيجوز أن يقام من مجلسه، ومن قام بنفسه جاز الجلوس مكانه، ولا يجوز الحجز في المسجد ما لم يكن موجوداً فيه، ومن قام من مجلسه لحاجة ثم رجع كان أحق به.

    1.   

    إقامة الرجل غيره من مجلسه في المسجد ليجلس مكانه

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [وحرم أن يقيم غيره ولو عبده، أو ولده الكبير فيجلس مكانه؛ لحديث ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه )، متفق عليه، ولكن يقول: افسحوا، قاله في التلخيص]. ‏

    حكم إقامة الغير من مكانه ولو كان عبداً أو ولداً للجلوس فيه

    قول المؤلف: (وحرُم أن يقيم غيره ولو عبده أو ولده الكبير)، يعني: ولو كان ممن له حق عليه كالوالد مع ولده أو السيد مع عبده، فإنه لا يقيمه (لحديث ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه ) ).

    قال المؤلف رحمه الله: (ولكن يقول: افسحوا، قاله في التلخيص)، هذا جاء مرفوعاً من حديث جابر عند مسلم ، قال: ( لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده، ولكن تفسحوا )، وكتاب التلخيص عند الحنابلة للفخر بن تيمية ، وأما التلخيص عند الشافعية للجويني ومن الملاحظ أن تسمية كتب الشافعية والحنابلة قريبة والله أعلم، ولعل من أسباب ذلك هو وجود المدارس التي تدرس كتب المذاهب، فمثلاً: المدرسة المستنصرية من مدارس الحنابلة التي كانوا يدرسون فيها مذهبهم، وقد ألف الحنابلة كتاب الحاوي في الفقه لـعبد الرحمن بن عمر الذي يسمى أبا طالب الضرير ، ألف الماوردي كتاب الحاوي على المذهب الشافعي، وأيضاً مما يتقارب فيه الحنابلة والشافعية أن كلمة القاضي موجودة عند الشافعية وموجودة عند الحنابلة، حتى أسماء الكتب، وأسماء الرجال، ولعل هذا نوع من التمازج والتنافس الذي يكون بين المدارس.

    وقد كانت المدارس نوعاً من الجامعات أو المجمعات الدراسية التي يُدرس فيها كتب المذهب من أسهلها إلى أعلاها، على الطلاب المبتدئين والمنتهيين.

    حكم إقامة الصغير من مكانه في المسجد والجلوس فيه

    قال المؤلف رحمه الله: (إلا الصغير)، يعني: لا بأس أن يقيم الصغير ليجلس في مكانه، وقد ذكرنا في مسألة الإمامة والإتمام أن الحنابلة يرون أن الأفضل أن لا يبقى الصغير في الصف الأول استدلالاً بحديث: ( ليلني منكم أولو الأحلام والنُهى )، وقالوا: إن هذا أمر فلا يبقى الصغير في الصف الأول بل يبقى في الخلف، وقلنا: الراجح والله أعلم خلافاً للجمهور أن معنى (ليلني) حث وحظ وليس أمراً، وهو أمر من باب التأكيد الحضور وليس إقامة غيرهم إذا جلسوا فيه، فالصحيح أن الصغير أيضاً له حق فلا يقام من مكانه ليجلس فيه، والله أعلم.

    حكم إقامة من جلس في المكان ليحفظه لصاحبه بإذنه أو بدون إذنه

    قال المؤلف رحمه الله: [ومن قدم صاحباً له فجلس في موضع يحفظه له، وكذا لو جلس لحفظه بدون إذنه، قاله في الشرح؛ لأن النائب يقوم باختياره، لكن إن جلس مكان الإمام، أو طريق المارة، أو استقبل المصلين في مكان ضيق أقيم، قاله في المعالي].

    يقول المؤلف: إن النهي أن يقيم الرجل أخاه فيما إذا كان الجالس إنما جلس لمصلحة نفسه، وأما إن كان الجالس إنما جلس ليحفظ هذا المكان لغيره فلا بأس أن يُقيمه؛ لأن الجالس الأول بمثابة النائب، فإذا جلس ليحفظه له فإنه غير داخل في النهي، هذا كلام المؤلف، فالذي يبعث ولده ليجلس في المسجد ثم يأتي بعد ذلك متأخراً، أو يؤاجر شخصاً في الحرم ليأتي مبكراً فيبسط له البُسط والفُرش ثم يأتي بعد ذلك، لا شك أن هذا نوع من الاغتصاب؛ اغتصاب البُقع وأعمال الخير، ولا شك أن هذا منهي عنه، وقد ذكر أبو العباس بن تيمية أنه إذا رأى ذلك فإنه ينزعها ويصلي إذا علم أنه ليس في المسجد ولم يأت بنفسه إلى المسجد.

    ثم ذكر مسألة فقال: لو صلى عليها، هل يأخذ حكم الصلاة في الأرض المغصوبة أم لا؟ وهذا ليس في أرض مغصوبة؛ لأنها ليست حقاً له -والله أعلم- وعلى هذا فلا ينبغي ما يفعله الناس في الحرم من الحجوزات والفرش ليأتي المؤجر الذي استأجره ويجلس فيها، وبلغني أنهم قد وضعوا جهات في الحرم لمنع مثل هذا، وهذا حقيقة يُشكرون عليه؛ لأن مثل هذا أصبح فيه نوع من الازدراء والمباهاة، والله أعلم.

    الحالات التي يجوز فيها إقامة الغير من مكانه

    قال المؤلف رحمه الله: (لكن إن جلس في مكان الإمام أو طريق المارة أو استقبل المصلين في مكان ضيق أُقيم)، يعني: أن مسألة إقامة المسلم غيره من مجلسه لا تخلو من حالتين:

    الحالة الأولى: أن يقيمه ليجلس في مكانه، فالحنابلة يقولون: إن كان الجالس الأول إنما جلس لمصلحة نفسه فلا يُقيمه، وهو حرام سواء كان ولده أو عبده، أما إن أمر غيره أن يجلس على أنه نائب له ثم أقامه بعد ذلك فلا بأس؛ فقد قال: (ومن قدم صاحباً له فجلس في موضع يحفظه له، وكذا لو جلس لحفظه بدون إذنه، قال: لأن النائب يقوم باختياره)، فهذه الحالة الأولى.

    الحالة الثانية: أن يُقيم غيره ولا يُريد أن يجلس فيه؛ لأن المكان الذي جلس فيه الغير ليس مكاناً له، مثل: أن يجلس المصلي في مكان الإمام، أو أن يجلس في طريق الناس -مثل الجلوس في الدرج فإنهم يجلسون فيها فيؤذون المصلين- فله أن يقيمه، والنهي إنما هو في أن يقيمه ليجلس في مكانه، أما إن أقامه لأنه جلس في موضع ليس للجلوس فلا حرج.

    وهل له أن يقيمه إذا كان مكاناً للمؤذن؟

    من المعلوم أن الصحابة لم يجعلوا للمؤذن مكاناً خاصاً فيه، والذي يظهر لي والله أعلم أنه لا بأس بأن يكون للمؤذن مكان يجلس فيه، وأما نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ الإنسان عطناً يجلس فيه كأعطان الإبل، فهذا الحديث رواه البخاري معلقاً بصيغة التمريض وهو ضعيف، والذي يظهر لي أنه لا ينبغي للمصلين أن يجلسوا في مكان المؤذن، وبعض الإخوة خاصة الشباب هداهم الله تجده يأتي مسجداً وربما لا يعرفه أحد فيجلس مكان المؤذن فإذا سُئل؟ قال: ليس فيه دليل، طيب الناس لا يعرفونك ولا يعرفون علمك، ولا يدرون عن هذه المسألة، ولربما وقع في قلوبهم عليك وعلى ما تحمله من مبادئ من التزام وغيره شيء كثير، ولهذا ينبغي للإنسان أنه إذا علم شيئاً والناس لا يعلمونه أن يأتيهم باللين والموافقة، فإن النفوس مجبولة على بغض من أخذ منها ما تظنه حقاً لها، والعلم عند الله.

    وعلى هذا فالذي يظهر لي والله أعلم أنه وإن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم تحديد مكان للمؤذن لكن اعتاد الناس ذلك؛ ليسهل على المؤذن الإقامة، ويعرف الإمام، والله تبارك وتعالى أعلم.

    1.   

    إيثار الغير بالمكان الفاضل

    حكم إيثار الرجل غيره بمكانه الفاضل

    قال المؤلف رحمه الله: [وكره إيثاره غيره بمكانه الفاضل لا قبوله، وليس لغير المؤثر سبقه، وحرُم رفع مصلى مفروش؛ لأنه كالنائب عنه].

    قال المؤلف رحمه الله: (وكُره إيثاره غيره بمكانه الفاضل)، يعني: أن الإنسان إذا جلس في مكان فاضل يكره له أن يقوم من نفسه ليجلس فيه غيره، والمنهي عنه هو أن يقيم غيره ليجلس في المكان، وإنما قالوا: يكره أن يقوم من نفسه لأن هذا من باب الإيثار بالقُرب، والأصل أن الإيثار في القُرب مكروه كما أشار إلى ذلك العز بن عبد السلام في كتابه القواعد وغيره، وقد تكلم ابن القيم في المجلد الثالث من زاد المعاد في مسألة الإيثار بالقُرب، وقال: إن الإيثار بالقُرب إذا كان فيه مصلحة شرعية من إدخال السرور على أخيه المسلم فلا حرج، واستدلوا بأن المغيرة عندما ذهب إلى أبي بكر ليخبره بمقدم عثمان وما حصل لـعثمان في الحديبية، قال أبو بكر لـالمغيرة: سألتك بالله أو نشدتك الله أني أنا الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآثر أبا بكر على نفسه، ومن المعلوم أن إدخال السرور على رسول الله صلى الله عليه وسلم قُربة، فقال ابن القيم : أنه إذا كان في ذلك إدخال السرور على أخيه المسلم فلا حرج، وينبغي ألا يتوسع في ذلك؛ لأن إدخال السرور يحصل في غير هذا، وأيضاً لا ينبغي التنافس المحموم؛ لأنهم قالوا: إذا جاء إلى المسجد فينبغي ألا يؤثر غيره لأجل الدخول؛ لأن دخول المسجد قُربة لكن هذا ليس مقصوداً، وإنما المقصود أن يجلس في مكانه الفاضل فيقوم ويقيم غيره، فإذا كان يستطيع أن يتفسح فهذا أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ولكن تفسحوا ).

    حكم قبول المكان الفاضل ممن آثره به

    قال المؤلف رحمه الله: (وكُره إيثاره غيره بمكانه الفاضل لا قبوله)، يعني: لو قبل فلا يُكره؛ لأن المنهي هو أن يقيم غيره، فإن قام غيره كُره على القائم ولم يُكره على من قبل الجلوس فيه، وهذا واضح إن شاء الله، والله أعلم.

    حكم سبق المؤثر إلى المكان الفاضل

    قال المؤلف رحمه الله: (وليس لغير المؤثر سبقه)، وقال في الحاشية: لأن المؤثَر قام مقام من آثره في استحقاق مكانه أشبه ما لو تحجر مواتاً ثم آثر به غيره، ولهذا قال: وليس لغير المؤثَر سبقه، يعني: أن الإنسان إذا قام من عند نفسه لغيره كُره على القائم، وأما المؤثَر الذي طُلب منه أن يجلس فيه من غير أمر من عنده ولا طلب ليس عليه كراهة، ولهذا قال: (لا قبوله)، ثم قال: (وليس لغير المؤثَر سبقه)، يعني: لو أن سلطاناً قام من مجلسه لأجل أن أجلس فيه كُره لـسلطان أن يقوم من مجلسه لأجلس فيه، وليس عليّ كراهة في قبول هذا الأمر؛ لأن المنهي عنه أن أُقيم سلطان .

    قال المؤلف رحمه الله: (وليس لغير المؤثَر سبقه) يعني: لو أن سلطاناً قام من مقامه لأجلس فيه فلا يسوغ لـبدر أن يقوم ويجلس فيه؛ لأن سلطاناً آثرني ولم يؤثر لـبدر ، هذا مراد المؤلف والله أعلم.

    1.   

    أحكام الفرش التي يحجز بها في المسجد

    حكم رفع الفرش المحجوز بها في المسجد

    قال المؤلف رحمه الله: [وحرُم رفع مصلى مفروش؛ لأنه كالنائب عنه مالم تحضر الصلاة فيرفعه؛ لأنه لا حرمة له بنفسه ولا يصلى عليه].

    قول المؤلف رحمه الله: (وحرُم رفع مصلى مفروش)، يعني: لو أن إنساناً جاء إلى المسجد ووضع فراشاً له، فإن الحنابلة يرون حرمة نزع هذا الفراش؛ لأنه تصرف في ملك الغير بدون إذن، وفي قول عند الحنابلة: أنه لو صلى فيه لكان حكم صلاته كحكم الصلاة في الأرض المغصوبة.

    والصحيح أنه إن كان قد فرش هذا البساط وهو في المسجد لكن ذهب ليقضي حاجته فلا يجوز نزعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قام من مجلسه فهو أحق به )، وأما إن كان قد قدم الفُرش وهو ما يزال متأخراً فإن الذي يظهر -والله أعلم- أنه لا بأس بإزالتها، وينبغي أن يكون القيمون على المسجد هم الذين يصنعون ذلك، خاصة في رمضان وفي العشر الأواخر منه إذا كان المسجد مشهوراً بالاعتكاف فيه، فإن كان كذلك فإنه ينبغي لإدارة المسجد إذا رأت مثل هذا أن تنزعها؛ لأن بعض الإخوة -هداهم الله- يحجز له ولصاحبه من يمينه وعن شماله ومن خلفه لأجل أن تكون الصلاة لهم جميعاً، وهذا بلا شك غير لائق وغير مستساغ شرعاً، ولهذا ذكر ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى أن له أن ينزعها، وهذه رواية عند الإمام أحمد أن له أن يرفعها؛ لأنه تقدم بالفراش قبل أن يتقدم بالبدن، وأما لو تقدم البدن ثم وضع البُسط والفُرش ليقضي حاجته ونحو ذلك فإن هذا لا بأس به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قام من مجلسه فهو أحق به ).

    وقت جواز رفع الفرش المحجوز بها في المسجد

    قال المؤلف رحمه الله: (ما لم تحضر الصلاة) يعني: أنه إذا حضرت الصلاة والفراش ما زال موجوداً ولم يتقدم صاحبه فإنه يرفعه لأجل تسوية الصفوف، والراجح والله أعلم أنه إن كان قد علم أن هذه الفُرش يضعها المصلي قبل أن يأتي مثل ما يفعلونه في يوم الجمعة فإن بعضهم يفرشون خلف الإمام ثم يذهبون، ولا يأتون إلا بعد ساعة أو ساعتين فهذا لا بأس أن يزيلها الإنسان كما هو رأي ابن تيمية ورواية عند الإمام أحمد ، أما إذا علم أن في إزالتها أذية والناس ربما تغضب مثل أن يكون الفرش لرجل كبير في السن فإنه ينظر المصلحة، والله أعلم.

    حكم صلاة الغير على الفرش المحجوز بها في المسجد

    قال المؤلف رحمه الله: (ولا يصلى عليه)، يعني: أنه إذا حضرت الصلاة يزيلها ولا يصلي عليها؛ لأن الفراش ليس ملكاً له ولم يستأذن صاحبه، وليس هذا من الصلاة في الأرض المغصوبة. والله أعلم.

    1.   

    من قام من موضعه لعارض ثم عاد إليه

    قال المؤلف رحمه الله: [ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه قريباً فهو أحق به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به )، رواه مسلم ، ولم يقيده الأكثر بالعود قريباً].

    من جاء إلى المسجد ببدنه ووضع فراشاً وهو قائم فيه ثم عرض له عارض، كقضاء حاجة ونحوه فذهب ليعود قريباً فلا حرج عليه، ولا يجوز إزالة فرشه، وهو أولى به لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به )، ثم ذكر صاحب الإنصاف شرط ذلك فقال: وشرط بعضهم أن يكون عوده قريباً، هكذا قال، قال المرداوي : ولعله مراد من أطلق، إلا أن المؤلف رحمه الله قال: (ولم يقيده الأكثر بالعود قريباً)، والذي يظهر والله أعلم أن الرجل إذا وضع الفراش وقد تقدم ببدنه قبل الفراش ثم عرضت له حاجة فإن كان سوف يعود وإنما أخرجته الحاجة فإن الذي يظهر أنها لا تُزال، وأما أن يأتي ثم يخرج ولا يأتي إلا في آخر المسجد مثلما يفعلون اليوم فلا حرج في إزالتها، فإذا كان المسجد مسجداً جامعاً ووضع البساط ثم جلس حتى تطلع الشمس ثم ذهب لينام، فإن كان مصلحة الخروج طارئة فلا حرج، أما أن تكون لغير ذلك فإنها تُزال، والطارئة مثل قضاء حاجة، أو أن والده طلب منه بعض الشيء ثم يرجع، أما أن يذهب لينام ثم يأتي في آخر ساعة من ساعات الجمعة فهذا لا شك أنه ليس هو أحق به، والله أعلم.

    لعلنا نقف عند هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

    1.   

    الأسئلة

    حكم الحجز في مجالس العلم

    السؤال: هل يجوز الحجز على الكرسي لأجل العلم؟

    الجواب: مقعد الكرسي لا يأخذ حكم المسجد، لكن لا ينبغي؛ لأن العلم من العبادة فلا ينبغي أن يحجز عليه فإن هذا نوع من الاحتكار، وليس له حق فيه، ولا ينبغي أيضاً أن يغضب حينما يحجز ويرفض الآخرون؛ لأنه ليس له حق أن يغضب فيه.

    تفسير حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه

    السؤال: ما المقصود بحديث: ( نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه

    الجواب: من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به، هذا في حق من جلس فلا يقيم أحد غيره؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد، هذا المقصود من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه )، لأن أخاه سبقه إلى ما لم يسبق إليه أحد.

    رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد

    السؤال: إذا كانت جماعة معتكفة في المسجد وهناك ناس يرفعون أصواتهم بالقرآن فما الحكم؟

    الجواب: إذا كانوا لا يستطيعون القراءة إلا بذلك فلا حرج؛ لأن بعض الناس لا يستطيع أن يقرأ حتى يرفع صوته فلا حرج في هذا، لكن ينبغي أن يُتأكد فيه، وإذا كانت إدارة المسجد تقول: لا يرفع، فيجب عليه أن ينصاع لهم؛ لأنه ما يدري من الصادق من الكاذب.

    تخطي رقاب الناس لأجل المحافظة على الصلاة في الصف الأول

    السؤال: بعض الناس أول ما يأتي للصلاة يوم الجمعة يذهب إلى الصف الأول وقد يكون منه تخطٍ لرقاب الناس؟

    الجواب: والله ما أحب أنه يتخطى رقاب الناس، إذا بقي فرجة لا بأس، أما أن يكون هذا حاله أخشى أن يكون فيه نوع من الرياء.

    سد الفرج في المسجد والخطيب يخطب

    السؤال: إذا كان هناك فرجة والخطيب يخطب فهل يجوز أن يتقدم أحد المصلين ويسدها؟

    الجواب: لو أن هناك فُرجة والذين هم قريب من الفُرجة ما سدوها، فرأى رجل هذه الفُرجة فذهب وسدها يقول العلماء يجوز ذلك؛ لأن هؤلاء الذين تخطاهم قد خالفوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فأسقطوا حقهم في عدم التقدم عليهم فيسقط حقهم، لكن الصحيح أن استماع الخطبة ليس الواجب فيها تسوية الصفوف، إنما يجب في الصلاة فإذا كان في الصلاة فنعم يتقدم، وأما في غير الصلاة فلا يتقدم، حتى لو وجد فرجة.

    إذاً: هم أسقطوا حق أنفسهم لأنهم ما سدوا الفرج، والسنة سد الفُرج، لكن إن كان في الصلاة فنعم؛ لأن تسوية الصف من إقامة الصلاة، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( سدوا الفُرج )، وأما في خطبة الجمعة فلا.

    إرسال الغير بالفرش للحجز في المسجد

    السؤال: هل يصح أن يرسل المصلي بالفرش ليحجز له مكاناً في الصف الأول؟

    الجواب: لا ما يصح؛ لأنه تقدم بالفرش ولم يتقدم بالبدن، والقاعدة إن كان تقدم ببدنه ثم وضع الفُرش فلا حرج، وإن كان تقدم بالفرش ولم يتقدم ببدنه فلا.

    تخطي الرقاب وقت إقامة الصلاة

    السؤال: إذا أقام الصلاة يوم الجمعة وكان هناك فرجة هل يسدها، أم أنه يدخل في تخطي الرقاب؟

    الجواب: هذا من باب تسوية الصفوف، والإقامة ليس فيها تخطي؛ التخطي هو أن يجلس الناس وهو يتخطى رقابهم، ولهذا قال: رقابهم؛ لأنه قائم والناس قاعدون، أما إذا كانوا قائمين فليس هناك تخطي لرقابهم.

    مدى شمول النهي عن تخطي الرقاب للجمعة وغيرها

    السؤال: هل الأحاديث في النهي عن تخطي رقاب الناس خاصة بيوم الجمعة فقط؟

    الجواب: هو عام في صلاة الجمعة وفي غير الجمعة إذا كان فيه أذية، وليس فقط وقت الخطبة حتى قبل الخطبة، والأحاديث جاءت في يوم الجمعة؛ لأن اجتماعهم كان لأجل الجمعة، ولو افترضنا أن اجتماعهم ليس لأجل الجمعة ولكن لأجل محاضرة، فإن في تخطي رقابهم أذية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( اجلس فقد آذيت )، والأذية مطلقة، ولم يقل: اجلس فقد منعتهم من الاستماع، والأذية عامة وليست خاصة في يوم الجمعة، وعلى هذا فالذي يظهر أنها ليست خاصة بيوم الجمعة.

    خروج من حجز في المسجد لقضاء حاجته

    السؤال: ما حكم من حجز في الصف الأول ثم ذهب لقضاء حاجته كأن يفطر مثلاً؟

    الجواب: لا حرج، يقضي حاجته لا سيما إذا راح يفطر، كل هذا لا حرج فيه؛ لأن هذا لقضاء حاجته، أما أنه يقعد قليلاً ثم يذهب وينام، فهذا لا يصح.

    نكتفي بهذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768245895