إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الصلاة [96]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يشرع التكبير في العيدين وهو نوعان: تكبير مطلق، ويكون في الفطر من بعد صلاة فجر يوم العيد، وينتهي بعد خطبة العيد، ويكون في الأضحى من أول أيام عشر ذي الحجة وينتهي مع صلاة عصر آخر أيام التشريق. وتكبير مقيد ويكون أدبار الصلوات، يبدأ من فجر يوم عرفة وينتهي مع صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل, وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [ويسن التكبير المطلق، أي الذي لم يقيد بأدبار الصلوات وإظهار. جهر غير أنثى به في ليلتي العيدين في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها، ويجهر به في الخروج إلى المصلى إلى فراغ الإمام من خطبته والتكبير في عيد فطر آكد لقوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ [البقرة:185] ويسن التكبير المطلق أيضاً في كل عشر ذي الحجة ولو لم ير بهيمة الأنعام].

    قول المؤلف رحمه الله: (ويسن التكبير المطلق أي: الذي لم يقيد بأدبار الصلوات), وهذا المصطلح اصطلح عليه الفقهاء رحمهم الله ولا مشاحة في الاصطلاح, وعلى هذا فما يعتب به بعض طلبة العلم بأن هذه التسمية لم ترد, نقول: إن هذه التسمية اصطلاحية وليست شرعية, والمقصود منها أن يكبر الإنسان في فسطاطه وفي بيته, وفي سوقه, وفي سيارته كما ثبت ذلك عن الصحابة، فقد روى البخاري معلقاً بصيغة الجزم أن ابن عمر كان يكبر في فسطاطه بمنى فيكبر الناس بتكبيره, ومن ذلك ما ثبت في صحيح البخاري معلقاً بصيغة الجزم ووصله عفان وغيره أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

    وقد روى ابن أبي شيبة من طريق مسكين أبي هريرة عن مجاهد أنه رأى رجلاً يكبر أيام العشر, فقال: ارفع بها صوتك, فلقد رأيتهم يكبرون في مثل هذه الأيام, فهذا يدل على أن هذا فعل السلف وهو ثابت ظاهر.

    والتكبير المطلق يكون في ليلة عيد الفطر وفي عيد الأضحى, أما عيد الفطر فإنه يبتدئ من حين رؤية هلال شوال, إلى أن تقضى الصلاة ويفرغ الإمام من خطبته، وهذا هو الظاهر من فعل ابن عمر ولظاهر الآية فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185], وجه الدلالة أن الله أمر بالتكبير بعد كمال العبادة, وكمال عبادة رمضان إنما تنتهي برؤية هلال شوال, فيكون من ليلة العيد إلى أن تقضى الصلاة, وكان ابن عمر يكبر إذا خرج إلى المصلى حتى تقضى الصلاة, والذي يظهر أن كلمة: حتى تقضى الصلاة, أو فرغ الإمام من الخطبة كلها من ضمنها والله أعلم, وهذا هو المذهب وهو اختيار أبي العباس بن تيمية .

    والعلماء في هذه المسألة لهم أقوال, فـمالك يقول: يكبر من خروجه إلى المصلى التكبير المطلق في صلاة عيد الفطر إلى أن تقضى الصلاة, والذي يظهر أن التكبير المطلق شرع في ليلة عيد الفطر للآية, والله أعلم, هذا التكبير المطلق, وليس ثمة تكبير مقيد في عيد الفطر.

    أما عيد الأضحى فإن التكبير المطلق يبتدئ فيه من فجر اليوم الأول من أيام العشر, وهذا الابتداء هو مذهب أبي حنيفة وقول عند الأصحاب, وهو قول اللجنة الدائمة برئاسة شيخنا ابن باز والشيخ ابن غديان والشيخ عبد الرزاق عفيفي يبدأ من الفجر، وهذا هو الظاهر والله أعلم, وهو ظاهر فعل الصحابة.

    وأما من قال وهو قول بعض الأصحاب وبعض مشايخنا؛ كشيخنا ابن باز قالها مرة، قالوا: تبدأ من ليلة واحد من عيد الأضحى, والظاهر أن السنة تبتدئ من الفجر فإن كبر قبل ذلك فلا حرج, لكن فعل الصحابة أنهم كانوا يكبرون من الفجر؛ لأن ليلة واحد لا علاقة لها بحكم شرعي إلا بالأضحية, ( إذا أهل هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ), فهذا هو الظاهر والله أعلم، أما التكبير فإنما يبتدئ في الأيام العشر؛ وأيام العشر تبدأ من الفجر الأول, والمسألة إنما هي في الاستحباب, فإن كبر قبل ذلك فلا حرج. أما الانتهاء, أي: انتهاء التكبير المطلق, فإن الحنابلة يرون أن التكبير المطلق ينتهي في عيد الأضحى إلى فراغ الإمام من خطبة الأضحى.

    وهذا القول الأول.

    القول الثاني: أن التكبير المطلق ينتهي عند غروب شمس يوم الثالث عشر, وهو الراجح؛ وذلك لأنه قد صح عن ابن عمر و علي وروي عن عمر و ابن عباس و جابر و أبي هريرة أنهم كانوا يكبرون أيام منى حتى ترتج منى تكبيراً, وتكبيرهم أيام منى وهذا يسمى تكبيراً مطلقاً, يكبرون في فسطاطهم وهذا مطلق, وأيام منى تنتهي عند غروب شمس يوم الثالث عشر.

    فأيام التشريق فيها التكبير المطلق؛ لأن الله يقول: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [الحج:34], وبهيمة الأنعام هذه النعمة لا يجزئ ذبحها من بعد غروب شمس يوم الثالث عشر.

    والحنابلة يرون أن التكبير يبتدئ من هذه النعمة, ولا علاقة لها برؤية الهدي من عدمه, فيكبر ولو لم ير بهيمة الأنعام خلافاً للشافعي , فإن الشافعي لا يكبر إلا إذا رأى بهيمة الأنعام, فإن لم ير بهيمة الأنعام فإنه لا يكبر، والله أعلم.

    أما التكبير المقيد -فكما قلت- لم يكن ثابتاً عن الصحابة أنهم كانوا يكبرون التكبير المقيد في عيد الفطر, لكن لو كبر بعد صلاة العيد فإنه ما زال التكبير قائماً على الراجح إلى أن تقضى الصلاة, وقولهم: إلى أن تقضى الصلاة, يعني: مع الخطبة؛ لأن الخطبة تبع للصلاة والله أعلم, وأما التكبير المقيد في عيد الأضحى فسيأتي ذكره في كلام المؤلف رحمه الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088464160

    عدد مرات الحفظ

    776883301