إسلام ويب

الروض المربع - كتاب الجنائز [8]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصلاة على الميت في المسجد جائزة من غير كراهة، والأفضل تخصيص مكان للصلاة على الميت في غير المسجد وفي غير المقبرة، ومن صلى على الميت فله قيراط، ومن تبع الجنازة حتى تدفن فله قيراط آخر، والقيراط مثل جبل أحد، وحمل الميت بالتربيع أو بين عمودين أو بالأيدي كل ذلك جائز.
    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ولا بأس بالصلاة عليه أي: على الميت في المسجد إن أمن تلويثه؛ لقول عائشة : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء في المسجد ) رواه مسلم ، وصلي على أبي بكر و عمر فيه رواه سعيد ، وللمصلي قيراط وهو أمر معلوم عند الله تعالى، وله بتمام دفنها آخر بشرط ألا يفارقها من الصلاة حتى تدفن ].

    قول المؤلف رحمه الله: (ولا بأس بالصلاة عليه).

    أولاً: اتفق الفقهاء على جواز الصلاة على الميت في المسجد، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على سهل أو سهيل بن بيضاء في المسجد، وقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنه ( لما مات سعد بن أبي وقاص أمر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يمر بجنازة سعد في المسجد ليصلين عليها؛ فكأن الناس عابوا ذلك، فقالت عائشة : ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به، عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في جوف المسجد ).

    ثانياً: أن صلاة الجنازة تكون في مكان يخصص للصلاة عليه في غير المسجد، وفي غير المقبرة؛ لأنه هو الذي كان مشهوراً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان ثمة مكان يصلى فيه على الجنازة، فيخرج من عند باب الجنائز في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيصلى على الجنازة في مكان، ثم يؤتى بها إلى البقيع، وهذا الأمر اشتهر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر و عمر ، فدل ذلك على أن صلاة الجنائز في غير المساجد وفي غير المقابر هو الأفضل، ولهذا عاب الصحابة والتابعون حينما أمر أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد على أنه لم يكن مشهوراً أن تصلى الجنائز في المساجد.

    إذاً: عندنا اتفاقان:

    الأول جواز صلاة الجنائز في المساجد.

    الثاني: أن صلاة الجنائز في غير المساجد وفي غير المقابر هو الأفضل.

    ثالثاً: مع اتفاق الفقهاء الأربعة غير جواز الصلاة في المسجد إلا أنهم اختلفوا هل يجوز من غير كراهة كما هو مذهب الشافعية والحنابلة أم يجوز مع الكراهة كما هو مذهب أبي حنيفة و مالك ؟

    والذي يظهر والله أعلم أنه لا بأس بذلك، وقد جاء في ذلك حديث: ( من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه، أو فلا شيء له )، ولكن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً، فإن في سنده صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة و صالح هذا ضعيف، وقد اضطرب مع ضعف صالح هذا، فمرة رواه بلفظ: ( من صلى على جنازة فلا شيء عليه )، ومرة روى عن أبي هريرة بلفظ: ( فلا شيء له )، واللفظان بينهما مفاوز، فلفظ: ( فلا شيء عليه )، يعني: ليس عليه شيء، ولفظ: ( فلا شيء له )، يعني: ليس له من الأجر شيء في صلاته، وهذا ليس بصحيح، ولهذا ضعف أهل العلم هذا الحديث، وقال الإمام أحمد : هو مما تفرد به صالح مولى التوأمة.

    إذاً المؤلف رحمه الله ذكر حديث عائشة ليبين جواز صلاة الجنازة في المساجد. قوله: (وصلي على أبي بكر و عمر فيه رواه سعيد ) فقد أخرج البيهقي في كتابه السنن الكبرى أن أبا بكر رضي الله عنه لما توفي صلى عليه الصحابة في المسجد، كما روى ذلك هشام بن عروة عن أبيه، أما مالك فقد روى في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أنه صلي عليه في المسجد، وهذا يدل على جوازه من غير كراهة، ولعل وجود الأفضل لا يدل على أن تركه مكروه كما مر معنا في القاعدة الأصولية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531171

    عدد مرات الحفظ

    777163376