إسلام ويب

عمدة الفقه - كتاب الحج [18]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للحج والعمرة أركان وواجبات، فأما أركان الحج فهي الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة، وأما واجباته فهي الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الليل، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل، والسعي بين الصفا والمروة، والمبيت بمنى، ورمي الجمار، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع، وأما أركان العمرة فالإحرام والطواف، وواجباتها الإحرام من الميقات والسعي والحلق أو التقصير، فمن ترك ركناً لم يتم نسكه إلا به، ومن ترك واجباً جبره بدم.
    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مشاهدينا الكرام في كل مكان! نحييكم بتحية الإسلام الخالدة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    في هذا الدرس المبارك، في درس العمدة عمدة الفقه يسرنا باسمكم جميعاً أن نرحب بشيخنا الكريم الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي، الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء؛ نرحب بشيخنا الفاضل أجمل الترحيب، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله، وبالإخوة المستمعين والمستمعات.

    المقدم: ويمتد ترحيبنا كذلك للإخوة الدارسين والدارسات في موقع الأكاديمية الإسلامية المفتوحة، ونرحب كذلك من أعماقنا للإخوة الذين حضروا معنا هنا في الأستوديو، جزاهم الله خيراً على حضورهم وتفاعلهم.

    مشاهدينا الكرام! نستقبل أسئلتكم وتفاعلاتكم على هواتف البرنامج التي تظهر أمامكم تباعاً، وعلى موقع الأكاديمية إسلام أكاديمي دوت نت.

    كلنا شوق إلى أن نستمع من شيخنا الكريم استفتاحة هذا الدرس المبارك، فنترك المجال لشيخنا الفاضل، فتفضل يا شيخنا مشكوراً مأجوراً.

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم علمنا ما ينفعنا! وانفعنا بما علمتنا! وزدنا علماً وعملاً يا كريم! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه! وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه! ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل! وبعد:

    وصلنا إلى باب أركان الحج والعمرة، ومن هنا سوف يكون شرحنا قليلاً بسبب أننا قد مررنا على كثير من المسائل هنا؛ ولكن هذا من باب المراجعة.

    قال المؤلف رحمه الله: [ باب أركان الحج والعمرة:

    أركان الحج: الوقوف بعرفة وطواف الزيارة؛ وواجباته: الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الليل والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل والسعي والمبيت بمنى والرمي والحلق وطواف الوداع.

    وأركان العمرة: الطواف. وواجباتها: الإحرام والسعي والحلق، فمن ترك ركناً لم يتم نسكه إلا به، ومن ترك واجباً جبره بدم، ومن ترك سنة فلا شيء عليه، ومن لم يقف بعرفة حتى طلع الفجر يوم النحر فقد فاته الحج، فيتحلل بطواف وسعي، وينحر هدياً إن كان معه، وعليه القضاء، وإن أخطأ الناس فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم ذلك، وإن فعل ذلك نفر منهم فقد فاتهم الحج، ويستحب لمن حج زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه رضي الله عنهما ].

    تعريف الركن

    الشيخ: المؤلف يقول: (باب أركان الحج والعمرة).

    أركان: جمع ركن وهو ما لا يقوم الشيء إلا به، وهو ما كان داخل الماهية، كما يقوله بعض علماء المنطق، ومعنى (ما كان داخل الماهية) يعني: ما كان هذا الواجب أو هذا الركن داخلاً في ماهية العبادة، يعني في أصل العبادة، أما إذا كان هذا الواجب خارجاً عن العبادة فيسمى شرطاً، فاستقبال القبلة خارج عن الصلاة، وأما الركوع فهو داخل في الصلاة، وهذا معنى الركن.

    ركنية الإحرام ودليل ذلك

    الشيخ: المؤلف رحمه الله قال: (أركان الحج).

    والحج له أركان كما سبق، وله مستحبات، وله واجبات، فالمؤلف هنا قال: (أركان الحج: الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة)، عد اثنين؛ الوقوف بعرفة، وطواف الزيارة. والأقرب -والله أعلم- أن أركان الحج ثلاثة: الركن الأول: الإحرام، ونعني بالإحرام، نية الدخول بالنسك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب ، فلا تتم عبادة إلا بالنية، والإحرام هو نية الدخول في النسك، وقد سبق معنا أن التجرد من المخيط ولبس ثياب الإحرام ليس هو الإحرام، إنما الإحرام هو نية الدخول في النسك، فجائز أن يلبس ثياب الإحرام ولو لم يدخل في النسك، وجائز أن يدخل في النسك ولو لم يخلع لباسه المعتادة، لكن هل عليه دم؟

    نقول: لا، إذا كان قال: لبيك حجاً أو لبيك عمرة يشرع في الخلع ولا حرج عليه في ذلك كما مر معنا في حديث يعلى بن أمية حينما قال: ما ترى أصنع في عمرتي وقد لبس جبة؟ فقام فخلعها من أعلاها، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يمزقها، فترك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بشيء، فدل ذلك على أنه لا يلزمه أن ينزعها أو يخلعها من أسفل، إنما يخلعها كالخلع المعتاد، هذا الركن الأول.

    ركنية الوقوف بعرفة ودليل ذلك

    الشيخ: الركن الثاني: الوقوف بعرفة: دليله: ما ثبت عند أهل السنن من حديث سفيان الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر أن أناساً أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! كيف الحج؟ قال: ( الحج عرفة، فمن أتى عرفة قبل طلوع الشمس فقد تم حجه وقضى تفثه، أيام منى ثلاثة ...)، الحديث، وهذا الحديث من أفضل ما روى الثوري ، يقول محمد الذهلي : هذا الحديث من أفضل ما رواه الثوري يعني بذلك عن أهل الكوفة، وقال وكيع : هذا الحديث هو أم المناسك، وقد أجمع أهل العلم -ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم- على أن الوقوف بعرفة ركن.

    ركنية طواف الإفاضة ودليل ذلك

    الشيخ: الركن الثالث: يقول المؤلف: (وطواف الزيارة).

    طواف الزيارة يقصد بذلك طواف الإفاضة.

    وطواف الإفاضة ركن، لا يصح الحج إلا به، وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، كما نقل ذلك ابن عبد البر في كتاب التمهيد قال: لا خلاف بين أحد من أهل العلم كافة أن طواف الزيارة -أو قال: طواف الإفاضة- ركن لا يتم الحج إلا به، وكذلك نقل الإجماع ابن قدامة و النووي ، وغير واحد من أهل العلم، ودليله: قوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، وقوله: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، ومما يدل على أنه لا يصح إلا به، قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عائشة قالت: أفضنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطفنا يوم النحر، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم من صفية كما يريد الرجل من امرأته، فقيل: يا رسول الله! إنها حاضت، قال: ( عقرى، حلقى، أحابستنا هي؟ قالوا: يا رسول الله! إنها قد أفاضت، قال: فلتنفر إذاً )، وقوله عليه الصلاة والسلام: ( أحابستنا هي؟ ) دليل على أن من لم يطف بالبيت فإنه حابس حتى يفعله.

    ابن قدامة رحمه الله قرر أن السعي ليس بركن، وجعله من ضمن الواجبات، وهذا هو الراجح كما سوف يأتي تفصيله.

    المؤلف يقول: وواجباته، المؤلف فرق بين الركن وبين الواجب، والفرق بسيط، أما الاتفاق بينهما: فكله مأمور به على لسان الشارع من الكتاب أو من السنة أو من الكتاب والسنة، فتجد أن الواجب مأمور به، وتجد أن الركن مأمور به. ويفرق بين الركن وبين الواجب أن الركن دل دليل على أنه لا تصح العبادة إلا بوجوده، وأما الواجب فلم يدل دليل إلا على أصل الوجوب، فأنت ترى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحج عرفة )، قال: ( فمن أدرك عرفة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج )، فهذا دليل زائد على أصل الوجوب، وهو أنه لا تصح العبادة إلا بوجود هذا الركن، فهذا هو الفرق بين الركن وبين الواجب، أما الواجب فغاية ما فيه أن الشارع أمر به، وكون الشارع يأمر بالشيء لا يدل على أنه لا يصح الشيء إلا به إلا بدليل ثان، فجائز أن يجبر كغيره من الأشياء التي تجبر، فأنت ترى أن واجبات الصلاة تجبر بسجود السهو، وواجبات الحج تجبر بالدم، كما ثبت ذلك من حديث عطاء عن ابن عباس : ( من ترك نسكاً فليهرق دماً ).

    إذاً الواجب: إما أن يجبر بسجود سهو كالصلاة، وهذا يسمى البدل، ومثله أن يجبر بدم الحج.

    وإما أن يسقط للعجز، كما قال ابن تيمية رحمه الله: وغاية الواجبات أنها تسقط بالعجز، لا بالنسيان، ودليله: قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، قال أبو العباس ابن تيمية : فدل ذلك على أن من فعل ما اتقى الله به كان من المتقين.

    إذاً الواجب: إما أن يسقط، وإما أن يكون ببدل -إما جبره بدم، أو جبره بسجود سهو- وإما أن يفعل، وهذا قليل، من ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى )؛ لأنه يمكن له أن يفعله؛ لكن قال بعض العلماء: إن هذا من ضمن البدل، والبدل: إما أن يكون بالدم، وإما أن يكون بسجود سهو، وإما أن يفعل مثل ما ترك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545489

    عدد مرات الحفظ

    777240407