إسلام ويب

عمدة الفقه - كتاب الجهاد [3]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يخير إمام المسلمين في أسرى المشركين بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، ويكون ذلك بحسب المصلحة العامة للمسلمين، ولا فرق بين ذوي الأرحام من السبي إلا أن يكونوا بالغين، ومن أعطي شيئاً يستعين به على الجهاد فزاد عن حاجته فعليه رده إلى بيت المال.
    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نضل، أو نزل أو نزل، أو أن نظلم أو نظلم، أو أن نجهل أو يجهل علينا، وبعد:

    فقد قال المؤلف رحمه الله: [ويُخير الإمام في أُسارى الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء والمن].

    الاسترقاق بأن يكونوا أرقاء عبيداً، والفداء بأن يفديهم بغيرهم وهو ما يسمونه في المصطلح المعاصر تبادل الأسرى، والمن: بمعنى أن يُرسلهم إلى بلادهم من غير مقابل، كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم بـثمامة بن أثال عندما قال له: ( ما عندك يا ثمامة! قال: عندي خير إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تريد المال فسل نُعطك، ثم أتاه من الغد فقال له مثل ذلك، فقال: أطلقوا سراح ثمامة، فذهب فاغتسل وأسلم )، وكذلك منّ على أبي العاص بن الربيع كما رواه أبو داود وهو زوج زينب ، وقال عليه الصلاة والسلام لأُسارى بدر: ( لو كان المطعم بن عدي حياً ثم سألني عن هؤلاء النتنى لأطلقتهم له المطعم بن عدي كان كافراً ومات كافراً، لكنه كريم وقد حمى النبي صلى الله عليه وسلم وحمى أبا بكر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو كان المطعم حياً ثم سألني في هؤلاء لأعطيتهم له )، وهذا يدل على أن السلطان والإمام يجوز أن يتصالح مع الكفار أو أن يُكرم الكفار بدعوتهم وغير ذلك، وهذا على حسب المصلحة الشرعية، وعلى حسب مصلحة المسلمين، فتصرف السلطان هنا تصرف ليس بالتشهي إنما هو بمصلحة تعود على المسلمين في العاجل أو الآجل؛ لأن العلماء يقولون: التصرف بالرعية منوط بالمصلحة؛ ولهذا قال المؤلف: [ولا يختار إلا الأصلح للمسلمين]، فلو اختار المن من باب غير مصلحة المسلمين وكانت مصلحة المسلمين تخالف ذلك فإن قائد الجيش أو السلطان يأثم في ذلك.

    قال المؤلف رحمه الله: [وإن استرقهم أو فاداهم بمال فهو غنيمة].

    يعني أنه إن تبادل الأسرى أو أخذ عليهم مالاً أو استرقهم، فإن الرق والمال الذي يؤخذ من الفدية غنيمة كما يقول المؤلف: (فهو غنيمة)، يعني يقسمون حسب قسمة الغنائم، وقسمة الغنائم سيأتي تفصيلها إن شاء الله، وهناك فيء: وهو أن يأخذه المسلمون من غير إيجاف خيل ولا ركاب، بحيث يهرب الكفار من بلدتهم، فيغنم المسلمون مثلاً.

    وهناك شيء آخر وهو النفل بحيث وهو أن ينفل الإمام الناس على حسب ما ورد في السنة غير الغنيمة بأن يعطيهم الثلث حال الرجوع أو يعطيهم الربع وقت الإقبال. ومعنى الربع: يخرج الجيش ثم يأمر سرية أن تغزوا جهة معينة، فإن غنمت هذه السرية فإنهم يعطون ربع الغنيمة ثم يعطون من الغنيمة، يعني: هب أن الغنيمة صارت مليوناً فيؤخذ منها الخمس، كما قال ابن عمر: والخمس في هذا واجب كله، يؤخذ الخمس وما بقي يعطى من النفل الذي هو الربع، والباقي يقسم بين الغانمين بما فيهم الذين قد أعطوا النفل, وكذلك ( من قتل قتيلاً فله سلبه )، فهذا يسمى من النفل، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

    قول المؤلف رحمه الله: (فهو غنيمة) وليس فيه خلاف عند أهل العلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قسم فداء أسرى بدر بين الغانمين.

    مواد ذات صلة

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088485536

    عدد مرات الحفظ

    776956171