الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المشاهدون الكرام! متابعي قناة المجد العلمية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس المبارك في كتاب النكاح ضمن دروس الأكاديمية العلمية، حيث يسرنا في مطلع هذا الدرس أن نرحب أجمل ترحيب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي ، وكيل المعهد العالي لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية!
باسمكم جميعاً نرحب بالدكتور: عبد الله ، فأهلاً ومرحباً بكم.
الشيخ: حياكم الله وبالإخوة المستمعين والمستمعات والحاضرين.
المقدم: ترحيبنا موصول بكم وبالإخوة الحاضرين معنا، ونسعد كثيراً بتواصلكم عبر أرقام الهواتف التي تظهر أمامكم على الشاشة تباعاً، وكذلك عبر تواصلكم من خلال الإجابات عن أسئلة كل درس أو الأسئلة التي نود طرحها على الشيخ عبر موقع الأكاديمية على الشبكة العالمية: الشبكة العنكبوتية!
أهلاً ومرحباً بكم يا شيخ! وكما كانت عادة البرنامج بأن نستقبل إجابات الدرس الماضي من الإخوة.
الشيخ: حسناً، بداية نعتذر للإخوة المستمعين والمستمعات وكذا الحاضرين عن عدم درسنا للأسبوع الماضي بسبب ظروف ألمت بنا، فلكم العتبى بسبب هذا الانقطاع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا بتوفيقه، وأن يسددنا لإكمال هذا الشرح، وأن يوفقنا وإياكم للإخلاص في القول والعمل.
المقدم: آمين، أحسن الله إليكم وبارك فيكم، الإجابات التي وردت عبر الموقع إجابات متنوعة وكثيرة، من هذه الإجابات:
إجابة الأخت: خديجة من المغرب، كان السؤال طبعاً: ما شروط الرضاع المحرم؟ فأجابت الأخت خديجة بالجواب التالي:
شروط الرضاع المحرم ثلاثة:
الشرط الأول: أن يكون لبن امرأة بكراً كانت أو ثيباً في حياتها أو بعد موتها، لقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23].
الشرط الثاني: أن تكون الرضعات في الحولين؛ لقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ [البقرة:233]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام )، قال الترمذي : حديث حسن صحيح.
الثالث: أن يكون خمس رضعات معلومات؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت ( كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخ من ذلك خمس رضعات، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك )، رواه مسلم .
الشيخ: نعم، الإجابة وافية شافية، فنسأل الله أن يثبتها وأن يعينها، وأن يعين الإخوة على هذه الإجابات، وكما أخبرتني يا شيخ ياسر أن الإجابات عشر أو أكثر.
المقدم: هي طبعاً تتزايد مع فتح الموقع وبدء الدرس.
الشيخ: ما شاء الله!
المقدم: نستأذنكم في استعراض الأسماء التي شاركت معنا في هذا الدرس.
الشيخ: تفضل!
المقدم: الأخت: أم فجر من السعودية أيضاً بعثت بإجابة مشابهة، الأخت: فدوى جبابو من لبنان أيضاً بعثت إجابة لهذا السؤال، نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية.
الشيخ: نشكر الأخ نبيل ؛ لأن مشاركته كانت في كل حلقة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه لهذا الجهد وهذه المتابعة.
المقدم: نعم جميل، الأخت: مريم من السعودية أيضاً، وفوزية من الكويت بعثت بإجابة، وخلود من السعودية، وندى من مصر، وغادة من الولايات المتحدة، وعزيزة باخلعة من السعودية، وطلحة من السعودية، وغزلان من المغرب، والمفكرة من السعودية، ورمضان من الجزائر، وحميد الديراني من المغرب.
الشيخ: ما شاء الله!
المقدم: هذه أبرز الإجابات الواردة، وهناك أسماء مكررة أيضاً يا شيخ.
الشيخ: ما شاء الله! الله يوفقنا وإياهم.
المقدم: آمين.
الشيخ: لعلنا نبدأ
ولو تزوج رجل كبيرة ولم يدخل بها وصغيرة، فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت الكبيرة وثبت نكاح الصغيرة.
وإن كانتا صغيرتين فأرضعتهما الكبرى حرمت الكبرى وانفسخ نكاح الصغيرتين، وله نكاح من شاء من الصغيرتين.
وإن كن ثلاثاً فأرضعتهن منفردات حرمت الكبرى وانفسخ نكاح المرضعتين أولاً وثبت نكاح الثالثة.
وإن أرضعت إحداهن منفردة واثنتين بعدها معاً انفسخ نكاح الثلاث، وله نكاح من شاء منهن منفردة.
وإن كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه على الأبد ولا مهر للكبرى إن كان لم يدخل بها، وإن كان قد دخل بها فلها مهرها، وعليه نصف مهر الأصاغر يرجع به على الكبرى ].
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نضل، أو نزل أو نزل، أو أن نظلم أو نظلم، أو أن نجهل أو يجهل علينا.
إخوتي! توقفنا عند قول المؤلف: [ولو تزوج المرأة المرضعة طفلاً ..]، الآن هنا سوف يتحدث المؤلف في الرجل الذي تزوج امرأة وهذا اللبن منه، وتكون هذه المرضعة أرضعت شخصاً آخر، أما في الفصل الذي سوف يأتي فإن اللبن في الرضاع ليس لبنه.
يقول المؤلف: (ولو تزوجت المرأة المرضعة طفلاً)، الآن صورة المسألة: رجل تزوج امرأة ثم طلقها آخر ثلاث تطليقات، فانتهت عدتها واللبن ما زال في صدرها، ثم تزوجت هذه المرأة المطلقة طفلاً، فهل يجوز أن تتزوج واللبن في صدرها؟
الجواب: بالإجماع، فهذه المرأة المطلقة التي في صدرها لبن أرضعت هذا الطفل الذي قد عقد عليها به.
يقول المؤلف: [ولو تزوجت المرأة المرضعة طفلاً فأرضعته خمس رضعات]، ما الحكم؟ حرمت عليه؛ لأنها صارت أمه، وقد قال الله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النساء:23].
يقول: [ وانفسخ نكاحها ]، فينفسخ النكاح بالإجماع، يقول المؤلف: [ وحرمت على صاحب اللبن تحريماً مؤبداً ]، وصاحب اللبن هو الزوج الذي قد طلقها قبل أن تتزوج هذا الطفل، وحرمت عليه لأنها صارت زوجة ابنه من الرضاع؛ لأن الله يقول: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ [النساء:23].
قد يقول قائل: لماذا جعلتها ابنة هذا الرضيع وقد انفسخ نكاحها؟
نقول: انفساخ النكاح شيء وانتشار اللبن وحرمته شيء آخر، وعلى هذا فصاحب اللبن لا يجوز له أن يرجع إلى زوجته التي قد طلقها ولو تزوجت بعده رجالاً كثيرين.
الآن هذه المرأة التي طلقت آخر ثلاث تطليقات لا يجوز له أن يرجعها، ولو تزوجت زوجاً غيره ثم طلقها الزوج الآخر، فهل يجوز للزوج الأول أن يرجع إلى زوجته الأولى؟
نقول: لا يجوز، لأنها صارت بإرضاعها لهذا الطفل زوجة ابنه؛ ولهذا قال: [وحرمت على صاحب اللبن تحريماً مؤبداً؛ لأنها صارت من حلائل أبنائه].
قد يقول قال: هذا الطفل أجنبي عنه فلماذا صارت من حلائل أبنائه؟
والجواب: لأن الطفل قد ارتضع من هذه المرأة، ولبن الفحل ينشر الحرمة، وهو لبنه.
الآن المؤلف سوف يتحدث عن انتشار الحرمة بلبن غير لبن الزوج، المسائل الأخرى كان الرجل قد تزوج امرأة ودخل بها ثم جاءت هذه المرأة فأرضعت طفلة أراد أن يتزوجها أو تزوجها فلا يجوز؛ لأن لبنه نشر الحرمة في ابنته التي قد تزوجها.
هنا صورة المسألة: رجل تزوج امرأة كبيرة وهذه المرأة في صدرها لبن، هذا اللبن من الزوج أم من غيره؟
الجواب: هذا اللبن من غيره، يقول المؤلف: (ولو تزوج رجل كبيرة ولم يدخل بها)، هذه الكبيرة في صدرها لبن وتزوج هذا الرجل امرأة صغيرة أيضاً، يقول المؤلف: (فأرضعت الكبيرة)، أي: جاءت الكبيرة فأرضعت الصغيرة.
صورة المسألة: رجل تزوج مريم، مريم امرأة كبيرة في صدرها لبن من زوج آخر، ثم قبل أن يدخل بمريم تزوج طفلة اسمها هند، ولم يدخل بالصغيرة أيضاً ومثلها لا يدخل بها، فجاءت الكبرى فأرضعت الصغرى، الآن الكبرى زوجته، والصغرى زوجته ولم يدخل بواحدة منهما، يقول المؤلف: (فأرضعت الكبرى الصغرى)، فما الحكم؟
نقول: حينما أرضعت الكبرى الصغرى صارت الصغرى بنتاً للكبرى، وهو قد تزوج الثنتين فيكون قد تزوج الأم وبنتها، ولا يجوز للرجل أن يجمع بين الأم والبنت.
يقول المؤلف: (حرمت الكبيرة وثبت نكاح الصغيرة)، تأمل! الآن الكبيرة حرمت عليه؛ لأنها صارت أم زوجته، يقول: (وثبت نكاح الصغيرة)، لماذا ثبت نكاح الصغيرة؟
الجواب: لأنه لم يدخل بأم البنت، وقد ذكرنا أنه إذا عقد الرجل على البنت ولم يدخل بها حرم عليه نكاح أمها، أما لو عقد على المرأة ولم يدخل بها جاز أن يطلقها وأن يتزوج، فهو لم يدخل بالكبرى وقد أرضعت الكبرى الصغرى، فنقول: ينفسخ نكاح الكبرى وثبت نكاح الصغرى، لأن عقد الزوجية باق ولم ينفسخ بالرضاع إلا عقد الكبرى؛ لأنه لم يدخل بالكبرى.
يقول المؤلف: (فأرضعتهما الكبرى، حرمت الكبرى)، أي: على الزوج، لأنها صارت أم الزوجة الثانية أو الثالثة، يقول المؤلف: (وانفسخ نكاح الصغيرتين)، في الصورة الأولى قال: (وثبت نكاح الصغيرة)، أما هنا فقال: (وانفسخ نكاح الصغيرتين)، ولم انفسخ نكاح الصغيرتين؟
الجواب: لأنه قد جمع بين أختين فينفسخ النكاح، فإذا انفسخ النكاح جاز له أن يتزوج إحداهما سواء تزوج الرضيعة الأولى التي هي هند، أو الثانية التي هي سمية.
وأنا لا أريد أن أدخل في الخلاف؛ لأنكم ربما تتشتتون، فدعنا نبقى مع كلام المؤلف، ولهذا لا نذكر الخلاف حتى المؤلف في الشرح ذكر بعض الأقوال لكن دعونا منها؛ لأنها تشتت أحياناً.
وما ذكر هو القول الراجح إن شاء الله.
يقول المؤلف: (وانفسخ نكاح الصغيرتين)؛ لأنه يكون قد جمع بين أختين، وقد ذكرنا أن الأئمة الأربعة يرون أن الرضاع ينشر الحرمة بالنسب وبالمصاهرة، فهذه أخت من الرضاعة مصاهرة، فلهذا قالوا: لا يجوز أن يجمع بين الأختين، لكن له نكاح من شاء من الصغيرتين؛ لأنه إذا فسخ نكاحهما فليست الرضيعة الأولى بأولى من الفسخ من المرضيعة الثانية، ولا الرضيعة الثانية التي هي سمية بأولى بالفسخ من الأولى؛ ولهذا قال: (وانفسخ نكاح الصغيرتين).
وقال بعضهم: بل يفسخ نكاح الأولى، مثلاً: امرأة كبرى جاءت فأرضعت هنداً، ثم بعد انتهائها من هند أرضعت سمية، قال العلماء: يبقى نكاح الثانية؛ لأنه حينما جاءت مريم فأرضعت هنداً انفسخ نكاح مريم؛ لأنها صارت أمها، فبقي نكاح هند، فلما ارتضعت سمية من مريم جمع بينهما فصارت الأولى ينفسخ نكاحها ويبقى نكاح الثانية، هذا قول عند أهل العلم.
والأقرب والله أعلم أنه ينفسخ نكاحهما جميعاً؛ لأنه جمع بين أختين في نكاح واحد ولم يدخل بواحدة منهما؛ لأن العبرة بالدخول.
والمسألة مفروضة فيما إذا لم يدخل بالكبرى، فجاءت الكبرى فأرضعتهن منفردات، أرضعت هنداً ثم سمية ثم فاطمة، يقول: (حرمت الكبرى) وهذا واضح، لأنها صارت أم الزوجة، والله يقول: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23].
يقول المؤلف: (وانفسخ نكاح المرضعتين أولاً)، وهما هند وسمية، وإنما انفسخ نكاحهما لأنهما صارتا أختين، والأختان يفسخ فيهما النكاح لأجل الجمع بين الأختين.
يقول المؤلف: (وثبت نكاح الثالثة)، هكذا ذكر المؤلف، وفي المسألة خلاف، إلا أننا لا نريد أن نذكره، وهو أنه ينفسخ نكاح الثلاث؛ لأنه حينما ارتضعت هند من الكبرى فسخت نكاح الكبرى، فلما ارتضعت الثانية جمع بين الأختين فانفسخ نكاحهما، ثم رضعت هذه الأخرى فصارت أختاً لهما فلا يجوز ، ولا فرق بين أن يكون الرضاع مجتمعاً أو متفرقاً ما دام لم يدخل بالجميع.
وقول المؤلف لعله يكون أحوط وأظهر أنه يصح نكاح الثالثة من الصغيرات التي هي في الحقيقة الرابعة.
يقول المؤلف: (انفسخ نكاح الثلاث، وله نكاح من شاء منهن منفردة)؛ لأنه إذا تزوجهن بعد ذلك فإنما تزوج من غير جمع بين الأخوات، ولا بأس بذلك.
صورة المسألة: رجل تزوج مريم، ومريم قد ثاب لبنها على مذهب الحنابلة عن حمل من زوج آخر وانتهت عدتها، فتزوجت علياً ودخل علي بها، ثم تزوج هنداً، يقول المؤلف: (وإن كان دخل بالكبرى، حرم الكل عليه على الأبد)، يعني: جعلهن المؤلف ثلاثاً: تزوج مريم ودخل بها، ثم تزوج هنداً، ثم تزوج سمية، ثم تزوج فاطمة، فجاءت الكبرى فأرضعت هنداً وسمية وفاطمة، سواء أرضعتهن منفردات أو مجتمعات، هل يمكن أن نتصور صورة المسألة كيف ترضع الثلاث مجتمعات؟
المقدم: يوضع لبن مريم مثلاً في رضاعه ويرضع الثلاث.
الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، ألم نقل: ينشر الحرمة سواءً كان من الوجور أو السعوط؟ فتأتي الكبرى فتجمع اللبن في قدح فتعطيه الثلاث، أو تجعل ترضع واحدة بقدح وترضع اثنتين من صدرها؛ فحينئذٍ كلهن مجتمعات.
يقول المؤلف: (وإن كان دخل بالكبرى حرم الكل عليه)، أي: على الأب، ولماذا حرمت عليه هند، وسمية، وفاطمة؟
نقول: لأنهن صرن بنات لأمهن وقد دخل بأمهن، ولهذا قال تعالى: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23]، وهو الآن قد دخل بالكبرى، فحينئذٍ يحرمن عليه على الأبد.
معلوم أنه إذا طلق الرجل امرأته ولم يدخل بها فلها نصف المهر، والدليل هو: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ [البقرة:237]، وعلى هذا فنقول: لها نصف المهر.
لكن يقول المؤلف هنا: (لا مهر للكبرى)، فلماذا لا مهر للكبرى وقد ثبت في الشرع أن لها نصف المهر؟
نقول قاعدة فقهية وهو: أن كل من أفسد نكاح امرأة قبل الدخول فإن للزوج أن يرجع بالمهر عليه، أي: على من أفسد، والمرأة الكبرى هي التي أرضعت الأصاغر، وحينما أرضعت الأصاغر فسخ نكاح الكل إن كان بعد الدخول، وإن كان قبل الدخول فهي التي قد فسخت نكاحها وحينئذٍ لا مهر لها؛ لأنه بدلاً من أن يعطيها ثم يرجع به عليها صارت بمعنى المقاصة، فلا يعطيها شيئاً، فلا مهر لها.
قال: (وإن كان قد دخل بها)، الآن فرق المؤلف بين الدخول وعدمه، فإن كان قد دخل بها، وهو أن يكون قد تزوج مريم ودخل بها، ثم جاءت مريم هذه وأرضعت هنداً وسمية وفاطمة، يقول المؤلف: (وإن كان قد دخل بها فلها مهرها)؛ وذلك لأن المهر يستقر بالدخول، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( فلها المهر بما استحل من فرجها ).
وهنا سؤال: أليست هي التي قد تسببت في فسخ النكاح، فلماذا جعل لها المهر؟
نقول: لأن الله يقول: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ [النساء:21]، فهذا يدل على أن الإفضاء له مهر ثابت، ولو طلقها بعد الدخول لثبت مهرها وهي لم تغره من أول العقد، فحينئذٍ نقول: يثبت لها المهر؛ لأنه يجوز له أن يطلقها أو يفسخ النكاح فيثبت لها المهر لأجل الدخول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فلها المهر بما استحل من فرجها )، وهذا حديث عائشة الذي ذكرناه، ( أيما امرأة نكحت نفسها من غير ولي فنكاحها باطل باطل باطل، ولها المهر بما استحل من فرجها )، وقلنا هذا الحديث إسناده جيد وإن كان قد اختلف فيه على الزهري ، فـسليمان بن موسى حدث به عن الزهري فنسي الزهري .
يقول المؤلف: (وعليه نصف مهر الأصاغر)، الآن رجل تزوج بـمريم ودخل بها، ثم جاءت مريم فأرضعت زوجاته الأصاغر الثلاث: هنداً وسمية وفاطمة، يقول المؤلف: (عليه نصف مهر الأصاغر)، فلم صار عليه ذلك؟
الجواب: لأنه لم يدخل بالأصاغر، فيثبت عليه نصف المهر.
يقول المؤلف: (يرجع به على الكبرى)؛ لأن الكبرى قد تسببت في فسخ النكاح، وقد قلنا: كل من أفسخ نكاح امرأة على زوجها قبل الدخول فله أن يرجع به على من فسخ، فالكبرى قد أفسخت عقد الأصاغر، فله أن يرجع به على الكبرى.
هنا نكون قد شرحنا هذا الباب، ونمهل عقولكم حتى لا تكل، ونستمع إلى أسئلتكم وأسئلة المستمعين والمستمعات.
الشيخ: جميل لكن إن سمحت لي يا شيخ ياسر هنا مسألة أحب ذكرها لأنها سوف تطرح كثيراً!
أنا ذكرت أن الشروط ثلاثة، وقلت: إن الشرط الثاني أن يكون الرضاع في الحولين وذكرت الخلاف، وقلت: إن الأئمة رحمهم الله ذكروا أن العبرة بالحولين سواء كان الفطام قبل الحولين أو بعده، فلا عبرة بالفطام لقوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ [البقرة:233]، وذهب أبو العباس بن تيمية رحمه الله إلى أن العبرة بالفطام، وعليه فلو فطم الطفل بعد مضي سنة قبل إكمال الحولين فإن أبا العباس يرى أن الفطام بعده ليس ناشراً للحرمة، فعلق ذلك بالفطام، وبالغ رحمه الله وقال: حتى لو كان بعد الحولين، يعني: لو لم يفطم الطفل إلا بعد الحولين فإنه ينشر الحرمة.
هذا القول أنا أقول: إنه قوي، وله ما يعضده، وهو ما رواه الترمذي وقال: حسن صحيح من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت المنذر زوجة هشام بن عروة عن أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما يحرم من الرضاع ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام)، وهذا الحديث قال الترمذي فيه حسن صحيح، ولا أعلم له علة إلا ما يخشى من عدم سماع فاطمة بنت المنذر من أم سلمة ، وقد بحثت عن هذا الحديث فلم أجداً أحداً ضعفه بذلك، فإن وجد علة فالمثبت مقدم على النافي.
وأنا أقول إن هذا القول قوي وإن كان أكثر أهل العلم على أن العبرة بالحولين، قال ابن قدامة في المغني: قالوا: وأما حديث أم سلمة وهو قوله: (قبل الفطام)، فهذا معلق بمدته لا بنفسه، يقول: إن الغالب أن الفطام يكون في الحولين، (لا بنفسه) الذي هو نفس الفطام.
على هذا فلو ارتضع الطفل بعد سنة وقد فطم فعلى قول ابن تيمية لا ينشر الحرمة، وعلى قول الجهور ينشر الحرمة.
الشيخ: إذا كانت الخطبة صريحة فلا يجوز له أن يخطب على أختها قبل انتهاء عدتها؛ لأن العلاقة ما زالت باقية، فلا يجوز له أن يعقد عليها.
الشيخ: أعد السؤال.
المقدم: يقول: بالنسبة للرضاع المحرم على قول من قال إنه يجب أن يكون اللبن ثاب عن حمل، هل يجب أن تكون المرأة ولدت، أم يحرم أو يقع الرضاع إن أرضعته أثناء حملها، أو أسقطت جنينها، أو أرضعت طفلاً بلبنها؟ وجزاكم الله خيراً.
الشيخ: ذكرنا هذا وقلنا: الحنابلة يشترطون أن يكون هذا اللبن ثاب عن حمل، سواءً كان حملاً من سفاح أو من غير سفاح، يعني: من زنا أو من غير زنا.
وقلنا: إن مذهب الجمهور أن العبرة بوجود لبن في صدر المرأة سواء ثاب عن حمل أو عن غير حمل، وقلنا: إنه أحياناً توجد بعض الأدوية التي تفرز هرمونات في صدر المرأة يدر بها اللبن فإنه ينشر الحرمة على قول الأئمة الثلاثة: مالك و أبي حنيفة و الشافعي، وقلنا: هذا القول أظهر، والله تبارك وتعالى أعلم.
الشيخ: جميل، هنا أسلم وتحته أختان لم يعلم بالحكم، هذا يسمى قبل بلوغ الخطاب فيقال: اختر أيهما شئت؛ لأنه أسلم، فهو غير مكلف في السابق، أما هنا فهو مكلف فيجب عليه أن يفسخهما، وهذا الفرق بينهما، فالعبرة بالتكليف، الكافر غير مكلف من حيث التكليف الذي يفعل وإن كان مكلفاً من حيث العقاب.
نكمل يا شيخ! أسئلة الإنترنت، الأخت: أم صالح تقول: هل يشترط في الشهود أن لا يكونوا من درجة قرابة معينة للزوج أو الزوجة؟ بمعنى: هل يصح أن يشهد الأخ على نكاح أخته، وكذلك الجد والابن؟
الشيخ: سؤال جيد، نقول: الشاهدان لهما أن يشهدا إلا أن يكونا من الفروع أو من الأصول، فلو كانوا من الفروع كالأبناء وأبناء الأبناء أو أبناء البنات وإن نزلوا فلا يشهدون، وكذلك الآباء وإن علوا، وأما البقية فيشهدون، وهم الحواشي: الأعمام والأخوال وأبناء العم وأبناء الخال، وكذلك الإخوة.
أنا قلت: إنه لا ينبغي له ذلك، لكني أقول أيضاً: ينبغي أن نتأمل فيها، تؤجل إلى درس يوم غد إن شاء الله، ونذكر المسألة بأوسع من هذا.
المقدم: جيد، إذن: هي زوجة خامسة؟
الشيخ: لا، العبرة بالخطبة.
المقدم: بالخطبة على الأخت؟
الشيخ: بالخطبة نعم، هل له أن يخطب؟
الشيخ: نقول: إن الخاطب الثاني إذا كان قد خطب على خطبة أخيه ولم يعلم فإن جمهور الفقهاء قالوا: لأولياء البنت أو للبنت أن تختار أيهما شاءت، وإن كان يأثم إن كان يعلم؛ فالإثم شيء والمرأة تختار الأصلح لها، هذا هو قول جمهور أهل العلم.
وعلى هذا فقال جمهور أهل العلم: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه )، هذا حكم بين الخاطب وخاطبها الآخر، أما في أولياء البنت والبنت فلها أن تختار ما شاءت.
وذهب أبو العباس بن تيمية إلى أن الخاطب الآخر لا يجوز له أن يخطب، ويقال: لا تتزوجها، ويتزوج الآخر، فإن رضوا بعد ذلك فالحمد لله، وإن منعوا الزوج الأول فيفسخ ثم له أن يتزوج مرة أخرى.
وأقول: إن هذا فيه إطالة، وقول الجمهور أقرب، وهو: أن لها أن تختار الأصلح لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( دعوا الناس يرزق بعضهم بعضاً )، وهذا من الرزق.
الشيخ: لا مانع من هذا، هذا السؤال يقول: إذا تأخرت البنت مثلاً فجاء خاطب فخطب ابنة هذا الرجل، ففي نيته أنه لو جاء خير منه قبل الزوج الآخر، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، لكننا نقول: إنه لا يكلف الزوج المال ويربطه بارتباطات مالية ربما تثقل كاهل الزوج، فإن كان يريد فلا يطل أمد الخطبة بحيث يقول: نحن وافقنا ولكن ننتظر حتى يقطع به عنت البحث أو عنت الخاطب الآخر، نقول: هذا لا ينبغي له؛ لأن هذا يضر بالزوج، والأصل هو عدم الإضرار، فإن كان قد خطبها ثم جاء بوقت قريب فخطب آخر فله أن يتزوجها وأن يترك الخاطب الأول، لكن أن ينتظر ويقول للخاطب الأول: انتظر! حتى ربما يصل إلى ستة أشهر أو سنة، فهذا ضرر ولا يجوز، وإن كان يصح كعقد أن يأخذ بالخاطب الآخر.
الشيخ: ذكرنا هذا في دروس أخرى وقلنا: الراجح والله أعلم أن الرجل إذا طلق زوجته التي قد دخل بها فإن أم زوجته تبقى على محرميته.
الشيخ: أما المهر فإن أهل العلم أجمعوا على أنه لا يجوز أن يتزوج الرجل المرأة إلا بمهر، وهذا قول عامة أهل العلم وحكي إجماعاً، إلا رسولنا صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50]، فاستثنى الله سبحانه وتعالى نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك، وليس المراد بالهبة أن تقول المرأة: وهبتك نفسي، فلو جاءت امرأة إلى رجل وقالت: وهبتك نفسي فتزوجها فلابد من وجود مهر، أما نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه لا يلزم أن يدفع مهراً، هذا هو الراجح والله أعلم، وهذا هو قول الأئمة الأربعة.
نعم وجد خلاف في: هل يصح أن تقول المرأة لغير الرسول: وهبتك نفسي؟ جوز ذلك أبو حنيفة ومنع ذلك الجمهور، وأبو حنيفة حينما جوز قال: يصح ولكن بمهر، ومالك منع ذلك؛ لأن الله يقول: خَالِصَةً لَكَ [الأحزاب:50]، وأما الشافعي وأحمد فمنعا ذلك؛ لأنهما يريان أنه لابد من الصيغة، وهو أن نقول: زوجتك أو ملكتك، فيقول: قبلت.
الشيخ: المخالعة هي التي يسميها العلماء بائناً بينونة صغرى، وهل تستبرئ بحيضة واحدة كما هو رأي ابن عباس واختيار أبي العباس بن تيمية و ابن القيم ، أم تعتد بثلاثة قروء؟
الأقرب والله أعلم أن المخالعة تعتد بحيضة واحدة، وهل له أن يخطبها؟ ذكرنا هذا وقلنا: الراجح والله أعلم أن له أن يخطبها تعريضاً مادامت في استبراء الحيضة، فيقول: إني لمثلك راغب، فلا بأس بذلك، ولا يصرح.
الشيخ: الجواب على هذا: أنه أحياناً إذا بكى الطفل تلقمه المرضعة ثديها ليتلهى به، فإذا مص الثدي قامت المرأة فأبعدته حتى لا يرتضع؛ لأنه أحياناً يكون الزوج يرفض أن ترضع المرأة غير أبنائها، فهذا هو القصد من غير إرادته، فإن خلع فمه من ثدي المرأة من غير إرادته فلا يعتبر، فكذلك نقول هنا: لا يعتبر، فهذا هو المقصود.
الشيخ: سؤال جيد، أما المرأة فإن الرجل له قوامة، وهذه القوامة المقصود بها بقاء الأسرة التربوية، أو المؤسسة التربوية، ولا يمكن لمؤسسة أياً كانت هذه المؤسسة من نجاح إلا بوجود مدير ونائب مدير وأفراد.
والمراد بالقوامة هنا: هو أن يكون الرجل هو المدير، وإن كان نائب المدير قد أعطي صلاحيات ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والزوج راع في بيته ومسئول عن رعيته )، فإذا قال المدير لأفراده: لا تفعلوا كذا لبقاء المصلحة وثبوت كينونتها، فإنه لا ينبغي للأفراد أن يمتنعوا؛ لأن المرأة قد وجب عليها طاعة زوجها، وهي طاعة بالمعروف، والمقصود بالمعروف هنا أن لا تخالف نصاً شرعياً من كتاب أو سنة، وليس المراد أن توافق نصاً شرعياً؛ لأنه في الموافقة يجب طاعة كل من وافق أمر الله وأمر رسوله، من صغير أو كبير، من رئيس أو مرءوس.
الشيخ: نعم، سؤال الحلقة هو: أيهما المعتبر في الرضاع أهو الفطام أم الحولان؟ مع ذكر الدليل والمناقشة؟
المقدم: أحسن الله إليكم، إذاً هذا هو سؤال هذه الحلقة، ننتظر منكم الإجابة عبر البريد الإلكتروني الذي يرسل على موقع الأكاديمية عبر الشبكة العنكبوتية، لنستعرضه سوياً مع ضيفنا بإذن الله تعالى في حلقة الغد.
أحبتنا الكرام! إلى هنا نصل معكم إلى ختام هذا الدرس ضمن دروس الأكاديمية، كان معنا فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية، شكر الله له شرحه وبيانه.
وشكراً لكم أنتم على طيب متابعتكم، حتى يجمعنا لقاء قادم بكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر