الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المشاهدون الكرام! متابعي قناة المجد العلمية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس المبارك ضمن دروس الأكاديمية العلمية، والذي نلتقي من خلاله بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي ، وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية في شرح كتاب النكاح من عمدة الفقه لـابن قدامة المقدسي رحمه الله.
فباسمكم جميعاً أرحب بالشيخ عبد الله.
الشيخ: حياكم الله، وبالإخوة المستمعين والمستمعات والحاضرين.
المقدم: ترحيبنا موصول بكم، ونسعد كثيراً بتواصلكم عبر اتصالاتكم الهاتفية التي نستقبلها أثناء الدرس على أرقام الهواتف التي تظهر أمامكم، كذلك عبر استعراض رسائلكم عبر البريد الإلكتروني، ومشاركاتكم معنا في إجابة سؤال كل درس، أيضاً الترحيب موصول بالإخوة الحضور معنا، فأهلاً بالجميع!
شيخ عبد الله نستأذنكم في استعراض الإجابة لسؤال الحلقة الماضية.
الشيخ: تفضل.
المقدم: كان السؤال يقول: قال المؤلف: [ وإن جاءت من أجنبي فعلى الزوج نصف المهر يرجع به على من فرق بينهما ]، ما صورة المسألة مع الدليل والمثال؟
وقد وردت مجموعة كبيرة من الإجابات، نستعرض إجابة من إحدى المشاركات، الأخت: فداء جبابو من لبنان، تقول في إجابتها:
صورة المسألة أن يكون للرجل زوجتان، كبرى قد دخل بها، وصغرى، فأرضعت زوجته الكبرى الزوجة الصغرى، فإن نكاح الصغرى ينفسخ؛ لأنه صار أباً لها من الرضاع، وفي هذه الحالة تكون الفرقة من أجنبي وهو: الخارج عمن أبرم العقد، وعلى الزوج نصف مهر الصغرى؛ لقول الله تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة:237]، ويرجع به على الزوجة الكبرى؛ لأنها هي التي تسببت في فراقه للصغرى، تشبيهاً لها بالوكيل الذي أتلف السلعة قبل تسليمها، فإنه يرجع عليه بثمن السلعة التي أتلفها.
الشيخ: كلام جميل واف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهها في دينه، وأن يرزقها الفقه في الدين، فالإجابة وافية كافية، جزاها الله خيراً.
المقدم: ما شاء الله، والحمد لله! نستعرض أيضاً الإجابات التي وردت كمشاركة من الإخوة والأخوات:
نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية بعث أيضاً بإجابة في هذا المقام، الأخت: غزلان من المغرب ، الأخت: عزيزة باخلعة من السعودية، مريم كذلك من السعودية، نجلاء سلامة من مصر .
أيضاً من الإجابات التي وردت:
إجابة الأخت خديجة من المغرب، الأخت: خلود من السعودية، جميل أيضاً من العراق، غادة من الولايات المتحدة، سماء من مصر، صدوق هواري من الجزائر.
هذه هي أبرز الإجابات التي وردت كمشاركة في هذه الحلقة.
الشيخ: جميل، نلاحظ أن ثمة أسماء جديدة في المشاركة عبر البريد الإلكتروني، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم هذا العمل، وأن يرزقنا وإياهم الفقه في الدين.
ومن أراد العلم الحقيقي: علم الوحيين، فلابد من طول النفس، ولابد من الجلد، ولابد من الصبر، ولابد من جثي الركب، ولابد من المصابرة.
وأذكر أن أحد علماء التفسير كان مع أحد أقرانه عند شيخ يتعلمان العلم، إلا أن هذا الشخص انشغل بأمور الدنيا وذهب لطلب الرزق فألهته دنياه وأقبل على التجارة، أما هذا الشخص فأكب على العلم وأكب على الطلب واجتهد حتى شاخت لحيته في طلب العلم، فجمع بينهما اجتماع، فكان هذا العالم تهفو الناس إلى سماع صوته، وإلى سماع كلامه، وإلى سماع رأيه، وإلى سماع توجيهه، وبجانبه صديقه الذي كان هو وإياه يطلبان العلم عند الشيخ، إلا أن هذا أقبل على التجارة وترك العلم، وكان ينظر إلى العالم، إلى زميله وصديقه زمن الصبا، ينظر إليه بلهف وبشغف، فانتهى الدرس وانتهى الاجتماع فالتفت إلى صاحبه وقال: وددت أني أفنيت مالي كله وأخذت مثلما حصلت، فابتسم هذا العالم، فقال: والله إني لصادق، فقال: لا، غير أني تذكرت قول القائل:
أأبيت سهران الدجى وتبيته نوماً وتبغي بعد ذاك لحاقي
ومن أراد طلب العلم فليقدم عليه من الآن ولو كان مشغولاً، أما أن يقول: سوف أنتظر حتى أتخرج، سوف أنتظر حتى تنتهي الامتحانات، سوف أنتظر حتى تأتي العطلة، فأقول له:
إذا كان يلهيك حر المصيف ويبس الخريف وبرد الشتا
ويلهيك حسن زمان الربيع فأخذك للعلم قل لي متى؟
فلابد من الجلد والطلب حتى يحصل الإنسان ويشار إليه بإذن الله بالبنان إذا صلحت نيته، وتوجه بقلبه وقالبه إلى العلم، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين!
ربما كان مراد المؤلف من قوله: (إذا نقص المهر) في الحالات التي ذكرتموها، فإن للزوجة الخيار، تقول الأخت: إن ذلك في حالة أن يكون الزوج قد سمى لها مهراً معيناً، ولكنها لم تقبضه، ثم نقص وهو في حوزة الزوج، فيكون للزوجة الخيار بين أن تقبض نصف هذا المهر المعين بعد نقصه، أو تقبض قيمته وقت العقد، يعني: كأنها تشير أن المال يكون في حوزة زوجها، لم يسلم لها.
الشيخ: إذا عين الزوج للمرأة المهر فهو في يده أمانة، إن تلف فإنه يضمن بالقيمة، لكن إن نقص فإن لها -كما ذكرت الأخت- نصف القيمة يوم العقد، أو إن شاءت فلها ذلك، فأقول: نعم، إذا كان الأمر كذلك بحيث لم تقبض فلها ذلك، فالجواب صحيح، لكن المؤلف رحمه الله إنما ذكر ذلك وقت القبض، ولكن لو لم تقبض فأقول: يحصل فيه مثلما يحصل زيادة، فلو زادت في يد الزوج، فهل نقول: الزيادة تكون للزوجة؟ فنقول: الزيادة لا تكون للزوجة.
فعلى كلام المؤلف يختلف الحكم، ولهذا نقول: الأقرب والله أعلم على ما أراده المؤلف بعد القبض، أما لو لم يقبض فجواب الأخت سليم، لكن يعتريه ما يعتري مسألة الزيادة فيقال: لو لم تقبض هذا المهر المعين وزاد في يد الزوج، فالزيادة للزوج وليست للزوجة.
نقرأ في باب عشرة النساء.
قال المصنف رحمه الله: [ باب عشرة النساء:
وعلى كل واحد من الزوجين معاشرة صاحبه بالمعروف، وأداء حقه الواجب له إليه من غير مطل ولا إظهار الكراهية لبذله.
وحقه عليها تسليم نفسها إليه، وطاعته في الاستمتاع متى أراده ما لم يكن لها عذر.
وإن فعلت ذلك فلها عليه قدر كفايتها من النفقة والكسوة والمسكن بما جرت به عادة أمثالها، فإن منعها ذلك أو بعضه وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها وولدها بالمعروف.
لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـهند حين قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي؟ فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
وإن لم تقدر على الأخذ لعسرته أو منعها، فاختارت فراقه، فرق الحاكم بينهما، سواء كان الزوج كبيراً أو صغيراً، وإن كانت صغيرة لا يمكن الاستمتاع بها، أو لم تسلم إليه، أو لم تطعه فيما يجب له عليها، أو سافرت بغير إذنه، أو بإذنه في حاجتها، فلا نفقة لها عليه ].
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يقول المؤلف: (باب عشرة النساء)، بكسر العين، وهي: الاجتماع، يقال لكل جماعة: عشرة، والمعاشرة معناها: المخالطة، وعشرة النساء: ما يكون بين الزوجين من الألفة والوئام والاجتماع والمعاملة.
والأدلة في وجوب العشرة بين الزوجين بالمعروف كثيرة، منها:
في الكتاب قول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19].
ومن السنة ما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: ( اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان عندكم، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ).
وروى الترمذي من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع، ووعظ وذكر، وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال عليه الصلاة والسلام: ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغون عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً، وإن لنسائكم عليكم حقاً، فأما حقكم على نساؤكم أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وأن لا يأذن في بيوتكم من تكرهونه، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن).
وهذا الحديث في سنده سليمان بن عمرو بن الأحوص ، وهو لم يوثقه غير ابن حبان ، وقد قال فيه ابن القطان الفاسي : مجهول، وإن كان الحافظ الإمام محمد بن عيسى بن سورة المعروف بـالترمذي ، قال عن هذا الحديث: حسن صحيح، وهذه طريقة الأئمة أنهم أحياناً إذا كان الرجل من كبار التابعين، ويروي عن الصحابة، ولم يأت بما ينكر، فحديثه مقبول ولو كان مجهولاً، وهناك ثلاثة شروط في حق المجهول حتى يقبل:
أن يكون من كبار التابعين، وقد روى حديثاً لا ينكر، ولم تكن جهالته جهالة فاحشة (جهالة عين)، فإنه يقبله الأئمة كما ذكر ذلك الذهبي والحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي ، وللحديث شواهد يقوي بعضها بعضاً.
ومن الأدلة على وجوب العشرة بين الزوجين: ما رواه الترمذي من حديث محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم ).
وهذا الحديث حديث عظيم، يدل على أن الرجل إذا أراد أن يعرف خيريته، وأن يعرف خلقه وقربه من الله سبحانه وتعالى ومن دين الإسلام، فلينظر في عشرته وتعامله مع أهله، فإن كان غليظاً فليس بخياركم، كما قال صلى الله عليه وسلم كما عند أهل السنن: ( جاءني نساء يشكين أزواجهن، ما هم بخياركم، ما هم بخياركم، ما هم بخياركم ).
فالصبر مطلب، ويقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وقد جاءت أحاديث في أن صبر المرأة على زوجها يدخلها الجنة، وأن صبر الرجل على امرأته يدخله الجنة، وقد ذكروا أن عثمان أحد شيوخ البخاري كان قد خرج من المسجد، فجاءت امرأة محتشمة فقالت: يا شيخ! عثمان ! هلا تزوجتني، قال: فقلت: من أنت؟ قالت: أنا بنت فلان بن فلان، الرجل العابد الذي لا يغيب عن مسجده، فقال: أستخير حتى أنظر أمري، قال: فاستخار ثم استخار ثم استخار حتى شرح الله صدره، ثم خطبها، قال: فدخلت عليها فوجدتها دميمة الخلق -يعني: ليست بجميلة - وإذا هي عرجاء، قال: فصبرت عليها، وكنت إذا خرجت أطلب الحديث أمسكت بيدي وقالت: يا عثمان ! لا تتأخر، وكنت لا أريها عدم رضاي بها، فكنت أتجمل وأتصبر، وصبرت عليها حتى جاءني منها ولد، ثم ماتت بعد خمسة عشر عاماً ولم تر مني شيئاً، وإني لأرى أن من أعظم عمل عملته لله سبحانه وتعالى بعد الإيمان بالله والإيمان برسوله هو صبري عليها!
وهذا يدل على أن المعاشرة بين الزوجين مطلب شرعي، ودليل على الوفاء، وأن بقاء كينونية الأسرة والمعاشرة فيها من أهم الأشياء.
وإنك لتعجب حينما ترى خلق بعض الناس مع أصحابه وخلانه فيه السمو والرفعة والتقدير، لكنه ما أن يدخل على زوجه -كما قالت إحداهن في قصة أم زرع- قالت: ( زوجي إن دخل أسد، وإن أكل التف، ولا يدخل الكف ليعلم البث )، والحديث معروف في قصة في أم زرع .
يعني: من غير تأخير؛ لأن تأخير أحد الزوجين بتقديم الحق الذي عليه نوع من الظلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: ( مطل الغني ظلم )، وفي هذا دلالة على أن تأخير نفقة الزوجة ظلم، ولا يجوز له أن يتأخر حتى يذل زوجته بالطلب والإلحاح، وربما أعطاها وربما لم يعطها، وهذه صور نشاز، لكننا نذكرها لبيان حكمها.
أيضاً يقول: (أو إظهار الكراهية لبذله)، أحياناً الرجل يقول لامرأته: أحضري الطعام، فتحضره على غير رغبة، وربما طلبها للفراش فجاءت على غير رغبة، وظنت أن مجيئها ونومها معه كاف في ذلك، وهذا ليس بشيء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم يقول: (خياركم خياركم لأهله).
وقد قال ابن عباس كما روى البيهقي بسند جيد: (إني لأحب أن أتجمل لأهلي كما أحب أن يتجملوا لي)، فهذا يدل عليه قول الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، فالمرأة يحق لها أن تطالب زوجها في العشرة مثلما يريد الزوج من زوجته.
المقدم: يا شيخ عبد الله ، عفواً! في قضية إظهار الكراهية، يعني في قضية نفقة الزوج على زوجته، قد تبالغ المرأة مثلاً في الطلبات، فأحياناً يرد وأحياناً يعطي على مضض، أو يظهر الكراهية، فهل تدخل في هذا الباب، أن ذلك في أم النفقة الواجبة؟
الشيخ: نعم، سوف نذكر ما هي النفقة الواجبة وما هي النفقة المستحبة بعد ذلك، لكن نحن نتحدث هنا أن النفقة الواجبة يجب عليه أن يبذلها من غير مطل، ولا إظهار الكراهية.
وقول المؤلف: (وحقه عليها تسليم نفسها إليه)؛ لأنه بذل المهر، وإذا بذل الرجل المهر فإن حقه عليها أن تتقدم إليه كي يعاشرها بالمعروف الذي يعاشر الزوج فيه زوجته.
قولان عند أهل العلم، والأكثر، وهو اختيار أبي العباس بن تيمية : أن المرأة يجب عليها أن تخدم زوجها مثلما يُخدم الزوج في العادة، فتغسل ثيابه، وتطبخ غداءه وعشاءه، وتحسن أن تنظف نفسها، وأن تصلح بيت زوجها، وأن تحافظ على مال زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها)، وهذا يدل على أن المرأة بمجرد العقد مسئولة عن هذا البيت.
وأما قول بعض الفقهاء: إن المرأة لا يجب عليها أن تخدم زوجها إذا كان مثلها لا يخدم! فنقول: الأقرب والله أعلم أن المرأة مأمورة بذلك إلا إن تشترط خادماً حين إبرام العقد.
ومسألة الخادم المقصود بها هو: جنس الخادم، وقد كان في السابق هو العبد، أما الآن فإنه يجب إذا كان قد توفرت شروط مجيئه بالطريقة الشرعية، بأن يكون مسلماً أو تكون مسلمة محافظة وغير ذلك، وهذا له باب آخر.
يقول المؤلف: (مالم يكن لها عذر)، العذر كالمرض، فإن كانت مريضة فلها أن تتباطأ، أو أن تمتنع؛ لأن ذلك يضرها، أو كانت حائضاً أو نفساء، فإن لها أن تمتنع، ولكن امتناعها هنا عن الوطء، وأما عن غير ذلك فلا يجوز لها ذلك.
وقد سبق أن تحدثنا عن معنى القوامة، فالقوامة ليست سيفاً مصلتاً، أو عصاً مشهرة للمرأة متى ما امتنعت سلط الزوج عليها هذا السوط، ولكننا نقول: إنما هي مؤسسة تربوية أو اجتماعية يكون فيها المدير ونائب المدير، للمدير صلاحيات، وللنائب صلاحيات، وهذا مما يدل ويكفل بقاء الزوجية.
المؤلف يقول: (وإذا فعلت ذلك فلها عليه قدر كفايتها)، هنا دخل المؤلف رحمه الله فيما يجب للمرأة على الزوج.
الأول: ما يجب لكل واحد مع الآخر.
والثاني: حق الزوج.
والثالث: حق الزوجة.
والمؤلف ذكر حق أن الزوج: تسليم نفسها، وطاعته في الاستمتاع، وقلنا أيضاً: خدمته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئوله عن رعيته)، وحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها في قصة رعايتها لخيل الزبير بن العوام ، وكانت تحمل النوى على رأسها، وتصلح فرسه وتنظفه، وكل ذلك دليل على أن هذا هو عادة النساء كما أشار إلى ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله.
الآن المؤلف دخل في حق المرأة: المرأة حقها النفقة، والكسوة، والطعام، والمبيت، ولكن المؤلف ذكر المبيت في فصل آخر، فذكر النفقة والطعام والكسوة هنا.
الشرط الأول: أن تمكن المرأة من نفسها لزوجها، أو يكون مثلها يستمتع بها، فإن كانت صغيرة لا يستمتع بمثلها فلا تجب عليه نفقة، فلو تزوج الرجل البنت الصغيرة التي لا يوطأ مثلها، فإن الزوج لا يلزمه نفقة؛ لأن النفقة مشروطة بإمكانية استمتاع الزوج بزوجته، هذا الشرط الأول.
ونحن حينما نقول أيها الإخوة: إذا كانت صغيرة وغير ذلك، فلا ندخل في مسألة: هل المصلحة أن تتزوج المرأة وهي صغيرة قبل تسع أو غير ذلك؟ فهذا أمر خارج عن الباب، وإن كانت المصلحة تقتضي أن لا يُتعجل في زواج البنت الصغيرة قبل تسع سنين، أو قبل عشر، أو قبل البلوغ؛ لأن في ذلك -خاصة في هذا الزمان- ضرراً على البنت؛ لأن الرجل ربما يطلقها؛ لأنه لا يتم التعامل مع صغيرة لا تعرف مصلحة أمرها، ولا شأنها.
فهذا الشرط الأول: أن يكون مثلها يستمتع بها، فإن كانت صغيرة أو امتنعت، فلا يجب على الزوج النفقة؛ لأننا نقول: إن النفقة مشروطة بإمكانية الاستمتاع، فإذا لم يمكن الاستمتاع فلا نفقة.
الثاني: أن تكون مطاوعة غير ممتنعة، أحياناً تمكنه من نفسها وتأتي إلى بيته، لكنها تكون ناشزاً وغير مطاوعة، فلا يجب لها نفقة.
أما الكتاب فالآية المعروفة، وهي قول الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا [الطلاق:7]، هذا الدليل الأول من الكتاب.
أما من السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )، كما مر معنا في حديث جابر الذي رواه مسلم .
أما الدليل الآخر وهو الإجماع، فقد أجمع أهل العلم على وجوب نفقة الزوج على زوجته إذا أمكن الاستمتاع بها، وكانت مطاوعة غير ناشز.
المسألة الأولى: الفقهاء رحمهم الله ذكروا في النفقة المناط فيها، وهو قدر الكفاية؛ لأن الله سبحانه وتعالى علقها بالمعروف، والمعروف يختلف على حسب الزمان والمكان، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في قول الله تعالى: رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233]، قال: المعروف هو القدر الذي عرف بالعادة أنه الكفاية.
قلنا: إن الرجل ينفق على زوجته قدر الكفاية، والسؤال: هل النفقة للزوجة معتبرة بحال الزوجين؟ بأن إذا كانت موسرة وزوجها موسر ينفق عليها أعلى النفقة، وإذا كانت فقيرة وزوجها فقير ينفق عليها بمثلهما، وإذا كان معسراً وزوجته موسرة، فإنه الوسط فيه؟
هل العبرة بحال الزوجين كما هو مذهب الحنابلة، أم المعتبر حال الزوج نفسه كما هو مشهور من مذهب الشافعي ؟ أم المعتبر هو حال الزوجة كما هو مذهب جمهور الحنفية في المعتمد عندهم، والمالكية ورواية عند الإمام أحمد ، وقول عن الشافعي ؟
فهذه أقوال ثلاثة:
القول الأول: قالوا: إن المعتبر هو حال الزوجين، قال ابن قدامة : وبه جمع بين الأدلة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لـهند بنت عتبة : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )، وقال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7]، فالجمع بين الدليلين مطلب، فينظر إلى كفاية المرأة بما لا يضر بالزوج؛ لأن الضرر لا يزال بمثله، فضرر المرأة في عدم إنفاقه مثل ذلك، لا يقال: إن فيه ضرراً على الزوج، هكذا قال الحنابلة، أن المعتبر هو حال الزوجين.
ويقدر ذلك الحاكم، وذلك إذا تنازعا، فيقدر ذلك الحاكم باعتبارهما جميعاً.
القول الثاني: هو مذهب الشافعي ، قال: المعتبر هو حال الزوج لا حال المرأة، فإذا كان الزوج موسراً فإنه ينفق على المرأة باليسر، ولا ينظر إلى حال الزوجة، لقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، هذا القول الثاني.
ويشكل على هذا حديث هند ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ).
وأما قول بعض الشافعية إن الرسول صلى الله عليه وسلم علم من حال أبي سفيان أنه موسر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ، فهذا محل نظر؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لقال لها: خذي وولدك، ما كان مثل حال أبي سفيان ، ولم يقل عليه الصلاة والسلام ذلك، بل قدر ذلك بكفايتها.
القول الثالث: قالوا: إن المعتبر هو حال الزوجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لـهند كما في الصحيحين: ( خذي وولدك ما يكفيك بالمعروف )، فعلق ذلك بكفاية الزوجة، ولكننا نقول: يشكل عليه قول الله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7].
وأرى والله أعلم: أنه ينظر في حالهما جميعاً، لا يضر بالزوج، ولا تتضرر الزوجة.
والمؤلف رحمه الله يقول: (قدر كفايتها من النفقة والكسوة)، فالكسوة واجبة؛ لقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7]، فالكسوة تدخل في النفقة، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )، والرزق هو: إطعامها.
فيجب على الزوج أن يطعمها مثلما يطعم، ولا يبخل في ذلك، وهذا دليل على سمو ورفعة ديننا الإسلامي في الوقت الذي ينادي فيه المنادون بالنظر والالتفات ذات اليمين أو ذات الشمال إلى المشرق والمغرب، ماذا قدم الرجل للمرأة في الغرب؟ فإن المرأة تنفق على نفسها، ولا يتصور عندهم أن الرجل يجب عليه أن ينفق، فلو كانت المرأة أغنى أغنياء العالم، وزوجها أفقر فقراء العالم، فإنه ينفق عليها، بل لو أنها أنفقت عليه من مالها جاز لها أن ترجع إليه بالدين، فهذا يدل على أن حقها عند الزوجة على زوجها في الإسلام أعظم من حق الغرب الذين ينادون بدعوى حرية أو حق المرأة.
ونحن حينما نتحدث عن هذا إنما نتحدث عن حق المرأة في الإسلام.
نعم ثمة نقص واضح وحق مسلوب للمرأة، أو لبعض النساء في عدم إنصافهن في بعض البيوتات، وهذا ينبغي أن ينظر، وحينما نطالب بوجوب حق المرأة لا نتحدث عن حق المرأة في الإسلام، فهذا أمر مسلم عندنا، ولكننا نقول: حق المرأة المسلوب في بعض البيوتات التي لا تستطيع أن تأخذ حقها، أو لبعض الطبيعة التي تستحي منها النساء، فتترك ذلك كله، فهذا ينبغي أن يبين وينبه عليه.
الشيخ: تفضل.
المقدم: معنا اتصال من الأخ: أبي عبد الرحمن من ربوعة، تفضل أخ أبو عبد الرحمن .
مداخلة: ما هي الأقوال في نفقة الزوجة العاملة؟ حيث إن عمل الزوجة يكلف الزوج، وقد يسقط أهم حقوق الزوج من تربية الأبناء وخدمة الزوج وسعة البال وإكرام الضيوف، وفوق ذلك يقول بعض المحققين: إنه لا حق للزوج في مال الزوجة، وله أن يجبرها على القرار في البيت، وكل هذه الأقوال أرى أن فيها إجحافاً على الزوج، وقد يؤدي إلى نزاع بين الزوج وزوجته العاملة! جزاكم الله خيراً.
المقدم: بارك الله فيك، شكراً للأخ: أبي عبد الرحمن من الربوعة، نجيب على السؤال.
الشيخ: قلنا: إن المرأة يجب عليها أن تبقى في بيت زوجها إذا لم يكن ثمة شرط بين الزوجين، أما أن تطالب بالعمل من غير رضا الزوج، فله أن يمنعها، وحينما نتحدث نتحدث هنا عن الحق والواجب، أما الأصل فإن العشرة بالمعروف مطلب، بأن يتغاضى كل واحد من الزوجين مع الآخر.
أما لو اشترطت المرأة بأن تعمل حين إبرام العقد، فيجب على الزوج أن يوفي بهذا الشرط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عقبة : ( إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج )، هذا واحد.
الأمر الثاني: أن المرأة إذا عملت وخرجت من بيتها، فلا شك أنها سوف تقلل من حق الزوج، فإن تسامح الزوج بذلك فالحمد لله، وإلا فإنه ينظر في التعامل الأخوي، وينبغي للمرأة أن تبذل بعض مالها للزوج، وينبغي للزوج أن لا يكون شحيحاً أو ملتهياً عن زوجته، بل يعاشرها بالمعروف.
وقد وجد بعض الفقهاء من يقول: إن المرأة إذا خرجت من بيت زوجها وعملت، فإن للبيت عليها حقاً بأن تنفق على البيت لأجل خروجها، وهذا ليس بشيء كما مر معنا، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في أحد دوراته المنبثقة من منظمة المؤتمر الإسلامي، بأن النفقة واجبة على الزوج دون المرأة، ولو خرجت بإذن زوجها فلا يجب على الزوجة أن تنفق من مال نفسها، إلا أن تخرجه بطيب نفس منها.
ولا شك أن خروج المرأة من بيت زوجها سوف يقلل من حق الزوج عليها، بأن يحرم الزوج أحياناً من استعداد المرأة في أي وقت، وأيضاً خدمة الزوج، ربما تكون في المساء فلا تستطيع لأنها في عمل، وربما يكون في الصباح عمل وهو لا يستطيع أن يرجع، وربما رجع فلم يجد المرأة وينتظرها، وربما كان في البيت خادم، ولا يستطيع أن يدخل البيت لأجل خشية الخلوة، فيحصل من ذلك قصور.
فينبغي أن يتواءم الزوجان، وأن يتعاملا باللين والملاطفة والعشرة بالمعروف، ولا تكون المسألة مقصورة على الحق الذي لي، وما الحق الذي لك.
لأنني أرى -والله أعلم- أن المسألة إذا وصلت في تعامل الزوجين إلى المشاحة، فإن روح الوئام وجدار الألفة بينهما ربما تصدع قليلاً، فلابد من ردمه بالملاطفة وبذل المال وبذل الندى.
المقدم: جيد، إذاً لا يسقط حقها في النفقة ولا في الكسوة إذا خرجت؟
الشيخ: إذا خرجت للسفر سوف يأتي إلينا.
المقدم: لا، بل للعمل؟
الشيخ: إن أذن بذلك فلا حرج، وإن لم يأذن فإنها لها أن تبذل جزءاً من مالها إذا رضي بذلك فالحمد لله، وإن منعها من غير وجود شرط في العقد فله ذلك، والله أعلم.
ونحن نقول: إن كان الزوج والزوجة موسرين فإنه ينفق عليها مثلما ينفق على امرأة موسرة، وليس كما قال الفقهاء: الكسوة في السنة مرة، لأن تعاملنا الآن يختلف، فيطالب الزوج أحياناً أن تذهب المرأة إلى أهله، وأن تحضر المناسبات، والعادة أن المناسبة لابد فيها من لباس جديد أو لباس جميل يظهر المرأة بالطريقة الجيدة، وإذا كان الرجل يقول: لا بأس به، فنقول: لا؛ لأن هذا يخالف العرف القائم بين الناس، إلا أنه لا ينبغي التكلف في هذا الباب، فخمسمائة أو ألف أو زد عليه قليلاً، ربما يكون كافياً في كسوة المرأة في الأعراس والمناسبات.
المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ثم قال المؤلف: (فإن منعها).
الشيخ: حسناً! المؤلف هنا حينما ذكر النفقة وذكر الكسوة وذكر الإطعام، دخل في منع الزوج الحق الذي عليه، قال: (فإن منعها ذلك أو بعضه)، يعني: منعها النفقة ومنعها الطعام ومنعها الكسوة، أو منعها النفقة دون الطعام، أو منعها الطعام دون الكسوة أو غير ذلك.
يقول المؤلف: (وقدرت له على مال، أخذت منه قدر كفايتها وولدها بالمعروف)، هذه المسألة تسمى مسألة: استيفاء الحق بغير دعوى، أو مسألة الظفر، بأن تظفر المرأة من مال زوجها بالحق الذي لها، فلها أن تأخذ من غير إذن؛ لأنه حقها.
الشيخ: نعم صحيح، يقول: (والمسكن بما جرت به عادة أمثالها)، فيجب على الزوج أن يسكن زوجته على اعتبار حاليهما جميعاً، وهنا فإن كان الزوج له زوجتان كما سوف يأتي تفصيل ذلك، فيجب عليه أن لا يجمعهما إلا برضاهما، فإن كان بيته كبيراً، فقال: بيتي واسع فابقيا في هذا البيت، فلا يجوز له أن يلزمهما بذلك؛ لأن للمرأة غيرة ربما لا تستطيع البقاء ولا الصبر حينما ترى ضرتها، أو ترى تعامل الرجل مع ضرتها، وربما يكون تعامله معها أكثر، إلا أن المرأة ربما تريد أن تستأسد بصحبة زوجها كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لتكفأ به صحفة ضرتها ).
حينئذٍ نقول: لا يجوز للزوج أن يبقي زوجتيه في بيت واحد إلا إذا كان لها مكان خاص بها، وللزوج مكان خاص به، ( فإن رضيا)، يعني: رضي الزوجتان، فهذا حقهما قد أسقطتاه، والله أعلم.
المقدم: ويدخل في المسكن اعتبار ما يناسب حاليهما؟
الشيخ: بما يناسب حاليهما، ويجب العدل، وهذا سوف يأتي إن شاء الله.
الشيخ: يقول المؤلف: (أخذت منه قدر كفايتها وولدها بالمعروف)، هنا تأخذ قدر الكفاية، لماذا؟
لقوله صلى الله عليه وسلم: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف )، المعروف قيد الكفاية، لو كان كفايتها ثلاثمائة ريال مثلاً تستطيع به أن تأكل وأن تلبس اللباس العادي، أو أن تنفق على نفسها، ومثلها ينفق أكثر، فالكفاية هنا مقدرة بالمعروف، فإن كانت النساء أو بعض النساء ممن دونها يكتفين بخمسمائة، وهي وأمثالها لا يكتفين إلا بألف فإنها تأخذ ألفاً، وإن كانت فقيرة وزوجها فقير، ومثلها يكتفي بثلاثمائة، فإنها تأخذ ثلاثمائة، ولا تقول: جارتنا تأخذ ألف ريال؛ لأن العلاقة بينهما مختلفة، لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، قال صلى الله عليه وسلم لـهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ).
والنفقة تجب لأجل ثلاث:
إما لأجل النكاح.
وإما لأجل القربى.
وإما لأجل الملك.
فلأجل النكاح، مثاله: زوج على زوجته.
ويجب لأجل القربى، مثل: نفقة الولد، ونفقة الوالد والوالدة، فيجب على الإنسان أن ينفق على ولده، ذكراً كان أم أنثى، ويجب عليه أن ينفق أيضاً على والديه إذا كانا فقيرين.
المؤلف يقول: (وإن لم تقدر)، الآن ذكرنا هذه المسألة في أن لها الحق في الكفاية بالمعروف، وهو: القدر الذي عرف بالعادة أنه يكفيها.
(وإن لم تقدر على الأخذ لعسرته)، يعني: صار الرجل معسراً، فهي تريد أن تأخذ لكن ليس عنده شيء، أو حبس المال فلا تستطيع أن تأخذ ذلك، (أو منعها)، فلها أن تطلب الفراق، والفرقة هنا فسخ؛ لأن الرجل منعها من حقها، فلها أن تطلب الفسخ.
فلو امتنع من الطلاق، فهل يطلقها الحاكم؟
الجواب: الحاكم لا يطلقها، بل يفسخ هذا العقد.
والفرق بين الأمرين واضح، فإن الحاكم لو طلقها لكان لها عدة المطلقة على الخلاف، ولو راجعها زوجها بعد ذلك بقي له عليها طلقتان، أما لو فسخ الحاكم هذا العقد فلها أن ترجع إليه مرة ثم مرة ثم مرة، ثم أربعاً ثم عشراً بما شاءت؛ لأنه فسخ وليس طلاقاً.
وعلى الخلاف: هل الفسخ يوجب أن تعتد بحيضة كما هو قول ابن عباس وهو اختيار أبي العباس بن تيمية ، أم تعتد بثلاث حيض كما هو مذهب الحنابلة؟
المقدم: جميل ، إذاً لعل الحديث إن شاء الله تعالى يكون بشكل أوسع في اللقاء القادم بإذن الله تعالى؛ نظراً لانتهاء وقت هذه الحلقة.
الشيخ: سؤال هذه الحلقة: اذكر شروط نفقة الزوج على زوجته؟ وما حكمها مع الدليل؟
المقدم: إذاً المطلوب هو: شروط نفقة الزوج على زوجته، والسؤال عن حكمها والدليل؟
الشيخ: نعم.
المقدم: أحبتنا الكرام إلى هنا نصل معكم إلى ختام هذا الدرس المبارك ضمن دروس الأكاديمية، كان معنا من خلاله صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي ، وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية، والشيخ عبد الله يسعد بتواصله معكم عبر البريد الإلكتروني الخاص به، أو عبر البريد الذي ترونه أيضاً مخصصاً في الأكاديمية لتلقي إجاباتكم، وأسئلتكم أيضاً واستفساراتكم.
أحبتنا الكرام! إلى هنا ينتهي درسنا في هذا اليوم في شرح كتاب النكاح من عمدة الفقه لـابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى.
حتى نلتقيكم في لقاء قادم ودرس قادم بإذن الله تعالى، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر