إسلام ويب

القواعد لابن اللحام [10]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عند اشتراك عدة أفراد في النهي فإن النهي يلزمهم جميعاً ولا يسمى تخييراً، أما عند الاشتراك في الأمر فإنه يصح فيه التخيير؛ لأن الإيجاب في المشترك يحصل بتحصيل واحد من الأفراد للإيجاب. ووقت الواجب يكون إما بقدر فعله ويسمى مضيقاً أو يكون أكثر منه ويسمى موسعاً، ويستقر الوجوب في الوقت الموسّع بمجرد دخول الوقت دون اشتراط إمكانية الأداء.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    وصلنا إلى القاعدة الثانية عشرة ونبدأ فيها بإذن الله.

    الملقي: يقول أبو الحسن بن اللحام رحمه الله تعالى في كتابه القواعد: [القاعدة الثانية عشره:

    يجوز تحريم واحد لا بعينه كقوله: لا تكلم زيداً أو بكراً فهو منع من أحدهما لا بعينه عند أصحابنا والشافعية، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ، قاله أبو البركات والقاضي. والكلام فيه كالكلام في الواجب المخير قاله الآمدي وتبعه ابن الحاجب ، وخالف في ذلك القرافي وقال: يصح التخيير في المأمور به، ولا يصح في المنهي عنه؛ لأن القاعدة تقتضي أن النهي متى تعلق بمشترك حرمت أفراده كلها؛ لأنه لو دخل فرد إلى الوجود لدخل في ضمنه المشترك فيلزم المحظور، ولا يلزم من إيجاب المشترك إيجاب كل فرد بسبب أن المطلوب هو تحصيل تلك الماهية المشتركة، وإذا حصل فرد منها حصلت في ضمنه واستغنى عن غيره ].

    الشيخ: هذه القاعدة ابتداء نحن نقول عنها: ليست في موضوع أصول الفقه؛ لأن موضوع أصول الفقه هو الكتاب والسنة ودلالتهما، وما يتفرع عنهما من الأدلة المختلف فيها أو الأدلة المجمع عليها، وعلى هذا فلو قال السيد لعبده، أو كلمة نحوها ليست داخلة في أصول الفقه.

    والأقرب والله أعلم كما قال الإمام المازري أن النهي عن أحد الأمرين أو النهي عن أحد الأمور لم ترد به اللغة، وعلى هذا فكلام الإمام القرافي أيضاً وجيه جداً وأن الشارع إذا أمر بأمر فإنما يأمرنا أن نأتي منه ما استطعنا، فيجوز أن نأتي ببعض أفراد العام كذلك؟ فإذا قال الله: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43]، فإن الواجب في حق ذلك أن نفعل أقل ما يطلق عليه إقامة، فيستحب لنا أن نفعل الإقامة الكاملة، أما إذا نهى ربنا أن نفعل شيئاً فيجب علينا أن ننتهي عنه بالكلية، فننتهي عن كل فرد من أفراد العام، وعلى هذا فكلام الإمام القرافي حينما قال: (يصح التخيير في المأمور به) كما قال تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]، يصح التخيير به، ولا يصح في المنهي عنه فيقال: لا تفعل كذا أو كذا أو كذا، على سبيل التخيير إلا إذا قصد بأو الواو، فحينئذ دخل في المقصود، وعلى هذا فالقاعدة تقتضي أن النهي متى تعلق بمشترك حرمت أفراده كلها والله أعلم.

    وعلى هذا فالأمثلة سوف نذكر بعضها وإن كانت غير داخلة في أصول الفقه كما قلنا، لكن نبين أن دخولها وترجيحنا لأحد القولين لا لهذه القاعدة، ولكن لأمر خارج، مثال ذلك إذا تقرر هذا فمن فروع القاعدة.

    الملقي: قال: [إذا تقرر هذا فمن فروع القاعدة: أولاً: إذا كان له أمتان وهما أختان فهل يجوز له الجمع بينهما في الوطء مع الكراهة أم يحرم؟

    في المسألة طريقان، أحدهما: يحرم جزماً وهذا طريق القاضي في العدة و أبي العباس.

    والطريق الثاني: في المسألة روايتان والمذهب التحريم، وهذا طريق أبي الخطاب و أبي محمد وصاحب الترغيب وغيرهم].

    الشيخ: إذا كان للإنسان أمتان وهما أختان، فمن المعلوم أنه لا يجوز أن يجمع بين المرأة وأختها، فإذا وطئ إحداهما لم يجز له أن يطأ الأخرى؛ لأن القاعدة في هذا النهي أن يجمع بين فرجين قريبين، يحرم أن يكون أحدهما ذكراً والآخر أنثى بحيث يجمع بينهما، أي يتزوجهما، فالنهي ليس لأجل هذه القاعدة، ولكن لأجل أمر آخر.

    الملقي: قال: [فإذا قلنا بالتحريم فله وطء أيتهما شاء على الصحيح من المذهب، ومنع منه أبو الخطاب حتى يحرم الأخرى بما يأتي ذكره، فإذا وطئ إحداهما لم تبح له الأخرى حتى يحرم غير الموطوءة على نفسه بتزويجها أو إزالة ملكه عنها].

    الشيخ: يعني إذا كان له أمتان أختان إحداهما مريم والأخرى هند فوطئ هنداً فلا يجوز له بعد ذلك أن يطأ مريم إلا أن يخرج هنداً -الموطوءة الأولى- من ملكه، وأما أن يحرمها مدة ثم يطأ الأخرى فلا يجوز له ذلك، هذا هو الصحيح.

    الملقي: [ قال ابن عقيل : ولا يكفي في إباحة الثانية مجرد إزالته حتى تمضي حيضة الاستبراء وتنقضي ].

    الشيخ: هذا الصحيح، وهذا معروف في مسألة الاستبراء.

    الملقي: [ فتكون الحيضة كالعدة، وتبعه على ذلك صاحب الترغيب والمحرر، قال أبو العباس : ليس هذا القيد في كلام أحمد وعامة الأصحاب ].

    الشيخ: لكنه وإن كان هذا القيد غير موجود إلا أنه هو المراد؛ وذلك لأن الرجل لو تزوج المرأة زواجاً ثم طلقها لم يجز له أن يتزوج أختها حتى تمضي عليها العدة على الخلاف.

    الملقي: قال: [ وهل يكفي تحريمها بالكتابة والرهن والبيع بشرط الخيار؟ على وجهين، ولو زال ملكه عن بعضها قال أبو العباس: كفاه، وهو قياس قول أصحابنا. وإذا حرمت الموطوءة ثم رجعت إليه بعد أن وطئ الباقية أقام على وطئها واجتنب الراجعة في عند أبي البركات ؛ بناء على انقطاع الفراش بالإخراج، والمنصوص عن الإمام أحمد أنه يجتنبها حتى يحرم إحداهما، ولو رجعت قبل وطء الباقية وطئ أيتهما شاء عند أبي البركات ؛ بناء على انقطاع الفراش، وظاهر كلام الخرقي تحريمها حتى يحرم إحداهما].

    الشيخ: هذه الأمثلة غير داخلة أصلاً في مراد قاعدتنا التي مشينا عليها، هو يقصد بذلك أنه إذا زال ملك إحداهما بعضه مثل أن يقول للمرأة: أنت كاتبيني أن تعتقي نفسك، الآن بعض الشيء زال فهل يجوز؟ كما قال: (وهل يكفي تحريمها بالكتابة والرهن)؟

    يقول: على وجهين وإنما قال: على وجهين؛ لأن الكتابة مختلف فيها، هل هي إخراج؟ فمن قال فإن الكتابة نوع إخراج بدليل أن المرأة تملك نفسها ما لم تأسر على الكتابة، قال هي نوع من الإخراج، ومن قال: إن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم قال: ليست بإخراج.

    وعلى كل حال فإن القاعدة في هذا أن الرجل لا يجوز له أن يطأ أختين بنكاح أو بملك يمين ما لم يخرج الموطوءة الأولى من ملكه.

    هذه الأمثلة ليست داخلة في هذه القاعدة، ولكن ذكرها المؤلف لأجل أمر آخر وهو للنص الشرعي فيها.

    مداخلة: ...

    الشيخ: مثال ...

    مداخلة: ...

    الشيخ: هنا التحريم ليس لأجل التخيير، ما يقال: حرام عليك هند، فلو افترضنا أن رجلاً يريد أن يتزوج هنداً وأختها مريم، فنقول: ابتداء هل تحرم عليه هند أو مريم؟ نقول: هو إذا تزوج هنداً حرمت عليه مريم، لكن قبل ذلك لم تحرم عليه.

    مداخلة: ...

    الشيخ: منعناه لأجل الجمع وليس لأجل التخيير، فرق تأملها جيداً، هل نقول لك: حرام عليك هند؟ أم نقول: حرام عليك هند أو مريم؟ أم نقول: حرام عليك الجمع بينهما؟

    مداخلة: ...

    الشيخ: لا، مثال قوله تعالى: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]، طبقها على هذا، هل نقول: يجب عليك أن تفعل الثلاث؟ يجب عليك أن تجمع بينهما، هنا قلنا: يحرم عليك أن تجمع بينهما، ولا يحرم عليك أن تطأ واحدة منهما، لكن ليس حراماً عليك وطء هند أو مريم، يعني: ليس حراماً عليك أن تطأ إحداهما.

    مداخلة: ...

    الشيخ: لا نقول: لا يباح لك إلا واحدة، أو نقول: ولا يباح لك الجمع وليس إلا واحدة، وهناك فرق بين العبارتين، فإذا قلت: لا يباح لك إلا واحدة كأنني أقول: لو ماتت زوجتك الأولى لا يباح لك الثانية، وهذا ليس هو المراد.

    مداخلة: ...

    الشيخ: إذا أسلم لا ما يدخل نفس القاعدة أيضاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088562286

    عدد مرات الحفظ

    777344889