الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل، وبعد:
وصلنا إلى القاعدة السادسة عشرة.
الملقي: قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة السادسة عشرة: إذا ظن المكلف أنه لا يعيش إلى آخر وقت العبادة الموسعة تضيقت العبادة عليه، ولا يجوز تأخيرها عن الوقت الذي غلب على ظنه أنه لا يبقى بعده؛ لأن الظن مناط التعبد. وقد استفدنا من هذا التعليل أن ذكر الوقت وقع على سبيل المثال، وأن الضابط في ذلك هو ظن الإخراج عن وقته بأي سبب كان].
الشيخ: هذا قول أكثر علماء الأصول؛ بل نقل بعضهم الاتفاق على هذا الأمر؛ وهو أنه لو حكم عليه بالقصاص وأنه سوف يقتل قبيل خروج وقت الظهر -مثلاً- فأخر الصلاة فإنه يأثم؛ لأنه ظان أنه لن يتمكن من أداء العبادة في آخر الوقت، وهذا واضح، والله أعلم.
ثم فرق كبير بين أن يغلب على ظنه أنه لن يتمكن بسبب وجود مانع قوي، وبين أن يكون ذلك ظناً ليس بغالب، فإذا كان ظناً ليس بغالب فإنه قد يكون وجد مانع شرعي، كالمرأة الحائض إذا كان يغلب على ظنها، مثلاً جاءها آلام في رحمها، فأخرت الصلاة فهي غير آثمة لو وجد المانع، شريطة ألا تؤخرها إلى أن يضيق الوقت، فالمرأة تعرف من نفسها أنها سوف تحيض؛ لأن أوجاع الطمث تعرف، فلو وجد المانع هل تأثم؟ الذي يظهر أن هذه غير مسألة القاعدة؛ لأن القاعدة هي عدم أداء العبادة في وقتها، وأما هذه المسألة فيدخل في مسألة القضاء من عدمه.
الشيخ: فأما المستحاضة فإن الأصل أنه يجوز لها أن تصلي، وقد سئل ابن عباس عن الاستحاضة أيأتيها زوجها، قال: أي شيء بعد الصلاة؟ يعني أنها إذا صلت تكون طاهرة، وهذا لا يصح أن يقاس عليه؛ لأن المستحاضة إنما يتضيق عليها؛ لأن هذه قاعدة عند الحنابلة، وهم يقولون: أيهما أفضل الصلاة أول الوقت مع وجود إشكال شرعي في الطهارة، أم في آخر الوقت بلا إشكال؟ مثل المستحاضة إذا كان يغلب على ظنها انقطاع الدم في آخر الوقت، هل الأفضل أن تؤخر أم تصلي على حالها؟ لأن الدم حدث.
ومن ذلك هل يصلي أول الوقت بالتيمم أم يؤخر إذا كان يغلب على ظنه وجود الماء في أخر الوقت؟ فالجمهور يرون أنه يؤخر -على الخلاف- فهذه غير مسألة وجود مانع شرعي مثل الحيض، فإن الفرض يتضيق عليها، والذي يظهر والله أعلم أنها إذا كانت سوف يأتيها المانع في وقت متسع فإنها لا تأثم؛ لأن وجود المانع من باب خطاب الوضع، وعلى هذا فخطاب الوضع لا يتعلق بفعل المكلف، فكيف يأثم؟! والله أعلم.
الملقي: [ثم وجدت غير واحد من الأصحاب صرح بجواز تأخير الصلاة في الوقت الموسع ما لم يظن مانعاً من الفعل، كموت وقتل وحيض ونحوه، وكذا من يقدر على شرطها في أول الوقت دون آخره، ليس له تأخيرها عند وجود الشرط. ونقل بعض أصحابنا الإجماع على إثم من أخر الواجب الموسع، مع ظن مانع موت أو غيره، ونقل بعضهم يأثم مع عدم ظن البقاء إجماعاً].
الشيخ: هذا معروف كما مر معنا.
الشيخ: يقول: لو ظن أنه سوف يوجد مانع في آخر الوقت فترك عامداً على الترك ثم زال المانع، فأراد أن يقضي العبادة في وقتها المعتاد، فقال القاضي الحسين ، قال بعض الفقهاء: يكون قضاء؛ لأنه مبني على غلبة الظن، كيف يكون قضاء وهم أجمعوا على أنه لو صلى ظاناً أنها قضاء فبان أولاً أنها من الوقت، فإنها تكون أداء لا قضاء، فكيف يقال هنا؟ هذا غريب في الحقيقة.
الشيخ: إذا باع مال أبيه يظن أنه ما زال والده في قيد الحياة فبان خلاف ذلك، فهو يأثم على النية، ولكن الفعل صحيح إذا كان ليس له وارث غيره، وأما إذا كان له وارث غيره، فإنه ما زال تصرفاً فضولياً، هذا الذي يظهر.
وما معنى مدركهما؟ المدرك هو العلة، ويقال بدل مدرك: المناط.
الشيخ: صورة المسألة: إذا فعل المكلف العبادة بعد الوقت في ظنه، مثل: قام من النوم ظاناً أن الفجر قد طلع، فكان يصليه على أنه قضاء فبان أداء، ما زال الوقت قائماً، فذكر أبو بكر و الحسين أنه يكون ما فعله قضاءً بناءً على اعتقاده لا على نفس الأمر.
وذهب الأصحاب إلى أنه أداء وهذا هو الراجح، والله أعلم؛ لأن العبرة هي في الوقت لا في اعتقاد المكلف؛ ذلك أن دخول الوقت من عدمه إنما هو من باب خطاب الوضع وليس من باب خطاب التكليف؛ لأن خطاب الوضع ليس للمكلف فيه شأن في إدخاله وخروجه.
وقد ذكرنا أن من صلى العبادة على أنها مقضية فبانت أداء تكون صلاته صحيحة وتكون أداءً، كما ذكرنا في شرحنا للروض المربع عند شرحنا لباب النية، والله أعلم.
ومنها: إذا طلق امرأة يظنها أجنبية فبانت زوجته هل تطلق أم لا؟ في المسألة روايتان].
الشيخ: إذا طلق امرأة يظنها أنها أجنبية، مثل أن يقول: هذه المرأة طالق، ويشير إلى امرأة يظن أنها أجنبية فإذا هي زوجته، هل تقع أم لا؟ الراجح والله أعلم أنها تقع؛ لأننا على مذهب الجمهور الذين يوقعون الطلاق ولو لم ينوه، ( ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد ) والحديث فيه ضعف، لكن عليه العمل عند أكثر أهل العلم خلافاً للمالكية.
الشيخ: هنا تختلف المسألة؛ لأنه إذا قال: تنحي يا حرة! فهو لم يقصد وقوع الحكم, ولكنه أراد بيان الوصف، فالحكم يختلف فيما لو أراد الحكم وفيما لو أراد الوصف، فلو أراد الحكم فإنه يقع، مثل لو قال لهذه المرأة: هذه المرأة طالق، فبانت زوجته وقع، ولو أشار إلى امرأة فقال: هذه حرة، فبانت إحدى إمائه فإنها تكون حرة، هذا بيان الحكم، أما لو قال: تنحي يا حرة! فهو لم يرد الحكم إنما أراد الوصف، وفرق بين إرادة الوصف وإرادة الحكم، والله أعلم.
الملقي: [ومنها: لو أمره غيره بإعتاق عبد يظن أنه للآمر فتبين أنه عبده، هل يعتق أم لا؟ قال صاحب التلخيص: يحتمل تخريجه على من أعتق عبداً في ظلمة ثم تبين أنه عبده, لكن يرجع هنا على الآمر بالقيمة لتغريره له].
الشيخ: يعني إذا أعتق عبده يظن أنه عبد غيره ممن وكله فهل يقع؟ هذا مبني على المذهب عند الحنابلة والجمهور على أن الشارع يتشوف للإعتاق فيقع ويرجع على من غره.
وذهب أبو العباس بن تيمية رحمه الله إلى أن التغرير في العتق لا يقع، وهذا القول أظهر والله أعلم، وهو اختيار ابن سعدي .
الملقي: [ويحتمل ألا ينفذ لتغريره بخلاف ما إذا لم يغره أحد، فإنه غير معذور فينفذ عتقه لمصادفته ملكه، إذ المخاطبة بالعتق لعبد الغير شبيهة بعتق الهازل والمتلاعب فينفذ وكذا في الطلاق قال شيخنا: ونظير هذا في الطلاق أن يوكل شخصاً في تطليق زوجته، ويشير إلى امرأة معينة فيطلقها ظاناً أنها امرأة الموكل ثم تبين أنها امرأته ].
الشيخ: قلنا هنا: المذهب له روايتان: والذي يظهر والله أعلم أن هذا لا يقع؛ وذلك لأنه إنما طلق قاصداً الطلاق ولكنه لم يقصد ملكه، وهذا هو الراجح.
الشيخ: الذي بعده، هذه صور.
الشيخ: لو وطيء زوجته ظاناً أنها أجنبية، أو يتخيل أنها أجنبية، فهل تحل لمن طلقها ثلاثاً أم لا؟ في المسألة قولان: المذهب أنها تحل ويأثم على نيته، هذا هو الصحيح.
العبرة بحال الفعل، وحال الفعل هي زوجته، وأما ظنه السيئ فإن كان ظناً جازماً بمعنى أنه يعتقد ذلك فهذا يأثم، وإن كان خاطراً يأتي الإنسان في نفسه فهذا لا يأثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت بها أنفسها ما لم يتكلموا بها، أو يعملوا به ).
الشيخ: هذا بناء على عدم الصلاة خلف أهل الأهواء، وهو مذهب عند الحنابلة، والأرجح والله أعلم صحة صلاته؛ لأن كل من صحت صلاته صحت إمامته، والله أعلم.
الشيخ: الذي يظهر والله أعلم أنه لو سجد للسهو ظاناً أنه سها فتبين أنه لم يسه فالراجح أنه لا يسجد مرة ثانية؛ لأن سجود السهو الأول ترغيم للشيطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن كان صلى أربعاً كان ترغيماً للشيطان )، وهذا هو الراجح.
الشيخ: هذه بناء على الرواية المشهورة عند الحنابلة وهي أن من حمل نجاسة كمن أحدث يلزمه الإعادة، والراجح أن وجود النجاسة في البدن أو في الثوب إن كان عن جهل أو نسيان فتكون الصلاة صحيحة؛ لحديث أبي سعيد الخدري : ( حينما خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه، فقال: إن جبريل أخبرني أن بهما أذىً )، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على صلاته ولم يستأنفها، وهذا يدل على أن صلاته مع النجاسة مع الجهل أو النسيان صحيحة.
الشيخ: نحن نقول كما في الأمثلة السابقة: الأقرب -والله أعلم- أنه إن فعل ما يظنه حراماً عليه فبان حلالاً فإنه يأثم على نيته ولا يترتب عليه حكم. بمعنى: يترتب عليه حكم ما وقع عليه، فلو قتل شخصاً ظاناً أنه ولده -ومن المعلوم أن الأب لا يقتل بولده- فبان أجنبياً فإنه يقتل به ولا عبرة بظنه؛ لأن العبرة في حال الفعل الموقع عليه لا على ظنه أو نيته. والعكس بالعكس، لو قتل شخصاً ظاناً أنه أجنبي فبان ولده، فإنه لا يقتل به، والله أعلم.
الشيخ: الراجح يجب عليه.
الشيخ: هنا اختلف الحكم أو اختلف المدرك، فالمدرك أن أصل الصيد هل يجب بوجود الإتلاف، أم بوجود الإتلاف مع العمد؟ فمن قال من الفقهاء أنه يجب بوجود الإتلاف لم ينظر إلى النية والاعتماد. فإذا قلنا: إنه يجب بوجود الإتلاف فلو ضرب شيئاً يظنه حجراً أو غرضاً فبان صيداً وهو محرم فعليه جزاء الصيد.
وأما إذا قلنا أن المدرك أنه لا يجب الصيد إلا بالتعمد كما هو رواية عند الحنابلة واختاره أبو العباس بن تيمية لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا [المائدة:95]، فإنه لو ضرب شيئاً شاكاً أو ضرب شخصاً يظنه حجراً فبان صيداً فإنه لا يلزمه شيء، والله أعلم.
الملقي: [قال في الترغيب: ولو سمع حساً يظنه آدمياً فصادف صيداً فهو حرام.
قلت: ولم يذكر فيها احتمال أبي الخطاب فيما إذا ظنه حجراً فإذا هو صيد، ويمكن الفرق بينهما بإباحة رمي الحجر إذا ظنه حجراً، دون رمي الآدمي].
الشيخ: هذه المسألة مبنية على مسألة الكلام في الصلاة مع الجهل والنسيان تبطل به الصلاة أم لا؟
القول الأول: أنها تبطل لوجود محظور. والثاني: أنها لا تبطل وهذا هو الراجح لحديث معاوية بن الحكم : حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بعدما تكلم.
الثالث: التفريق بين الإمام والمأموم، فالإمام تبطل والمأموم لا تبطل لحديث معاوية ، وهذا التفريق ليس وجيهاً لكنه قوي.
أو العكس؟ تبطل صلاة المأموم دون الإمام، يعني المأموم ظن أن صلاته قد تمت، وهو له إمام بخلاف الإمام، فلا يمكن أن يظن المأموم أن صلاته تمت وهو يرى الإمام، فليس احتماله قوياً، بخلاف الإمام؛ لأنه إنما يبني أمره على نفسه. على كل حال الراجح والله أعلم أن المدرك يختلف هنا، والله أعلم.
الشيخ: المذهب وهو مذهب الجمهور: لو ظن بقاء الليل فبان نهاراً وجب عليه القضاء، ولو أكل ظاناً ليلاً فبان نهاراً وجب عليه القضاء، هذا المذهب وهو مذهب الجمهور.
وذهب أبو العباس بن تيمية رحمه الله إلى أنه إن أكل ظاناً بقاء الليل فبان الفجر أن صومه صحيح، والعكس: من أكل ظاناً غروب الشمس فبانت الشمس قد طلعت فإنه لا يلزمه القضاء، هذا اختيار ابن تيمية ، وقول ابن تيمية قوي، لكن أكثر قول الصحابة على القضاء.
وأما ما روي عن عمر فإن الرواية بقوله: إنا لا نقضي إنا لم نتجانف لإثم هذه رواية تكلم فيها الحفاظ، والمشهور: نقضي يوماً مكانه، أو رواية مالك : إنا لم نتجانف إثم، الخطب يسير.
وعلى هذا فالراجح: عدم القضاء، والأحوط القضاء، وقلنا: الأحوط لأنه نقل عن ابن مسعود و أبي سعيد الخدري وإن كان في سنده ضعف: ( من أكل أول النهار فليأكل آخره ). والله أعلم.
الملقي: [وحكى صاحب الرعاية رواية: لا قضاء على من جامع يعتقده ليلاً فبان نهاراً، واختاره أبو العباس].
الشيخ: هذه قاعدة أبي العباس .
الملقي: [واختار صاحب الرعاية: إن أكل يظن بقاء الليل فأخطأ لم يقض لجهله، وإن ظن دخوله فأخطأ قضى].
الشيخ: مثل: قصة عدي بن حاتم.
ومنها: لو صلوا صلاة الخوف لشيء ظنوه عدواً فبان ليس بعدو، هل تلزمهم الإعادة أم لا؟ المذهب: تلزمهم.
وقيل: لا تلزمهم، وحكاه ابن هبيرة رواية عن أحمد].
الشيخ: هو هَبيرة أو هُبيرة، أنا أعرف أنه هُبيرة، لكن أحد الفضلاء أخبرني أنه هَبيرة، هذا يراجع صاحب الإفصاح.
الملقي: [وإن بان بينهم وبينه مانع أعادوا على المذهب، كما لو ترك غسل رجليه ومسح على خفيه ظناً منه أن ذلك يجزئ فبانا مخرقين، وكما لو ظن المحدث أنه متطهر فصلى ثم بان محدثاً].
الشيخ: هنا يختلف الحكم؛ لأن صلاة الخوف إنما جازت لوجود الخوف، وأما هنا فهو بان محدثاً، والحدث وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة وغيره بخلاف غيرها؛ لأن هذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإعادة مطلقاً: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )، وقال صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : ( لا تقبل صلاة بغير طهور ). وسنأخذ أمثلة على هذا.
وذكر القاضي قولاً آخر: لا إعادة عليه، واختاره أبو العباس ، قال: والقولان في كل من ترك واجباً قبل بلوغ الشرع كمن لم يتيمم لعدم الماء؛ لظنه عدم الصحة به، أو لم يزك، أو أكل حتى تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود لظنه ذلك، أو لم تصل مستحاضة ونحو ذلك، الأصح لا قضاء ولا إثم اتفاقاً إذا لم يقصر].
الشيخ: هنا, إذا فعل خلاف ما وجب في الشرع ولم يعلم حكم الشرع في ذلك، هل يلزمه القضاء أم لا؟ هذه مبنية على أن التكليف هل يجب من حين ورود خطاب الشارع أو من حين العلم، أم ثمة فرق بين ما إذا كان قد نسخ الحكم من عدمه؟
ثلاثة أقوال ذكرها أبو العباس بن تيمية في فتاوى المجلد الحادي والعشرين، ورجح رحمه الله أنه لا يجب عليه القضاء؛ لأن الحكم إنما يجب من حين ورود العلم أي الشرع، وذكر أبو العباس أمثلة على ذلك، منها قصة: فاطمة بنت حبيش حيث إنها قالت: ( إني مستحاضة سبع سنين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك بالحيضة )، وكانت تدع الصلاة والصوم ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء.
ولقصة عمار بن ياسر مع عمر بن الخطاب حينما أجنبا، فأما عمار فتمرغ بالصعيد كما تمرغ الدابة، ولم يفعل ما أمره الله به وهو التيمم، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أشار إليه الحكم. كما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم حينما كان يأتي بعقالين فيأكل حتى يتبين له أحدهما وهو الأبيض، هذا هو الراجح, والله أعلم.
فمن كان يأكل لحم الجزور وهو لا يعلم الوضوء فإنه لا يجب عليه الإعادة إلا في الوقت، فلو أكل لحم الجزور وما علم، أو أُعلم ما دام في الوقت فإنه يعيد الصلاة التي علم وقتها أنه يجب الوضوء.
الملقي: [ ومن أصحابنا من فصل بين الحربي وغيره، فقال: الحربي لا تلزمه الإعادة وتلزم غيره.
وللمسألة التفات إلى أصل آخر، وهي أن الشرائع هل تلزم قبل العلم أم لا؟ في المسألة قولان لنا ذكرهما أبو العباس ].
الشيخ: معروف، يجب في قول ابن تيمية على ما ذكرنا، والله أعلم.
الشيخ: هذه مثل ما لو ظن أنه ليس عنده ماء فتيمم، ثم علم أن الماء موجود في رحله، هل يلزمه؟ الراجح والله أعلم خلاف المذهب؛ وذلك لأنه صلى بناء على ظنه الغالب، والأحكام مبنية على غالب الظن، وهو صلى بناء على اجتهاد شرعي فلم يلزم بالإعادة هذا هو الراجح, وكما لو نسي الرقبة فكفر بالصوم فبان أن عنده رقبة.
الشيخ: هذه المسألة مبنية على الخلاف المعروف، يقولون: الإمام لو أحدث أثناء الصلاة فإن صلاة المأموم صحيحة ولهم أن يستخلفوا، ولو كان الإمام أصل صلاته محدثاً فإنه يجب على المأموم أن يعيد الصلاة، وهذا التفريق ليس براجح.
الراجح: هو مذهب الشافعية ورواية عند الإمام أحمد أن صلاة المأموم صحيحة أبداً إلا من يعتقد أن الإمام أو من يعلم أن الإمام محدث فأتم معه, كما لو أكلنا لحم الجزور فقام الإمام فصلى بنا، وأنا أعلم أن الإمام أكل لحم الجزور ولم يتوضأ، وأعلم أن رأي الإمام أنه يتوضأ، فلا يجوز أن أصلي خلفه؛ لأني أعلم أنه محدث.
وكل الأمثلة على ما ذكرنا في القاعدة.
نكتفي بهذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر