إسلام ويب

القواعد لابن اللحام [24]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تضاربت أقوال الأصوليين في الأمر المجرد العام إذا اشتمل واجباً ومستحباً على عدة أقوال منها: أنه يحمل على الوجوب مع التزام التخصيص، ومنها: القول بعموم الأمر في كل ما يتناوله. أما إذا أريد بالأمر الندب فقال بعض العلماء: هو أمر حقيقة، وقال آخرون: هو مجاز. وإذا ورد الأمر بعد حظر، فقال بعض العلماء: يفيد الإباحة، وقيل: يقتضي الوجوب، وغير ذلك من أقوال العلماء.

    1.   

    القاعدة الرابعة والأربعون: الأمر بعد الحظر هل يفيد الوجوب؟

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    الملقي: قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الرابعة والأربعون: إذا فرغنا على أن الأمر المجرد للوجوب فورد بعد حظر، فماذا يقتضي؟ في المسألة مذاهب].

    الشيخ: الأمر بعد منع ماذا يفيد؟ أشهرها قولان: الأول: أنه يفيد الإباحة، والثاني: أنه يفيد الأمر قبل ورود الحظر عليه، فالبيع قبل النهي عنه يوم الجمعة يفيد الإباحة، فيفيد هذا الإباحة، وكذا الوجوب، وهذا القول قريب من القول بأنه يفيد الإباحة، قريب جداً؛ لأنه لا تكاد توجد مسألة وجوب ثم حظر ثم يرجع إلى الوجوب، لا تكاد توجد مسألة صريحة في هذا الباب إلا مسألة مع التكلف كما سوف يأتي.

    مذاهب العلماء في اقتضاء الأمر المجرد للوجوب إذا ورد بعد حظر

    الملقي: [أحدها: أنه يقتضي الإباحة، هذا قول جمهور أصحابنا، وهو الذي نص عليه الشافعي، كما قاله ابن التلمساني في شرح المعالم، والقيرواني في المستوعب، والأصفهاني في شرح المحصول، وحكاه التميمي عن أحمد، وقال الشيخ أبو إسحاق في التبصرة: إنه ظاهر مذهب الشافعي، ونقله ابن برهان في الوجيز عن أكثر الفقهاء والمتكلمين، ورجحه ابن الحاجب ، ومال إليه الآمدي وقال: إنه الغالب.

    الثاني: ذكره القاضي الحسين من الشافعية في أول باب الكتابة في تعليقه أنه للاستحباب.

    والثالث: أنه يقتضي الوجوب كما لو لم يتقدمه حظر، وهو الأصح عند الإمام فخر الدين وأتباعه، ونقله ابن برهان في الوجيز عن القاضي والآمدي عن المعتزلة، وحكاه بعض أصحابنا قولاً لنا، وذكره بعضهم أن القاضي اختاره في إعادة الجماعة، وذكر بعضهم: أنه ظاهر قول أحمد في قوله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2]، وقال القرافي : وهو قول أبو الوليد الباجي ومتقدمي أصحاب مالك .

    والرابع: أن حكمه حكم ما كان قبل الحظر، فإن كان مباحاً فهو مباح، وإن كان واجباً أو مستحباً فهو كذلك، وهذا اختيار أبي العباس ، قال: وهو المعروف عن السلف والأئمة، ومعناه كلام المزني .

    والخامس: إن كان بعد الحظر أمر صريح بلفظه كما لو قال: أمرتكم بالصيد إذا حللتم، فيقتضي الوجوب، بخلاف صيغة افعل، حكاه أبو محمد المقدسي بعدما صدر المسألة بكلام مغلق، وهو يقتضي التسوية عنده، قال أبو البركات : وعندي أن هذا التقسيم هو كل المذهب، قال أبو العباس : وكلام القاضي أبي يعلى وغيره يدل عليه، فإنه صريح بأن هذا ليس بأمر، إنما صيغته صيغة الأمر، وإنما هو إطلاق].

    الشيخ: كلام أبي يعلى ليس بعيد، فإنه صرح بأن هذا ليس بأمر؛ إنما صيغته صيغة الأمر، وإنما هو إطلاق، لكن يشكل عليه أننا نقول: أن الإباحة مطلق الأمر، وهو أراده المؤلف وإنما هو إطلاق، يعني إطلاق في اللفظ ليس إلا.

    على كل حال، أنتم سوف تجدون في بعض الأمثلة التي سنذكرها أن القول الرابع الذي اختاره ابن تيمية هو القول الأول، لا تكاد توجد مسألة إلا مسألة أو مسألتين، وسوف نذكرها إن شاء الله.

    الملقي: [وقال عبد الحليم : وكلام ابن عقيل في الأدلة يعطي أنه إذا جاء خطاب بلفظ الأمر أو الوجوب؛ اقتضى الوجوب، وإن جاء بصيغة الأمر فإنه لا يكون أمراً؛ بل مجرد إذن، وهذا لا يتأتى في لفظ الأمر، وللقاضي أبي بكر في الأمر بعد الحظر تفصيل حسن ذكره في الإرشاد: وهو إن كان الحظر السابق على الأمر حظراً ابتدائياً لا لعلة عارضة، فالأمر هنا كالأمر المبتدأ الذي لم يسبقه حظر أصلاً، وإن كان الحظر لعلة عارضة بعد تقدم إطلاقه وإباحته؛ فالأظهر حمل الأمر على الإذن ورفع الحظر، وعليه فتنزل أوامر القرآن، ومحل الخلاف في الأمر بعد الحظر إذا كان من غير استئذان في الفعل، أما إذا استأذن في الفعل بعد الحظر فلا يقتضي الوجوب بغير خلاف، ذكره القاضي].

    تفصيل أبي بكر رحمه الله وهو أبو الوليد أبو بكر الباقلاني لعله كتاب أبي بكر الباقلاني تفصيله والله حسن، ذكره في كتاب التقريب والإرشاد، وفيه من علم أصول الفقه وفيه من علم أصول العقيدة، وهو رحمه الله يميل للأشعرية، وقد حققه الدكتور عبد الحميد أبو زنيم .

    وهذا التفصيل يقول: إننا ننظر إلى هذا الحظر الذي جاء قبل الأمر الثاني، إن كان هذا الحظر حظراً ابتدائياً، يعني حكماً مستقلاً، لا لعلة عارضة، ما معنى لا لعلة عارضة؟ كالإحرام؛ المحرم ممنوع من الصيد، هنا جاء المنع لعلة عارضة أم لحظر ابتدائي؟ لعلة عارضة، يقول: فإن كان الحظر الذي سبق الأمر الثاني حظراً ابتدائياً فإن جاء أمر بعد ذلك دل على الوجوب أو دل على مطلق الأمر، فإن قلنا: الأمر المطلق يفيد الوجوب، قلنا: هنا وجوب، وإن قلنا: الأمر المجرد يفيد الاستحباب، قلنا: هنا يفيد الاستحباب.

    يقول: وإن كان الحظر السابق على الأمر الثاني لعلة عارضة فإنه يفيد حمل الأمر على الإذن ورفع الحظر، مثال: كانت زيارة القبور مستحبة ثم جاء النهي عنها، هل النهي لعلة عارضة أم لأمر ابتدائي؟ لأمر ابتدائي، ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها )، فكلمة (زوروها) تفيد على كلام المؤلف أمر مجرد، إن قلنا للاستحباب أو للوجوب، ولكن قوله: ( فإنها تذكر الآخرة )، صارف عن الوجوب إلى الاستحباب.

    وهذا يجعلك تقول: إنه لا يمكن حمل الأمر الثاني على الوجوب مطلقاً بمجرده، ولا حمله على عوده إلى الأمر الأول؛ لأنه لا يوجد أمثلة تفيد هذا؛ أمثلة شرعية، وسوف نأتي إليه.

    حكم زيارة القبور بعد رفع الحظر عنها

    الملقي: [إذا تقرر هذا فمن فروع القاعدة:

    الأمر بزيارة القبور للرجال، أخذ غير واحد من أصحابنا من كلام الخرقي أنها مباحة؛ لأن الأمر بزيارتها أمر بعد حظر فيقتضي الإباحة بناءً على القاعدة، ولكن المذهب المنصوص عن أحمد أنها مستحبة].

    الشيخ: القاعدة لا تخالف مذهب أحمد؛ لأننا وإن قلنا: إن المشهور عن مذهب الحنابلة أن الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة، لكن زيارة القبور تفيد الاستحباب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فزوروها فإنها تذكر الآخرة )، هذا دليل. الثاني: لورود الاستحباب بعد ذلك بدليل منفصل، ما هو الدليل المنفصل؟ هو زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لقبر أمه ( استأذنت ربي أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة )، فقوله: ( فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة )، جاء بعد الأمر الأول في الإذن، يعني كأن الرسول صلى الله عليه وسلم منع ثم أمر بها، ثم جاء أمر آخر فقال: ( فزوروها فإنها تذكر الآخرة )؛ لأنه زارها فزيارته له بعد الحظر دليل على الإذن، فلما أمر بعد ذلك وقال: ( فإنها تذكر الآخرة ) علمنا أن هذا المأمور به مستحب، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أكثروا ذكر هادم اللذات )، وعلى هذا فلا يخالف المنصوص عن أحمد أنها مستحبة.

    الملقي: [وذكره بعضهم إجماعاً].

    الشيخ: ما هو الإجماع؟ زيارة القبور كما قال النووي .

    الملقي: [لأنه وإن كان بعد حظر لكنه علله عليه الصلاة والسلام بتذكر الموت والآخرة، وذلك أمر مطلوب شرعاً].

    الشيخ: نعم هذا صحيح، فصار الاستحباب ليس بمجرد وجود الأمر بعد الحظر؛ ولكن لأن له قرينة ( فزوروها فإنها تذكر الآخرة ).

    حكم زيارة قبر الكافر للاعتبار

    الملقي: [قال أبو البركات وغيره: وتجوز زيارة قبر الكافر، وقيد ذلك أبو العباس بزيارة قبر الكافر للاعتبار، ولم أر أحداً صرح باستحباب زيارة قبر الكافر ولو للاعتبار].

    الشيخ: يعني أن زيارة الكفار جائزة والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما زار القبور قال: ( إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أصحابها وإن الله ينورها بصلاتي عليهم )، وكانت القبور فيها كفار وفيها مسلمون.

    وثانياً: الزيارة ليس فيها موالاة، من يقول: إن الزيارة فيها موالاة؟ فإذا كانت زيارة الحي ليست فيها موالاة فكيف بالميت الذي لا يوجد بينك وبينه مخاطبة. والرسول صلى الله عليه وسلم زار الكفار ببيوتهم فليس فيها موالاة.

    ثالثاً: المحرم ليس مطلق الموالاة، ولكن المحرم الولاية المطلقة، والولاية معناها النصرة، فيجوز أن تنصر كافراً أو ينصرك كافر، المقصود بالولاية المحرمة النصرة مع المحبة.

    خروج الرجل مع امرأته للحج وقد اكتتب في الجهاد

    الملقي: [ومنها لا يجب على الزوج أن يخرج مع امرأته إلى الحج في أصح الروايتين عن أحمد؛ لأنه وإن كان قد جاء الأمر به، لكنه أمر بعد حظر؛ لأن المأمور كان قد اكتتب في غزاة فتعين عليه، ثم لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج مع امرأته صار أمراً بعد حظر، والرواية الأخرى: يجب عليه الخروج أخذاً بظاهر الأمر، لكن هذا فيه نظر على ما قرره القاضي وإن قيل باستحبابه].

    الشيخ: بعضهم قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: ( انطلق مع امرأتك )، أن هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم للرجل إنما هو للتخيير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رأى فيه رغبة في الذهاب مع امرأته، ولهذا قال: ( وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا )، أي: أريد أن أذهب مع امرأتي لكني اكتتبت، ( فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: انطلق مع امرأتك )، فكأن هذا عندما علم منه الرغبة في ذهابه مع امرأته، قال بذلك، وليس هذا أمراً في الذهاب والله أعلم.

    والحظر أنك تترك الجهاد، ( إني اكتتبت في غزوة ).

    الملقي: [والرواية الأخرى: يجب عليه الخروج؛ أخذاً بظاهر الأمر، لكن هذا فيه نظر على ما قرره القاضي، وإن قيل باستحبابه فلما فيه من الإعانة على العبادة وهو مطلوب شرعاً، ومنها الأمر بقبول الحوالة على المليء في قوله صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع )، متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال طائفة من العلماء: إنه أمر بعد حظر؛ لأن ذلك بيع دين بدين، وذلك لا يجوز].

    الشيخ: هذا الصحيح، ليست الحوالة بيع دين بدين.

    الملقي: [وهذا فيه نظر، فإن الحوالة من جنس إيفاء الحق لا من جنس البيع، ولهذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الحوالة في معرض الوفاء فقال في الحديث الصحيح: ( مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع )، فأمر المدين بالوفاء ونهاه عن المطل، وبين أنه ظالم إذا مطل، وأمر الغريم بقبول الوفاء إذا أحيل على المليء بالشروط المذكورة في كتب الفروع.

    وهل تبرأ ذمة المحيل على المليء قبل أن يجبره الحاكم على قبول الحوالة؟ في المسألة روايتان ذكرهما أبو البركات ].

    الشيخ: كل هذا ليس داخلاً في بابنا؛ لأننا نقول: إن الحوالة ليست من باب الأمر بعد الحظر، وكل الأمثلة ليس فيها ما يفيد الوجوب، فدل ذلك على أن قوله: يفيد الأمر الرجوع الأول كله هو قاعدة الأمر للإباحة، وأوردوه بعد ذلك في حكم، فإنما هو للدليل المستقل كما قال: ( فزوروها فإنها تذكر الآخرة ).

    الأمر بمكاتبة العبيد

    الملقي: [ومنها الأمر بالكتابة في قوله تعالى: فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور:33]، قال طائفة من أصحابنا: هو أمر بعد حظر، لأن الكتابة بيع الرجل ماله بمال، فإن العبد ماله وكسبه من ماله، فبيع بعضه ببعض أكل مال بالباطل، فيدخل في النهي عن أكل المال بالباطل، وإذا كانت الكتابة محظورة في الأصل فالأمر بها بعد ذلك أمر بعد حظر؛ فلا يفيد الوجوب بناءً على القاعدة، لكن يستحب كتابة].

    الشيخ: ابن تيمية رحمه الله أنكر أن يقال: إن كتابة العبد لسيده من باب بيع الرجل ماله بماله، قال ابن تيمية عندما سئل فقال: وقال بعضهم: إنها على خلاف القياس لكونها بيع ماله بماله، يقول: وليس كذلك، وعلى هذا فهذا هو الصحيح، ليس بيع ماله بماله.

    الملقي: [وإن قلنا: الأمر بعد الحظر للإباحة؛ لما في ذلك من تحرير الرقبة، وذلك مطلوب شرعاً].

    الشيخ: يقول الآن: يستحب للإنسان أن يكاتب عبده، مع أنه لو قلنا: الأمر بعد الحظر للإباحة، يقول: لما في ذلك من تحرير الرقبة، فصار هذا من دليل خارجي مثل: ( فزوروها فإنها تذكر الآخرة ).

    الملقي: [واختار أبو بكر عبد العزيز في تفسيره أن الكتابة في هذه الحال واجبة، وذكرها في التنبيه روايةً وهو متجر].

    الأمر بالنظر إلى المخطوبة

    الملقي: [ومنها أمره صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى المخطوبة هو أمر بعد حظر، فيقتضي الإباحة بناءً على القاعدة].

    الشيخ: هل ممكن أن نقول: إنه يقتضي الوجوب، لأن الأمر فيه لا يمكن؟ فأقول لكم: إن القاعدة أن الأقرب أنه يفيد الإباحة مطلقاً، وهي أسهل للناس، أما أن نقول: يفيد الأمر قبل وجود الحظر، لكن ما هو الذي قبل الحظر، فالأصل أنه للإباحة، ولهذا لا تكاد توجد مسألة تفيد الوجوب.

    الملقي: [وهذا أحد الوجهين لأصحابنا، وهو إباحة النظر لا الاستحباب، والوجه الثاني وجزم به جماعة من الأصحاب].

    الشيخ: الاستحباب جاء من وجه آخر، ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ).

    الملقي: [منهم أبو الفتح الحلواني و ابن عقيل وصاحب الترغيب: استحباب النظر إلى المخطوبة؛ لأنه وإن كان أمراً بعد حظر، لكنه معلل بعلة تدل على أنه أريد بالأمر الندب، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ( فهو أحرى أن يؤدم بينكما )].

    الشيخ: النظر إلى المخطوبة قبل حظر النظر جائز؛ وذلك على البراءة الأصلية، ثم جاء الأمر بعد الحظر فيفيد الإباحة مطلقاً، فقوله: ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )، استحب له ذلك، فهذا يدل على أنه يفيد الإباحة، إلا إن جاء دليل يفيد معنى آخر.

    الأمر بحمل السلاح حال صلاة الخوف

    الملقي: [ومنها: الأمر بحمل السلاح في صلاة الخوف في قوله تعالى: وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102]، قال طائفة من الأصحاب منهم القاضي و ابن عقيل : حمله في الصلاة في غير الخوف محظور، فهو أمر بعد حظر، وهو للإباحة، فهذا يقتضي إباحة حمل السلاح في صلاة الخوف لا استحبابه، لكن قالوا باستحبابه مع قولهم أن هذا يقتضي الإباحة، وذكر صاحب المنتخب من أصحابنا في استحبابه روايتين، نقل ابن هانئ : لا بأس].

    الشيخ: هذا الصحيح أنه للوجوب؛ لأن الله لما أمر بحمل السلاح زمن الخوف خوفاً من أن تستأصل بيضة أهل الإسلام، فهذا يدل على أنه للوجوب، نعم الرواية الثانية للوجوب، وهذا اختيار شيخنا محمد بن عثيمين .

    الملقي: [واختار طائفة من أصحابنا الوجوب، ومحل هذا في الخفيف من السلاح، أما ثقيله أو ما يمنع إكمال الصلاة أو يضر غيره؛ فإنه يكره، صرح به الأصحاب، وقوله: من قال من أصحابنا: إن حمل السلاح الخفيف في غير صلاة الخوف محظور فيه نظر؛ إذ لم يقم دليل على كراهته فضلاً عن تحريمه، فليس من الأمر بعد الحظر والله أعلم].

    الشيخ: لعل هذا هو الأظهر أنه ليس أمراً بعد حظر، لكنه أمر، يعني قصده إن كنا نريد أن نوضح كلامهم، يقول: إنه أمر بعد حظر، الأصل في المصلي أن يخشع في صلاته، فنهي عن حمل شيء، فلما جاء الأمر بحمل السلاح؛ صار أمراً بعد حظر، والصحيح أنه ليس أمراً بعد حظر؛ لأن الحظر هنا لم يكتسب إفادة الحظر بالنهي، إنما جاء بأن الأمر عن الشيء نهي عن ضده وليس نهياً ابتداءً، هذا هو الذي يظهر والله أعلم.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767974311