إسلام ويب

فقه العبادات - الطهارة [14]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الوضوء بالماء واجب على كل من أراد الصلاة فإذا لم يجد الماء وجوداً حسياً أو معنوياً عدل إلى التيمم بالتراب، ومعنى هذا أنه يجب عليه أن يتفقه في أحكام التيمم؛ حتى يعرف شروطه وأركانه ومبطلاته وغير ذلك.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم، وبعد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    فضل طلب العلم

    الشيخ: إخوتي المشاهدين والمشاهدات! وها نحن قد عدنا والعود أحمد، ونسأله سبحانه وتعالى ألا يشغلنا عن طاعته ولا عن طلب العلم؛ فإن طلب العلم من أعظم القربات لمن صلحت نيته كما يقول الإمام أحمد ، فمن تعلم العلم ليرفع الجهل عن نفسه وعن إخوانه المسلمين والمسلمات، فإن ذلك من أعظم القربات، ولهذا روى الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله روايةً عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لأن أتعلم مسألةً ربما احتاج الخلق إليها، أحب إلي من أن أقوم شهراً وأصوم شهراً.

    وهذا يدل على أن تعلم العلم من أعظم القربات؛ لأن العبد لا يمكن أن يعبد الله إلا على علم، ولهذا أمر الله نبيه سبحانه وتعالى بأن يعلم معنى لا إله إلا الله، وأن يستغفر لذنبه، فقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19]، وهذا يدل على أن العالم الذي يستغفر الله بعلم أفضل من العابد الذي يستغفر بلا علم، فلربما استغفر عن بعض المسائل التي يكون فعلها هو الصحيح، ولهذا ذكر أهل العلم أن العبد أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولا يؤتى من قبل أهل العلم، ولهذا جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم زار رجلاً من الأنصار حتى كأنه كالفرخ، فقال له صلى الله عليه وسلم: هل كنت تدعو بدعاء؟ قال: كنت أقول: اللهم إن كنت معذبي في الآخرة فعجل لي العقوبة في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله! سبحان الله! لا تطيقه! هلا قلت: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ).

    فالإنسان أحياناً يؤتى من قبل جهله، ولكن أهل العلم هم أهل الدراية:

    دين النبي محمد أخبار نعم المطية للفتى الآثار

    لا ترغبن عن الحديث وأهله فالرأي ليل والحديث نهار

    ولربما نسي الفتى أثر الهدى والشمس طالعة لها أنوار

    أهمية التأصيل في الاستدلال والترجيح لطالب العلم

    الشيخ: أيها الإخوة والأخوات! درسنا في هذا اليوم هو عن باب التيمم، والإخوة الذين يقومون بإدارة هذه الدروس، وهذه الغرف والفصول الافتراضية، رغبوا أن نتعجل في شرحنا لكتاب الطهارة حتى ننتهي في هذا الفصل إلى نهاية كتاب الصلاة، ونحن إن شاء الله لا يمكن أن ننتهي من هذا إلا ببعض الاختصار، فسامحوني على هذا الاختصار.

    نحن بداية هذا الدرس كنا نختصر، ورغبوا أن يزيد هذا الاختصار فيكون اختصار الاختصار، ولكن لن نعدم إن شاء الله من فائدة، ولهذا سوف نذكر رءوس المسائل المهمة في كل باب عل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا.

    وإذا تأصل طالب العلم، وطالبة العلم في معرفة الدليل في أصول المسائل فإنهم بإذن الله سوف يستطيعون أن يبحثوا في كتب أهل العلم عن المسائل الأخرى، فيبنوا الأصول الجديدة على الأصول التي بنوها بمعرفة الدليل، وكيفية الاستدلال، وطريقة الاستدلال، ومناقشة الأدلة، فإن هذه المعالم وهذه المعارف هي من أهم مهمات طالب العلم؛ لأن طالب العلم إذا عرف كيف يستدل، وعرف كيف يناقش، وعرف كيف يرجح، فإن هذا هو أساس العلم.

    ولهذا يحسن بأهل العلم والمشايخ وطلبة العلم أن يركزوا على طلاب العلم في معرفة الخلاف، وكذلك يركزوا على رفع الملام عن الأئمة الأعلام، أي: لماذا اختلف الأئمة؟

    كذلك ينبغي أن يركزوا على طريقة فهم الدليل، وللعلم ليس فهم الدليل مبنياً على عقول بعض الناس، فربما تجد الرجل من عباقرة الناس ولكنه ليس فقيهاً بالفقه الشرعي، ولربما رأيت رجلاً يجيد علم الكلام وعلم المنطق لكن فتاويه ليست مبنية على التأصيل الشرعي؛ ولهذا ليس الفقه دليلاً على العبقرية، لكن ربما يكون الشخص عبقرياً وليس بفقيه، فكل من أخذ العلم وطريقة الاستدلال من أهله، فإنه بإذن الله سوف ينجح ويفلح أشد الفلاح، ولهذا كان من أهم المهمات أن يتعلم طالب العلم كيف يستدل، وكيف يناقش، وكيف يرجح.

    ومعرفة كيفية المناقشة مهمة لطالب العلم؛ لأن المناقشة أحياناً تكون من غير علم، والذي يناقش من غير علم ربما يخطئ، أو يتكلف المناقشة، ويخرج النص الشرعي عن مدلوله الظاهر، ولهذا يقول أبو العباس بن تيمية رحمه الله: ينبغي أن يحمل كلام الله وكلام رسوله على ما أراده الله وأراده رسوله، لا على ما أراده المجتهد في نفس الأمر.

    فلهذا ربما يأتي بعض الناس إلى دليل فيؤوله حتى يسلم قوله، وهذا ليس من الحكمة، وليس من الفقه، وليس من العقل، ولعلي أذكر مثالاً على هذا، وهو ما يذكره بعض أهل العلم حينما جاء إلى حديث: ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، وأن يمس من الطيب ما قدر عليه )، والحديث متفق عليه.

    فعندما كان يرجح أن غسل الجمعة مستحب قيل له: ما معنى (غسل يوم الجمعة واجب)؟ قال: (واجب) يأتي في اللغة بمعنى الساقط، كما قال تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [الحج:36]، ثم قال تعالى: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا [الحج:36]، يعني سقطت على جنوبها، قال: فهذا الحديث دليل على أن الغسل ليس بواجب، والمعنى: غسل يوم الجمعة ساقط على كل محتلم، كما أشار إلى ذلك بعض الفقهاء الحنفية! وهذا من التكلف الذي لا ينبغي؛ لأن هذا يخرج النص الشرعي عن معناه.

    والواقع أن الواجب في لغة الشرع يأتي بمعنى الحتم والأهمية واللزوم، واللزوم لا يلزم منه الوجوب التكليفي الذي عرفه الفقهاء من مصطلحاتهم وفي علم الأصول، والله أعلم.

    الترجيح في الغالب يوافق قول الجمهور

    الشيخ: هذه بداية أحببنا أن نذكر بها إخوتي وأخواتي المشاهدين والمشاهدات، الطلاب والطالبات، أو الذين يشاهدوننا عبر الشاشة الافتراضية أو غير ذلك.

    وإذا درسنا معنى هذا المنهج، عرفنا كيف نستدل، وكيف نناقش، وكيف نرجح، والغالب أن الراجح لا يكاد يخرج عن قول جمهور أهل العلم، كما يقول الإمام الذهبي ويقول: أنا لا أقول: إنه إجماع، ولكني أقول: إنه لا يكاد يخرج الحق عن مذهب جمهور أهل العلم؛ لأنهم أخذوا العلم عن مدارس الصحابة، فإذا اجتمعت هذه المدارس على قول فإنه لا يكاد يخرج الحق عن هذا إلا إلى قول مبني على غير أصول الأئمة.

    ودائماً تجدون أن الراجح أو الدليل لا بد أن يبني أصوله على قواعد ومقدمات، وهذه من المهمات بمكان، وإن شاء الله سوف يكون لنا محاضرات خارج هذه الأكاديمية الإسلامية المفتوحة؛ لنبين كيف يستدل طالب العلم، وكيف يرجح، وقد كان لنا بعض المحاضرات وبعض الكلمات بعنوان: (كيف تكون فقيهاً)، وهي موجودة في الإنترنت، فلو استمع الإنسان لها فإنه يستفيد.

    كذلك العناية بفقه السلف، فإن الإنسان إذا سمع فقه السلف عرف أن قول المتقدمين أقوى وأقعد وأضبط من قول المتأخرين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531172

    عدد مرات الحفظ

    777163380