إسلام ويب

فقه العبادات - الصلاة [7]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما يتعلق بشرط دخول الوقت في الصلاة: قضاء الفوائت، فمن ترك الصلاة فعليه القضاء سواء تركها عمداً أو سهواً، ويسقط الترتيب في قضاء الفوائت مع وجود الأعذار كالنسيان والجهل وغير ذلك. وستر العورة شرط في صحة الصلاة، وقد جعل العلماء ضابط ما يسمى ساتراً للعورة، وقد حدد العلماء عورة الرجل وعورة المرأة في الصلاة بناء على ورود بعض النصوص الشرعية، مع اختلافهم في فهم بعض تفاصيلها.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم، وبعد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    إخوتي المشاهدين والمشاهدات! وحيهلا إلى درس جديد من دروس مسائل في الفقه، نتدارس هذا الباب من أبواب الصلاة، نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما جهلنا، وأن ينفعنا بما نسمع ونقول.

    وكنا أيها الإخوة قد توقفنا عند بعض مسائل الوقت، وقلنا: إن أكثر أهل العلم على أن الوقت في بدايته أفضل من التأخير، على خلاف ما هو الوقت، هل هو وقت اختيار أم وقت ضرورة؟ أما إلى وقت الضرورة فإن أكثر أهل العلم على تحريم ذلك؛ لما جاء في صحيح مسلم من حديث أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعاً، لا يذكر الله تعالى فيها إلا قليلاً ).

    واليوم أيها الإخوة سوف نتحدث عن مسائل تتعلق بالوقت، وهي قضاء الفوائت.

    قضاء الفوائت المتروكة لعذر أو لغير عذر

    الشيخ: المسائل التي تتعلق بقضاء الفوائت تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: قضاء الفائتة التي تركت لعذر.

    القسم الثاني: قضاء الفائتة التي تركت من غير عذر.

    أما الفائتة إذا تركت من غير عذر فإن عامة أهل العلم، بل حكى بعضهم الإجماع على وجوب قضائها، نقل الإجماع ابن المنذر ، ونقله الخطابي في بعض مسائل الصيام على أن الفرض ولو كان تركه عمداً يجب أن يقضى؛ لأن القضاء يحكي الأداء، هذا قول عامة أهل العلم.

    وخالف في ذلك الحسن البصري ، وهو قول ابن حزم واختيار أبي العباس بن تيمية رحمة الله تعالى على الجميع، وهو أن الإنسان إذا ترك الفائتة متعمداً حتى خرج وقتها فإنه لا ينفعه القضاء، وقد سبقت هذه المسألة في درس من دروسنا، وقلنا: إن الراجح والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم هو أنه يجب عليه أن يقضي؛ وذلك لأن القضاء يحكي الأداء، ولما جاء عند أهل السنن من حديث أبي هريرة ، وروي موقوفاً ومرفوعاً، وبعضهم يضعفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فليقض )، فهذا الذي استقاء عمداً وجب عليه القضاء، وتقييد ذلك بالعذر محل نظر؛ لأن الشارع لم يذكر ذلك، فدل ذلك على أن القضاء يحكي الأداء.

    أما القسم الثاني: وهو قضاء الفوائت لعذر، فقد أجمع أهل العلم على أن من نام عن صلاة أو تركها لعذر فإنه يجب عليه أن يقضيها.

    واستدل العلماء على ذلك بالإجماع.

    والدليل الآخر ما رواه البخاري من حديث أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك ).

    الترتيب بين الفوائت في القضاء

    الشيخ: وإذا كان قد وجب عليه أن يقضي الصلاة الفائتة، فإذا كان عليه فوائت كثيرة فهل يجب عليه الترتيب؟ فهذه هي المسألة الثانية، وهي: هل يجب الترتيب بين قضاء الفوائت أم لا يجب؟

    اختلف العلماء في هذه المسألة، والراجح -والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم- هو قول عامة أهل العلم؛ أنه يجب عليه الترتيب، هذا هو مذهب أبي حنيفة و مالك و أحمد في المشهور عنهم، خلافاً للشافعي الذي قال: لا يجب الترتيب.

    والراجح هو وجوب الترتيب؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ [البقرة:238]، ومعنى (حافظوا) هو المحافظة على أدائها كما أمر الله وكما أوجب، وهذا يدل على وجوب الترتيب.

    ومن الأدلة على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ترك صلاة العصر حتى خرج وقتها في غزوة الأحزاب، فقال صلى الله عليه وسلم: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً، ثم صلى العصر، ثم صلى بعدها المغرب، فأنزل الله قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] ) يعني: أن تؤدوها في وقتها.

    وقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر : ( أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله! والله ما كدت أن أصلي العصر إلا بعد أن كادت الشمس أن تغرب، فقال صلى الله عليه وسلم: فوالله إن صليتها -يعني ما صليتها- فصلى العصر، ثم صلى بعدها المغرب ).

    قال أهل العلم: فذلك يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالفائتة ولم يبدأ بالحاضرة، ولا شيء يدل عليه هذا إلا وجوب الترتيب.

    وأما الحديث الذي رواه النسائي : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب، ثم صلى بعدها العصر )، فهذا حديث ضعيف؛ وذلك لأن القصة لا يمكن أن تتكرر، فغزوة الأحزاب واحدة، وترك صلاة العصر إلى وقت صلاة المغرب وقع مرة واحدة، فلا بد أن تكون رواية البخاري و مسلم أصح من رواية النسائي ، وقد أجمع أهل العلم على أن ما في البخاري و مسلم هو حديث صحيح، إلا أحرفاً يسيرة تكلم فيها أهل العلم ليست داخلة في محل الإجماع، فدل ذلك على أن الترتيب بين الفوائت واجب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088551089

    عدد مرات الحفظ

    777280909