إسلام ويب

فقه العبادات - الصلاة [8]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ستر العورة واجتناب النجاسة شرطان من شروط الصلاة، ولكل منهما أحكام تخصه ينبغي معرفتها حتى تصح صلاة العبد. وقد ذكر العلماء بعض ما يكره لبسه في الصلاة، وذكروا الأماكن المنهي عن الصلاة فيها كالحمام والحش وغيرها.
    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.

    اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم، وبعد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إخوتي المشاهدين والمشاهدات!

    أسعد الله مساءكم بكل خير، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

    كنا قد شرحنا في درس سابق بعض مسائل ستر العورة -وهو الشرط الثاني من شروط الصلاة- وتحدثنا عن عورة الرجل وعورة المرأة، إلا أن ثمة بعض المسائل التي تحدث عنها أهل العلم وهي متعلقة بما يكره في الصلاة من الثياب، وكذلك بعض مسائل من انكشفت عورته وهو في الصلاة، ولعلنا نشرع بما كنا قد توقفنا فيه.

    فالمسألة الأولى: حكم من انكشفت بعض عورته.

    نقول: لا يخلو من انكشفت عورته من خمسة أحوال:

    الحال الأولى: من انكشفت عورته وكان الكشف والظهور فاحشاً، وقد طال الزمان -يعني: طال زمن الكشف- وكان ذلك متعمداً، فقد أجمع أهل العلم على أن صلاته باطلة؛ لأنه كشف عورته وهو متعمد وطال الزمان.

    والمقصود هنا عورة الصلاة؛ وهي للرجل ما بين السرة والركبة، والمرأة عورتها كل جسدها إلا وجهها وكفيها وقدميها.

    فلو كشفت عورتها في الصلاة متعمدة وطال الفصل وقد فحش -مثل: من خلعت جلبابها وخمارها- فإن صلاتها لا تصح.

    الحال الثانية: من انكشفت عورته عمداً وكان الكشف يسيراً، فإن جماهير أهل العلم قالوا: إن الصلاة باطلة؛ لأنه كشف شيئاً واجباً عليه تغطيته، وهو متعمد.

    الحال الثالثة: أن يظهر شيء من عورته وهو فاحش؛ ولكن الوقت قصير، مثل: أن تصلي المرأة وولدها بجانبها فيجر ثيابها، فيخرج شعرها، فتأخذ ثيابها ثم تغطيه، أو شخص يصلي وعليه سروال مثلاً، وانحل سرواله فرفعه بعد أن ظهر شيء من خلفه، فإن الراجح والله أعلم أن صلاته صحيحة؛ لأنه جاهل لم يتعمد؛ ولأننا نقول: الراجح أن ستر العورة ليس مثل شروط الصلاة كالوقت؛ فإنه يعذر في حال الجهل والنسيان، وهذا هو مذهب أحمد و أبي حنيفة ، على خلاف ما هو الذي يكشف عرفاً، كما سوف يأتي.

    الحال الرابعة: إذا انكشف شيء من عورته جاهلاً أو ناسياً وكان يسيراً وطال الفصل، فإن بعض أهل العلم قال: إن الصلاة باطلة، كما هو قول أحمد في رواية، وقول مالك و الشافعي في إحدى قوليه.

    والذي يظهر والله أعلم أنه إذا طال الفصل وكان يسيراً مع الجهل والنسيان من غير تعمد فإن الصلاة صحيحة؛ وذلك لما جاء عند البخاري من حديث عمرو بن سلمة في قصة صلاته حينما صلى بقومه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ( فليؤمكم أكثركم قرآناً. قال: فنظروا فلم يجدوا أكثر قرآناً مني، فكأنما يقر القرآن في قلبي، فأممتهم وأنا ابن ست أو ابن سبع سنين، فكنت إذا سجدت خرج شيء من استي -يعني دبري- قال: فكان النساء يقلن: واروا سوأة صاحبكم، قال: فاشتروا لي بردةً، فما فرحت بعد الإسلام فرحي بمثل هذه البردة ).

    وجه الدلالة: أنه قد انكشف شيء من عورته، وكان يسيراً، وطال الفصل؛ لأنه كلما سجد يظهر، فدل ذلك على أن اليسير الذي يكون حال الجهل والنسيان يعفى عنه ولو طال الفصل، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم.

    الحال الخامسة: اليسير الذي لم يطل الفصل ولم يكن متعمداً، فالذي يظهر أنه إذا كان يسيراً جداً مثل أن تقوم المرأة فترفع وتحك رأسها، ثم ترجعه، فإن الصلاة صحيحة لكنها لا ينبغي لها أن تصنع ذلك.

    وقلنا: هذا اليسير أيضاً مثل بعض الناس في الحج الذين يصابون بالتخمة -شفانا الله وعافانا وإياهم- فإذا لبسوا الرداء أو الإزار، فربما حال الركوع والسجود ينحل شيء من ذلك، فهم يرفعون، وأحياناً ينزله ثم يرفعه، فهذا خرج شيء من عورته ولكنه يسير، فالراجح والله أعلم أن هذا لم يكن متعمداً، وهذا لحاجة، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088528706

    عدد مرات الحفظ

    777145097