الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل. وبعد:
يقول المؤلف: [ القول في أنواع هذا النسك. والمحرمون إما محرم بعمرة مفردة، أو محرم بحج فرد، أو جامع بين الحج والعمرة، وهذان ضربان: إما متمتع وإما قارن، فينبغي أولاً أن نجرد أصناف هذه المناسك الثلاث ]، ثم بين رحمه الله: أنه سوف يشرع في بيان أحكام المناسك.
فقال: [ القول في شرح أنواع هذه المناسك؛ فنقول: إن الإفراد وهو ما يتعرى عن صفات التمتع والقران؛ فلذلك يجب أن نبدأ أولاً بصفة التمتع ]؛ لأننا لا نعرف الإفراد إلا بعد معرفتنا بالتمتع والقران.
فقوله: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196]، هو المراد به التمتع بلا نزاع، وهل يدخل فيه القران؟ لأن القران يأخذ المحرم فيه حجة وعمرة في سفرة واحدة، وكذلك المتمتع يأخذ عمرة وحجة في سفرة واحدة.
جمهور الصحابة؛ بل هو قول الصحابة، وقول أكثر أهل العلم أن القارن والمتمتع يعدان متمتعين في لسان الشرع، وفي لسان الصحابة؛ لقول ابن عمر كما في الصحيحين: ( تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق الهدي معه )، ومن المعلوم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً، بل إنهم يعدون أن العمرة في أشهر الحج تسمى تمتعاً، كما روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص قال: ( تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا كافر بالعرش )، يقصد بذلك معاوية ، ومعنى: تمتعنا، أي: أخذنا عمرة زمن صلح الحديبية، ومعلوم أن صلح الحديبية في شهر ذي القعدة، و معاوية أسلم بعد السنة السابعة، يعني في فتح مكة أسلم معاوية ، وقيل: قبل ذلك بقليل، ولكنه لم يكن قد أسلم في السنة السابعة في عمرة القضية ولا عمرة صلح الحديبية.
تعريف التمتع: المؤلف ذكر تعريف التمتع على مذهب مالك ، والأقرب والله أعلم: أن التمتع: هو أن يهل بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج من عامه، إذا لم يكن قد رجع إلى بلده.
الأول: ألا يكون من حاضري المسجد الحرام، فإن حاضري المسجد الحرام لا يجب عليهم هدي التمتع، يعني: الهدي يجب ألا يكون من حاضري المسجد الحرام.
الثاني: أن يهل بالعمرة والحج من عامه.
الثالث: أن يهل بالعمرة في أشهر الحج.
الرابع: ألا يرجع إلى بلده بين العمرة والحج، فلو رجع إلى بلده ثم أهل بالحج فإنه يكون حينئذ مفرداً فهذه أربعة شروط وقد ذكر بعضهم كالحنابلة شروطاً أخرى.
فقالوا: ومنها أن يحرم بالعمرة من الميقات، فلو أحرم دون الميقات لم يجب عليه هدي التمتع، وفي هذا نظر، فإنه لو أحرم دون الميقات من آخر نقطة في الحرم، وهي مسافة قصر -أي ثمانين كيلو- فمن كان دونها فإنه يعد من حاضري المسجد الحرام، هذا المذهب عند الحنابلة: أنهم يعدون مسافة قصر من آخر نقطة في الحرم، والرواية الأخرى: من عامر مكة.
والراجح والله تبارك وتعالى أعلم: أن حاضري المسجد الحرام هم أهل الحرم وأهل مكة، فكل من كان في منطقة الحرم فهو من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه في المسجد الحرام؛ لأن المسجد الحرام هو الحرم، وكل من كان من أهل مكة ولو لم يكن من الحرم فإنه يعد من حاضري المسجد الحرام كأهل الشرائع مثلاً، فإنهم من مكة ولكنهم ليسوا من الحرم.
وعلى هذا: فإن الراجح هو أن حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة وأهل الحرم.
فإذا ثبت ذلك: فإن المكي لا يلزمه دم متعة؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196]، ومعنى ذلك: هل ذلك يرجع إلى التمتع؟ أو يرجع إلى الهدي؟ فمن قال: إن ذلك يرجع إلى التمتع، يعني أن حكم التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، فحينئذ لا يشرع التمتع لحاضري المسجد الحرام، ومن قال: إن ذلك يرجع إلى الهدي، قال: إن أهل الحرم لهم أن يتمتعوا، ولكن لا يلزمهم هدي.
وبالقول الأول: المذهب، وهو قول ابن عباس ، والقول الآخر: أن ذلك يرجع إلى الدم، ولعل هذا أظهر لأن القاعدة اللغوية تقول: إن الضمير يرجع إلى أقرب مذكور، وذلك أقرب مذكور وهو الهدي، فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، فالحديث هنا عن الهدي، ثم قال سبحانه: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196]، وهذا الأظهر، والله أعلم.
فيشرع لأهل مكة أن يكونوا متمتعين، وذلك بأن يأخذوا عمرةً من الحل، أو من الميقات في أشهر الحج، ثم يهلوا بالحج من مكانهم.
والراجح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما قال له سراقة : عندما فسخ الحج بالعمرة أو إلى العمرة: ( أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم لأبد الأبد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وشبك بين أصابعه: بل لأبد الأبد، بل لأبد الأبد، بل لأبد الأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ). وهذا هو الراجح، وهو مذهب أحمد رحمه الله، وكذلك مذهب أهل الحديث على أن كل من أهل بحج كأن يكون مفرداً أو قارناً ولم يسق الهدي، فإن المشروع في حقه أن يفسخها فيكون متمتعاً، ولا يجب عليه هذا ولكنه يستحب خلافاً لـابن عباس و ابن حزم و ابن القيم .
وللفائدة: فـابن عباس يرى أن من أهل بحج، أو أهل بحج وعمرة إذا طاف بالبيت قبل عرفة فإنه قد تحلل شاء أم أبى، ولكنه لو أهل بحج أو أهل بحج وعمرة ولم يسق الهدي ثم ذهب إلى عرفة ولم يأت البيت فإنه يبقى على إحرام القران والإفراد، هذا هو المعروف عن قول ابن عباس ، فإن ابن عباس يقول: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33]، ويرى أن ذلك قبل التعريف أو بعده، وهذا الذي يظهر، والله تبارك وتعالى أعلم.
أما ابن القيم رحمه الله: فإنه نسب إلى ابن عباس القول بوجوب فسخ الحج أو القران إلى عمرة، و ابن عباس لم يقل بذلك، وإنما قال: من طاف بالبيت قبل عرفة فقد حل، كيف يقول هذا وهو يعلم أن عائشة كانت قارنة؟ وأن عروة بن مضرس لم يكن إلا مفرداً أو قارناً ولم يسق الهدي، أو ساق الهدي ولكنه لم يكن متمتعاً، فهذا الأظهر والله أعلم؛ لقول عروة بن مضرس (جئت من جبل طي، أتعبت نفسي وأكللت مطيتي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟) فهذا يدل على أن عروة بن مضرس إنما جاء مكة وقت عرفة.
ومن المعلوم أن عروة بن مضرس لم يكن متمتعاً، وينبغي ألا يوجد فيه خلاف، وعلى هذا: فقول ابن القيم رحمه الله: إن ابن عباس يرى وجوب فسخ الحج غير صحيح؛ فـابن عباس لا يرى وجوب فسخ الحج، وإنما يرى: أن من طاف بالبيت فقد حل، وقد ناقش عروة بن الزبير في ذلك وقال: يا عرية سل خالتك، يعني: بذلك عائشة رضي الله عنها عندما قال عروة : أأنت أعلم أم أبو بكر و عمر ؟ قال: يا عرية ! سل خالتك، هل أمر رسول الله عليه وسلم أصحابه بذلك أم لا؟
ومن المعلوم: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يفسخوها إلى عمرة بسرف، وأمرهم حينما كانوا على المروة أيضاً، كما جاء في الصحيحين من حديث جابر ، مرة بسرف ومرة بالمروة.
وجمهور السلف يقولون: إن فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196]، ليست هنا إلى الحج غائية، ولكن معناها: أن يأخذ عمرة وحجة في سفرة واحدة.
ولو قلنا بتفسير شيخنا محمد لم نقل: للقارن عليه هدي؛ لأنه يجوز عند شيخنا محمد : أن القارن لا أقول صبيحة يوم عرفة، بل مساء يوم عرفة، بل ليلة عرفة أن يحرم متمتعاً وقارن؛ لأنه يكون قارناً، وهل يجب عليه دم؟ شيخنا يقول: يجب عليه دم استدلالً بهذه الآية، وهذا يدل على أن المسألة تحتاج إلى مزيد تأمل وعناية، والأقرب هو قول السلف، كما حكى ذلك ابن عبد البر : وهو أن المراد في قوله: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196]، أن إلى ليست غائية، والمراد: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196]، بأن أخذ عمرةً وحج من عامه في سفرة واحدة، والله أعلم.
وعلى هذا فلو أنه أتم عمرته صبيحة يوم عرفة، فبمجرد أن يقصر فقد حل وله أن يتنظف وهذا هو الأفضل ويهل بالحج، ولكنه لو بقي على إحرامه وقال: لبيك حجة جاز له ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل التقصير في حكم الإحلال، فقال: ( فطوفوا بالبيت ثم اسعوا بين الصفا والمروة ثم أقيموا حلالاً )، فجعل التقصير في حكم الحل، بل هو الحل.
الصورة الأولى: القران هو أن يهل بالنسكين معاً.
الصورة الثانية: أن يهل بالعمرة في أشهر الحج ثم يدخل عليها الحج، بأن يقول: لبيك عمرة، ثم بعد زمن يقول: لبيك عمرةً وحجاً، فأدخل الحج على العمرة، وهذان جائزان بلا خلاف لمن يقول بجواز القران من غير سوق الهدي خلافاً لـابن حزم .
الصورة الثالثة في القران: بأن يهل بالحج، ثم يدخل العمرة عليها، كأن يقول: لبيك حجة، ثم يدخل العمرة عليها، فمنع مالك و الشافعي و أحمد هذه الصورة، وجوزها أبو حنيفة .
واختار أبو العباس المنع، وذهب بعض السلف إلى قول أبي حنيفة .
وأقول: لا ينبغي له أن يصنع ذلك، ولكنه لو فعل جاز، وهذا يكون كثيراً ممن يقول: لبيك حجاً، وهو يقول: أريد حجاً بأن أهدي ولا أخلع إحرامي، فهذا يريد القران.
فإذا أهل بالحج في الميقات جاز له أن يدخل العمرة على الحج قبل الطواف بالبيت، والدليل على ذلك: أن الذين منعوا ذلك قالوا: إنه لا يستفيد من ذلك، نقول: بل يستفيد؛ لأنه يريد أن يهدي، وإن قلنا: إن الإفراد أفضل من القران من غير سوق هدي، ثم إنك لو تأملت السنة وجدت أن للقائلين بالجواز مستندهم هو أن ابن عمر كما في الصحيحين من حديثه أنه قال: ( ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد من ذي الحليفة، فقال: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد )، فـابن عمر يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أهل بالحج من المسجد، وهو الذي يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج وحده، يعني قال: لبيك حجاً، وأدخل العمرة على الحج كما في حديث أنس في الصحيحين قال: ( حتى إذا استوت به ناقته على البيداء قال: لبيك عمرةً وحجًا )، فيكون هنا قد أدخل العمرة على الحج، فـابن عمر أثبت إهلاله بالحج، وأنس أثبت إهلاله بالحج والعمرة، وإخبار ابن عمر بالإهلال في المسجد، وإخبار أنس بالإهلال من عند البيداء، والبيداء بعد المسجد.
وإن شاء أحرم بالحج وذهب إلى عرفة ابتداءً من غير طواف قدوم، ويجعل سعي الحج بعد طواف الإفاضة.
هذا هو الإفراد، وسمي الإفراد إفراداً: لأنه أفرد الحج وحده؛ وأما القارن لأنه قرن الحج والعمرة بأن كان سعيه لحجه وعمرته.
ومعنى سوق الهدي: هو أن يشتري الهدي قبل المواقيت أو عند المواقيت ويدخلها وقد قلدها أو أشعرها وأعلم أنها هدي، فمن اشترى هدياً خارج المواقيت سواءً كان عند المواقيت، أو من الطائف، أو من الرياض وساقها إلى الحرم وذبحها، وقد قلدها أو قلدها صاحبها فإنه يكون قد ساق الهدي.
ولا يلزم أن يذهب معها ويسير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي جزءاً منه، وجزءاً جاء به علي من اليمن، وذبحها كلها بأبي هو وأمي ونحر بيده ثلاثاً وستين، وأعطى علياً فنحر ما غبر يعني ما بقي وهذا هو القسم الأول.
القسم الثاني: إذا لم يسق الهدي؛ فإن الأفضل في حقه أن يكون متمتعاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ( من لم يكن منكم قد ساق الهدي فليجعلها عمرة )، وقد يقول قائل: لماذا لم نجعل التمتع أفضل؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لولا أني سقت الهدي ) وقال: ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة )، نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك تطييباً لخاطر أصحابه، وبين لهم أنه إنما لم يكن قد تحلل لأجل أنه ساق الهدي، ولو لم أسق الهدي؛ لجعلتها عمرة، لأبين لكم جواز ذلك؛ ولكن ليس فيه دلالة على أن التمتع أفضل من سوق الهدي مع القران.
القسم الثالث في الأفضلية: هو الإفراد، وقد ثبت بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب و عمر بن الخطاب في تفسير قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، قال: إتمامهما أن تهل بهما من دويرة أهلك، فالحج الكامل أفضل من حج وعمرة غير مستقلتين؛ لأنه سوف يطوف هذا بنية طواف الحج وطواف العمرة، ويسعى بنية سعي الحج وسعي العمرة الذي هو القارن، أما المفرد فإنه سوف يسعى سعياً واحداً ليكون للحج، ويطوف طوافاً واحداً ليكون للحج، فهذا أكمل.
ثم بعد ذلك: القران لمن لم يسق الهدي، وهذا جائز عند الأئمة، ومنعه ابن حزم إلا مع سوق الهدي، والصحيح: أن عائشة رضي الله عنها كانت قارنة، وقد ذبحت هدياً ولم تكن قد ساقت الهدي، قال جابر كما في الصحيح: ( ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الجواب: قلنا: إن الاغتسال بالشامبو لا بأس به، شريطة ألا يكون هذا الشامبو فيه رائحة معطرة بحيث يتعطر المحرم بهذا الشامبو، أما إذا كانت فيه رائحة مثل رائحة الصنوبر أو رائحة ليست نفاثة بحيث يقصد منها الطيب، فإنه لا حرج في ذلك، والعلم عند الله.
الجواب: من تمتع بالعمرة في شوال، أخذ عمرة تامة، ولكنه يبقى متحللاً إلى يوم الثامن، ثم يهل في ضحى يوم الثامن من الأبطح إن شاء وهو الأفضل، أو من أي مكان شاء في الحرم، فيكون متمتعاً، وعلى هذا: فإذا أخذ عمرةً في أشهر الحج، فله أن يأتي أهله قبل أن يهل بالحج؛ ولهذا يقول جابر : ( حتى إذا كنا على المروة قال لنا صلى الله عليه وسلم: طوفوا بالبيت ثم اسعوا بين الصفا والمروة، ثم أقيموا حلالًا، قالوا: أي الحل؟ قال: الحل كله. قالوا: يا رسول الله! تقطر مذاكيرنا ثم نهل بالحج بعد؟ )، يعني: أننا نتحلل كاملاً، يعني نجامع أهلنا بعد العمرة قبل أن نهل بالحج؟ قال: ( افعلوا ما آمركم به )، فهذا يدل على أن المتمتع له أن يأتي أهله بعد أداء العمرة كاملة قبل الإهلال بالحج.
الجواب: نقول: إن ابن عباس يقول في رواية أخرى: من ترك شيئاً من نسكه، وهذا من الواجبات، وليس من المحظورات، وأما المحظورات فإنه ثبت عن ابن عباس و ابن عمر أن عليه الفدية إذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام غير النكاح.
الجواب: لا بأس، لكن إذا وضع فيها سير على العقب فإن الأولى تركها، فيطؤها، يعني: يجعل السير تحت عقبه لا خلف عقبه.
الجواب: من كان جاهلاً أو أخذ بالقول الآخر فهذا له اجتهاده، وإن كنت أرى أن الأولى ألا يصنع، وأما الصندل هذا الذي يسمونه الطبي الرياضي، فإني أقول: له أن يلبسه لكن لا يجعل السير خلف العقب، وهذا أحوط.
الجواب: يقول: لبيك عمرة، وأما قول: لبيك عمرةً متمتعاً بها إلى الحج، فإنما هذه لم تكن معروفة عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند الصحابة، وإنما ذكرها بعض فقهاء الحنابلة وبعض أصحاب الشافعية وبعض أصحاب مالك .
إذاً: يقول: لبيك عمرة فقط، ولو قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج؛ فهذا جائز لكن ليس من السنة.
الجواب: أقول والله تبارك وتعالى أعلم: إن جدة كبيرة، وجزء من جدة كبير ليس في المواقيت وفيها المطار داخل المواقيت، فإن الجحفة محاذاتها إلى جدة إنما هي من الداخل، وعلى هذا فإن مطار جدة داخل المواقيت، نعم يوجد جهة الجنوب من جهة البحر؛ لأن جدة قد مالت قليلاً إلى جهة الجنوب الغربي، فجهة الجنوب الغربي لا تحاذي يلملم ولا تحاذي الجحفة، وحينئذ من جاء من أهل سواكن أو من أهل مصر بالسفينة إلى هذه النقطة فله أن يحرم منها؛ لأن بينها وبين مكة مسافة مرحلتين، يعني ثمانين كيلو تقريباً، أما الذي يأتي من طريق المطار فإنه يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه، ولا يسوغ أن تكون جدة ميقاته؛ لأن جدة كبيرة، قطعاً أن من جدة ما هو دون المواقيت.
والأصل أن المواقيت المحاذية أن تكون المسافة منها هي نفس المسافة إلى مكة أي: نفس مسافة الميقات إلى مكة.
وحينئذ فمن الجحفة إلى مكة مسافة مائة وخمسون كيلو، ومن جدة إلى مكة تقريباً خمسة وسبعون كيلو، فجدة داخل المواقيت، إلا الجهة التي ذكرت لكم.
الجواب: الله أكبر! تأخذ النقاب الذي على العينين وتقلبه وتضع العينين أسفل والباقي أعلى، فتنتهي المسألة، أو جهة العينين هذه ترفعها إلى الجبهة ثم تلبسه فيكون تحت فتحتي العينين سدلاً ولا حرج في ذلك.
الجواب: أما إذا كان قد وضع الأمتعة للشمس بأن يجعل متكأ الأمتعة على الرأس فإن احتاج إلى ذلك: بأن يكون عند حمله لا يستطيع إلا أن يضعه على الرأس فلا حرج في ذلك، أما إن قصد التغطية فإنه يمنع من ذلك والله أعلم، أما إن رفعها عن رأسه فلا حرج؛ لحديث أم الحصين قالت: ( حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت
الجواب: لا حرج إذا كان بالأسفار هذا إذا لم يكن معطراً، أما إذا كان فيه رائحة الصنوبر أو بعض الروائح التي ليست بطيب فلا حرج في ذلك إن شاء الله، أما التي فيها طيب فتمنع.
الجواب: الذي يحج بغير تصريح حجه صحيح، ولكن يبقى هل يأثم أو لا يأثم؟ وإن حج وقال: إن منعت فالحمد لله رجعت، وإلا حججت، كما قال ابن عمر : ( أهل بالحج والعمرة، قال: إن صددنا عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم )، وهذا جيد.
الجواب: أنا ما قلت: يهل بالحج يوم العاشر أنا قلت: ليلة العاشر، فإذا جاء ليلة العاشر قبل الفجر لم يفته الحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحج عرفة فمن أتاها قبل الفجر فقد تم حجه ).
الجواب: أقول: أولاً: السعي في المسعى الجديد يصدق عليه أن المرء طاف بين الصفا والمروة؛ لأن البينية هنا في اللغة لا يلزم أن تكون محاذية، فالمحاذاة شيء والبينية شيء آخر، فإذا قلت لك: تقدم بين يدي، فلا حرج أن تأخذ ذات اليمين وذات الشمال، ولكنك أمامي، وهذا جائز في اللغة.
ثانياً: أن الذين حصروا المكان في التوسعة، وجدوا عروق الصفا وعروق المروة موجودة، فيكون والحمد لله هنا قد طاف بين الصفا والمروة، ولا إشكال في ذلك، وأرى: ألا نتعجل بالقول بعدم إجزاء السعي فيه؛ لأننا حتماً بعد زمن سوف نجوزها، إما بالضرورة، أو بأن نقتنع بها، وحينئذ لا نتعجل بالمنع، فإن الذين وضعوها قد بحثوها واطمأنت نفوسهم لذلك، وأرى والله أعلم أن السعي بين الصفا والمروة في الجديد لا بأس به إطلاقاً، وأن عروق الصفا قد وجدت في المكان الذي بين الصفا والمروة الجديد، وحينئذ لا إشكال، والله تبارك وتعالى أعلم.
الجواب: سؤال جيد، المشلح وهو الذي يسمى القباء هل يجوز لبسه من غير إدخال اليدين أم يعد وضع المشلح على الكتفين في حكم اللبس؟ قولان عند أهل العلم، وأقول: إن الأحوط ألا يلبس المسلم هذا القباء؛ لأن المحرم ممنوع من لبس شيء كان قد اعتاد أن يلبسه قبل الإحرام، ومن المعلوم أن المشلح طريقة لبسه إما بوضع اليدين، وإما بخلعهما ووضع المشلح على الكتف.
وبعضهم يقول بجواز ذلك، فقد ثبت عن بعض الصحابة: أنه لبس القباء من غير وضع اليدين، وأقول: هذا هو أقوى، وإن كان القول الأول أحوط، والله أعلم.
الجواب: هذا سؤال جيد، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما عند البزار بسند جيد: ( الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم )، فإذا كان (الحجاج والعمار وفد الله)، فلا يسوغ ولا يجوز أذيتهم، إما أذيتهم بسلب خيراتهم وأموالهم واستغلالهم، كمن يستغلهم من أهل الحملات، بأن يذكر عريضةً من الأوراق فيما سوف يقدمه للحاج، فإذا بذل ماله وما جمع فيه من عرق جبينه وجد خلاف ما اتفقا عليه، فباء صاحب الحملة بالخسران، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، وكثيراً من الصحابة لم يشأ أن يسكن مكة خوفاً من الميل والوقوع في المحظور، فكيف بمن يتقصد خديعة الحجاج؟! بل يجب على الحجاج ويجب على الحاج، ويجب على أهل هذه البلد الذي منحها الله سبحانه وتعالى القرب من البيت، أن يتلطفوا بالحجاج، وأن يكونوا خير خلف لخير سلف.
فإن سلف هذه الأمة كانوا يرون أن من الحج المبرور حسن الخلق:
إنما المعروف شيء هين وجه طليق ولسان لين
كما يقول ابن عمر رضي الله عنه، وقد كان غير واحد من أهل العلم من الصحابة كـجرير بن عبد الله وغيرهم، كانوا يشترطون على من حجوا معهم أن يخدموهم، وهذا يدل على أن خدمة الحجيج من أعظم ما يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى، ومن أعظم أسباب ومطالب حج المرء بأن يكون حجه مبروراً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( أيها الناس! السكينة السكينة، فإن البر ليس بإيجاف الخيل )، وقد قال قدامة رضي الله عنه: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حج فرمى لا طرد ولا بعد ولا إليك إليك )، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذي الحجيج، لا يؤذيهم بطرقاتهم، ولا يؤذيهم بمزاحمتهم، فقد قال لـعمر : ( يا
وأمر عليه الصلاة والسلام بحسن الخلق في كل وقت، وحسن الخلق في الحج من باب أولى وأحرى، وقد كانت قريش تعتز وتفتخر بخدمة الحجيج، فالمسلم من باب أولى وأحرى، ويجب على المسلم أن يصبر، وقد كان كثير من السلف إذا حج يكثر من الصمت ويكثر من قراءة القرآن، ومن تدبر القرآن، ومن خدمة الحجيج والسقي، وقد ذكر ابن رجب في لطائف المعارف: أن من الحج المبرور كثرة العبادة، وإطعام الطعام، وخدمة الحجيج، وحسن الخلق.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين، وأن يمنحني وإياكم رضاه والتقوى والعمل بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر