إسلام ويب

قراءة موضوعية في كتاب الاعتصام [7]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تنقسم البدع باعتبار الذات والمتعلق إلى قسمين: بدعة حقيقية وبدعة إضافية، ولكل منهما تعريف يخصها، ويقع الإشكال في البدعة الإضافية بين مفرط ومشدد؛ لصعوبة إدراكها والتباسها، وقد ذم الله عز وجل المبتدعة في كتابه، فقال: (ورهبانية ابتدعوها ...)، والرهبانية لها عدة أنواع: منها: العزلة والانقطاع، وتحريم ما أحل الله، والتشديد في سلوك طريق الآخرة.

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد، وآله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

    فهذا هو المجلس السابع من المجالس العلمية في التعليق على كتاب (الاعتصام) لـأبي إسحاق الشاطبي رحمه الله، وهذا هو اليوم الأول من الشهر السادس من سنة سبع وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وينعقد هذا المجلس في جامع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بمكة المكرمة.

    كنا أتينا على الأبواب الأربعة من تبويبات المصنف، وبين يدينا اليوم الباب الخامس من كتاب الشاطبي رحمه الله.

    قال رحمه الله: [الباب الخامس: في أحكام البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينهما]، أراد الشاطبي في جملة هذا الباب أن يبين بحسب استقرائه ونظره في مسألة البدعة ومعناها: أن البدعة تنقسم إلى بدعة حقيقية، وإلى بدعة إضافية، وقد جرت العادة في التراتيب العلمية على أن التقاسيم التي يتخذها العلماء ويقولون بها أو ينقلونها عن غيرهم من أهل العلم الأصل فيها هو الإقرار، إذا كان المقصود بها الضبط والتقريب للمعاني، وما إلى ذلك من المعاني أو المقاصد المناسبة، وإنما يؤخذ على التقسيم إذا كانت ألفاظه وكلماته فيها إشكال، أو كان هناك إشكال من جهة معانيه، فالأصل أنه لا مشاحة في هذه التقاسيم والاصطلاحات، وإن كنت أنبه طالب العلم إلى أنه لا ينبغي أن يفترض معنى يقع في الذهن، وهو أن التقاسيم تدل على التحقيق، فالبعض يقع عنده شيء من الانطباع بأن ذكر التقاسيم في بعض الكتب يدل على أن ثمة انضباطاً علمياً عند هذا الكاتب، أو هذا المؤلف، أو هذا المخرج لهذا المعنى، ليس بالضرورة أن يكون هذا هو المقصود هنا، لكن كمفهوم عام ذكر التقسيم للمعاني، والتفريق بينها، وما إلى ذلك ليس بالضرورة أنه رمز يرمز إلى التحقيق، بل ربما كان هذا فيه شيء كثير من التكلف ليس إلا، وربما كان من التفريق اللفظي، وربما كان تفريقاً ليس مطرداً، ونحو ذلك، فليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك؛ ونقول هذا لأن بعض طلبة العلم عنده شغف بهذه التقاسيم، ويرى أن هذا نمط التحقيق في العلم، والترتيب له، والضبط لأصوله، فمثلاً: هذا الشيء ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهذا إلى كذا، وهذا إلى كذا، والفرق من هذه الأوجه، وهلم جرا، فهذا معنى لا ينبغي التكلف في تركه، كما لا ينبغي التكلف أيضاً بفرضه، ولا سيما إذا جرت الأمور على ما هو معروف في النظر بالسبر والتقسيم، فصارت الأمور تسبر وتقسم، ثم تعطى أحكاماً لكل قسم من هذه الأقسام؛ فهذا الأسلوب -كما أسلفت- ليس آمناً بالضرورة؛ لأن من أقل ما قد يعرض في هذا السبر والتقسيم أن التقسيم قد يكون غير جامع للمعاني المفروضة، فربما أن هذا المعنى بعد سبره قسم بأربعة أمور، ويكون الصواب أن هناك أمراً خامساً لم يذكر في هذه الأمور الأربعة أصلاً، وربما كان الصواب في وجه منها باعتبار وفي وجه آخر باعتبار، فأحياناً التقاسيم تعطي الإنسان دافعاً للالتزام بقسم واحد في العلم، فتجد أنه يلتزم واحداً من هذه الأقسام، والأمر ليس بالضرورة أنه يكون كذلك.

    تعريف البدعة الحقيقية

    قال المصنف رحمه الله: [ البدعة الحقيقية والبدعة الإضافية ] أراد أن يعرف البدعة الحقيقية بقوله: [ إن البدعة الحقيقية هي التي لم يدل عليها دليل شرعي، لا من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال معتبر عند أهل العلم، لا في الجملة ولا في التفصيل؛ ولذلك سميت بدعة ]، أراد المؤلف بالبدعة الحقيقية أنها التي لا وجه من الدليل عليها، لا نصاً ولا ظاهراً، لا من جهة النصوص ولا من جهة القياس، أو ما هو من أوجه الاستدلال المعتبرة عند أهل العلم، لا من جهة إجمالها، ولا من جهة تفصيلها، فهذه سماها الشاطبي البدعة الحقيقية.

    تعريف البدعة الإضافية

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما البدعة الإضافية فهي التي لها شائبتان:

    إحداهما: لها من الأدلة متعلق فلا تكون من تلك الجهة بدعة.

    والأخرى: ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية ]، بمعنى أن متعلقها شبهة ساقطة، وليست حجة قائمة.

    قال: [ فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية، وهي البدعة الإضافية ]، إذاً: نتيجة هذا الكلام أن البدعة الحقيقية هي ما لا أصل لها لا من جهة النصوص ولا من جهة القياس أو غيره من الدلائل المعتبرة ولا من جهة مجمله ولا من جهة تفصيله.

    وأما الإضافية عند الشاطبي فهي التي لها جهتان، فهي باعتبار النظر في أصلها تقول: إن هذا المعنى ثابت بدليل شرعي، ولكن يدخلها جهة أخرى، إما من جهة الزمان أو غيره، فيقال: هي من الجهة الثانية لا أصل لها، فمن هنا سماها بدعة إضافية، فهي التي أصلها ثابت- يعني: الأصل الذي هو المعنى العام للعمل - ولكن يقترن بها إما تقييد بزمان أو ما إلى ذلك، فيكون التقييد من هذه الجهة لا أصل له، فيكون هذا العمل بمجموعه له جهتان، جهة تعتبر هذا الأصل، وجهة لا تعتبر هذا الأصل، ومن هنا لم يسمها الشاطبي بالبدعة الحقيقية، إنما سماها البدعة الإضافية، وكلمة (الحقيقية) من الكلمات التي دخلها الاصطلاح، وصارت الحقيقة يقابلها المجاز، فكأن التسمية الأشهر عند النظار أن تسمى بالبدعة الذاتية، لأن الثانية لا يقال: إنها ليست بدعة في حقيقتها، فهي بدعة ولكنها بدعة إضافية، فالأُولى تعلقت البدعة بذاتها، أي: أن ذات العمل ليس له أصل، وليس مشروعاً، بخلاف الثانية فذات العمل من حيث هو مجرد له أصل، وإنما كان وجهاً من الابتداع باعتبار الجهة الثانية كالجهة الزمانية مثلاً.

    مثال للبدعة الإضافية

    فعلى هذا المعنى الذي يذكره الشاطبي : من قصد صوم يوم بعينه، فالصوم من حيث هو مشروع، والشارع ما نهى عن صيام هذا اليوم، ولكن من قصده بالتخصيص، فهذا التخصيص من هذه الجهة يكون بدعة، فهذا يكون داخلاً في هذا الاعتبار، أي: أن من قيد مطلقاً من الشريعة بزمن محدود، فيكون هذا القصد بالتقييد وجهاً من الابتداع.

    إذاً: البدعة الأولى الابتداع فيها يرجع إلى ذات الفعل؛ لأنه لا أصل له لا من جهة مجمله ولا مفصله؛ ولهذا كأن الأولى بحسب لغة النظار أن يسمى القسم الأول البدعة الذاتية؛ لأن الابتداع تعلق بذات العمل إذ هو ليس بمشروع أصلاً، وأما الثاني فالعمل من حيث هو مجرد كالصوم من حيث هو عمل مشروع، قيدته الشريعة بزمان، كرمضان وغيره من الصيام المشروع بزمان معين، وما عدا هذه من الأزمنة فالشريعة جعلته مطلقاً إلا ما عينت النهي عنه كيوم العيد.

    فعلى هذا البدعة الثانية تسميتها بالإضافية مناسب؛ لأن هذا من باب الإضافات، وأما الأولى فكأن الأنسب أن تسمى البدعة الذاتية، وصارت الحقيقة يقابلها المجاز، والمجاز يمكن نفيه، وما إلى ذلك.

    وعلى كل حال هذا من باب التعبير الأدق أو الأولى ليس إلا.

    فإذاً: هذا التقسيم من الشاطبي وهو أن ثمة فرقاً بين الأولى والثانية تقسيم حسن؛ ولهذا الذي يقع فيه الاشتباه كثيراً ويلتبس أمره هو النوع الثاني، لكن هنا الأولى لا أصل لها مطلقاً؛ ولهذا لا يقع فيها إلا الجاهل، أو الذي ألف الابتداع واعتاده، وصار له أسباب عنده تخصه.

    ما يقع في البدعة الإضافية من الاشتباه

    لكن الذي يقع فيه الاشتباه عند كثير من العابدين والسالكين وبعض أصحاب العلم والشيوخ هو الثاني؛ لأنه له جهتان، وقد سماهما الشاطبي شائبتين، يعني: باعتبار التعبير القريب نقول له: جهتان: الجهة الأولى تقتضي المشروعية.

    والجهة الثانية تقتضي الكف عنه لكونه بدعة، وهو الذي يقع فيه الاشتباه، السؤال هنا: يقع الاشتباه عند من؟ أو بأي اعتبار؟

    الحقيقة أن الاشتباه فيه يقع باعتبارين: الاعتبار الأول: تحت مؤثر الإفراط، والاعتبار الثاني: تحت مؤثر التفريط، فلا شك أن ثمة من يقصد إلى أعمال أصلها العام أو المطلق ثابت في الشرع، فيقصد إلى زمان معين، أو مكان معين، أو هيئة معينة، فيخصص هذا بها، وربما التزمه، فيكون عنده إفراط في الاستحباب، وإذا روجع في هذه الأعمال، قال: إن أصلها مشروع. ولم يلتفت أن الأصل في الأزمنة والأمكنة عدم التخصيص بتعظيم إلا بدليل شرعي، والله جل وعلا خص مكاناً بالتعظيم كالمسجد الحرام والمساجد ومكة والمدينة وما إلى ذلك، فهذه أماكن خصها الشارع بالتعظيم، والأزمنة خص منها بالتعظيم كالأشهر الحرم وكشهر رمضان، وبعض الشهور التي خصت بأوجه من العبادات كصيام المحرم، ونحو ذلك، فالأصل أن الأزمنة والأمكنة باقية على أصل الحكم الشرعي الأول، لا تُخص بتعظيم معين إلا بدليل شرعي، فهذا الإفراط في إنزال بعض الأعمال اسم السنن وهي في حقيقتها فيها وجه من الابتداع في الدين، حينما يغلو من يغلو في فرض أعمال والتزامها والتقيد بها وتخصيصها بأزمنة ما خصها الشارع بها وما إلى ذلك، ولكن نحن نعرف أن الإفراط مؤثر، نقول: بالمقابل يقع عند بعض طلبة العلم وبعض العوام الذين يأخذون هذا المعنى وجه من التفريط، ولك أن تسميه الإفراط، ولكنه بمعنى الإفراط المقابل، والمقصود به ليس بالضرورة الكلمة أو الحرف، لكن المعنى المقصود هنا أن بعض طلبة العلم يبالغ في الحكم على بعض الأعمال بأنها بدعة من باب أنه يقول: هذه بدعة إضافية.

    أضرب لذلك مثلاً: من يصوم العشر من ذي الحجة، طبعاً إذا قيل: العشر فالمقصود بها الأيام التسع؛ لأن صوم يوم العيد كما هو معروف مما نهى الشارع عنه، لكن هذا الصيام يقولون كما قالت عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في العشر )، وجاءت أحاديث عن أم سلمة وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم صامها، ولكن متكلم في صحتها، وليس الشاهد هنا هل ثبت أو لم يثبت، لكن يأتي بعض طلبة العلم، فيقول: إن الاشتغال بصوم هذه الأيام بدعة؛ يقول: لأنه تخصيص لزمان معين بعبادة، الشارع خص يوم العاشر من المحرم، وخص يوم عرفة بالمشروعية، أما بقية هذه الأيام فإن الشارع ما خصها، والنبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة : (ما رأيته صائماً لها). فربما قال بعضهم: إن هذا من باب البدعة الإضافية. وهذا فيما أرى أنه ليس من الاعتدال في الحكم، ولأنه ليس من باب البدعة الإضافية؛ فالشارع وهو النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث ابن عباس الثابت في الصحيح: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر )، فإذاً الشارع خصها بالعمل الصالح، لكنه ما خصها بعمل صالح معين، ولكن خصها بقصد العمل الصالح فيها أكثر من قصد العمل الصالح في غيرها، وإلا فالأيام كلها مقصودة بالعمل الصالح، فلما دعانا الشارع إلى العناية بالأعمال الصالحة فيها دل ذلك على أنه أراد من المتبعين أن يتسابقوا في الأعمال الصالحة، وما نهانا الشارع عن عمل بعينه، فمن اشتغل بقراءة القرآن فيها، أو بالصدقة، أو بالصيام، أو بالذكر، أو بالصلاة، أو ما إلى ذلك، فقد قصد إلى عمل صالح، وإلا لو قلنا: إن الاشتغال بصومها يكون بدعة، كما قد يقوله بعضهم للزم من ذلك حتى من يشتغل بقراءة القرآن فيها يقال له: ما الدليل؟ ومن يذكر الله يقال له: ما الدليل؟ ومن يتصدق يقال له: ما الدليل؟ أعني: أن النبي عليه الصلاة والسلام ما حفظت عنه أعمال مفصلة فيها، ولكنه ندبنا إليها، وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام كما أنها تثبت بفعله، تثبت أيضاً بقوله، بل جمهور أهل الأصول يقولون: إن دلالة القول أقوى من دلالة الفعل.

    فإذاً: أرى أن مثل هذا من التكلف في فرض البدعة على مثل هذا، فإذاً: البدعة الإضافية شأنها يشكل؛ لأن البعض قد يغلو في الجهة الأولى وهي الأصل، ومن الناس من يغلو في اعتبار الجهة الثانية فيها، فيبدِّع ما ليس في الشريعة ببدعة.

    فإذاً: هذا أمر لا بد من العناية بفقهه، البدعة الإضافية لا ينبغي أن يقول فيها إلا فقيه في الشريعة؛ لأنه قد يعتبر الجهة الأولى أو يغلبها فيقع في شيء من البدع، وربما اعتبر الجهة الثانية وغلبها، فحكم على ما هو مشروع بأنه بدعة، والحكمة هي في الوسط والاعتدال؛ لأن الله يقول: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143]، فقصد الوسطية في هذا مطلوب؛ لأنك لا تستطيع أن تقول عن كل أمر ما قيده الشارع: إن كل تقييد فيه يكون بدعة. فإن السؤال يرد: ما هو التقييد الذي يراد هنا؟ فلا بد من التماس فقه الشريعة. مثله ما يتعلق بصلاة الليل في رمضان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة : ( ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ) ، فإذا جاء بعضهم وقال: من زاد بعشرين وإحدى وعشرين، هذا بدعة. نقول: هذا ليس ببدعة لا إضافية ولا ذاتية؛ لأن الله جل وعلا ندب إلى قيام الليل ندباً مطلقاً في كتابه العزيز، والشريعة كما هو معروف الأصل فيها العمل بمجملها، والعمل بمطلقها، والعمل بعامها، إلا إذا دخله تقييد أو تخصيص، ورأينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قيد هذا المطلق أو خص هذا العام، أما أنه هو عليه الصلاة والسلام ما صلى إلا بإحدى عشرة ركعة؛ فهذا إذا تحقق مع أنه هو الذي قالته عائشة ، وما يقوله واحد من الصحابة حتى ولو كان ملازماً للرسول عليه الصلاة والسلام ليس بالضرورة أنه هو الذي تحقق في فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فربما وقع منه صفة أخرى لم تنقلها عائشة رضي الله عنها، لكن على كل حال حتى لو قيل: إن النبي عليه الصلاة والسلام ما زاد على ذلك، فيقال: القصد إلى هذا العدد -وهو أن يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة-؛ لأنه من باب القصد والتأسي بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن من زاد على ذلك وصلى ما شاء الله له كإحدى وعشرين وما إلى ذلك، فهذا عمل حسن مشروع أيضاً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر المتفق عليه لما سأله الرجل عن صلاة الليل وهو في باب الجواب، ما قال له: إحدى عشرة ركعة، وإنما قال له: ( مثنى مثنى )، أي: ركعتين ركعتين، ( فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة ) ، فجعل الغاية الزمان الذي هو خروج الفجر، مع أن الإنسان ما دام أنه أطلق له ذلك، فإنه بإمكانه أن يصلي في هذا الزمان إحدى عشرة، وبإمكانه أن يصلي إحدى وعشرين، أو أكثر من هذا أو ما دون هذا، مع أنه يقال: إن من أراد أن يتأسى بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يعتبر صفة الصلاة التي كان يصليها من جهة طول قيامها وركوعها وسجودها إلى آخره، فهذه حال كانت تناسبه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه يصلي وحده؛ ولهذا لما صلى ابن مسعود معه قال: فهممت بأمر سوء، هممت أن أجلس وأذر النبي صلى الله عليه وسلم. يعني: هم أن يقعد، وما قصد رضي الله عنه أن يقطع الصلاة.

    إذاً: الحال التي كان يصلي فيها النبي صلى الله عليه وسلم هي حال كانت تناسبه بخصوصه؛ ولهذا إذا اجتمع المسلمون في مساجدهم في صلاة رمضان فالأولى أن يصلى بهم بحسب ما يناسب الحال؛ لأن هذا جميعه يقال: إنه مشروع.

    إذاً: هذا من تفريق المصنف، وهو تفريق حسن، ولكن أنبه إلى أنه ينبغي العناية بفقه الفرق بين الوجهين من البدعة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088542455

    عدد مرات الحفظ

    777225804